| يا أيّها المَلِكُ الذي نُدَماؤهُ | شُرَكاؤهُ في مِلْكِهِ لا مُلكِهِ |
| في كلّ يَوْمٍ بَيْنَنا دَمُ كَرْمَةٍ | لكَ تَوْبَةٌ من تَوْبَةٍ من سَفكِهِ |
| والصّدقُ من شيَمِ الكرام فقلْ لنا | أمنَ الشّرابِ تَتوبُ أم من تركِهِ؟ |
قد بلغت الذي أردت من البر
| قَد بَلَغْتَ الذي أرَدْتَ منَ البِرِّ | ومِنْ حَقِّ ذا الشّريفِ عَلَيكَا |
| وإذا لمْ تَسِرْ إلى الدّارِ في وَقْـ | ـتِكَ ذا خِفْتُ أنْ تَسيرَ إلَيكَا |
لئن كان أحسن في وصفها
| لَئِنْ كانَ أحْسَنَ في وَصفِها | لقد فاتَهُ الحسنُ في الوَصْفِ لكْ |
| لأنّكَ بَحْرٌ وإنّ البِحارَ | لتأنَفُ مِنْ حالِ هذي البِرَكْ |
| كأنّكَ سَيْفُكَ لا ما مَلَكْـ | ـتَ يَبْقَى لَدَيْكَ ولا ما مَلَكْ |
| فأكْثَرُ من جَرْيها ما وَهَبْتَ | وأكْثَرُ مِنْ مائِها ما سَفَكْ |
| أسأتَ وأحْسَنْتَ عَن قُدْرَةٍ | ودُرْتَ على النّاسِ دَوْرَ الفَلَكْ |
فدى لك من يقصر عن مداكا
| فِدًى لكَ مَن يُقَصّرُ عَن مَداكا | فَلا مَلِكٌ إذَنْ إلاّ فَدَاكَا |
| وَلَوْ قُلْنا فِدًى لكَ مَن يُساوي | دَعَوْنَا بالبَقَاءِ لِمَنْ قَلاكَا |
| وَآمَنّا فِداءَكَ كُلَّ نَفْسٍ | وَلَوْ كانَتْ لمَمْلَكَةٍ مِلاكَا |
| وَمَنْ يَظَّنُّ نَثْرَ الحَبّ جُوداً | وَيَنصِبُ تحتَ ما نَثَرَ الشِّباكَا |
| وَمَنْ بَلَغَ الحَضِيضَ بهِ كَرَاهُ | وَإنْ بَلَغَتْ بهِ الحالُ السُّكاكَا |
| فَلَوْ كانَتْ قُلُوبُهُمُ صَديقاً | لَقَدْ كانَتْ خَلائِقُهُمْ عِداكَا |
| لأنّكَ مُبْغِضٌ حَسَباً نَحِيفاً | إذا أبْصَرْتَ دُنْيَاهُ ضِنَاكَا |
| أرُوحُ وَقد خَتَمتَ على فُؤادي | بحُبّكَ أنْ يحِلّ بهِ سِوَاكَا |
| وَقَد حَمّلْتَني شُكْراً طَوِيلاً | ثَقِيلاً لا أُطيقُ بِهِ حَرَاكَا |
| أُحاذِرُ أن يَشُقّ عَلى المَطَايَا | فَلا تَمْشِي بِنَا إلاّ سِواكَا |
| لَعَلّ الله يَجْعَلُهُ رَحِيلاً | يُعِينُ على الإقامَةِ في ذَرَاكَا |
| فلوْ أنّي استَطَعتُ خفَضْتُ طرْفي | فَلَمْ أُبْصِرْ به حتى أرَاكَا |
| وَكَيفَ الصّبرُ عَنكَ وَقد كَفَاني | نَداكَ المُسْتَفيضُ وَما كَفَاكَا |
| أتَترُكُني وَعَينُ الشّمسِ نَعلي | فتَقْطَعَ مَشيَتي فيهَا الشِّرَاكَا |
| أرَى أسَفي وَمَا سِرْنا شَديداً | فكَيفَ إذا غَدا السّيرُ ابترَاكَا |
| وَهَذا الشّوْقُ قَبلَ البَينِ سَيفٌ | وَهَا أنا ما ضُرِبتُ وَقد أحَاكَا |
| إذا التّوْديعُ أعرَضَ قالَ قَلبي | عليكَ الصّمتَ لا صاحَبتَ فاكَا |
| وَلَوْلا أنّ أكْثَرَ مَا تَمَنّى | مُعاوَدَةٌ لَقُلتُ: وَلا مُنَاكَا |
