| ياربَّة َ الشّعرِ والأحلامِ، غنِّيتي | فقد سئمت وجومَ الكَوْنِن من حينِ |
| إن اللَّيالي اللَّواتي ضمَّختْ كَبِدي | بالسِّحْر أضْحتْ مع الأيَّامِ ترميني |
| ناخت بنفسي مآسيها، وما وجدتْ | قلباً عطوفاً يُسَلِّيها، فَعزِّيني |
| وَهَدّ مِنْ خَلَدِي نَوْحٌ، تُرَجِّعُه | بَلوى الحياة ِ، وأحزانُ المساكينِ |
| على الحياة أنا أبكي لشقوتِها | فَمَنْ إذا مُتُّ يبكيها ويبكيني؟ |
| يا ربة السِّعرِ، غنِّني، فقد ضجرت | نفسي من النّاس أبناء الشياطين |
| تَبَرَّمَتْ بَيْنيَ الدُّنيا، وَأَعوزَهَا | في مِعزفِ الدَّهرِ غرِّيدُ الأَرانينِ |
| وَرَاحَة ُ اللَّيل ملأى مِنْ مَدَامِعِهِ | و غادة ُ الحُبّ ثكلى ، لا تغنِّنيني |
| فهل إذا لُذت بالظلماء منتحباً | أسلو؟ وما نفعُ محزونٍ لمَحزونِ؟ |
| يا ربة َ الشعر! إن يائسٌ، تعسٌ | عَدِمْتُ ما أرتجي في العالَم الدُّونِ |
| وفي يديكِ مزاميرٌ يُخَالِجُها | وحي السَّما فهاتيها وغنّيني |
| ورتِّلي حولَ بيتِ الحُزْن أغْنِيَة ً | تجلُو عن النَّفسِ أحوانَ الأحايينِ |
| فإن قلبي قبرٌ، مظلمٌ،قُبرتْ | فيه الأمانِي، فما عادتْ تناغيني |
| لولاك في هذه الدنيا لما لمست | أوتارَ رُوحِيَ أَصْواتُ الأفَانينِ |
| ولا تغنَّيتُ مأخوذاً..، ولا عذُبتْ | لي الحياة ُ لدى غضِّ الرياحينِ |
| ولا ازدهى النَّفْسَ في أشْجَانَها شَفَقٌ | يُلوِّنُ الغيمَ لهواً أيَّ تلوينِ |
| ولا استخفَّ حياتي وهي هائمة ٌ | فجرُ الهوى في جفون الخُرَّدِ العِينِ |
إن هذه الحياة قيثارة الله
| إنَّ هذي الحَيَاةَ قيثارَةُ اللهِ – وأَهْلُ الحَيَاةِ مِثْلُ اللًّحُونِ |
| نَغَمٌ يَسْتَبي المَشاعِرَ كالسِّحْرِ – وصَوْتٌ يُخِلُّ بالتَّلْحينِ |
| واللَّيالي مَغَاوِرٌ تُلْحِدُ اللَّحْنَ – وتَقْضي على الصَّدى المِسْكِينِ |
كنَّا كزوجي طائِرِ، في دوحة الحُبّ الأَمينْ
كنَّا كزوجي طائِرِ، في دوحة الحُبّ الأَمينْ
غَنَّاهْ الأَمْسُ، وأَطْرَبَهُ
| غَنَّاهْ الأَمْسُ، وأَطْرَبَهُ | وشجاه اليومُ، فما غدُهُ؟ |
| قَدْ كان له قلبٌ، كالطِّفْلِ، | يدُ الأحلامِ تُهَدْهِدُهُ |
| مُذْ كان له مَلَكُ في الكون | جميلُ الطَلعَة ، يعبدُه |
| في جَوْفِ اللَّيلِ، يُنَاجيهِ | وَأَمَامَ الفَجْرِ، يُمَجِّدُهُ |
| وعلى الهضباتِ، يغنِّيه | آيات الحبّ، ويُنشدُهُ |
| تَمْشي في الغابِ فَتَتْبعه | أَفَراحُ الحُبِّ، وَتَنْشُدُهُ |
| ويرى الافاقَ فيبصرها | زُمراً في النَّور، تُراصدهُ |
| ويرى الأطيارَ، فيحسبُها | أحلام الحُبِّ تغرِّدهُ |
| ويرى الأزهارَ، فيحسبها | بسَماتِ الحُبّ توادِدُهُ |
| فَيَخَالُ الكونَ يناجيهِ! | وجمالَ العاَلمِ يُسعدُه! |
| ونجومَ الليل تضاحكُهُ! | ونسيمَ الغابَ يطاردُهُ! |
| ويخال الوردَ يداعبهُ | فرِحاً، فتعابثه يدُهُ!.. |
| ويرى الينبوعَ، ونَضرتَه، | ونسيمُ الصُّبح يجعِّدهُ |
| وخريرُ الماء له نغَمٌ | نسماتُ الغاب تردّدهُ |
| ويرى الأعشابَ وقد سمقَت | بينَ الأشجارِ تشاهدهُ |
| ونطافُ الطلِّ تُنَمِّقُها | فيجل الحبَّ ويحمدهُ |
| ياللأيام! فكم سَرَّت | قلْباً في النّاسِ لِتُكْمِدَهُ |
| هي مثل العاهر، عاشقها | تسقيه الخمر..، وتطردُهُ! |
| يعطيكَ اليومُ حلاوتَها | كالشَّهْدِ، لَيَسْلُبَهَا غَدُهُ! |
