| إثْلِثْ! فإنّا أيّهَا الطّلَلُ | نبْكي وَتُرْزِمُ تَحْتَنَا الإبِلُ |
| أوْ لا فَلا عَتْبٌ عَلى طَلَلٍ | إنّ الطّلُولَ لمِثْلِهَا فُعُلُ |
| لَوْ كُنْتَ تَنْطِقُ قُلتَ مُعتَذِراً | بي غَيرُ ما بكَ أيّهَا الرّجُلُ |
| أبكاكَ أنّكَ بَعضُ مَن شَغَفُوا | لم أبكِ أنّي بَعضُ مَن قَتَلُوا |
| إنّ الذينَ أقَمْتَ وَارْتَحَلُوا | أيّامُهُمْ لِدِيَارِهِمْ دُوَلُ |
| الحُسْنُ يَرْحَلُ كُلّمَا رَحلوا | مَعَهُمْ وَيَنْزِلُ حَيثُمَا نَزَلُوا |
| في مُقْلَتيْ رَشَإٍ تُديرُهُمَا | بَدَوِيّةٌ فُتِنَتْ بهَا الحِلَلُ |
| تَشكُو المَطاعِمُ طولَ هِجرَتِها | وَصُدودَها وَمَنِ الذي تَصِلُ |
| ما أسْأرَتْ في القَعْبِ مِن لَبَنٍ | تَرَكَتهُ وَهوَ المِسكُ وَالعَسَلُ |
| قالَتْ ألا تَصْحُو فَقُلتُ لَهَا | أعْلَمْتِني أنّ الهَوَى ثَمَلُ |
| لَوْ أنّ فَنّاخُسْرَ صَبّحَكُمْ | وَبَرَزْتِ وَحْدَكِ عاقَهُ الغَزَلُ |
| وَتَفَرّقَتْ عَنكُمْ كَتَائِبُهُ | إنّ المِلاحَ خَوَادِعٌ قُتُلُ |
| مَا كُنتِ فَاعِلَةً وَضَيْفُكُمُ | مَلِكُ المُلُوكِ وَشأنُكِ البَخَلُ |
| أتُمَنّعِينَ قِرىً فتَفْتَضِحي | أمْ تَبْذِلينَ لَهُ الذي يَسَلُ |
| بَلْ لا يَحِلّ بحَيْثُ حَلّ بِهِ | بُخْلٌ وَلا خَوَرٌ وَلا وَجَلُ |
| مَلِكٌ إذا مَا الرُّمحُ أدرَكَهُ | طَنَبٌ ذَكَرْنَاهُ فَيَعْتَدِلُ |
| إنْ لم يَكُنْ مَن قَبلَهُ عَجَزُوا | عَمّا يَسُوسُ بهِ فَقد غَفَلُوا |
| حتى أتَى الدّنْيَا ابنُ بَجدَتِهَا | فَشكَا إلَيْه السّهلُ وَالجَبَلُ |
| شكوَى العَليلِ إلى الكَفيلِ لَهُ | أنْ لا تَمُرَّ بجِسْمِهِ العِلَلُ |
| قالَتْ فَلا كَذَبَتْ شَجاعَتُهُ | أقْدِمْ فنَفْسُكَ مَا لهَا أجَلُ |
| فَهُوَ النّهَايَةُ إنْ جَرَى مَثَلٌ | أوْ قيلَ يَوْمَ وَغىً منِ البَطَلُ |
| عُدَدُ الوُفُودِ العَامِدينَ لَهُ | دونَ السّلاحِ الشُّكلُ وَالعُقُلُ |
| فَلِشُكْلِهِمْ في خَيْلِهِ عَمَلٌ | وَلِعُقْلِهِمْ في بُخْتِهِ شُغُلُ |
| تُمْسِي على أيْدي مَوَاهِبِهِ | هِيَ أوْ بَقِيّتُهَا أوِ البَدَلُ |
| يُشْتَاقُ مِنْ يَدِهِ إلى سَبَلٍ | شَوْقاً إلَيْهِ يَنْبُتُ الأسَلُ |
| سَبَلٌ تَطُولُ المَكْرُماتُ بِهِ | وَالمَجْدُ لا الحَوْذانُ وَالنَّفَلُ |
| وَإلى حَصَى أرْضٍ أقَامَ بهَا | بالنّاسِ مِنْ تَقبيلِهِ يَلَلُ |
| إنْ لم تُخَالِطْهُ ضَوَاحِكُهُمْ | فَلِمَنْ تُصَانُ وَتُذخَرُ القُبَلُ |
