لئن كان أحسن في وصفها

لَئِنْ كانَ أحْسَنَ في وَصفِها لقد فاتَهُ الحسنُ في الوَصْفِ لكْ
لأنّكَ بَحْرٌ وإنّ البِحارَ لتأنَفُ مِنْ حالِ هذي البِرَكْ
كأنّكَ سَيْفُكَ لا ما مَلَكْـ ـتَ يَبْقَى لَدَيْكَ ولا ما مَلَكْ
فأكْثَرُ من جَرْيها ما وَهَبْتَ وأكْثَرُ مِنْ مائِها ما سَفَكْ
أسأتَ وأحْسَنْتَ عَن قُدْرَةٍ ودُرْتَ على النّاسِ دَوْرَ الفَلَكْ

فدى لك من يقصر عن مداكا

فِدًى لكَ مَن يُقَصّرُ عَن مَداكا فَلا مَلِكٌ إذَنْ إلاّ فَدَاكَا
وَلَوْ قُلْنا فِدًى لكَ مَن يُساوي دَعَوْنَا بالبَقَاءِ لِمَنْ قَلاكَا
وَآمَنّا فِداءَكَ كُلَّ نَفْسٍ وَلَوْ كانَتْ لمَمْلَكَةٍ مِلاكَا
وَمَنْ يَظَّنُّ نَثْرَ الحَبّ جُوداً وَيَنصِبُ تحتَ ما نَثَرَ الشِّباكَا
وَمَنْ بَلَغَ الحَضِيضَ بهِ كَرَاهُ وَإنْ بَلَغَتْ بهِ الحالُ السُّكاكَا
فَلَوْ كانَتْ قُلُوبُهُمُ صَديقاً لَقَدْ كانَتْ خَلائِقُهُمْ عِداكَا
لأنّكَ مُبْغِضٌ حَسَباً نَحِيفاً إذا أبْصَرْتَ دُنْيَاهُ ضِنَاكَا
أرُوحُ وَقد خَتَمتَ على فُؤادي بحُبّكَ أنْ يحِلّ بهِ سِوَاكَا
وَقَد حَمّلْتَني شُكْراً طَوِيلاً ثَقِيلاً لا أُطيقُ بِهِ حَرَاكَا
أُحاذِرُ أن يَشُقّ عَلى المَطَايَا فَلا تَمْشِي بِنَا إلاّ سِواكَا
لَعَلّ الله يَجْعَلُهُ رَحِيلاً يُعِينُ على الإقامَةِ في ذَرَاكَا
فلوْ أنّي استَطَعتُ خفَضْتُ طرْفي فَلَمْ أُبْصِرْ به حتى أرَاكَا
وَكَيفَ الصّبرُ عَنكَ وَقد كَفَاني نَداكَ المُسْتَفيضُ وَما كَفَاكَا
أتَترُكُني وَعَينُ الشّمسِ نَعلي فتَقْطَعَ مَشيَتي فيهَا الشِّرَاكَا
أرَى أسَفي وَمَا سِرْنا شَديداً فكَيفَ إذا غَدا السّيرُ ابترَاكَا
وَهَذا الشّوْقُ قَبلَ البَينِ سَيفٌ وَهَا أنا ما ضُرِبتُ وَقد أحَاكَا
إذا التّوْديعُ أعرَضَ قالَ قَلبي عليكَ الصّمتَ لا صاحَبتَ فاكَا
وَلَوْلا أنّ أكْثَرَ مَا تَمَنّى مُعاوَدَةٌ لَقُلتُ: وَلا مُنَاكَا
إذا اسْتَشْفَيْتَ مِنْ داءٍ بِداءٍ فأقتَلُ مَا أعَلّكَ ما شَفَاكَا
فأستُرُ مِنكَ نَجْوَانَا وَأُخْفي هُمُوماً قَد أطَلْتُ لَها العِرَاكَا
إذا عاصَيْتُهَا كانَتْ شِداداً وَإنْ طاوَعْتُها كانَتْ رِكَاكَا
