يروون في ضيعتنا .. أنت التي أرجح
شائعةٌ أنا لها مصفقٌ . مسبح
وأدعيها بفمٍ مزقه التبجح
يا سعدها روايةً ألهو بها وأمرح
يحكونها .. فللسفوح السكر والترنح
لو صدقت قولتهم .. فلي النجوم مسرح
أو كذبت .. ففي ظنوني عبقٌ لا يمسح
لو أنت لي .. أروقة الفجر مداي الأفسح
لي أنت .. مهما صنف الواشون ، مهما جرحوا
وحدي .. أجل وحدي .. ولن يرقى إليك مطمح
***
لي ميسة الزنار .. والخاصرة الموشح
وكل ما فتح في الصدر .. وما يفتح
لي ميسة الزنار .. والخاصرة الموشح
والخال لي .. والشال لي .. والأسود المسرح
وكل ما فتح في الصدر .. وما يفتح
أنت .. ويكفيني أنا الغرور والتبجح
نزار قباني
نزار بن توفيق القباني شاعر و دبلوماسي سوري ولد في دمشق و توفي في لندن عام ١٩٩٨م. مجموعة من قصائد شعر للشاعر نزار قباني.
أنا والنساء
1
أريد الذهاب ..
إلى زمنٍ سابقٍ لمجيء النساء..
إلى زمنٍ سابقٍ لقدوم البكاء
فلا فيه ألمح وجه امرأه..
ولا فيه أسمع صوت امرأه..
ولا فيه أشنق نفسي بثدي امرأه..
ولا فيه ألعق كالهر ركبة أي امرأه…
2
أريد الخروج من البئر حياً..
لكي لا أموت بضربة نهدٍ..
وأهرس تحت الكعوب الرفيعة..
تحت العيون الكبيرة،
تحت الشفاه الغليظة،
تحت رنين الحلى، وجلود الفراء
أريد الخروج من الثقب
كي أتنفس بعض الهواء..
3
أريد الخروج من القن..
حيث يفرقن بين الصباح وبين المساء
أريد الخروج من القن..
إن الدجاجات مزقن ثوبي..
وحللن لحمي..
وسمينني شاعر الشعراء….
4
كرهت الإقامة في جوف هذي الزجاجه..
كرهت الإقامه..
أيمكن أن أتولى
حراسة نهدين..
حتى تقوم القيامه؟؟
أيمكن أن يصبح الجنس سجناً
أعيش به ألف عامٍ وعام
أريد الذهاب..
إلى حيث يمكنني أن أنام…
فإني مللت النبيذ القديم..
الفراش القديم..
البيانو القديم..
الحوار القديم..
وأشعار رامبو..
ولوحات دالي..
وأعين (إلزا)
وعقدة كافكا..
وما قال مجنون ليلى
لشرح الغرام…
متى كان هذا المخبل مجنون ليلى..
خبيراً بفن الغرام؟
أريد الذهاب إلى زمن البحر..
كي أتخلص من كل هذي الكوابيس،
من كل هذا الفصام
فهل ممكنٌ؟
– بعد خمسين عاماً من الحب-
أن أستعيد السلام؟؟
5
أريد الذهاب.. لما قبل عصر الضفائر
وما قبل عصر عيون المها..
وما قبل عصر رنين الأساور
وما قبل هندٍ..
ودعدٍ..
ولبنى..
وما قبل هز القدود،
وشد النهود..
وربط الزنانير حول الخواصر..
أريد الرحيل بأي قطارٍ مسافر
فإن حروب النساء
بدائيةٌ كحروب العشائر
فقبل المعارك بالسيف،
كانت هناك الأظافر!!.
*
6
كرهت كتابة شعري على جسد الغانيات
كرهت التسلق كل صباحٍ، وكل مساءٍ
إلى قمة الحلمات..
أريد انتشال القصيدة من تحت أحذية العابرات
أريد الدخول إلى لغةٍ لا تجيد اللغات
أريد عناقاً بلا مفردات
وجنساً بلا مفردات
وموتاً بلا مفردات
أريد استعادة وجهي البريء كوجه الصلاة
أريد الرجوع إلى صدر أمي
أريد الحياة…
أبي
أمات أبوك؟
ضلالٌ! أنا لا يموت أبي.
