أنا العاشِقُ العاني وإن كنتَ لا تَدري | أعيذُكَ من وَجدٍ تَغَلْغَلَ في صَدري |
خليليَ هذَا اللَّيلُ في زِيِّهِ أتَى | فقمْ نلتمسْ للسُّهدِ دِرْعاً مِنَ الصَّبرِ |
وهذَا السُّرَى نحوَ الحِمَى يستفزُّنَا | فهَيَّا وإن كُنّا على مَركَبٍ وَعْرِ |
خليليَ هذَا اللَّيلُ قدْ طالَ عُمْرُهُ | وليسَ لهُ غيرُ الأحاديثِ والذِّكْرِ |
فهاتَ لنَا أذْكَى حَدِيثٍ وَعَيْتَهُ | أَلَذُّ به إنّ الأحاديث كالخَمرِ |
قالتْ الجوزاءُ حينَ رأتْ
قالتْ الجوزاءُ حينَ رأتْ | جَفنَه قد واصَلَ السَّهَرا |
ما لهذَا الصَّبِّ في وَلَهٍ | أتُراهُ يعشَق القَمَرا |
ظَبْى َ الحِمَى باللّهِ ما ضَرَّكَا
ظَبْى َ الحِمَى باللّهِ ما ضَرَّكَا | إذا رأينا في الكَرَى طَيفَكا |
وما الذي تَخشاهُ لو أنّهم | قالوا فُلانٌ قد غَدا عَبدَكا |
قد حَرَّمُوا الرِّقَّ ولكنّهم | ما حَرَّمُوا رِقَّ الهَوَى عِنْدَكَا |
وأصبَحَتْ مِصرُ مُراحاً لهم | وأنتَ في الأحشا مُراحٌ لكا |
ما كان سهلاً أن يَرَوْا نِيلَها | لو أنّ في أسيافِنا لَحظَكا |
سألتُه ما لهذا الخالِ مُنفَرِداً
سألتُه ما لهذا الخالِ مُنفَرِداً | واختارَ غُرَّتَكَ الغَرَّا له سَكَنَا |
أجابنِي:خافَ مِنْ سَهْمِ الجفُونِ ومِنْ | نارِ الخدود,لهذَا هاجَرَ الوَطَنَا |
سائِلُوا الَّليْلَ عنهمُ والنَّهارَا
سائِلُوا الَّليْلَ عنهمُ والنَّهارَا | كيف باتَتْ نِساؤُهُمْ والعَذارَى |
كيف أَمْسَى رَضِيعُهُمْ فَقَدَ الأ | مَّ وكيف اصْطَلَى مع القَوْمِ نارَا |
كيف طاحَ العَجُوزُ تحتَ جِدارٍ | يَتَداعى وأسْقُفٍ تَتَجارَى |
رَبِّ إنّ القَضاءَ أَنْحَى عليهم | فاكشف الكَربَ واحجُبِ الأَقْدارَا |
ومُرِ الَّنارَ أنْ تَكُفَّ أَذاها | ومُرِ الغَيْثَ أَنْ يَسِيلَ انْهِمارا |
أينَ طُوفانُ صاحِبِ الفُلكِ يَروي | هذِه النّارَ؟فهي تَشْكُو الأوَارا |
أَشْعَلَتْ فَحْمَة َ الدَّياجِي فباتَتْ | تَملأ الأرضَ والسَّماءَ شَرارا |
غَشِيَتْهُمْ والنَّحْسُ يَجْرِي يَميناً | ورَمَتهُم والبُؤْسُ يَجري يَسارا |
فأَغارَتْ وأوْجُهُ القَومِ بِيضٌ | ثمّ غَارَتْ وقد كَسَتْهُنَّ قارا |
أَكَلَتْ دُورَهُمْ فلّما استَقَلَّتْ | لم تُغادِرْ صِغارَهُم والكِبارا |
أخرَجَتهُم من الدِّيارِ عُراة ً | حَذَرَ الموتِ يطلبونَ الفِرارا |
يَلْبَسُونَ الظَّلامَ حتَّى إذا ما | أقبلَ الصُّبحُ يَلبَسون النَّهارا |
حُلَّة لا تَقيهِمُ البَردَ والحَـ | ـرَّ ولا عنهُمُ ترُدُّ الغُبارا |
أيها الرَّافِلون في حُلَلِ الوَشْـ | ـي يجُرُّونَ للذُّيولِ افْتِخارا |
إنّ فوقَ العَراءِ قوماً جِياعاً | يَتوارَونَ ذِلَّة ً وانكِسارا |
ايُّهذا السَّجينُ لا يمْنَع السِّجْـ | ـنُ كريماً مِن أنْ يُقيلَ العِثارا |
مُرْ بِأَلْفٍ لهم وإنْ شِئْتَ زِدْها | وأجِرْهُم كما أجَرَتَ النَّصارى |
قد شَهِدْنا بالأمسِ في مِصرَ عُرساً | مَلأَ العَينَ والفُؤادَ ابْتِهارا |
سالَ فيه النُّضارُ حتى حَسِبنا | أنّ ذاك الفِناءَ يجري نُضارا |
باتَ فيه المُنَعَّمونَ بليلٍ | أَخْجَلَ الصُّبْحَ حُسْنُه فَتَوارَى |
يَكْتَسُون السَرورَ طَوْراً وطَوْراً | في يَد الكَأسِ يَخْلَعُون الوَقارا |
وسَمِعْنا في ميت غَمْرٍ صِياحاً | مَلأ البَرَّ ضَجّة ً والبِحارا |
جَلَّ مَن قَسَّمَ الحُظوظ فهذا | يَتَغَنَّى وذاكَ يَبكي الدِّيارا |
رُبَّ لَيْلٍ في الدَّهْرِ قَدْ ضَمَّ نَحْساً | وسُعوداً وعُسْرَة ً ويَسارا |
أَلْبَسُوكِ الدِّماءَ فَوْقَ الدِّماءِ
أَلْبَسُوكِ الدِّماءَ فَوْقَ الدِّماءِ | وأرَوْكِ العِداءَ بعد العِداءِ |
فلَبِسْتِ النَّجِيعَ منْ عهدِ قابيـ | ـلَ وشاهَدتِ مَصرَعَ الأبرياءِ |
فلكِ العُذرُ إن قَسَوتِ وإن خُنْـ | ـتِ وإن كنتِ مَصدراً للشَّقاءِ |
غَلِطَ العُذْرُ،ما طَغَى جَبَلُ النَّا | رِ بإرْسالِ نَفْثَة ٍ في الهَواءِ |
أحرَجُوا صَدرَ أُمِّهِ فأراهُمْ | بعضَ ما أَضْمرَتْ مِنَ الْبُرَحاءِ |
اسْخَطُوهَا فصابَرَتْهُمْ زَماناً | ثمّ أنحَتْ عليهمُ بالجَزاءِ |
أيّها الناسُ إنْ يكُنْ ذاكَ سُخْطُ الـ | أرْضِ ماذا يكونُ سُخْطُ السَّماءِ؟ |
إنّ في عُلْوِ مَسْرحاً للمقادِيـ | ـرِ وفي الأرضِ مَكْمَناً للقَضاءِ |
فاتّقوا الأَرْضَ والسَّماءَ سَواءً | واتّقوا النارَ في الثَّرى والفَضاءِ |