قف حي شبان الحمى

قفْ حيِّ شبانَ الحمى قبلَ الرحيلِ بقافِيَهْ
عودتهمْ أمثالها في الصالحاتِ الباقيه
من كلِّ ذاتِ إشارة ٍ ليستْ عليهم خافيه
قلْ: يا شبابُ نصيحة مما يُزَوَّدُ غاليه
هل راعكم أن المدا رسَ في الكنانة ِ خاوِيَه
هجرتْ فكلٌّ خليَّة من كلِّ شُهْدٍ خاليه
وتعطَّلتْ هالاتُها منكم، وكانت حاليه
غَدَتِ السياسة ُ وَهْيَ آ مرة عليها ناهيه
فهجرتمو الوطنَ العز يزَ إلى البلادِ القاصيه
أنتمْ غداً في عالمٍ هو والحضارة ُ ناحِيهْ
واريتُ فيه شبيبتي وقضيتُ فيه ثمانِيه
ما كنتُ ذا القلبِ الغليـ ـظِ، ولا الطباعِ الجافيه
سيروا به تتعلموا سرَّ الحياة ِ العاليه
وتأملوا البنيانَ، وادَّ كروا الجهودَ البانيه
ذوقوا الثمارَ جنيَّة ً وردوا المناهلَ صافيه
واقضوا الشبابَ، فإنّ ساعته                                                   القصيرة فانيه
واللهِ لا حرجٌ عليـ ـكم في حديثِ الغانيه
أَو في اشتِهاءِ السِّحْرِ من لَحْظِ العيونِ الساجيه
أَو في المسارحِ فَهْيَ بالنّـ ـفسِ اللطيقة ِ راقيه

بأرض الجيزة اجتاز الغمام

بأَرضِ الجيزة ِ اجتازَ الغَمامُ وحلَّ سماءَها البدرُ التمام
وزار رياضَ إسماعيلَ غيثٌ كوالدِه له المِنَنُ الجِسام
ثَنَى عِطْفَيْهِمَا الهرمانِ تِيهاً وقال الثالثُ الأَدنى : سلام
حلُمِّي مَنْفُ؛ هذا تاجُ خوفو كقرصِ الشمسِ يعرفه الأنام
نَمتْهُ من بني فِرعَوْنَ هامٌ ومن خلفاء إسماعيلَ هام
تألقَ في سمائكِ عبقرياً عليه جلالة ٌ، وله وسام
ترعرعَتِ الحضارة ُ في حلاهُ وشبَّ على جواهرِه النظام
ونال الفنُّ في أولى الليالي وأخراهنَّ عزَّا لا يرام
مشَى في جيزة الفُسطاط ظِلٌّ كظلِّ النيلِ بلَّ به الأوام
إذا ما مَسّ تُرْباً عاد مِسْكاً ونافسَ تحته الذهبَ الرَّغام
وإنْ هو حَلَّ أرضاً قام فيها جِدارٌ للحضارة ِ أَو دِعام
فمدرسة ٌ لحرب الجهل تبنى ومستشفى يذادُ به السقام
ودارٌ يُستَغاثُ بها فَيَمضي إلى الإسعافِ أنجادٌ كرامُ
أُساة ُ جِراحة ٍ حِيناً وحِيناً مَيازيبٌ إذا انفجر الضِّرام
وأحواضٌ يراضُ النيلُ فيها وكلُّ نجيبة ٍ ولها لجام
أبا الفاروقِ، أقبلنا صفوفاً وأَنتَ من الصفوفِ هو الإمام
طلعتَ على الصعيدِ فهشَّ حتى علا شَفَتَيْ أَبي الهول ابتسام
ركابٌ سارتِ الآمالُ فيه وطافَ به التلفُّتُ والزحام
فماذا في طريقك من كفور أجلُّ من البيوتِ بها الرجام
كأن الراقدين بكل قاعٍ همُ الأيقاظُ، واليقظى النِّيام
لقد أَزَمَ الزمانُ الناسَ، فانظُرْ فعندكَ تفرجُ الإزمُ العظام
وبعدَ غدٍ يفارقُ عامُ بؤسٍ ويَخلُفه من النَّعماءِ عام
يَدورُ بمصرَ حالاً بعدَ حالٍ زمانٌ ما لحاليهِ دوام
ومصرُ بناءُ جدَّكَ لم يتممْ أليس على يديكَ له تمام؟
فلسنا أمة ً قعدتْ بشمسٍ ولا بلداً بضاعتُه الكلام
ولكنْ هِمَّة ٌ في كلِّ حينٍ يَشُدُّ بِناءَها المَلِكُ الهُمام
نرومُ الغاية َ القصوى ، فنمضي وأنت على الطريقِ هو الزمام
ونقصر خطوة ً، ونمدُّ أخرى وتلجئنا المسافة والمرام
ونَصبرُ للشدائدِ في مقامٍ ويغلبنا على صبر مقام
فقوِّ حضارة َ الماضي بأخرى لها زَهْوٌ بِعصرِكَ واتّسامُ
ترفُّ صحائفُ البرديِّ فيها وينطقُ في هياكلها الرُّخام
رَعَتك ووادياً ترعاه عنَّا من الرحمنِ عينٌ لا تنام
فإن يك تاجُ مصرَ لها قواماً فمصرُ لتاجها العالي قوام
لِتهنأ مصرُ، ولْيَهْنأ بَنوها فبينَ الرأْسِ والجِسمِ التئام

