يا لَهْفَ هِنْدٍ إذ خَطِئنَ كاهِلاً القاتِلِينَ المَلِكَ الحُلاحِلا خَيرَ مَعَدٍّ حَسَباً وَنَائِلا وخَيرَهُمْ قَدْ عَلِمُوا شمائِلا نَحْنُ جَلَبْنَا القُرَّحَ القَوَافِلا تَالله لا يَذهَبُ شَيخي بَاطِلا يَحْمِلْنَنَا وَالأسَلَ النَّوَاهِلا وَحَيَّ صَعْبٍ وَالوَشِيجَ الذّابِلا مُسْتَثْفِرَاتٍ بالحَصَى جَوَافلا يَسْتَشْرِفُ الأوَاخِرُ الأوَائِلا حَتى أُبِيدَ مَالِكاً وَكَاهِلاً
امرؤ القيس
امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي من شعراء العصر الجاهلي, و أشهر شعراء العرب ولد في نجد وأصوله من قبيلة كنده الحضرمية اليمانية.
يا بؤس للقلب بعد اليوم ما آبه
يَا بُؤسَ لِلقَلْبِ بَعْد اليَوْمِ ما آبَهْ |
ذِكرَى حَبيبٍ ببعضِ الأرْضِ قد رَابهْ |
قالّتْ سُلَيْمى أرَاكَ اليومَ مُكْتَئِباً |
والرَّأْسُ بَعدي رَأيتُ الشّيْبَ قد عابه |
وحَارَ بَعْدَ سَوَادِ الرَّأْسِ جُمَّتَهُ |
كمِعْقَبِ الرَّيطِ إذْ نَشَّرْتَ هُدَّابهْ |
ومَرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّتَهُ |
أشْرَفْتُهُ مُسْفِراً والنَّفْسُ مُهْتَابَهْ |
عَمْداً لأرْقُبَ مَا لِلجَوِّ مِنْ نَعَمٍ |
فَناظِرٌ رائِحاً مِنْهُ وعُزَّابَهْ |
وقدْ نَزَلْتُ إلى رَكْبٍ مُعَقَّلَةٍ |
شُعْثِ الرُّووسِ كأنَّ فَوْقَهُمْ غابَهْ |
لَمَّا رَكِبْنا رَفَعناهُنَّ زَفْزَفَةً |
حَتى احْتَوَيْنَا سَوَاماً ثمَّ أرْبَابَهْ |
ألا عم صباحاً أيّها الطّلل البَالي
ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي | وَهل يَعِمنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي |
وَهَل يَعِمَنْ إلا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ | قليل الهموم ما يَبيتُ بأوجالِ |
وَهَل يَعِمَنْ مَن كان أحدثُ عَهدِه | ثَلاثِينَ شهراً في ثَلاثَة ِ أحوَالِ |
دِيارٌ لسَلمَى عَافِيَاتٌ بذِي خَالِ | ألَحّ عَلَيها كُلُّ أسْحَمَ هَطّالِ |
وتحسبُ سلمى لا تزالُ ترى طَلا | من الوَحشِ أوْ بَيضاً بمَيثاءِ مِحْلالِ |
وتحسِبُ سلمى لا نزالُ كعهدنا | بوَادي الخُزَامى أوْ على رَسّ أوْعالِ |
لَيَاليَ سَلَمى إذْ تُرِيكَ مُنْصَّباً | وجيداً كجيد الرئم ليس بمعطال |
ألا زعمت بسبابة ُ اليوم أنني | كبرت وأن لا يحسنُ اللهو أمثالي |
كَذَبتِ لَقَد أَصبى عَلى المَرءِ عِرسُهُ | وَأَمنَعُ عِرسي أَن يُزَنَّ بِها الخالي |
وَيَا رُبّ يَوْمٍ قَد لهَوْتُ وَلَيْلَة ٍ | بِآنِسَة ٍ كَأنّهَا خَطُّ تِمْثَالِ |
يُضيءُ الفِراشُ وَجهَها لِضَجيعِها | كَمِصباحِ زَيتٍ في قَناديلِ ذَبّالِ |
كأنَّ على لباتها جمرَ مُصطل | أصاب غضى جزلاً وكفِّ بأجذال |
وَهَبّتْ لهُ رِيحٌ بمُخْتَلَفِ الصُّوَا | صباً وشمال في منازلِ قفّال |
ومِثْلِكِ بَيضاءِ العوارِضِ طَفْلة ٍ | لعوبٍ تُنَسِّيني، إذا قُمتُ، سِربالي |
إذا ما الضجيعُ ابتزها من ثيابها | تَمِيلُ عَلَيهِ هُونَة ً غَيرَ مِجْبالِ |
