دَعَوْتُكَ للجَفْنِ القَرِيحِ المُسَهّدِ |
لَدَيّ، وَللنّوْمِ القَلِيلِ المُشَرّدِ |
وَمَا ذَاكَ بُخْلاً بِالحَيَاة ِ، وَإنّهَا |
لأَوّلُ مَبْذُولٍ لأوّلِ مُجْتَدِ |
وَمَا الأَسْرُ مِمّا ضِقْتُ ذَرْعاً بحَملِهِ |
و ما الخطبُ مما أنْ أقولَ لهُ :قدِ |
وَما زَلّ عَني أنّ شَخصاً مُعَرَّضاً |
لنبلِ العدى ؛ إنْ لمْ يصبْ ؛ فكأن ْقدِ |
وَلَكِنّني أخْتَارُ مَوْتَ بَني أبي |
على صهواتِ الخيلِ ، غيرَ موسدِ |
وَتَأبَى وَآبَى أنْ أمُوتَ مُوَسَّداً |
بأيدي النّصَارَى مَوْتَ أكمَدَ أكبَدِ |
نضوتُ على الأيامِ ثوبَ جلادتي ؛ |
ولكنني لمْ أنضُ ثوبَ التجلدِ |
و ما أنا إلا بينَ أمرٍ، وضدهُ |
يجددُ لي ، في كلِّ يومٍ مجددِ |
فمِنْ حُسنِ صَبرٍ بالسّلامَة ِ وَاعِدي، |
ومنْ ريبِ دهرٍ بالردى ، متوعدي |
أقلبُ طرفي بينَ خلٍّ مكبلٍ |
وَبَينَ صَفِيٍّ بِالحَدِدِ مُصَفَّدِ |
دَعَوْتُكَ، وَالأبْوَابُ تُرْتَجُ دونَنا، |
فكُنْ خَيرَ مَدْعُوٍّ وَأكرَمَ مُنجِدِ |
فمثلكَ منْ يدعى لكلِّ عظيمة ٍ |
و مثليَ منْ يفدى بكلِّ مسودِ |
أناديكَ لا أني أخافُ منَ الردى |
و لا أرتجي تأخيرَ يومٍ إلى غدِ |
وَقَد حُطّمَ الخَطّيّ وَاختَرَمَ العِدى |
و فللَ حدُّ المشرفيِّ المهندِ |
و لكنْ أنفتُ الموتَ في دارِغربة ٍ ، |
بأيدي النّصَارَى الغُلفِ مِيتَة َ أكمَدِ |
فلا تتركِ الأعداءَ حولي ليفرحوا |
وَلا تَقطعِ التّسآلَ عَني، وَتَقْعُدِ |
وَلا تَقعُدنْ، عني، وَقد سيمَ فِديَتي، |
فلَستَ عن الفِعْلِ الكَرِيمِ بِمُقْعَدِ |
فكمْ لكَ عندي منْ أيادٍ وأنعمٍ ؟ |
رفعتَ بها قدري وأكثرتَ حسدي |
تَشَبّثْ بها أكرُومَة ً قَبْلَ فَوْتِهَا، |
وَقُمْ في خلاصي صَادق العزْمِ وَاقعُدِ |
فإنْ مُتُّ بَعدَ اليَوْمِ عابكَ مَهلكي |
معابَ الزراريين ، مهلكَ معبدِ |
هُمُ عَضَلُوا عَنهُ الفِدَاءَ فأصْبَحُوا |
يهدونَ أطرافَ القريضِ المقصدِ |
و لمْ يكُ بدعاً هلكهُ ؛ غيرَ أنهمْ |
يُعَابُونَ إذْ سِيمَ الفِداءُ وَما فُدي |
فَلا كانَ كَلبُ الرّومِ أرأفَ مِنكُمُ |
وَأرْغَبَ في كَسْبِ الثّنَاءِ المُخَلَّدِ |
و لا يبلغِ الأعداءُ أنْ يتناهضوا |
وَتَقْعُدَ عَنْ هَذَا العَلاءِ المُشَيَّدِ |
أأضْحَوْا عَلى أسْرَاهُمُ بيَ عُوّداً، |