| إذا اسْتَشْفَيْتَ مِنْ داءٍ بِداءٍ | فأقتَلُ مَا أعَلّكَ ما شَفَاكَا |
| فأستُرُ مِنكَ نَجْوَانَا وَأُخْفي | هُمُوماً قَد أطَلْتُ لَها العِرَاكَا |
| إذا عاصَيْتُهَا كانَتْ شِداداً | وَإنْ طاوَعْتُها كانَتْ رِكَاكَا |
| وَكمْ دونَ الثّوِيّةِ مِنْ حَزِينٍ | يَقُولُ لَهُ قُدومي ذا بِذاكَا |
| وَمِنْ عَذْبِ الرُّضَابِ إذا أنَخْنَا | يُقَبّلُ رَحْلَ تُرْوَكَ وَالوِرَاكَا |
| يُحَرِّمُ أنْ يَمَسّ الطّيبَ بَعدي | وَقد عَبِقَ العَبِيرُ بِهِ وَصَاكَا |
| وَيَمْنَعُ ثَغْرَهُ مِنْ كلّ صَبٍّ | وَيَمْنَحُهُ البَشَامَةَ وَالأرَاكَا |
| يُحَدّثُ مُقْلَتَيْهِ النّوْمُ عَنّي | فَلَيتَ النّوْمَ حَدّثَ عن نَداكَا |
| وَأنّ البُخْتَ لا يُعْرِقْنَ إلاّ | وَقد أنضَى العُذافِرَةَ اللِّكَاكَا |
| وَمَا أرْضَى لمُقْلَتِهِ بِحُلْمٍ | إذا انْتَبَهَتْ تَوَهَّمَهُ ابتِشاكَا |
| وَلا إلاّ بأنْ يُصغي وَأحْكي | فَلَيْتَكَ لا يُتَيّمُهُ هَوَاكَا |
| وكم طَرِبِ المَسامعِ ليس يَدري | أيَعْجَبُ مِنْ ثَنَائي أمْ عُلاكَا |
| وَذاكَ النّشرُ عِرْضُكَ كانَ مِسكاً | وَهَذا الشّعْرُ فِهْرِي وَالمَداكَا |
| فَلا تَحمَدْهُما وَاحْمَدْ هُماماً | إذا لم يُسْمِ حَامِدُهُ عَنَاكَا |
| أغَرَّ لَهُ شَمَائِلُ مِنْ أبِيهِ | غَداً يَلْقَى بَنُوكَ بهَا أبَاكَا |
| وَفي الأحبابِ مُخْتَصٌّ بوَجْدٍ | وَآخَرُ يَدّعي مَعَهُ اشْتِرَاكَا |
| إذا اشْتَبَهَتْ دُموعٌ في خُدودٍ | تَبَيّنَ مَنْ بَكَى مِمّنْ تَباكَى |
| أذَمّتْ مَكْرُماتُ أبي شُجاعٍ | لعَيْني مِنْ نَوَايَ عَلى أُلاكَا |
| فَزُلْ يا بُعْدُ عَنْ أيدي رِكَابٍ | لهَا وَقْعُ الأسِنّةِ في حَشَاكَا |
| وَأنّى شِئْتِ يا طُرُقي فَكُوني | أذَاةً أوْ نَجَاةً أوْ هَلاكَا |
| فلَوْ سِرْنَا وَفي تِشرِينَ خَمْسٌ | رأوْني قَبلَ أنْ يَرَوُا السِّماكَا |
| يُشَرِّدُ يُمْنُ فَنّاخُسْرَ عَنّي | قَنَا الأعْداءِ وَالطّعْنَ الدِّرَاكَا |
| وَألْبَسُ مِنْ رِضَاهُ في طَريقي | سِلاحاً يَذعَرُ الأعْداءَ شَاكَا |
| وَمَنْ أعتَاضُ منكَ إذا افْتَرَقْنَا | وَكلُّ النّاسِ زُورٌ ما خَلاكَا |
| وَمَا أنَا غَيرُ سَهْمٍ في هَوَاءٍ | يَعُودُ وَلم يَجِدْ فِيهِ امتِساكَا |
| حَيِيٌّ مِنْ إل?هي أنْ يَرَاني | وَقَد فارَقْتُ دارَكَ وَاصْطَفَاكَا |
رويدك أيها الملك الجليل
| رُوَيْدَكَ أيّها المَلِكُ الجَليلُ | تَأنّ وعُدَّهُ ممّا تُنيلُ |
| وجُودَكَ بالمُقامِ ولَوْ قَليلاً | فَما فيما تَجُودُ بهِ قَليلُ |
| لأِكْبُتَ حاسِداً وأرَى عَدُوّاً | كأنّهُما وَداعُكَ والرّحيلُ |