| في وَجْهِهِ مِنْ نُورِ خَالِقِهِ | غُرَرٌ هيَ الآيَاتُ وَالرّسُلُ |
| فإذا الخَميسُ أبَى السّجودَ لهُ | سَجَدَتْ لَهُ فيهِ القَنَا الذُّبُلُ |
| وَإذا القُلُوبُ أبَتْ حُكُومَتَهُ | رَضِيَتْ بحُكمِ سُيُوفِهِ القُلَلُ |
| أرَضِيتَ وَهشُوذانُ ما حكَمَتْ | أمْ تَسْتَزِيدَ لاُِمّكَ الهَبَلُ |
| وَرَدَتْ بِلادَكَ غيرَ مُغْمَدَةٍ | وَكَأنّهَا بَينَ القَنَا شُعَلُ |
| وَالقَوْمُ في أعيانِهِمْ خَزَرٌ | وَالخَيْلُ في أعيانِهَا قَبَلُ |
| فأتَوْكَ لَيسَ بمَنْ أتَوْا قِبَلٌ | بهِمِ وَلَيسَ بمَنْ نَأوْا خَلَلُ |
| لم يَدْرِ مَنْ بالرّيّ أنّهُمُ | فَصَلُوا وَلا يَدري إذا قَفَلُوا |
| وَأتَيْتَ مُعْتَزِماً وَلا أسَدٌ | وَمَضَيْتَ مُنهَزِماً وَلا وَعِلُ |
| تُعْطي سِلاحَهُمُ وَرَاحَهُمُ | مَا لمْ تَكُنْ لِتَنَالَهُ المُقَلُ |
| أسخَى المُلُوكِ بِنَقْلِ مَملَكَةٍ | مَنْ كادَ عَنْهُ الرّأسُ يَنتَقِلُ |
| لَوْلا الجَهَالَةُ مَا دَلَفْتَ إلى | قَوْمٍ غَرِقْتَ وَإنّمَا تَفَلُوا |
| لا أقْبَلُوا سِرّاً وَلا ظَفِرُوا | غَدْراً وَلا نَصَرَتْهُمُ الغِيَلُ |
| لا تَلْقَ أفرَسَ منكَ تَعْرِفُهُ | إلاّ إذا ما ضاقَتِ الحِيَلُ |
| لا يَسْتَحي أحَدٌ يُقَالُ لَهُ | نَضَلُوكَ آلُ بُوَيْهِ أوْ فَضَلُوا |
| قَدَرُوا عَفَوْا وَعدوا وَفَوْا سُئلوا | أغنَوْا عَلَوْا أعْلَوْا وَلُوا عَدَلوا |
| فَوْقَ السّمَاءِ وَفَوْقَ ما طلَبوا | فإذا أرادوا غايَةً نَزَلُوا |
| قَطَعَتْ مكارِمُهُمْ صَوَارِمَهمْ | فإذا تَعَذّرَ كاذِبٌ قَبِلُوا |
| لا يَشْهَرُونَ عَلى مُخالِفِهِمْ | سَيْفاً يَقُومُ مَقَامَهُ العَذَلُ |
| فأبُو عَليٍّ مَنْ بهِ قَهَرُوا | أبُو شُجَاعٍ مَنْ بِهِ كمَلُوا |
| حَلَفَتْ لِذا بَرَكاتُ غُرّةِ ذا | في المَهْدِ أنْ لا فَاتَهُ أمَلُ |
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه
| وَفاؤكُما كالرَّبْع أشْجاهُ طاسمه | بأنْ تُسعِدا والدّمْعُ أشفاهُ ساجِمُهْ |
| وما أنَا إلاّ عاشِقٌ كلُّ عَاشِقٍ | أعَقُّ خَليلَيْهِ الصّفِيّينِ لائِمُهْ |
| وقَدْ يَتَزَيّا بالهَوَى غَيرُ أهْلِهِ | ويَستَصحِبُ الإنسانُ مَن لا يُلائمُهْ |
| بَليتُ بِلى الأطْلالِ إنْ لم أقِفْ بها | وُقوفَ شَحيحٍ ضاعَ في التُّرْبِ خاتمُهْ |
| كَئيباً تَوَقّاني العَواذِلُ في الهَوَى | كمَا يَتَوَقّى رَيّضَ الخَيلِ حازِمُهْ |
| قِفي تَغرَمِ الأولى من اللّحظِ مُهجتي | بثانِيَةٍ والمُتْلِفُ الشّيْءَ غارِمُهْ |
