لطرفها وهو مصروف كموقعه | في القلب حين يروع القلب موقعُهُ |
تصد بالطرف لا كالسهم تصرفه | عني ولكنه كالسهم تنزعُهُ |
ونزعها السهم من قلبي كموقعه | فيه وكل أليم المس موجِعُهُ |
أبو العتاهية
قصائد أبو العتاهيه وهو إسماعيل بن القاسم بن سُويد العنزي أبو العتاهية كنية غلبت عليه لما عرف به في شبابه من مجون وهو من شعراء العصر العباسي.
تولت جدة الدنيا
تَولت جدّة الدنيا | فكُل جديدها خَلقُ |
و خان الناس كلهم | فما أدري بمَن أثِقُ |
كأن معالم الخيرا | ت قد سُدّت لها الطُرقُ |
فلا دين ولا حسبٌ | ولا كرم ولا خلُقُ |
غفلت وليس الموت عني بغافل
غَفَلتُ وَلَيسَ المَوتُ عَنّي بِغافِلِ | وَإِنّي أَراهُ بي لَأَوَّلَ نازِلِ |
نَظَرتُ إِلى الدُنيا بِعَينٍ مَريضَةٍ | وَفِكرَةِ مَغرورٍ وَتَدبيرِ جاهِلِ |
فَقُلتُ هِيَ الدارُ الَّتي لَيسَ غَيرُها | وَنافَستُ مِنها في غُرورٍ وَباطِلِ |
وَضَيَّعتُ أَهوالاً أَمامي طَويلَةً | بِلَذَّةِ أَيّامٍ قِصارٍ قَلائِلِ |
يسلم المرء أخوه
يُسلِمُ المَرءَ أَخوهُ | لِلمَنايا وَأَبوهُ |
وَأَبو الأَبناءِ لا يَب | قى وَلا يَبقى بَنوهُ |
رُبَّ مَذكورٍ لِقَومٍ | غابَ عَنهُم فَنَسوهُ |
وَإِذا أَفنى سِنيهِ ال | مَرءُ أَفنَتهُ سِنونُ |
وَكَأَن بِالمَرءِ قَد يَب | كي عَلَيهِ أَقرَبوهُ |
وَكَأَنَّ القَومَ قَد قا | موا فَقالوا أَدرِكوهُ |
سائِلوهُ كَلِّموهُ | حَرِّكوهُ لَقِّنوهُ |
فَإِذا استَيأَسَ مِنهُ ال | قَومُ قالوا حَرِّفوهُ |
حَرِّفوهُ وَجِّهوهُ | مَدِّدوهُ غَمِّضوهُ |
عَجِّلوهُ لِرَحيلٍ | عَجِّلوا لا تَحبِسوهُ |
اِرفَعوهُ غَسِّلوهُ | كَفِّنوهُ حَنِّطوهُ |
فَإِذا ما لُفَّ في الأَك | فانِ قالوا فَاحمِلوهُ |
أَخرِجوهُ فَوقَ أَعوا | دِ المَنايا شَيِّعوهُ |
فَإِذا صَلّوا عَلَيهِ | قيلَ هاتوا وَاقبِروهُ |
فَإِذا ما اِستَودَعوهُ ال | أَرضَ رَهناً تَرَكوهُ |
خَلَّفوهُ تَحتَ رَدمٍ | أَوقَروهُ أَثقَلوهُ |
أَبعَدوهُ أَسحَقوهُ | أَوحَدوهُ أَفرَدوهُ |
وَدَّعوهُ فارَقوهُ | أَسلَموهُ خَلَّفوهُ |
وَاِنثَنَوا عَنهُ وَخَلَّو | هُ كَأَن لَم يَعرِفوهُ |
وَكَأَنَّ القَومَ فيما | كانَ فيهِ لَم يَلوهُ |
اِبتَنى الناسُ مِنَ البُن | يانِ ما لَم يَسكُنوهُ |
جَمَعَ الناسُ مِنَ الأَم | والِ ما لَم يَأكُلوهُ |
طَلَبَ الناسُ مِنَ الآ | مالِ ما لَم يُدرِكوهُ |
كُلُّ مَن لَم يَجعَلِ النا | سَ إِماماً تَرَكوهُ |
ظَعَنَ المَوتى إِلى ما | قَدَّموهُ وَجَدوهُ |
طابَ عَيشُ القَومِ ما كا | نَ إِذا القَومُ رَضوهُ |
عِش بِما شِئتَ فَمَن تَس | رُرهُ دُنياهُ تَسوهُ |
وَإِذا لَم يُكرِمِ النا | سَ امرُؤٌ لَم يُكرِموهُ |
كُلُّ مَن لَم يَحتَجِ النا | سُ إِلَيهِ صَغَّروهُ |
وَإِلى مَن رَغِبَ النا | سُ إِلَيهِ أَكبَروهُ |
مَن تَصَدّى لِأَخيهِ | بِالغِنى فَهوَ أَخوهُ |
فَهوَ إِن يَنظُر إِلَيهِ | يَرءَ مِنهُ ما يَسوهُ |
يُكرَمُ المَرءُ وَإِن أَم | لَقَ أَقصاهُ بَنوهُ |
لَو رَأى الناسُ نَبِيّاً | سائِلاً ما وَصَلوهُ |
وَهُمُ لَو طَمِعوا في | زادِ كَلبٍ أَكَلوهُ |
لا تَراني آخِرَ الدَه | رِ بِتَسآلٍ أَفوهُ |
إِنَّ مَن يَسأَل سِوى الرَح | مَنِ يَكثُر حارِموهُ |
وَالَّذي قامَ بِأَرزا | قِ الوَرى طُرّاً سَلوهُ |
وَعَنِ الناسِ بِفَضلِ اللَ | هِ فَاغنوا وَاحمِدوهُ |
تَلبَسوا أَثوابَ عِزٍّ | فَاِسمَعوا قَولي وَعوهُ |
إِنَّما يُعرَفُ بِالفَض | لِ مَنِ الناسِ ذَوّهُ |
أَفضَلُ المَعروفِ ما لَم | تُبتَذَل فيهِ الوُجوهُ |
أَنتَ ما اِستَغنَيتَ عَن صا | حِبِكَ الدَهرَ أَخوهُ |