وَكمْ دونَ الثّوِيّةِ مِنْ حَزِينٍ يَقُولُ لَهُ قُدومي ذا بِذاكَا
وَمِنْ عَذْبِ الرُّضَابِ إذا أنَخْنَا يُقَبّلُ رَحْلَ تُرْوَكَ وَالوِرَاكَا
يُحَرِّمُ أنْ يَمَسّ الطّيبَ بَعدي وَقد عَبِقَ العَبِيرُ بِهِ وَصَاكَا
وَيَمْنَعُ ثَغْرَهُ مِنْ كلّ صَبٍّ وَيَمْنَحُهُ البَشَامَةَ وَالأرَاكَا
يُحَدّثُ مُقْلَتَيْهِ النّوْمُ عَنّي فَلَيتَ النّوْمَ حَدّثَ عن نَداكَا
وَأنّ البُخْتَ لا يُعْرِقْنَ إلاّ وَقد أنضَى العُذافِرَةَ اللِّكَاكَا
وَمَا أرْضَى لمُقْلَتِهِ بِحُلْمٍ إذا انْتَبَهَتْ تَوَهَّمَهُ ابتِشاكَا
وَلا إلاّ بأنْ يُصغي وَأحْكي فَلَيْتَكَ لا يُتَيّمُهُ هَوَاكَا
وكم طَرِبِ المَسامعِ ليس يَدري أيَعْجَبُ مِنْ ثَنَائي أمْ عُلاكَا
وَذاكَ النّشرُ عِرْضُكَ كانَ مِسكاً وَهَذا الشّعْرُ فِهْرِي وَالمَداكَا
فَلا تَحمَدْهُما وَاحْمَدْ هُماماً إذا لم يُسْمِ حَامِدُهُ عَنَاكَا
أغَرَّ لَهُ شَمَائِلُ مِنْ أبِيهِ غَداً يَلْقَى بَنُوكَ بهَا أبَاكَا
وَفي الأحبابِ مُخْتَصٌّ بوَجْدٍ وَآخَرُ يَدّعي مَعَهُ اشْتِرَاكَا
إذا اشْتَبَهَتْ دُموعٌ في خُدودٍ تَبَيّنَ مَنْ بَكَى مِمّنْ تَباكَى
أذَمّتْ مَكْرُماتُ أبي شُجاعٍ لعَيْني مِنْ نَوَايَ عَلى أُلاكَا
فَزُلْ يا بُعْدُ عَنْ أيدي رِكَابٍ لهَا وَقْعُ الأسِنّةِ في حَشَاكَا
وَأنّى شِئْتِ يا طُرُقي فَكُوني أذَاةً أوْ نَجَاةً أوْ هَلاكَا
فلَوْ سِرْنَا وَفي تِشرِينَ خَمْسٌ رأوْني قَبلَ أنْ يَرَوُا السِّماكَا
يُشَرِّدُ يُمْنُ فَنّاخُسْرَ عَنّي قَنَا الأعْداءِ وَالطّعْنَ الدِّرَاكَا
وَألْبَسُ مِنْ رِضَاهُ في طَريقي سِلاحاً يَذعَرُ الأعْداءَ شَاكَا
وَمَنْ أعتَاضُ منكَ إذا افْتَرَقْنَا وَكلُّ النّاسِ زُورٌ ما خَلاكَا
وَمَا أنَا غَيرُ سَهْمٍ في هَوَاءٍ يَعُودُ وَلم يَجِدْ فِيهِ امتِساكَا
حَيِيٌّ مِنْ إل?هي أنْ يَرَاني وَقَد فارَقْتُ دارَكَ وَاصْطَفَاكَا

رويدك أيها الملك الجليل

رُوَيْدَكَ أيّها المَلِكُ الجَليلُ تَأنّ وعُدَّهُ ممّا تُنيلُ
وجُودَكَ بالمُقامِ ولَوْ قَليلاً فَما فيما تَجُودُ بهِ قَليلُ
لأِكْبُتَ حاسِداً وأرَى عَدُوّاً كأنّهُما وَداعُكَ والرّحيلُ