| سَقاكِ وحَيّانَا بكِ الله إنّمَا | على العِيسِ نَوْرٌ والخدورُ كمائِمُهْ |
| وما حاجةُ الأظعانِ حَوْلَكِ في الدّجى | إلى قَمَرٍ ما واجدٌ لكِ عادِمُهْ |
| إذا ظَفِرَتْ منكِ العُيونُ بنَظرَةٍ | أثابَ بها مُعيي المَطيّ ورازِمُهْ |
| حَبيبٌ كأنّ الحُسنَ كانَ يُحِبّهُ | فآثَرَهُ أوْ جارَ في الحُسنِ قاسِمُهْ |
| تَحُولُ رِماحُ الخَطّ دونَ سِبائِهِ | وتُسبَى لَهُ منْ كلّ حَيٍّ كرائِمُهْ |
| وَيُضْحي غُبارُ الخَيلِ أدنَى سُتُورِهِ | وآخِرُها نَشْرُ الكِباءِ المُلازِمُهْ |
| وما اسْتَغْرَبَتْ عَيني فِراقاً رأيْتُهُ | ولا عَلّمَتْني غَيرَ ما القلبُ عالمُهْ |
| فَلا يَتَّهِمْني الكاشِحونَ فإنّني | رَعَيتُ الرّدى حتى حَلَتْ لي علاقمُهْ |
| مُشِبُّ الذي يَبكي الشّبابَ مُشيبُهُ | فكَيفَ تَوَقّيهِ وبانِيهِ هادِمُهْ |
| وتَكْمِلَةُ العَيشِ الصِّبا وعَقيبُهُ | وغائِبُ لَوْنِ العارِضَينِ وقادِمُهْ |
| وما خَضَبَ النّاسُ البَياضَ لأنّهُ | قَبيحٌ ولكِنْ أحْسَنُ الشَّعرِ فاحِمُهْ |
| وأحسَنُ مِنْ ماءِ الشّبيبَةِ كُلّهِ | حَيَا بارِقٍ في فازَةٍ أنا شائِمُهْ |
| عَلَيها رِياضٌ لم تَحُكْها سَحابَةٌ | وأغصانُ دَوْحٍ لمْ تُغَنِّ حَمَائِمُهْ |
| وفَوْقَ حَواشي كلّ ثَوْبٍ مُوَجَّهٍ | من الدُّرّ سِمْطٌ لم يُثَقّبْهُ ناظِمُهْ |
| تَرَى حَيَوانَ البَرّ مُصْطَلِحاً بِهِ | يُحارِبُ ضِدٌّ ضِدَّهُ ويُسالِمُهْ |
| إذا ضَرَبَتْهُ الرّيحُ ماجَ كَأنّهُ | تجولُ مَذاكيه وتَدأى ضَراغِمُهْ |
| وفي صورةِ الرّوميّ ذي التّاجِ ذِلّةٌ | لأبْلَجَ لا تيجانَ إلاّ عَمائِمُهْ |
| تُقَبّلُ أفْواهُ المُلُوكِ بِساطَهُ | ويَكْبُرُ عَنها كُمُّهُ وبَراجِمُهْ |
| قِياماً لمَنْ يَشفي مِنَ الدّاءِ كَيُّهُ | ومَن بَينَ أُذْنَيْ كلّ قَرْمٍ مَواسمُهْ |
| قَبائِعُها تَحْتَ المَرافِقِ هَيْبَةً | وأنْفَذُ ممّا في الجُفُونِ عَزائِمُهْ |
| لَهُ عَسكَرَا خَيْلٍ وطَيرٍ إذا رَمَى | بها عَسكَراً لم يَبقَ إلاّ جَماجمُهْ |
| أجِلّتُها مِنْ كلّ طاغٍ ثِيابُهُ | ومَوْطِئُها مِن كلّ باعٍ مَلاغمُهْ |
| فَقَدْ مَلّ ضَوْءُ الصّبْحِ ممّا تُغيرُهُ | ومَلّ سَوادُ اللّيلِ ممّا تُزاحِمُهْ |
| ومَلّ القَنَا ممّا تَدُقّ صُدورَهُ | ومَلّ حَديدُ الهِنْدِ ممّا تُلاطِمُهْ |
| سَحابٌ مِنَ العِقبانِ يزْحَفُ تحتَها | سحابٌ إذا استَسقتْ سقتها صَوارِمُهْ |
