الحب ما منع الكلام الألسنا

الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الألْسُنَاوألَذُّ شَكْوَى عاشِقٍ ما أعْلَنَا
ليتَ الحَبيبَ الهاجري هَجْرَ الكَرَىمن غيرِ جُرْمٍ واصِلي صِلَةَ الضّنى
بِتْنَا ولَوْ حَلّيْتَنا لمْ تَدْرِ مَاألْوانُنَا ممّا اسْتُفِعْنَ تَلَوُّنَا
وتَوَقّدَتْ أنْفاسُنا حتى لَقَدْأشْفَقْتُ تَحْتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنَا
أفْدي المُوَدِّعَةَ التي أتْبَعْتُهَانَظَراً فُرادَى بَينَ زَفْراتٍ ثُنَا
أنْكَرْتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرّةًثُمّ اعْتَرَفتُ بها فصارَتْ دَيْدَنَا
وقَطَعْتُ في الدّنْيا الفَلا ورَكائِبيفيها وَوَقْتيّ الضّحَى والمَوْهِنَا
فوَقَفْتُ منها حيثُ أوْقَفَني النّدَىوبَلَغْتُ من بَدْرِ بنِ عَمّارَ المُنى
لأبي الحُسَينِ جَداً يَضيقُ وِعاؤهُعَنْهُ ولَوْ كانَ الوِعاءُ الأزْمُنَا
وشَجاعَةٌ أغْناهُ عَنْها ذِكْرُهاونَهَى الجَبَانَ حَديثُها أن يجُبنَا
نِيطَتْ حَمائِلُهُ بعاتِقِ مِحْرَبٍما كَرّ قَطُّ وهَلْ يكُرُّ وما کنْثَنَى
فكأنّهُ والطّعْنُ منْ قُدّامِهِمُتَخَوِّفٌ مِنْ خَلفِهِ أنْ يُطْعَنَا
نَفَتِ التّوَهُّمَ عَنْهُ حِدّةُ ذِهْنِهِفقَضَى على غَيبِ الأمورِ تَيَقُّنَا
يَتَفَزّعُ الجَبّارُ مِنْ بَغَتاتِهِفَيَظَلّ في خَلَواتِهِ مُتَكَفِّنَا
أمْضَى إرادَتَهُ فَسَوْفَ لَهُ قَدٌواستَقرَبَ الأقصَى فَثَمّ لهُ هُنَا
يَجِدُ الحَديدَ على بَضاضةِ جِلْدِهِثَوْباً أخَفَّ مِنَ الحَريرِ وألْيَنا
وأمَرُّ مِنْ فَقْدِ الأحِبّةِ عِندَهُفَقْدُ السّيُوفِ الفاقِداتِ الأجْفُنَا
لا يَستَكِنّ الرّعبُ بَينَ ضُلُوعِهِيَوْماً ولا الإحسانُ أنْ لا يُحْسِنَا
مُسْتَنْبِطٌ من عِلْمِهِ ما في غَدٍفكأنّ ما سيَكونُ فيهِ دُوِّنَا
تَتَقاصَرُ الأفهامُ عَنْ إدْراكِهِمِثْلَ الذي الأفْلاكُ فيهِ والدُّنَى
مَنْ لَيسَ مِنْ قَتْلاهُ من طُلَقائِهِمَنْ لَيسَ ممّنْ دانَ ممّنْ حُيِّنَا
لمّا قَفَلْتَ مِنَ السّواحِلِ نَحْوَنَاقَفَلَتْ إلَيْها وَحْشَةٌ من عِندِنا
أرِجَ الطّريقُ فَما مَرَرْتَ بمَوْضِعٍإلاّ أقامَ بهِ الشّذا مُسْتَوْطِنَا
لَوْ تَعْقِلُ الشّجَرُ التي قابَلْتَهامَدّتْ مُحَيّيَةً إلَيكَ الأغْصُنَا
سَلَكَتْ تَماثيلَ القِبابِ الجِنُّ منشَوْقٍ بها فأدَرْنَ فيكَ الأعْيُنَا
طَرِبَتْ مَراكِبُنَا فَخِلْنا أنّهالَوْلا حَيَاءٌ عاقَها رَقَصَتْ بنا
أقْبَلْتَ تَبْسِمُ والجِيادُ عَوَابِسٌيَخْبُبْنَ بالحَلَقِ المُضاعَفِ والقَنَا
عَقَدَتْ سَنابِكُها عَلَيْها عِثْيَراًلوْ تَبتَغي عَنَقاً عَلَيْهِ لأمْكَنَا
والأمْرُ أمرُكَ والقُلُوبُ خوافِقٌفي مَوْقِفٍ بَينَ المَنيّةِ والمُنى
فعَجِبْتُ حتى ما عَجبتُ من الظُّبَىورأيْتُ حتى ما رأيْتُ منَ السّنى
إنّي أراكَ منَ المَكارِمِ عَسكَراًفي عَسكَرٍ ومنَ المَعالي مَعْدِنَا
فَطَنَ الفُؤادُ لِما أتَيْتُ على النّوَىولِمَا تَرَكْتُ مَخافَةً أنْ تَفْطُنَا
أضحَى فِراقُكَ لي عَلَيْهِ عُقُوبَةًلَيسَ الذي قاسَيْتُ منْهُ هَيّنَا
فاغْفِرْ فِدًى لكَ واحبُني مِنْ بعدهالِتَخُصّني بِعَطِيّةٍ مِنْها أنَا
وَانْهَ المُشيرَ عَلَيكَ فيّ بِضِلّةٍفالحُرُّ مُمْتَحَنٌ بأوْلادِ الزّنَى
وإذا الفتى طَرَحَ الكَلامَ مُعَرِّضاًفي مجْلِسٍ أخذَ الكَلامَ اللَّذْ عَنى
ومَكايِدُ السّفَهاءِ واقِعَةٌ بهِمْوعَداوَةُ الشّعَراءِ بِئْسَ المُقْتَنى
لُعِنَتْ مُقارَنَةُ اللّئيمِ فإنّهَاضَيْفٌ يَجرُّ منَ النّدامةِ ضَيْفَنَا
غَضَبُ الحَسُودِ إذا لَقيتُكَ راضِياًرُزْءٌ أخَفُّ عليّ مِنْ أنْ يُوزَنَا
أمسَى الذي أمْسَى برَبّكَ كافِراًمِنْ غَيرِنا مَعَنا بفَضْلِكَ مُؤمِنَا
خَلَتِ البِلادُ منَ الغَزالَةِ لَيْلَهافأعاضَهاكَ الله كَيْ لا تَحْزَنَا
أبو الطيب المتنبي