ويَهْدَأ ذا السّحابُ فقد شكَكنا أتَغلِبُ أمْ حَياهُ لَكُم قَبيلُ
وكنتُ أعيبُ عَذْلاً في سَماحٍ فَها أنَا في السّماحِ لَهُ عَذولُ
وما أخشَى نُبُوّكَ عَنْ طَريقٍ وسَيفُ الدّوْلَةِ الماضي الصّقيلُ
وكلُّ شَواةِ غِطْريفٍ تَمَنّى لسَيرِكَ أنّ مَفرِقَها السّبيلُ
ومِثْلِ العَمْقِ مَمْلُوءٍ دِماءً جَرَتْ بكَ في مجاريهِ الخُيُولُ
إذا اعتادَ الفَتى خوْضَ المَنايا فأهْوَنُ ما يَمُرّ بهِ الوُحُولُ
ومَن أمَرَ الحُصُونَ فَما عَصَتْه أطاعَتْهُ الحُزُونَةُ والسّهُولُ
أتَخْفِرُ كُلَّ مَنْ رَمَتِ اللّيالي وتُنشرُ كلَّ مَن دَفنَ الخُمولُ
ونَدعوكَ الحُسامَ وهَلْ حُسامٌ يَعيشُ بهِ مِنَ المَوْتِ القَتيلُ
وما للسّيفِ إلاّ القَطْعَ فِعْلٌ وأنْتَ القاطعُ البَرُّ الوَصُولُ
وأنْتَ الفارِسُ القَوّالُ صَبْراً وقَد فَنيَ التكلّمُ والصّهيلُ
يَحيدُ الرّمحُ عنكَ وفيهِ قَصْدٌ ويَقصُرُ أنْ يَنالَ وفيهِ طُولُ
فلَوْ قَدَرَ السّنانُ على لِسانٍ لَقالَ لكَ السّنانُ كما أقولُ
ولوْ جازَ الخُلودُ خَلَدتَ فَرْداً ولكِنْ ليسَ للدّنْيا خَليلُ

نعد المشرفية والعوالي

نُعِدّ المَشرَفيّةَ والعَوالي وتَقْتُلُنا المَنُونُ بِلا قِتالِ
ونَرْتَبِطُ السّوابِقَ مُقرَباتٍ وما يُنْجينَ مِنْ خبَبِ اللّيالي
ومَنْ لم يَعشَقِ الدّنيا قَديماً ولكِنْ لا سَبيلَ إلى الوِصالِ
نَصيبُكَ في حَياتِكَ من حَبيبٍ نَصيبُكَ في مَنامِكَ من خيَالِ
رَماني الدّهرُ بالأرزاءِ حتى فُؤادي في غِشاءٍ مِنْ نِبالِ
فَصِرْتُ إذا أصابَتْني سِهامٌ تكَسّرَتِ النّصالُ على النّصالِ
وهانَ فَما أُبالي بالرّزايا لأنّي ما انْتَفَعتُ بأنْ أُبالي
وهَذا أوّلُ النّاعينَ طُرّاً لأوّلِ مَيْتَةٍ في ذا الجَلالِ
كأنّ المَوْتَ لم يَفْجَعْ بنَفْسٍ ولم يَخْطُرْ لمَخلُوقٍ بِبالِ
صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ
على المَدْفونِ قَبلَ التُّرْبِ صَوْناً وقَبلَ اللّحدِ في كَرَمِ الخِلالِ
فإنّ لهُ ببَطْنِ الأرْضِ شَخْصاً جَديداً ذِكْرُناهُ وهْوَ بَالِ
أطابَ النّفسَ أنّكِ مُتِّ مَوْتاً تَمَنّتْهُ البَوَاقي والخَوَالي
وزُلْتِ ولم تَرَيْ يَوْماً كَريهاً تُسَرّ النّفسُ فيهِ بالزّوالِ