| سلَكتُ صُروفَ الدّهرِ حتى لقيتُهُ | على ظَهرِ عَزْمٍ مُؤيَداتٍ قَوائِمُهْ |
| مَهالِكَ لم تَصْحَبْ بها الذئبَ نَفسُه | ولا حَمَلَتْ فيها الغُرابَ قَوادِمُهْ |
| فأبصَرْتُ بَدراً لا يَرَى البدرُ مِثْلَهُ | وخاطَبْتُ بحْراً لا يرى العِبرَ عائِمُهْ |
| غَضِبْتُ لَهُ لمّا رَأيْتُ صِفاتِهِ | بلا واصِفٍ والشِّعرُ تهذي طَماطِمُهْ |
| وكنتُ إذا يَمّمْتُ أرضاً بَعيدَةً | سرَيتُ فكنْتُ السرّ واللّيلُ كاتمُهْ |
| لقد سَلّ سيفَ الدّولَةِ المَجدُ مُعلَماً | فلا المَجدُ مخفيه ولا الضّرْبُ ثالمُهْ |
| على عاتِقِ المَلْكِ الأغَرِّ نِجادُهُ | وفي يَدِ جَبّارِ السّماواتِ قائِمُهْ |
| تُحارِبُهُ الأعداءُ وهْيَ عَبيدُهُ | وتَدّخِرُ الأمْوالَ وهْيَ غَنائِمُهْ |
| ويَستَكبرُونَ الدّهرَ والدّهْرُ دونَهُ | ويَستَعظِمونَ المَوتَ والموْتُ خادمُهْ |
| وإنّ الذي سَمّى عَلِيّاً لَمُنْصِفٌ | وإنّ الذي سَمّاهُ سَيفاً لَظالمُهْ |
| وما كلُّ سَيفٍ يَقْطَعُ الهَامَ حَدُّهُ | وتَقْطَعُ لَزْباتِ الزّمانِ مَكارِمُهْ |
أين أزمعت أيهذا الهمام
| أيْنَ أزْمَعْتَ أيّهذا الهُمامُ | نَحْنُ نَبْتُ الرُّبَى وأنتَ الغَمامُ |
| نَحْنُ مَن ضايَقَ الزّمانُ له فيـ | ـكَ وخانَتْهُ قُرْبَكَ الأيّامُ |
| في سَبيلِ العُلى قِتالُكَ والسّلْـ | ـمُ وهذا المُقامُ والإجْذامُ |
| لَيتَ أنّا إذا ارْتَحَلْتَ لكَ الخَيْـ | ـلُ وأنّا إذا نَزَلْتَ الخِيامُ |
| كُلَّ يَوْمٍ لكَ احْتِمالٌ جَديدٌ | ومَسيرٌ للمَجْدِ فيهِ مُقامُ |
| وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراً | تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ |
| وكَذا تَطْلُعُ البُدورُ عَلَيْنَا | وكَذا تَقْلَقُ البُحورُ العِظامُ |
| ولَنَا عادَةُ الجَميلِ منَ الصّبْـ | ـرِ لَوَ انّا سِوَى نَوَاكَ نُسامُ |
| كُلُّ عَيْشٍ ما لم تُطِبْهُ حِمامٌ | كلُّ شَمسٍ ما لم تكُنْها ظَلامُ |
| أزِلِ الوَحْشَةَ التي عِندَنَا يا | مَن بِهِ يأنَسُ الخَميسُ اللُّهامُ |
| والذي يَشهَدُ الوَغَى ساكِنَ القَلـ | ـبِ كَأنّ القِتالَ فيها ذِمَامُ |
| والذي يَضرِبُ الكَتائِبَ حتى | تَتَلاقَى الفِهاقُ والأقدامُ |
| وإذا حَلّ ساعَةً بمَكانٍ | فأذاهُ عَلى الزّمانِ حَرامُ |
| والذي تُنْبِتُ البِلادُ سُرُورٌ | والذي تَمْطُرُ السّحابُ مُدامُ |
| كُلّما قيلَ قَد تَناهَى أرانَا | كَرَماً ما اهتَدَتْ إليهِ الكِرامُ |