| بالأمسِ يعانقُها فرحاً | ويضاجعُها، فتُوسِّدُهُ |
| واليومَ، يُسايرُها شَبَحاً | أضناه الحُزنُ، ونكَّدُهُ |
| يتلو في الغَابِ مَرَاثِيَه | وجذوعُ السَّروِ تساندُهُ |
| ويماشي الّناسِ، وما أحدٌ | منهم يُشجيه تفرُّدُهُ |
| في ليل الوَحْشَة ِ مسْراهُ | وَبِكَهْفِ الوَحْدَة ِ مرقَدُهُ |
| أصواتُ الأمسِ تُعَذِّبه | وخيالُ الموتِ يُهَدِّدُهُ |
| بالأمسِ، له شفَقٌ في الكونِ | ُيضئُ الأفقَ تورُّدُهُ |
| واليومَ لقد غشَّاه الليلُ | |
| غنَّاه الأمسُ وَأَطْرَبَهُ | وشجاه اليومُ، فما غدهُ؟ |
لا ينهض الشعب إلا حين يدفعه
| لا ينهضُ الشعبُ إلاَّ حينَ يدفعهُ | عَزْمُ الحياة ِ، إذا ما استيقظتْ فيهِ |
| والحَبُّ يخترقُ الغَبْراءَ، مُنْدفعاً | إلى السماء، إذا هبَّتْ تُناديهِ |
| والقيدُ يأَلَفُهُ الأمواتُ، ما لَبِثوا | أمَّا الحيَاة ُ فيُبْلها وتُبْليهِ |
يا إله الوجود هذي جراح
| يا إلهَ الوجودِ! هذي جراحٌ | في فؤادي، تشْكو إليْك الدّواهي |
| هذه زفرة ٌ يُصعِّدها الهمُّ | إلى مَسْمَعِ الفَضَاء السَّاهي |
| فلقد جرّعني صوتُ الظّلام | |
| هَذِهِ مُهْجَة ُ الشَّقَاءِ تُنَاجيكَ | فهلْ أنتَ سامعٌ يا إلهي؟ |
| أنتَ أنزلتني إل ظلمة ِ الأرض | وقد كنتُ في صباحٍ زارهِ |
| أَلَماً علّمني كرِهَ الحياة | |
| كَجَدْولٍ في مَضَايِقِ السُّبُلُ | |
| كالشّعاع الجميل، أَسْبَحُ في الأفق | وأُصْغي إلى خرير المياهِ |
| وأُغنِّي بينَ الينابيعِ للفَجْر | وأشدو كالبلبلِ التَّيَّاهِ |
| أَنَا كَئيبْ، | |
| أنتَ أوصلتَني إلى سبل الدنيا | وهذي كثيرة ُ الأشتباهِ |
| ثم خلَّفَتَني وحيداً، فريداً | فَهْوَ يا ربِّ مَعْبَدُ الحقِّ، |
| أنتَ أوقفتَني على لُجَّة الحزْنِ | وجَرَّعتني مرارة َ آهِ! |
| أنت أنشأتني غريباً بنفسي | بين قوميْ، في نشْوتي وانتباهي |
| ـامي، وآياتِ فنِّهِ المتناهي | وحبَّبْتَني جُمَودَ السَّاهي |
| وتلاشت في سكون الأكتئاب | |
| أنتَ جَبَّلتَ بين جنبيَّ قلباً | سرمديَّ الشُّعور والانتباهِ |
| عبقريَّ الأسى : تعذِّبه الدنيا | وتُشْجيه ساحراتُ الملاهي! |
| أيها العصفورْ | |
| أنتَ عذّبتني بِدِقَّة حِسِّي | وتعقَّبْتَني بكلّ الدَّواهي |
| بالمنايا تَغْتال أشْهى أمانيَّ | وتُذوِي محاجري، وَشِفاهي |
| فإذا من أحبُّ حفنة ُ تُرْبٍ | تافهٍ، مِنْ تَرائبٍ وَجِبَاهِ |
| أنَّة َ الأوتار..! | |
| غَرِيبَة ٌ فِي عَوَالِمِ الحَزَن | |
| يتلاشى فوق الخضَمِّ: ويبقى الـ | ـيمُّ كالعهدِ مُزْبدَ الأمواه… |
| مرّت ليالٍ خبَتْ مع الأمدِ | |
| يا إلهَ الوجودِ! مالكَ لا تَرثي | لحزن المُعَذَّب الأوَّاهِ؟ |
| قد تأوَّهتُ في سكونِ اللّيالي | ثم أطبقتُ في الصّباح شِفاهي |
| رُوحِي، وَتَبْقَى بِها إلى الأَبَدِ | |
| يَا رِياحَ الوجود! سيري بعنفٍ | وتغنِّيْ بصوتك الأوَّاه |
| وانفحيني مِنْ رُوحِكِ الفَخْم ما يُبْـ | ـلغُ صَوْتي آذَانَ هذا الإلهِ |
| وانثُري الوَرْدَ للثُّلوجِ بدَاداً | واصعقي كلّ بُلبلٍ تَيَّاه |
| فالوجودُ الشقيُّ غيرُ جديرٍ | وَهْوَ نايُ الجمالِ، والحبِّ، والأحْـ |
| فالإله العظيم لميخلق لدنيا | سوى للفناءِ تَحْتَ الدّواهي |
| مَشَاعِرِي فِي جَهَنَّمَ الأَلمِ | |