كحِقْفِ النَّقَا يَمشِي الوَليدَانِ فوْقَه | بما احتسبا من لين مس وتسهال |
لَطِيفَة ُ طَيّ الكَشْح غيرُ مُفَاضَة ٍ | إذَا انْفَتَلَتْ مُرْتجّة ً غَيرَ مِثقالِ |
تنورتها من أذرعاتٍ وأهلها | بيَثْرِبَ أدْنى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِ |
نَظَرتُ إِلَيها وَالنُجومُ كَأَنَّها | مَصابيحُ رُهبانٍ تَشُبُّ لِقَفّالِ |
سَمَوتُ إِلَيها بَعدَ ما نامَ أَهلُها | سُموَّ حَبابِ الماءِ حالاً عَلى حالِ |
فَقالَت سَباكَ اللَهُ إِنَّكَ فاضِحي | أَلَستَ تَرى السُمّارَ وَالناسَ أَحوالي |
فَقُلتُ يَمينَ اللَهِ أَبرَحُ قاعِداً | وَلَو قَطَعوا رَأسي لَدَيكِ وَأَوصالي |
حَلَفتُ لَها بِاللَهِ حِلفَةَ فاجِرٍ | لَناموا فَما إِن مِن حَديثٍ وَلا صالِ |
فَلَمّا تَنازَعنا الحَديثَ وَأَسمَحَت | هَصَرتُ بِغُصنٍ ذي شَماريخَ مَيّالِ |
وَصِرنا إِلى الحُسنى وَرَقَّ كَلامُنا | وَرُضتُ فَذَلَّت صَعبَةٌ أَيَّ إِذلالِ |
فَأَصبَحتُ مَعشوقاً وَأَصبَحَ بَعلُها | عَلَيهِ القَتامُ سَيِّئَ الظَنِّ وَالبالِ |
يَغُطُّ غَطيطَ البَكرِ شُدَّ خِناقُهُ | لِيَقتُلَني وَالمَرءُ لَيسَ بِقَتّالِ |
أَيَقتُلُني وَالمَشرَفِيُّ مُضاجِعي | وَمَسنونَةٌ زُرقٌ كَأَنيابِ أَغوالِ |
وَلَيسَ بِذي رُمحٍ فَيَطعَنُني بِهِ | وَلَيسَ بِذي سَيفٍ وَلَيسَ بِنَبّالِ |
أَيَقتُلَني وَقَد شَغَفتُ فُؤادَها | كَما شَغَفَ المَهنوءَةَ الرَجُلُ الطالي |
وَقَد عَلِمَت سَلمى وَإِن كانَ بَعلُها | بِأَنَّ الفَتى يَهذي وَلَيسَ بِفَعّالِ |
وَماذا عَلَيهِ إِن ذَكَرتُ أَوانِساً | كَغِزلانِ رَملٍ في مَحاريبِ أَقيالِ |
وَبَيتِ عَذارى يَومَ دَجنٍ وَلَجتُهُ | يَطُفنَ بِجَبّاءِ المَرافِقِ مِكسالِ |
سِباطُ البَنانِ وَالعَرانينِ وَالقَنا | لِطافَ الخُصورِ في تَمامٍ وَإِكمالِ |
نَواعِمُ يُتبِعنَ الهَوى سُبُلَ الرَدى | يَقُلنَ لِأَهلِ الحِلمِ ضُلَّ بِتِضلالِ |
صَرَفتُ الهَوى عَنهُنَّ مِن خَشيَةِ الرَدى | وَلَستُ بِمُقليِّ الخِلالِ وَلا قالِ |
كَأَنِّيَ لَم أَركَب جَواداً لِلَذَّةٍ | وَلَم أَتَبَطَّن كاعِباً ذاتَ خِلخالِ |
وَلَم أَسبَإِ الزِقَّ الرَويَّ وَلَم أَقُل | لِخَيلِيَ كُرّي كَرَّةً بَعدَ إِجفالِ |
وَلَم أَشهَدِ الخَيلَ المُغيرَةَ بِالضُحى | عَلى هَيكَلٍ عَبلِ الجُزارَةِ جَوّالِ |
سَليمَ الشَظى عَبلَ الشَوى شَنَجَ النَسا | لَهُ حَجَباتٌ مُشرِفاتٌ عَلى الفالِ |
وَصُمٌّ صِلابٌ ما يَقينَ مِنَ الوَجى | كَأَنَّ مَكانَ الرِدفِ مِنهُ عَلى رَألِ |
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها | لِغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ رائِدُهُ خالِ |
تَحاماهُ أَطرافُ الرِماحِ تَحامِياً | وَجادَ عَلَيهِ كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ |
بِعَجلَزَةٍ قَد أَترَزَ الجَريُ لَحمَها | كَميتٍ كَأَنَّها هِراوَةُ مِنوالِ |