| وكِفاحاً تَكِعُّ عَنْهُ الأعادي | وارْتِياحاً تَحارُ فيهِ الأنامُ |
| إنّما هَيْبَةُ المُؤمَّلِ سَيْفِ الـ | ـدوْلَةِ المَلْكِ في القلوبِ حُسامُ |
| فكَثيرٌ مِنَ الشّجاعِ التّوَقّي | وكَثيرٌ مِنَ البَليغِ السّلامُ |
أنا منك بين فضائل ومكارم
| أنَا مِنكَ بَينَ فَضائِلٍ وَمَكارِمِ | وَمِنِ ارْتِياحِكَ في غَمامٍ دائِمِ |
| وَمِنِ احتِقارِكَ كُلَّ مَا تَحْبُو بِهِ | فيما أُلاحِظُهُ بعَيْنَيْ حَالِمِ |
| إنّ الخَليفَةَ لم يُسَمِّكَ سَيْفَهَا | حَتى بَلاكَ فكُنْتَ عَينَ الصّارِمِ |
| فإذا تَتَوّجَ كُنتَ دُرّةَ تاجِهِ | وَإذا تَخَتّمَ كنتَ فَصّ الخاتِمِ |
| وإذا انتَضاكَ على العِدى في مَعَركٍ | هَلَكُوا وضاقَتْ كَفُّهُ بالقائِمِ |
| أبدَى سَخاؤكَ عَجزَ كلّ مُشَمِّرٍ | في وَصْفِهِ وأضاقَ ذَرْعَ الكاتِمِ |
إذا كان مدح فالنسيب المقدم
| إذا كانَ مَدحٌ فالنّسيبُ المُقَدَّمُ | أكُلُّ فَصِيحٍ قالَ شِعراً مُتَيَّمُ |
| لَحُبّ ابنِ عَبدِالله أولى فإنّهُ | بهِ يُبدَأُ الذّكرُ الجَميلُ وَيُختَمُ |
| أطَعْتُ الغَواني قَبلَ مَطمَحِ ناظري | إلى مَنظَرٍ يَصغُرنَ عَنهُ وَيَعْظُمُ |
| تَعَرّضَ سَيْفُ الدّولَةِ الدّهرَ كلّهُ | يُطَبِّقُ في أوصالِهِ وَيُصَمِّمُ |
| فَجازَ لَهُ حتى على الشّمسِ حكمُهُ | وَبَانَ لَهُ حتى على البَدرِ مِيسَمُ |
| كأنّ العِدَى في أرضِهِم خُلَفاؤهُ | فإن شاءَ حازُوها وإن شاءَ سلّمُوا |
| وَلا كُتْبَ إلاّ المَشرَفيّةُ عِنْدَهُ | وَلا رُسُلٌ إلاّ الخَميسُ العَرَمْرَمُ |
| فَلَم يَخْلُ من نصرٍ لَهُ مَن لهُ يَدٌ | وَلم يَخْلُ مِن شكرٍ لَهُ من له فَمُ |
| ولم يَخْلُ من أسمائِهِ عُودُ مِنْبَرٍ | وَلم يَخْلُ دينارٌ وَلم يَخلُ دِرهَمُ |
| ضَرُوبٌ وَما بَينَ الحُسامَينِ ضَيّقٌ | بَصِيرٌ وَما بَينَ الشّجاعَينِ مُظلِمُ |
| تُباري نُجُومَ القَذفِ في كلّ لَيلَةٍ | نُجُومٌ لَهُ مِنْهُنّ وَردٌ وَأدْهَمُ |
| يَطَأنَ مِنَ الأبْطالِ مَن لا حَملنَهُ | وَمِن قِصَدِ المُرّانِ مَا لا يُقَوَّمُ |
| فَهُنّ مَعَ السِّيدانِ في البَرّ عُسَّلٌ | وَهُنّ مَعَ النّينَانِ في المَاءِ عُوَّمُ |
| وَهُنّ مَعَ الغِزلانِ في الوَادِ كُمَّنٌ | وَهُنّ مَعَ العِقبانِ في النِّيقِ حُوَّمُ |
| إذا جَلَبَ النّاسُ الوَشيجَ فإنّهُ | بِهِنّ وَفي لَبّاتِهِنّ يُحَطَّمُ |
| بغُرّتِهِ في الحَربِ والسّلْمِ والحِجَى | وَبَذلِ اللُّهَى وَالحمدِ وَالمجدِ مُعلِمُ |