ففي البيت منه
روائح ربٍ.. وذكرى نبي
هنا ركنه.. تلك أشياؤه
تفتق عن ألف غصنٍ صبي
جريدته. تبغه. متكاه
كأن أبي – بعد – لم يذهب
وصحن الرماد.. وفنجانه
على حاله.. بعد لم يشرب
ونظارتاه.. أيسلو الزجاج
عيوناً أشف من المغرب؟
بقاياه، في الحجرات الفساح
بقايا النور على الملعب
أجول الزوايا عليه، فحيث
أمر .. أمر على معشب
أشد يديه.. أميل عليه
أصلي على صدره المتعب
أبي.. لم يزل بيننا، والحديث
حديث الكؤوس على المشرب
يسامرنا.. فالدوالي الحبالى
توالد من ثغره الطيب..
أبي خبراً كان من جنةٍ
ومعنى من الأرحب الأرحب..
وعينا أبي.. ملجأٌ للنجوم
فهل يذكر الشرق عيني أبي؟
بذاكرة الصيف من والدي
كرومٌ، وذاكرة الكوكب..
*
أبي يا أبي .. إن تاريخ طيبٍ
وراءك يمشي، فلا تعتب..
على اسمك نمضي، فمن طيبٍ
شهي المجاني، إلى أطيب
حملتك في صحو عيني.. حتى
تهيأ للناس أني أبي..
أشيلك حتى بنبرة صوتي
فكيف ذهبت.. ولا زلت بي؟
*
إذا فلة الدار أعطت لدينا
ففي البيت ألف فمٍ مذهب
فتحنا لتموز أبوابنا
ففي الصيف لا بد يأتي أبي..
أحب طيور تشرين
اليوميات
أحب أضيع مثل طيور تشرين ..
بين الحين والحين …
أريد البحث عن وطنٍ ..
جديدٍ .. غير مسكون
وربٍ لا يطاردني .
وأرضٍ لا تعاديني
أريد أفر من جلدي ..
ومن صوتي ..
ومن لغتي
وأشرد مثل رائحة البساتين
أريد أفر من ظلي
وأهرب من عناويني..
أريد أفر من شرق الخرافة والثعابين ..
من الخلفاء ..
والأمراء ..
من كل السلاطين ..
أريد أحب مثل طيور تشرين ..
أيا شرق المشانق والسكاكين …
والأمراء ..
من كل السلاطين ..
أريد أحب مثل طيور تشرين ..
أيا شرق المشانق والسكاكين …
والأمراء ..
من كل السلاطين ..
أريد أحب مثل طيور تشرين ..
أيا شرق المشانق والسكاكين …
أحبك أحبك والبقية تأتي
حديثك سجادةٌ فارسية..
وعيناك عصفورتان دمشقيتان..
تطيران بين الجدار وبين الجدار..
وقلبي يسافر مثل الحمامة فوق مياه يديك،
ويأخذ قيلولةً تحت ظل السوار..
وإني أحبك..
لكن أخاف التورط فيك،
أخاف التوحد فيك،
أخاف التقمص فيك،
فقد علمتني التجارب أن أتجنب عشق النساء،
وموج البحار..
أنا لا أناقش حبك.. فهو نهاري
ولست أناقش شمس النهار
أنا لا أناقش حبك..
فهو يقرر في أي يوم سيأتي.. وفي أي يومٍ سيذهب..
وهو يحدد وقت الحوار، وشكل الحوار..
***
دعيني أصب لك الشاي،
أنت خرافية الحسن هذا الصباح،
وصوتك نقشٌ جميلٌ على ثوب مراكشية
وعقدك يلعب كالطفل تحت المرايا..
ويرتشف الماء من شفة المزهرية
دعيني أصب لك الشاي، هل قلت إني أحبك؟
هل قلت إني سعيدٌ لأنك جئت..