وَأنْتُمْ عَلى أسْرَاكُمُ غَيرُ عُوّدِ؟! |
مَتى تُخلِفُ الأيّامُ مِثلي لكُمْ فَتى ً |
طَوِيلَ نِجَادِ السَّيفِ رَحْبَ المُقَلَّدِ؟ |
مَتى تَلِدُ الأيّامُ مِثْلي لَكْمْ فَتى ً |
شَدِيداً عَلى البأساءِ، غَيرَ مُلَهَّدِ؟ |
فإنْ تَفْتَدُوني تَفْتَدُوا شَرَفَ العُلا، |
و أسرعَ عوادٍ إليها ، معوَّدِ |
وَإنْ تَفْتَدُوني تَفْتَدُوا لِعُلاكُمُ |
فتى غيرَ مردودِ اللسانِ أو اليدِ |
يطاعنُ عنْ أعراضكمْ ؛ بلسانهِ |
وَيَضْرِبُ عَنْكُمْ بِالحُسَامِ المُهَنّدِ |
فَمَا كُلّ مَنْ شَاءَ المَعَالي يَنَالُها، |
و لاَ كلُّ سيارٍ إلى المجدِ يهتدي |
أقِلْني! أقِلْني عَثْرَة َ الدّهْرِ إنّهُ |
رماني بسهمٍ ، صائبِ النصلِ ، مقصدِ |
وَلَوْ لمْ تَنَلْ نَفسي وَلاءَكَ لمْ أكُنْ |
لأِورِدَهَا، في نَصرِهِ، كُلّ مَوْرِدِ |
وَلا كنتُ ألقى الألفَ زُرْقاً عُيُونُهَا |
بسَبْعِينَ فِيهِمْ كُلّ أشْأمَ أنكَدِ |
فلاَ ، وأبي ، ما ساعدانِ كساعدٍ ، |
وَلا وَأبي، ما سَيّدَانِ كَسَيّدِ |
وَلا وَأبي، ما يَفْتُقُ الدّهْرُ جَانِباً |
فَيَرْتُقُهُ، إلاّ بِأمْرٍ مُسَدَّدِ |
و إنكَ للمولى ، الذي بكَ أقتدي ، |
و إنك للنجمُ الذي بكَ أهتدي |
وَأنتَ الّذِي عَرَّفْتَني طُرُقَ العُلا، |
وَأنْتَ الّذِي أهْدَيْتَني كلّ مَقْصدِ |
وَأنْتَ الّذي بَلّغْتَني كُلّ رُتْبَة ٍ، |
مشيتُ إليها فوقَ أعناقِ حسدي |
فَيَا مُلبسي النُّعمَى التي جَلّ قَدرُهَا |
لَقَد أخلَقَتْ تِلكَ الثّيابُ فَجَدّدِ |
ألمْ ترَ أني ، فيكَ صافحتُ حدها |
وَفِيكَ شرِبتُ المَوْتَ غَيرَ مُصرَّدِ |
يَقولونَ: جَنّبْ عادَة ً مَا عَرَفْتَها، |
شَدِيدٌ عَلى الإنْسَانِ ما لمْ يُعَوَّدِ |
فَقُلتُ: أمَا وَاللَّهِ لا قَالَ قَائِلٌ: |
شَهدْتُ لَهُ في الحَرْبِ ألأمَ مَشهَدِ |
وَلَكِنْ سَألقَاهَا، فَإمّا مَنِيّة ٌ |
هيَ الظنُّ ، أو بنيانُ عزِّ موطدِ |
و لمْ أدرِ أنَّ الدهرَ في عددِ العدا؛ |
و أنَّ المنايا السودَ يرمينَ عنْ يدِ |
بَقيتَ ابنَ عبد الله تُحمى من الرّدى ، |
وَيَفْدِيكَ مِنّا سَيّدٌ بَعْدَ سَيّدِ |
بعيشة ِ مسعودٍ ؛ وأيامِ سالمٍ |
و نعمة ِ مغبوطٍ ؛ وحالِ محسدِ |
ولاَيحرمني اللهُ قربكَ ! إنهُ |
مرادي منَ الدنيا ؛ وحظي ؛ وسؤددي |