| يُقِرُّ لَهُ بالفَضلِ مَن لا يَوَدُّهُ | وَيَقضِي لَهُ بالسّعدِ مَن لا يُنَجِّمُ |
| أجَارَ على الأيّامِ حتى ظَنَنْتُهُ | يُطالِبُهُ بالرّدّ عَادٌ وَجُرهُمُ |
| ضَلالاً لهذِي الرّيحِ ماذا تُرِيدُهُ | وَهَدياً لهذا السّيلِ ماذا يُؤمِّمُ |
| ألم يَسألِ الوَبْلُ الذي رامَ ثَنْيَنَا | فَيُخبرَهُ عَنْكَ الحَديدُ المُثَلَّمُ |
| وَلمّا تَلَقّاكَ السّحابُ بصَوبِهِ | تَلَقَّاهُ أعلى منهُ كَعْباً وَأكْرَمُ |
| فَبَاشَرَ وَجْهاً طالَمَا بَاشَرَ القَنَا | وَبَلّ ثِياباً طالَمَا بَلّهَا الدّمُ |
| تَلاكَ وَبَعضُ الغَيثِ يَتبَعُ بَعضَهُ | مِنَ الشّأمِ يَتْلُو الحاذِقَ المُتَعَلِّمُ |
| فزارَ التي زارَت بكَ الخَيلُ قَبرَها | وَجَشّمَهُ الشّوقُ الذي تَتَجَشّمُ |
| وَلمّا عَرَضتَ الجَيشَ كانَ بَهَاؤهُ | على الفَارِسِ المُرخى الذؤابةِ منهُمُ |
| حَوَالَيْهِ بَحْرٌ للتّجافيفِ مَائِجٌ | يَسيرُ بهِ طَودٌ مِنَ الخَيلِ أيْهَمُ |
| تَسَاوَت بهِ الأقْطارُ حتى كأنّهُ | يُجَمِّعُ أشْتاتَ الجِبالِ ويَنْظِمُ |
| وكُلُّ فَتًى للحَربِ فَوقَ جَبينِهِ | منَ الضّربِ سَطْرٌ بالأسنّةِ مُعجَمُ |
| يَمُدُّ يَدَيْهِ في المُفاضَةِ ضَيْغَمٌ | وَعَيْنَيْهِ من تَحتِ التّريكةِ أرقَمُ |
| كَأجْنَاسِهَا راياتُهَا وَشِعارُهَا | وَمَا لَبِسَتْهُ وَالسّلاحُ المُسَمَّمُ |
| وَأدّبَهَا طُولُ القِتالِ فَطَرفُهُ | يُشيرُ إلَيْهَا مِن بَعيدٍ فَتَفْهَمُ |
| تُجاوِبُهُ فِعْلاً وَما تَسْمَعُ الوَحَى | وَيُسْمِعُها لَحْظاً وما يَتَكَلّمُ |
| تَجانَفُ عَن ذاتِ اليَمينِ كأنّهَا | تَرِقّ لِمَيّافَارَقينَ وَتَرحَمُ |
| وَلَو زَحَمَتْهَا بالمَناكِبِ زَحْمَةً | دَرَت أيُّ سورَيها الضّعيفُ المُهَدَّمُ |
| على كُلّ طاوٍ تَحْتَ طاوٍ كَأنّهُ | من الدّمِ يُسقى أو من اللّحم يُطعَمُ |
| لها في الوَغَى زِيّ الفَوارِسِ فَوقَهَا | فكُلّ حِصانٍ دارِعٌ مُتَلَثّمُ |
| وما ذاكَ بُخْلاً بالنّفُوسِ على القَنَا | وَلَكِنّ صَدْمَ الشّرّ بالشّرّ أحزَمُ |
| أتَحْسَبُ بِيضُ الهِندِ أصلَكَ أصلَها | وَأنّكَ منها؟ سَاءَ ما تَتَوَهّمُ |
| إذا نَحْنُ سَمّيْناكَ خِلْنَا سُيُوفَنَا | منَ التّيهِ في أغْمادِها تَتَبَسّمُ |
| وَلم نَرَ مَلْكاً قَطّ يُدْعَى بدُونِهِ | فيَرضَى وَلكِنْ يَجْهَلُونَ وتَحلُمُ |
| أخَذْتَ على الأرواحِ كُلّ ثَنِيّةٍ | من العيشِ تُعطي مَن تَشاءُ وَتحرِمُ |