| ويَهْدَأ ذا السّحابُ فقد شكَكنا | أتَغلِبُ أمْ حَياهُ لَكُم قَبيلُ |
| وكنتُ أعيبُ عَذْلاً في سَماحٍ | فَها أنَا في السّماحِ لَهُ عَذولُ |
| وما أخشَى نُبُوّكَ عَنْ طَريقٍ | وسَيفُ الدّوْلَةِ الماضي الصّقيلُ |
| وكلُّ شَواةِ غِطْريفٍ تَمَنّى | لسَيرِكَ أنّ مَفرِقَها السّبيلُ |
| ومِثْلِ العَمْقِ مَمْلُوءٍ دِماءً | جَرَتْ بكَ في مجاريهِ الخُيُولُ |
| إذا اعتادَ الفَتى خوْضَ المَنايا | فأهْوَنُ ما يَمُرّ بهِ الوُحُولُ |
| ومَن أمَرَ الحُصُونَ فَما عَصَتْه | أطاعَتْهُ الحُزُونَةُ والسّهُولُ |
| أتَخْفِرُ كُلَّ مَنْ رَمَتِ اللّيالي | وتُنشرُ كلَّ مَن دَفنَ الخُمولُ |
| ونَدعوكَ الحُسامَ وهَلْ حُسامٌ | يَعيشُ بهِ مِنَ المَوْتِ القَتيلُ |
| وما للسّيفِ إلاّ القَطْعَ فِعْلٌ | وأنْتَ القاطعُ البَرُّ الوَصُولُ |
| وأنْتَ الفارِسُ القَوّالُ صَبْراً | وقَد فَنيَ التكلّمُ والصّهيلُ |
| يَحيدُ الرّمحُ عنكَ وفيهِ قَصْدٌ | ويَقصُرُ أنْ يَنالَ وفيهِ طُولُ |
| فلَوْ قَدَرَ السّنانُ على لِسانٍ | لَقالَ لكَ السّنانُ كما أقولُ |
| ولوْ جازَ الخُلودُ خَلَدتَ فَرْداً | ولكِنْ ليسَ للدّنْيا خَليلُ |
نعد المشرفية والعوالي
| نُعِدّ المَشرَفيّةَ والعَوالي | وتَقْتُلُنا المَنُونُ بِلا قِتالِ |
| ونَرْتَبِطُ السّوابِقَ مُقرَباتٍ | وما يُنْجينَ مِنْ خبَبِ اللّيالي |
| ومَنْ لم يَعشَقِ الدّنيا قَديماً | ولكِنْ لا سَبيلَ إلى الوِصالِ |
| نَصيبُكَ في حَياتِكَ من حَبيبٍ | نَصيبُكَ في مَنامِكَ من خيَالِ |
| رَماني الدّهرُ بالأرزاءِ حتى | فُؤادي في غِشاءٍ مِنْ نِبالِ |
| فَصِرْتُ إذا أصابَتْني سِهامٌ | تكَسّرَتِ النّصالُ على النّصالِ |
| وهانَ فَما أُبالي بالرّزايا | لأنّي ما انْتَفَعتُ بأنْ أُبالي |
| وهَذا أوّلُ النّاعينَ طُرّاً | لأوّلِ مَيْتَةٍ في ذا الجَلالِ |
| كأنّ المَوْتَ لم يَفْجَعْ بنَفْسٍ | ولم يَخْطُرْ لمَخلُوقٍ بِبالِ |
| صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ | على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ |
| على المَدْفونِ قَبلَ التُّرْبِ صَوْناً | وقَبلَ اللّحدِ في كَرَمِ الخِلالِ |
| فإنّ لهُ ببَطْنِ الأرْضِ شَخْصاً | جَديداً ذِكْرُناهُ وهْوَ بَالِ |
| أطابَ النّفسَ أنّكِ مُتِّ مَوْتاً | تَمَنّتْهُ البَوَاقي والخَوَالي |
| وزُلْتِ ولم تَرَيْ يَوْماً كَريهاً | تُسَرّ النّفسُ فيهِ بالزّوالِ |
| رِواقُ العِزّ فَوْقَكِ مُسْبَطِرٌّ | ومُلْكُ عَليٍّ ابنِكِ في كمَالِ |