ذَعَرتُ بِها سِرباً نَقِيّاً جُلودُهُ | وَأَكرُعُهُ وَشيُ البُرودِ مِنَ الخالِ |
كَأَنَّ الصُوارَ إِذ تَجَهَّدَ عَدوُهُ | عَلى جَمَزى خَيلٍ تَجولُ بِأَجلالِ |
فَجالَ الصُوارُ وَاِتَّقَينَ بِقَرهَبٍ | طَويلِ الفِرا وَالرَوقِ أَخنَسَ ذَيّالِ |
فَعادى عِداءً بَينَ ثَورٍ وَنَعجَةٍ | وَكانَ عِداءُ الوَحشِ مِنّي عَلى بالِ |
كَأَنّي بِفَتخاءِ الجَناحَينِ لَقوَةٍ | صَيودٍ مِنَ العِقبانِ طَأطَأتُ شِملالي |
تَخَطَّفُ خَزّانَ الشُرَيَّةِ بِالضُحى | وَقَد حَجَرَت مِنها ثَعالِبُ أَورالِ |
كَأَنَّ قُلوبَ الطَيرِ رَطباً وَيابِساً | لَدى وَكرِها العُنّابُ وَالحَشَفُ البالي |
فَلَو أَنَّ ما أَسعى لِأَدنى مَعيشَةٍ | كَفاني وَلَم أَطلُب قَليلٌ مِنَ المالِ |
وَلَكِنَّما أَسعى لِمَجدٍ مُؤَثَّلٍ | وَقَد يُدرِكُ المَجدَ المُؤَثَّلَ أَمثالي |
وَطا المَرءُ ما دامَت حُشاشَةُ نَفسِهِ | بِمُدرِكِ أَطرافِ الخُطوبِ وَلا آلي |
معلقة قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل | بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ |
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهاَ | لما نسجتْها من جَنُوب وشمالِ |
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها | وقيعانها كأنه حبَّ فلفل |
كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا | لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ |
وُقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ | يقُولون لا تهلكْ أسى ً وتجمّل |
وإنَّ شفائي عبرة ٌ مهراقة ٌ | فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ |
كدأبكَ من أمِّ الحويَرثِ قبلها | وجارتها أمَّ الربابِ بمأسل |
فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً | عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي |
ألا ربَّ يومٍ لك مِنْهُنَّ صالح | ولا سيّما يومٍ بدارَة ِ جُلْجُلِ |
ويوم عقرتُ للعذارى مطيتي | فيا عَجَباً من كورِها المُتَحَمَّلِ |
فظلَّ العذارى يرتمينَ بلحمها | وشحمٍ كهداب الدمقس المفتل |
ويوم دخلتُ الخدرِ خدر عنيزة | فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي |
تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معاً | عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزلِ |
فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَهُ | ولا تُبعديني من جناك المعللِ |
فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ | فألهيتُها عن ذي تمائمَ محول |
إذا ما بكى من خلفها انْصَرَفَتْ لهُ | بشِقٍّ وَتحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ |
ويوماً على ظهر الكثيبِ تعذَّرت | عَليّ وَآلَتْ حَلْفَة ً لم تَحَلَّلِ |
أفاطِمُ مهلاً بعض هذا التدلل | وإن كنتِ قد أزمعت صرمي فأجملي |