رِواقُ العِزّ فَوْقَكِ مُسْبَطِرٌّ ومُلْكُ عَليٍّ ابنِكِ في كمَالِ
سَقَى مَثْواكِ غادٍ في الغَوادي نَظيرُ نَوَالِ كَفّكِ في النّوالِ
لِساحبهِ على الأجداثِ حَفْشٌ كأيدي الخَيلِ أبصَرتِ المَخالي
أُسائِلُ عَنكِ بعدَكِ كلّ مَجدٍ وما عَهدي بمَجدٍ عَنكِ خالِ
يَمُرّ بقَبرِكِ العافي فيَبكي ويَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السّؤالِ
وما أهداكِ لِلْجَدْوَى عَلَيْهِ لَوَ انّكِ تَقدِرينَ على فَعَالِ
بعَيشِكِ هلْ سَلَوْتِ فإنّ قَلبي وإنْ جانَبْتُ أرْضَكِ غيرُ سالِ
نَزَلْتِ على الكَراهَةِ في مَكانٍ بَعُدْتِ عنِ النُّعامى والشَّمالِ
تُحَجّبُ عنكِ رائحَةُ الخُزامَى وتُمْنَعُ منكِ أنْداءُ الطِّلالِ
بدارٍ كلّ ساكِنِها غَريبٌ بَعيدُ الدّارِ مُنْبَتُّ الحِبالِ
حَصانٌ مثلُ ماءِ المُزْنِ فيهِ كَتُومُ السّرّ صادِقَةُ المَقالِ
يُعَلّلُها نِطاسِيُّ الشّكايَا وواحِدُها نِطاسِيُّ المَعَالي
إذا وَصَفُوا لهُ داءً بثَغْرٍ سَقاهُ أسِنّةَ الأسَلِ الطِّوالِ
ولَيسَتْ كالإناثِ ولا اللّواتي تُعَدّ لها القُبورُ منَ الحِجالِ
ولا مَنْ في جَنازَتِها تِجارٌ يكونُ وَداعُها نَفضَ النّعالِ
مَشَى الأمَراءُ حَوْلَيها حُفاةً كأنّ المَرْوَ من زِفِّ الرّئَالِ
وأبْرَزَتِ الخُدورُ مُخَبّآتٍ يَضَعْنَ النِّقْسَ أمكِنَةَ الغَوالي
أتَتْهُنّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ فدَمْعُ الحُزْنِ في دَمعِ الدّلالِ
ولوْ كانَ النّساءُ كمَنْ فَقَدْنا لفُضّلَتِ النّساءُ على الرّجالِ
وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ
وأفجَعُ مَنْ فَقَدْنا مَن وَجَدْنا قُبَيلَ الفَقْدِ مَفْقُودَ المِثالِ
يُدَفِّنُ بَعْضُنا بَعضاً وتَمْشِي أواخِرُنا على هامِ الأوالي
وكَمْ عَيْنٍ مُقَبّلَةِ النّواحي كَحيلٌ بالجَنادِلِ والرّمالِ
ومُغْضٍ كانَ لا يُغْضِي لخَطبٍ وبالٍ كانَ يَفكُرُ في الهُزالِ
أسَيْفَ الدّوْلَةِ اسْتَنجِدْ بصَبرٍ وكيفَ بمِثْلِ صَبرِكَ للجِبالِ
وأنتَ تُعَلّمُ النّاسَ التّعَزّي وخوْضَ الموْتِ في الحرْبِ السِّجالِ
وحالاتُ الزّمانِ عَلَيكَ شتى وحالُكَ واحدٌ في كلّ حالِ