وأن حضورك يسعد مثل حضور القصيدة
ومثل حضور المراكب، والذكريات البعيدة..
***
دعيني أترجم بعض كلام المقاعد وهي ترحب فيك..
دعيني، أعبر عما يدور ببال الفناجين،
وهي تفكر في شفتيك..
وبال الملاعق، والسكريه..
دعيني أضيفك حرفاً جديداً..
على أحرف الأبجديه..
دعيني أناقض نفسي قليلاً
وأجمع في الحب بين الحضارة والبربريه..
***
– أأعجبك الشاي؟
– هل ترغبين ببعض الحليب؟
– وهل تكتفين –كما كنت دوماً- بقطعة سكر؟
– وأما أنا فأفضل وجهك من غير سكر..
………………………………………………………
………………………………………………………
………………………………………………………
أكرر للمرة الألف أني أحبك..
كيف تريدينني أن أفسر ما لا يفسر؟
وكيف تريدينني أن أقيس مساحة حزني؟
وحزني كالطفل.. يزداد في كل يوم جمالاً ويكبر..
دعيني أقول بكل اللغات التي تعرفين والتي لا تعرفين..
أحبك أنت..
دعيني أفتش عن مفرداتٍ..
تكون بحجم حنيني إليك..
وعن كلماتٍ.. تغطي مساحة نهديك..
بالماء، والعشب، والياسمين
دعيني أفكر عنك..
وأشتاق عنك..
وأبكي، وأضحك عنك..
وألغي المسافة بين الخيال وبين اليقين..
***
دعيني أنادي عليك، بكل حروف النداء..
لعلي إذا ما تغرغرت باسمك، من شفتي تولدين
دعيني أؤسس دولة عشقٍ..
تكونين أنت المليكة فيها..
وأصبح فيها أنا أعظم العاشقين..
دعيني أقود انقلاباً..
يوطد سلطة عينيك بين الشعوب،
دعيني.. أغير بالحب وجه الحضارة..
أنت الحضارة.. أنت التراث الذي يتشكل في باطن الأرض
منذ ألوف السنين..
***
أحبك..
كيف تريديني أن أبرهن أن حضورك في الكون،
مثل حضور المياه،
ومثل حضور الشجر
وأنك زهرة دوار شمسٍ..
وبستان نخلٍ..
وأغنيةٌ أبحرت من وتر..
دعيني أقولك بالصمت..
حين تضيق العبارة عما أعاني..
وحين يصير الكلام مؤامرةً أتورط فيها.
وتغدو القصيدة آنيةً من حجر..
***
دعيني..
أقولك ما بين نفسي وبيني..
وما بين أهداب عيني، وعيني..
دعيني..
أقولك بالرمز، إن كنت لا تثقين بضوء القمر..
دعيني أقولك بالبرق،
أو برذاذ المطر..
دعيني أقدم للبحر عنوان عينيك..
إن تقبلي دعوتي للسفر..
لماذا أحبك؟
إن السفينة في البحر، لا تتذكر كيف أحاط بها الماء..
لا تتذكر كيف اعتراها الدوار..
لماذا أحبك؟
إن الرصاصة في اللحم لا تتساءل من أين جاءت..
وليست تقدم أي اعتذار..
***
لماذا أحبك.. لا تسأليني..
فليس لدي الخيار.. وليس لديك الخيار..
أحبك
أحبك .. حتى يتم انطفائي
بعينين ، مثل اتساع السماء
إلى أن أغيب وريداً .. وريداً
بأعماق منجدلٍ كستنائي
إلى أن أحس بأنك بعضي
وبعض ظنوني .. وبعض دمائي
أحبك .. غيبوبةً لا تفيق
أنا عطشٌ يستحيل ارتوائي
أنا جعدةٌ في مطاوي قميصٍ
عرفت بنفضاته كبريائي
أنا – عفو عينيك – أنت . كلانا
ربيع الربيع .. عطاء العطاء
أحبك .. لا تسألي أي دعوى
جرحت الشموس أنا بادعائي
إذا ما أحبك .. نفسي أحب
فنحن الغناء .. ورجع الغناء ..