وَإنْ تكُ قد ساءتكِ مني خَليقَة ٌ | فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ |
أغَرّكِ مني أنّ حُبّكِ قاتِلي | وأنكِ مهما تأمري القلب يفعل |
ومَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إلا لتَضْرِبي | بسَهمَيكِ في أعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ |
و بيضة ِ خدر لا يرامُ خباؤها | تَمَتّعتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعجَلِ |
تجاوزْتُ أحْراساً إلَيها ومَعْشَراً | عليّ حِراساً لو يُسروّن مقتلي |
إذا ما الثريا في السماء تعرضت | تعرضَ أثناء الوشاح المفصَّلِ |
فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لنَوْمٍ ثيابَها | لدى السِّترِ إلاَّ لِبْسَة َ المُتَفَضِّلِ |
فقالت يمين الله ما لكَ حيلة ٌ | وما إن أرى عنك الغواية َ تنجلي |
خَرَجْتُ بها أمشي تَجُرّ وَراءَنا | على أثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ |
فلما أجزْنا ساحة الحيِّ وانتحى | بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ |
هصرتُ بِفودي رأسها فتمايلت | عليَّ هضيمَ الكَشحِ رِيّا المُخَلخَلِ |
إِذا اِلتَفَتَت نَحوي تَضَوَّعَ ريحُها | نَسيمَ الصَبا جاءَت بِرَيّا القَرَنفُلِ |
مُهَفْهَفَة ٌ بَيْضاءُ غيرُ مُفاضَة ٍ | ترائبها مصقولة ٌ كالسجنجل |
كِبِكْرِ المُقاناة ِ البَياضِ بصُفْرَة ٍ | غذاها نميرُ الماء غير المحللِِ |
تصد وتبدي عن أسيلٍ وتتَّقي | بناظرَة ٍ من وَحش وَجْرَة َ مُطفِلِ |
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحِش | إذا هيَ نَصّتْهُ وَلا بمُعَطَّلِ |
وَفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحِمٍ | أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَعَثكِلِ |
غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ إِلى العُلا | تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ |
وكشح لطيف كالجديل مخصر | وساق كأنبوبِ السقي المُذلل |
وَتَعْطو برخَصٍ غيرِ شَثْنٍ كأنّهُ | أساريعُ ظبي أو مساويكُ إسحلِ |
تُضيء الظلامَ بالعشاء كأنها | منارة ُ ممسى راهب متبتل |
وَتُضْحي فَتِيتُ المِسكِ فوق فراشها | نؤومُ الضُّحى لم تَنْتَطِقْ عن تَفضُّلِ |
إلى مثلها يرنو الحليمُ صبابة | إذا ما اسبكَرّتْ بينَ درْعٍ ومِجْوَلِ |
تَسَلَّت عِماياتُ الرِجالِ عَنِ الصِبا | وَلَيسَ فُؤادي عَن هَواكِ بِمُنسَلِ |
ألا رُبّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه | نصيح على تعذَاله غير مؤتل |
وليل كموج البحر أرخى سدولهُ | عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي |
فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بصلبه | وأردَف أعجازاً وناءَ بكلْكلِ |
ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي | بصُبْحٍ وما الإصْباحَ مِنك بأمثَلِ |
فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ | بكل مغار الفتل شدت بيذبلِ |
كأن الثريا علِّقت في مصامها | بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ |
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها | بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ هَيكَلِ |
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعاً | كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ |
كُمَيتٍ يَزِلُّ اللِبدُ عَن حالِ مَتنِهِ | كَما زَلَّتِ الصَفواءُ بِالمُتَنَزَّلِ |
مسحٍّ إذا ما السابحاتُ على الونى | أثرنَ غباراً بالكديد المركل |
على العقبِ جيَّاش كأن اهتزامهُ | إذا جاش فيه حميُه غَليُ مِرْجلِ |
يطيرُ الغلامُ الخفُّ على صهواته | وَيُلْوي بأثْوابِ العَنيفِ المُثقَّلِ |
دَريرٍ كَخُذْروفِ الوَليدِ أمَرّهُ | تقلبُ كفيهِ بخيطٍ مُوصلِ |
لهُ أيطلا ظبيٍ وساقا نعامة | وإرخاء سرحانٍ وتقريبُ تنفلِ |
كأن على الكتفين منه إذا انتحى | مَداكَ عَروسٍ أوْ صَلاية َ حنظلِ |
وباتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلجامُهُ | وباتَ بعيني قائماً غير مرسل |
فعنَّ لنا سربٌ كأنَّ نعاجَه | عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ |
فأدبرنَ كالجزع المفصل بينه | بجيدِ مُعَمٍّ في العَشيرَة ِ مُخْوَلِ |
فألحَقَنا بالهادِياتِ وَدُونَهُ | جواحِرها في صرة ٍ لم تزيَّل |
فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعْجَة ٍ | دِراكاً ولم يَنْضَحْ بماءٍ فيُغسَلِ |
وظلّ طُهاة ُ اللّحمِ من بينِ مُنْضِجٍ | صَفيفَ شِواءٍ أوْ قَديرٍ مُعَجَّلِ |
ورُحنا راحَ الطرفُ ينفض رأسه | متى ما تَرَقَّ العينُ فيه تَسَفَّلِ |
كأنَّ دماءَ الهادياتِ بنحره | عُصارة ُ حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُرْجّلِ |
وأنتَ إذا استدبرتُه سدَّ فرجه | بضاف فويق الأرض ليس بأعزل |
أحار ترى برقاً أريك وميضه | كلمع اليدينِ في حبي مُكلل |
يُضيءُ سَناهُ أوْ مَصَابيحُ راهِبٍ | أهان السليط في الذَّبال المفتَّل |
قعدت له وصحيبتي بين حامر | وبين اكام بعدم متأمل |
وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة | يكبُّ على الأذقان دوحَ الكنهبل |
وتيماءَ لم يترُك بها جِذع نخلة | وَلا أُطُماً إلا مَشيداً بجَنْدَلِ |
كأن ذرى رأس المجيمر غدوة ً | من السَّيلِ وَالأغْثاء فَلكة ُ مِغزَلِ |
كأنَّ أباناً في أفانينِ ودقهِ | كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ |
وَألْقى بصَحْراءِ الغَبيطِ بَعاعَهُ | نزول اليماني ذي العياب المخوَّل |
كَأَنَّ سِباعاً فيهِ غَرقى غُدَيَّةً | بِأَرجائِهِ القُصوى أَنابيشُ عَنصُلِ |
على قَطَنٍ بالشَّيْمِ أيْمَنُ صَوْبهِ | وَأيْسَرُهُ عَلى السّتارِ فَيَذْبُلِ |
وَأَلقى بِبَيسانَ مَعَ اللَيلِ بَركَهُ | فَأَنزَلَ مِنهُ العَصمَ مِن كُلِّ مَنزِلِ |