فلا غِيضَتْ بحارُكَ يا جَمُوماً على عَلَلِ الغَرائبِ والدِّخالِ
رأيتُكَ في الّذينَ أرَى مُلُوكاً كأنّكَ مُسْتَقيمٌ في مُحالِ
فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنْتَ مِنهُمْ فإنّ المسكَ بَعضُ دَمِ الغزالِ

إلام طماعية العاذل

إلامَ طَماعِيَةُ العاذِلِ ولا رأيَ في الحُبّ للعاقِلِ
يُرادُ مِنَ القَلْبِ نِسْيانُكُمْ وتأبَى الطّباعُ على النّاقِلِ
وإنّي لأعْشَقُ مِنْ أجْلِكُمْ نُحُولي وكلَّ امرىءٍ ناحِلِ
ولَوْ زُلْتُمُ ثُمّ لمْ أبْكِكُمْ بكَيْتُ على حُبّيَ الزّائِلِ
أيُنكِرُ خَدّي دُموعي وقَدْ جرَتْ منهُ في مَسلَكٍ سابِلِ
أأوّلُ دَمْعٍ جرَى فَوْقَهُ وأوّلُ حُزْنٍ على راحِلِ
وهَبْتُ السّلُوّ لِمَنْ لامَني وبِتُّ منَ الشّوْقِ في شاغِلِ
كأنّ الجُفُونَ على مُقلَتي ثِيابٌ شُقِقْنَ على ثاكِلِ
ولوْ كنتُ في أسرِ غَيرِ الهَوَى ضَمِنْتُ ضَمانَ أبي وائِلِ
فَدَى نَفسَهُ بضَمانِ النُّضارِ وأعطَى صُدورَ القَنَا الذّابِلِ
ومَنّاهُمُ الخَيْلَ مَجْنُوبَةً فَجِئْنَ بكُلّ فَتًى باسِلِ
كأنّ خَلاصَ أبي وائِلٍ مُعاوَدَةُ القَمَرِ الآفِلِ
دَعا فسَمِعتَ وكمْ ساكِتٍ على البُعدِ عِندَكَ كالقائِلِ
فَلَبّيْتَهُ بِكَ في جَحْفَلٍ لَهُ ضامِنٍ وبِهِ كافِلِ
خَرَجنَ منَ النّقْعِ في عارِضٍ ومنْ عرَقِ الرّكضِ في وابِلِ
فَلَمّا نَشِفْنَ لَقِينَ السِّياطَ بمِثْلِ صَفَا البَلَدِ الماحِلِ
شَفَنَّ لخَمْسٍ إلى مَنْ طَلَبنَ قُبَيْلَ الشُّفُونِ إلى نازِلِ
فَدانَتْ مَرافِقُهُنّ الثّرَى على ثِقَةٍ بالدّمِ الغاسِلِ
وما بَينَ كاذَتَيِ المُسْتَغِيرِ كمَا بَينَ كاذَتَيِ البائِلِ
فَلُقِّينَ كُلَّ رُدَيْنِيّةٍ ومَصبُوحَةٍ لَبَنَ الشّائِلِ
وجَيشَ إمَامٍ على ناقَةٍ صَحيحِ الإمامَةِ في الباطِلِ
فأقْبَلْنَ يَنْحَزْنَ قُدّامَهُ نَوافِرَ كالنّحْلِ والعاسِلِ
فلَمّا بدَوْتَ لأصْحابِهِ رَأت أُسْدُها آكِلَ الآكِلِ
بضَرْبٍ يَعُمّهُمُ جائِرٍ لَهُ فيهِمِ قِسمَةُ العادِلِ
وطَعْنٍ يُجَمِّعُ شُذّانَهُمْ كمَا اجتَمَعَتْ دِرّةُ الحافِلِ
إذا ما نَظَرْتَ إلى فارِسٍ تَحَيّرَ عَنْ مَذْهَبِ الرّاجِلِ
فظَلّ يُخَضِّبُ مِنها اللّحَى فَتًى لا يُعيدُ على النّاصِلِ
