| مالي أَحُسُّ رِيَاحاً تَجْمَعُ الحَطَبا | لِمَوّقِدٍ بَيْن صدري يُشّعِلُ اللّهَبَا |
| وأي ريحٍ سوى ريحِ الهوى عصفتْ | فلم تجدْ غيرَ قلبي لِلّظى حَطَبَا |
| نارٌ وريْحٌ بِصَحْرَائي وقَاحِلتي | أَنَّى أَجِدْ لِفوادي منهما هَرَبَا |
| كم حدثوني ولكنْ لم أصدقهم | عن كل من تركَ الأحبابَ واغتربا |
| قالوا على الجمرِ يمشي غيرَ مُنْتَعِلٍ | فقلتُ لكنْ لعلَّ الجمرَ ما التَهَبَا |
| قالوا يَسِحُ دموعاً لا انكفافَ لها | كالغَيّثِ قلتُ ولكنْ ما سَقَتْ جِرَبَا |
| قالوا يَشِيبُ هموماً ينحني قَلَقَاً | فقلتُ ماكان منها شامخاً عَزَبَا |
| قالوا يُكابدُ حُزْنَا يشتكي ألَمَاً | يَئِنُ والليلُ من أنَّاتِهِ انتَحَبَا |
| يذوبُ شَوقاً ويُذْكِي البينُ لَوعَتَهُ | فقلتُ لوكان يَلْقَى ذاك ماذَهَبَا |
| قالوا ويَلْقَى عَنَاءً فوقَ طاقتهِ | ويَحْتَسي المُرَ من أكوابهِ تَعَبَا |
| فقلتُ لابُدَّ من هذا وكيفَ لهُ | من دونهِ يَجْمَعُ الأموالَ والذَّهَبَا |
| حتى تغربتُ عن أهلي وعن وطني | فكنتُ في سَفَرِي عنهم كأَهْلِ سَبَا |
| تركتُ روحي ورائي وارتحل جسدي | والغيثُ من سُحْبِ عيني هَلَّ وانسكبَا |
| وَدَّعْتُ من كنتُ في بستانهم مِلَكاً | أَجْنِي واقطتفُ الرُّمان والعِنَبَا |
| وسِرتُ أبغي قِطَافَ الرزقِ مُغترباً | عنهم ولابُدَّ من أنْ أبذلَ السَّبَبَا |
| عَانَيّتُ كُلَّ الذي قالوهُ عنْ كَثَبٍ | فقلتُ منْ جَرّبَ الأشياءَ ماكَذَبَا |
| مانفعُ مالٍ بلا أَهَلٍ ولا وَلَدٍ | والمالُ ماأكلَ الأنسانُ أو شِرِبَا |
| فعِشْ إذا شِئْتَ مستوراً بلا سَفَرٍ | فلا حياةَ لمنْ عنْ أَهْلِهِ اغتربا |