تخرجَ القومُ مِنْ مِعْلامَةِ الجَهْلِ | يَعْلِمُونَ ضَلالَ الزَيّفِ والدَّجْلِ |
لهم شهاداتُ عُلّيَا في تَخَصُصِهِم | وقد أُجِيزو ولكنْ مِنْ أبي جَهْلِ |
ويَدّعُونَ كَمَالاً من يُطَاولهم | وهم وربكِ أعجازٌ إلى نَخْلِ |
يَتَشَدْقُونَ بلا علمٍ ومعرفةٍ | ويَنْعِقُونَ بأقوالٍ بلا فِعْلِ |
وأعلمُ القومِ من طالتْ عِمَامَتُهُ | ولايفرقُ بين الوصلِ والفصلِ |
وأعقلُ القومِ أَذْكَهُم وأحْصَفُهم | من لايفرقُ بين الثُومِ والبَقْلِ |
حُمُرٌ وتَحْمِلُ أسْفَاراً لِعَالِفِهَا | ولاتُفَكْرُ غيرَ الشُرْبِ والأَكْلِ |
ويَدّعُونَ ثقافاتٍ وفلسفةً | يُحَلّلُونَ رُؤى الأفكارِ والعَقْلِ |
يُفَكْرُونَ حُلُولاً دونَ مُشْكلةٍ | كَمَنْ يُصَنِّعُ مفتاحاً بلا قُفْلِ |
والدِيِنُ ماكان مَعْقُولاً برأيهِمُ | والعقلُ ماكان مَحْسُوسَاً ومتجلي |
والمَنْطِقُ العَّي مِيزانٌ لفِكْرَتِهِمْ | ومن يُفَكْرُ كالبِرّمِيلِ والطَبْلِ |
الدِيّنِ وَحْيٌ ولا ترقى العقولُ لهُ | وقد تَلَقْاهُ أَهْلُ الدِينِ بالنِقْلِ |
ولاتَجِدهُ يُنَافِي العَقْلَ لو عِقلوا | لكنَّهُمْ بُهُمٌ كالثَوّرِ والعِجْلِ |
ويَدّعُونَ حَضَاراتٍ وزخرفةً | ولايزالون بين الطِينِ والوَحْلِ |
حتى الرذيلةُ في قاموسِهم قُلِبَتْ | إلى الفضيلةِ في الميزاتِ والفَضْلِ |
ويزعمون حِجَابَ البِنْتِ مَظْلَمَةً | لها وتَحْتَ قُيُودِ القهرِ والذُّلِ |
ومن تَعَرّتْ فَقَدْ نَالَتْ تحرّرَها | كما تَحَرّرَ أَهْلُ الرّقِ والغِلِّ |
وهُمْ يريدون أَنْ تَخْرُجْ بزينتِها | اليّهُمُ ولهُمْ حُريَّةُ الوَصْلِ |
حتى إذا جَرّدُوهَا مِنْ مَلابِسَهَا | وازَيّنَتْ لَهُمُ بالطِيْبِ والكُحْلِ |
طَابَتْ لَهُمْ واسّتَزَلُوهَا لِحَاجَتِهِمْ | فَغَدَتْ تُدَاوَلُ من خِلٍ إلى خِلِ |
وأَيُّ ذُلٍ وَعَارٍ بعدما فَقَدَتْ | أَعَزُّ مَاتَمّلِكُ الأُنْثَى وماتُغْلِي |
واللهِ شَرّفَهَا أُنْثَى وكَرّمَهَا | تُسَاقُ في شَرفٍ عَالٍ إلى بَعْلِ |
فلتَحْذر الِبنْتُ من شَرٍ يُرادُ بَها | ولا تُسودُ وجهَ البَعْلِ والأهْلِ |
وربما قدموا نُصْحَاً وموعظةً | وهم وإنْ نصحوا كالذئبِ والثَعْلِ |
و يَدَّعُونَ حُقُوقاً للورى كَذِبَاً | وقد تجلى لنا المقصودُ بالمِلِّي |
لوكان صِدْقاً لأَدَوّا حقَ خالقِهمْ | والشمسُ تُعرفُ أحياناً من الظِّلِ |
ويَدَعُونَ سلاماً في سياستِهم | ويَزْرَعُونَ قوى الإرهابِ والقَتْلِ |
ويُظْهِرُونُ لنا أسْنَانَ ضِحْكَتِهِمْ | ويُضْمِرُونَ نُيُوبَ الحِقْدِ والغِلِّ |
يُوَجْهُونَ إلى الإسلامِ حَربَتَهُم | حرباً عليهِ بِحَدِ السَيّفِ والنَّصْلِ |
وكلما أوقدوا نار العدى خُمِدَتْ | ويُحبطُ اللهُ ماحاكوهُ بالليلِ |
دين الهدى بَاقٍ برغمِ أًنُوفِهُمُ | والأمرُ للهِ من بعدٍ ومن قَبْلِ |