ولا يَسْتَغيثُ إلى ناصِرٍ ولا يَتَضَعْضَعُ مِنْ خاذِلِ
ولا يَزَعُ الطِّرْفَ عَنْ مُقدَمٍ ولا يرْجعُ الطَّرْفَ عنْ هائِلِ
إذا طَلَبَ التَّبْلَ لم يَشْأهُ وإنْ كانَ دَيْناً على ماطِلِ
خُذُوا ما أتاكمْ بهِ واعذِرُوا فإنّ الغَنيمَةَ في العاجِلِ
وإنْ كانَ أعجَبَكُم عامُكُمْ فعُودوا إلى حِمْصَ في القابِلِ
فإنّ الحُسامَ الخَضيبَ الذي قُتِلْتُمْ بهِ في يَدِ القاتِلِ
يَجودُ بمِثْلِ الذي رُمْتُمُ فلَمْ تُدْرِكوهُ على السّائلِ
أمامَ الكَتيبَةِ تُزْهَى بِهِ مَكانَ السّنانِ منَ العامِلِ
وإنّي لأعْجَبُ مِنْ آمِلٍ قِتالاً بكُمٍّ على بازِلِ
أقالَ لَهُ الله لا تَلْقَهُمْ بماضٍ على فَرَسٍ حائِلِ
إذا ما ضرَبْتَ بهِ هامَةً بَراها وغَنّاكَ في الكاهِلِ
ولَيسَ بأوّلِ ذي هِمّةٍ دَعَتْهُ لِمَا لَيسَ بالنّائِلِ
يُشَمّرُ لِلُّجِّ عَنْ ساقِهِ ويَغْمُرُهُ المَوْجُ في السّاحِلِ
أمَا للخِلافَةِ مِنْ مُشْفِقٍ على سَيفِ دَوْلَتِها الفاصِلِ
يَقُدّ عِداها بِلا ضارِبٍ ويَسْري إلَيهِمْ بِلا حامِلِ
ترَكْتَ جَماجِمَهمْ في النَّقَا وما يَتَحَصّلْنَ للنّاخِلِ
وأنْبَتَّ مِنْهُمْ رَبيعَ السّباعِ فأثْنَتْ بإحسانِكَ الشّامِلِ
وعُدْتَ إلى حَلَبٍ ظافِراً كَعَوْدِ الحُليّ إلى العاطِلِ
ومِثْلُ الذي دُسْتَهُ حافِياً يُؤثّرُ في قَدَمِ النّاعِلِ
وكَمْ لَكَ مِنْ خَبَرٍ شائعٍ لَهُ شِيَةُ الأبْلَقِ الجائِلِ
ويَوْمٍ شَرابُ بَنيهِ الرّدَى بَغيضِ الحُضورِ إلى الواغِلِ
تَفُكّ العُناةَ وتُغْني العُفاةَ وتَغفِرُ للمُذْنِبِ الجاهِلِ
فَهَنّأكَ النّصْرَ مُعْطيكَهُ وأرْضاهُ سَعْيُكَ في الآجِلِ
فَذي الدّارُ أخونُ من مُومِسٍ وأخدَعُ مِن كَفّةِ الحابِلِ
تَفَانَى الرّجالُ على حُبّها وما يَحْصُلُونَ على طائِلِ

أعلى الممالك ما يبنى على الأسل

أعْلى المَمالِكِ ما يُبْنى على الأسَلِ والطّعْنُ عِندَ مُحِبّيهِنّ كالقُبَلِ
وما تَقِرُّ سُيوفٌ في مَمالِكِها حتى تُقَلْقَلَ دَهراً قبلُ في القُلَلِ
مِثْلُ الأميرِ بَغَى أمراً فَقَرّبَهُ طولُ الرّماحِ وأيدي الخيلِ والإبِلِ
وعَزْمَةٌ بَعَثَتْهَا هِمّةٌ زُحَلٌ من تَحتِها بمَكانِ التُّرْبِ من زُحَلِ