فَإِذا اِحتَجتَ إِلَيهِ | ساعَةً مَجَّكَ فوهُ |
إن السلامة أن ترضى بما قضيا
إِنَّ السَلامَةَ أَن تَرضى بِما قُضِيا | لَيَسلَمَنَّ بِإِذنِ اللَهِ مَن رَضِيا |
المَرءُ يَأمُلُ وَالآمالُ كاذِبَةٌ | وَالمَرءُ تَصحَبُهُ الآمالُ ما بَقِيا |
يا رُبَّ باكٍ عَلى مَيتٍ وَباكِيَةٍ | م يَلبَثا بَعدَ ذاكَ المَيتِ أَن بُكِيا |
وَرُبَّ ناعٍ نَعى حيناً أَحِبَّتَهُ | ما زالَ يَنعى إِلى أَن قيلَ قَد نُعِيا |
عِلمي بِأَنّي أَذوقُ المَوتَ نَغَّصَ لي | طيبَ الحَياةِ فَما تَصفو الحَياةُ لِيا |
كَم مِن أَخٍ تَغتَذي دودُ التُرابِ بِهِ | وَكانَ حَيّاً بِحُلوِ العَيشِ مُغتَذِيا |
يَبلى مَعَ المَيتِ ذِكرُ الذاكِرينَ لَهُ | مَن غابَ غَيبَةَ مَن لا يُرتَجى نُسِيا |
مَن ماتَ ماتَ رَجاءُ الناسِ مِنهُ فَوَل | لَوهُ الجَفاءَ وَمَن لا يُرتَجى جُفِيا |
إِنَّ الرَحيلَ عَنِ الدُنيا لَيُزعِجُني | إِن لَم يَكُن رائِحاً بي كانَ مُغتَدِيا |
لحَمدُ لِلَّهِ طوبى لِلسَعيدِ وَمَن | لَم يُسعِدِ اللَهُ بِالتَقوى فَقَد شَقِيا |
كَم غافِلٍ عَن حِياضِ المَوتِ في لَعِبٍ | يُمسي وَيُصبِحُ رَكّاباً لِما هَوِيا |
وَمُنقَضٍ ما تَراهُ العَينُ مُنقَطِعٌ | ما كُلُّ شَيءٍ يُرى إِلّا لِيَنقَضِيا |
لعمرك ما الدنيا بدار بقاء
لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِ | كَفاكَ بِدارِ المَوتِ دارَ فَناءِ |
فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّما | تَرى عاشِقَ الدُنيا بِجهدِ بَلاءِ |
حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍ | وَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ |
فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخْيلَةٍ | فَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَ ماءِ |
لَقَلَّ امرُؤٌ تَلقاهُ لِلَّهِ شاكِرًا | وَقَلَّ امرُؤٌ يَرضى لَهُ بِقَضاءِ |
وَلِلَّهِ نَعماءٌ عَلَينا عَظيمَةٌ | وَلِلَّهِ إِحسانٌ وَفَضلُ عَطاءِ |
وَما الدَهرُ يَوماً واحِدًا في اختِلافِهِ | وَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ |
وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍ | وَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ |
وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُ | وَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ |
أَيا عَجَباً لِلدَهرِ لا بَل لِرَيبِهِ | تَخَرَّمَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ إِخاءِ |
وَمَزَّقَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ جَماعَةٍ | وَكَدَّرَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ صَفاءِ |
إِذا ما خَليلٌ حَلَّ في بَرزَخِ البِلى | فَحَسبي بِهِ نَأياً وَبُعدَ لِقاءِ |
أَزورُ قُبورَ المُترَفينَ فَلا أَرى | بَهاءً وَكانوا قَبلُ أَهلَ بَهاءِ |
وَكُلٌّ رَماهُ واصِلٌ بِصَريمَةٍ | وَكُلٌّ رَماهُ مُلطِفٌ بِجَفاءِ |
طَلَبتُ فَما أَلفَيتُ لِلمَوتِ حيلَةً | وَيَعيا بِداءِ المَوتِ كُلُّ دَواءِ |
وَنَفسُ الفَتى مَسرورَةٌ بِنَمائِهَ | وَلِلنَقصِ تُنمي كُلُّ ذاتِ نَماءِ |
كَم مِن مُفَدّاً ماتَ لَم أَرَ أَهلَهُ | حَبَوهُ وَلا جادوا لَهُ بِفِداءِ |
أَمامَكَ يا نَدمانُ دارُ سَعادَةٍ | يَدومُ النَما فيها وَدارُ شَقاءِ |
خُلِقتَ لِإِحدى الغايَتَينِ فَلا تَنَم | وَكُن بَينَ خَوفٍ مِنهُما وَرَجاءِ |
وَفي الناسِ شَرٌّ لَو بَدا ما تَعاشَروا | وَلَكِن كَساهُ اللَهُ ثَوبَ غِطاءِ |