| سَقَى مَثْواكِ غادٍ في الغَوادي | نَظيرُ نَوَالِ كَفّكِ في النّوالِ |
| لِساحبهِ على الأجداثِ حَفْشٌ | كأيدي الخَيلِ أبصَرتِ المَخالي |
| أُسائِلُ عَنكِ بعدَكِ كلّ مَجدٍ | وما عَهدي بمَجدٍ عَنكِ خالِ |
| يَمُرّ بقَبرِكِ العافي فيَبكي | ويَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السّؤالِ |
| وما أهداكِ لِلْجَدْوَى عَلَيْهِ | لَوَ انّكِ تَقدِرينَ على فَعَالِ |
| بعَيشِكِ هلْ سَلَوْتِ فإنّ قَلبي | وإنْ جانَبْتُ أرْضَكِ غيرُ سالِ |
| نَزَلْتِ على الكَراهَةِ في مَكانٍ | بَعُدْتِ عنِ النُّعامى والشَّمالِ |
| تُحَجّبُ عنكِ رائحَةُ الخُزامَى | وتُمْنَعُ منكِ أنْداءُ الطِّلالِ |
| بدارٍ كلّ ساكِنِها غَريبٌ | بَعيدُ الدّارِ مُنْبَتُّ الحِبالِ |
| حَصانٌ مثلُ ماءِ المُزْنِ فيهِ | كَتُومُ السّرّ صادِقَةُ المَقالِ |
| يُعَلّلُها نِطاسِيُّ الشّكايَا | وواحِدُها نِطاسِيُّ المَعَالي |
| إذا وَصَفُوا لهُ داءً بثَغْرٍ | سَقاهُ أسِنّةَ الأسَلِ الطِّوالِ |
| ولَيسَتْ كالإناثِ ولا اللّواتي | تُعَدّ لها القُبورُ منَ الحِجالِ |
| ولا مَنْ في جَنازَتِها تِجارٌ | يكونُ وَداعُها نَفضَ النّعالِ |
| مَشَى الأمَراءُ حَوْلَيها حُفاةً | كأنّ المَرْوَ من زِفِّ الرّئَالِ |
| وأبْرَزَتِ الخُدورُ مُخَبّآتٍ | يَضَعْنَ النِّقْسَ أمكِنَةَ الغَوالي |
| أتَتْهُنّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ | فدَمْعُ الحُزْنِ في دَمعِ الدّلالِ |
| ولوْ كانَ النّساءُ كمَنْ فَقَدْنا | لفُضّلَتِ النّساءُ على الرّجالِ |
| وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ | ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ |
| وأفجَعُ مَنْ فَقَدْنا مَن وَجَدْنا | قُبَيلَ الفَقْدِ مَفْقُودَ المِثالِ |
| يُدَفِّنُ بَعْضُنا بَعضاً وتَمْشِي | أواخِرُنا على هامِ الأوالي |
| وكَمْ عَيْنٍ مُقَبّلَةِ النّواحي | كَحيلٌ بالجَنادِلِ والرّمالِ |
| ومُغْضٍ كانَ لا يُغْضِي لخَطبٍ | وبالٍ كانَ يَفكُرُ في الهُزالِ |
| أسَيْفَ الدّوْلَةِ اسْتَنجِدْ بصَبرٍ | وكيفَ بمِثْلِ صَبرِكَ للجِبالِ |
| وأنتَ تُعَلّمُ النّاسَ التّعَزّي | وخوْضَ الموْتِ في الحرْبِ السِّجالِ |
| وحالاتُ الزّمانِ عَلَيكَ شتى | وحالُكَ واحدٌ في كلّ حالِ |
| فلا غِيضَتْ بحارُكَ يا جَمُوماً | على عَلَلِ الغَرائبِ والدِّخالِ |
| رأيتُكَ في الّذينَ أرَى مُلُوكاً | كأنّكَ مُسْتَقيمٌ في مُحالِ |
| فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنْتَ مِنهُمْ | فإنّ المسكَ بَعضُ دَمِ الغزالِ |