| فَلا مَوتَ إلاّ مِن سِنانِكَ يُتّقَى | وَلا رِزقَ إلاّ مِن يَمينِكَ يُقْسَمُ |
واحر قلباه ممن قلبه شبم
| وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ | وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ |
| ما لي أُكَتِّمُ حُبّاً قَدْ بَرَى جَسَدي | وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلةِ الأُمَمُ |
| إنْ كَانَ يَجْمَعُنَا حُبٌّ لِغُرّتِهِ | فَلَيْتَ أنّا بِقَدْرِ الحُبّ نَقْتَسِمُ |
| قد زُرْتُهُ وَسُيُوفُ الهِنْدِ مُغْمَدَةٌ | وَقد نَظَرْتُ إلَيْهِ وَالسّيُوفُ دَمُ |
| فكانَ أحْسَنَ خَلقِ الله كُلّهِمِ | وَكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشّيَمُ |
| فَوْتُ العَدُوّ الذي يَمّمْتَهُ ظَفَرٌ | في طَيّهِ أسَفٌ في طَيّهِ نِعَمُ |
| قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ | لَكَ المَهابَةُ ما لا تَصْنَعُ البُهَمُ |
| أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها | أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ |
| أكُلّمَا رُمْتَ جَيْشاً فانْثَنَى هَرَباً | تَصَرّفَتْ بِكَ في آثَارِهِ الهِمَمُ |
| عَلَيْكَ هَزْمُهُمُ في كلّ مُعْتَرَكٍ | وَمَا عَلَيْكَ بهِمْ عارٌ إذا انهَزَمُوا |
| أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْواً سِوَى ظَفَرٍ | تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الهِنْدِ وَاللِّممُ |
| يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي | فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ |
| أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً | أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ |
| وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ | إذا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ |
| سَيعْلَمُ الجَمعُ ممّنْ ضَمّ مَجلِسُنا | بأنّني خَيرُ مَنْ تَسْعَى بهِ قَدَمُ |
| أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي | وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ |
| أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا | وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ |
| وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي | حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ |
| إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً | فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ |
| وَمُهْجَةٍ مُهْجَتي من هَمّ صَاحِبها | أدرَكْتُهَا بجَوَادٍ ظَهْرُه حَرَمُ |
| رِجلاهُ في الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَدٌ | وَفِعْلُهُ مَا تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ |
| وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَينِ بهِ | حتى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَوْتِ يَلْتَطِمُ |
| الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني | وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ |
| صَحِبْتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ منفَرِداً | حتى تَعَجّبَ مني القُورُ وَالأكَمُ |
| يَا مَنْ يَعِزّ عَلَيْنَا أنْ نُفَارِقَهُمْ | وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بَعدَكمْ عَدَمُ |
| مَا كانَ أخلَقَنَا مِنكُمْ بتَكرِمَةٍ | لَوْ أنّ أمْرَكُمُ مِن أمرِنَا أمَمُ |
| إنْ كانَ سَرّكُمُ ما قالَ حاسِدُنَا | فَمَا لجُرْحٍ إذا أرْضاكُمُ ألَمُ |
| وَبَيْنَنَا لَوْ رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفَةٌ | إنّ المَعارِفَ في أهْلِ النُّهَى ذِمَمُ |
| كم تَطْلُبُونَ لَنَا عَيْباً فيُعجِزُكمْ | وَيَكْرَهُ الله ما تَأتُونَ وَالكَرَمُ |
| ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شرَفي | أنَا الثّرَيّا وَذانِ الشّيبُ وَالهَرَمُ |
| لَيْتَ الغَمَامَ الذي عندي صَواعِقُهُ | يُزيلُهُنّ إلى مَنْ عِنْدَهُ الدِّيَمُ |
| أرَى النّوَى يَقتَضيني كلَّ مَرْحَلَةٍ | لا تَسْتَقِلّ بها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ |
| لَئِنْ تَرَكْنَ ضُمَيراً عَنْ مَيامِنِنا | لَيَحْدُثَنّ لمَنْ وَدّعْتُهُمْ نَدَمُ |
| إذا تَرَحّلْتَ عن قَوْمٍ وَقَد قَدَرُوا | أنْ لا تُفارِقَهُمْ فالرّاحِلونَ هُمُ |
| شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ | وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ |
| وَشَرُّ ما قَنّصَتْهُ رَاحَتي قَنَصٌ | شُهْبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ والرَّخَمُ |
| بأيّ لَفْظٍ تَقُولُ الشّعْرَ زِعْنِفَةٌ | تَجُوزُ عِندَكَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمُ |
| هَذا عِتابُكَ إلاّ أنّهُ مِقَةٌ | قد ضُمّنَ الدُّرَّ إلاّ أنّهُ كَلِمُ |