على الفُراتِ أعاصِيرٌ وفي حَلَبٍ تَوَحُّشٌ لمُلَقّى النصْرِ مُقْتَبَلِ
تَتْلُو أسِنّتُهُ الكُتْبَ التي نَفَذَتْ ويَجْعَلُ الخَيلَ أبدالاً مِنَ الرُّسُلِ
يَلقى المُلوكَ فلا يَلقى سوَى جَزَرٍ وما أعَدّوا فَلا يَلقَى سوَى نَفَلِ
صانَ الخَليفَةُ بالأبطالِ مُهْجَتَهُ صِيانَةَ الذَّكَرِ الهِنْدِيّ بالخِلَلِ
الفاعِلُ الفِعْلَ لم يُفْعَلْ لِشدّتِهِ والقائِلُ القَوْلَ لمْ يُترَكْ ولم يُقَلِ
والباعِثُ الجَيشَ قد غالَتْ عَجاجَتُه ضَوْءَ النّهارِ فصارَ الظُّهرُ كالطّفَلِ
الجَوُّ أضيَقُ ما لاقاهُ ساطِعُها ومُقْلَةُ الشّمسِ فيها أحيرُ المُقَلِ
يَنالُ أبْعَدَ منها وهيَ ناظِرَةٌ فَما تُقابِلُهُ إلاّ على وَجَلِ
قد عرّضَ السّيفَ دونَ النّازِلاتِ بهِ وظاهرَ الحزْمَ بينَ النّفسِ والغِيَلِ
ووَكّلَ الظّنَّ بالأسرارِ فانكَشَفَتْ لَهُ ضَمائِرُ أهلِ السّهلِ والجَبَلِ
هُوَ الشّجاعُ يَعُدّ البُخلَ من جُبُنٍ وهْوَ الجَوادُ يَعُدّ الجُبنَ من بَخَلِ
يَعودُ مِنْ كلّ فَتْحٍ غيرَ مُفْتَخِرٍ وقَدْ أغَذّ إلَيهِ غيرَ مُحْتَفِلِ
ولا يُجيرُ عَلَيْهِ الدّهْرُ بُغْيَتَهُ ولا تُحَصِّنُ دِرْعٌ مُهْجَةَ البَطَلِ
إذا خَلَعْتُ على عِرْضٍ لهُ حُلَلاً وجَدتُها مِنهُ في أبهَى منَ الحُلَلِ
بذي الغَباوَةِ مِنْ إنْشادِها ضَرَرٌ كمَا تُضِرّ رِياحُ الوَرْدِ بالجُعَلِ
لَقد رَأتْ كلُّ عينٍ منكَ مالِئَها وجَرّدَتْ خيرَ سَيفٍ خيرَةُ الدّوَلِ
فَما تُكَشّفُكَ الأعداءُ عن مَلَلٍ من الحُروبِ ولا الآراءُ عن زَلَلِ
وكَمْ رِجالٍ بلا أرضٍ لكَثرَتِهِمْ ترَكْتَ جَمْعَهُمُ أرْضاً بلا رَجُلِ
ما زالَ طِرْفُكَ يَجري في دِمائِهِمِ حتى مشَى بكَ مشْيَ الشّارِبِ الثَّمِلِ
يا مَن يَسيرُ وحُكمُ النّاظرَينِ لَهُ فيما يَراهُ وحكمُ القلبِ في الجَدَلِ
إنّ السّعادَةَ فيما أنْتَ فاعِلُهُ وُفّقْتَ مُرْتَحِلاً أوْ غَيرَ مُرْتَحِلِ
أجْرِ الجِيادَ على ما كنتَ مُجرِيَها وخُذْ بنَفْسِكَ في أخْلاقِكَ الأُولِ
يَنْظُرْنَ مِنْ مُقَلٍ أدمَى أحِجّتَها قَرْعُ الفَوارِسِ بالعَسّالَةِ الذُّبُلِ
فَلا هَجَمْتَ بها إلاّ على ظَفَرٍ وَلا وَصَلْتَ بها إلاّ إلى أمَلِ