فتحية دنيا تدوم وصحة

فتْحِيَّة ٌ دنيا تدومُ وصِحة ٌتَبقى  وبهجَة ُ أُمَّة ٍ وحياة
مولايّ إنّ الشمسَ في عليائهاأنثى  وكلُّ الطيبات بناتُ 

يد الملك العلوي الكريم

يَدُ الملكِ العلَويّ الكريم على العلم هزَّت أخاه الأدبْ
لسانُ الكنانة ِ في شكرها وما هو إلا لسانُ العرب
قضَتْ مِصرُ حاجتَها يا عَليُّ ونالت ونال بنوها الأرب
وهنَّأتُ بالرُّتبِ العبقريَّ وهنَّأتُ بالعبقري الرُّتب
عليُّ ، لقد لقَّبتكَ البلادُ بآسِي الجِراحِ، ونِعْمَ اللَّقَب
سِلاحُك من أَدواتِ الحياة ِ وكلُّ سلاحٍ أَداة ُ العَطَب
ولفظُكَ بِنْجٌ، ولكنَّهُ لطيفُ الصَّبا في جفون العصب
أَنامِلُ مِثلُ بَنانِ المسيح أواسي الجراحِ ، مواحي النُّدب
تعالجُ كفَّاكَ بؤسَ الحياة ِ فكفٌّ تداوي ، وكفٌّ تهب
ويستمسك الدَّمُ في راحَتَيْكَ وفوقهما لا يقرُّ الذَّهب
كأَنك للموتِ مَوْتٌ أتيح فلم ير وجهكَ إلا هرب 

شرفاً نصيرُ ، ارفعْ جبينكَ عالياً

شرفاً نصيرُ ، ارفعْ جبينكَ عالياً وتَلقَّ من أوطانك الإكليلا
يَهنِيكَ ما أُعطِيتَ من إكرامِها ومُنِحْتَ مِن عطف ابنِ إسماعيلا
اليومَ يَومُ السَّابِقين، فكنْ فتًى لم يبغِ من قصبِ الرِّهانِ بديلا
وإذا جَرَيْتَ مع السوابق فاقتحِمْ غرراً تسيل إلى المدى وحجولا
حتى يراكَ الجمعُ أوَّلَ طالعٍ ويَرَوْا على أَعرافِك المِنْديلا
هذا زمانٌ لا توسُّط عنده يَبْغِي المُغامِرُ عالياً وجليلا
كنْ سابقاً فيه، أَو کبْقَ بِمَعْزِلٍ ليس التوسُّطُ للنُبوغِ سبيلا
ياقاهرَ الغربِ العتيدِ ، ملأته بثناءِ مِصْرَ على الشفاهِ جَميلا
قلَّبتَ فيه يداً تكاد لشدَّة ٍ في البأْسِ ترفع في الفَضاءِ الفِيلا!
إن الذي خلق الحديدَ وبأسه جعل الحديد لساعديكَ ذليلا
زَحْزَحْتَه، فتخاذلتْ أَجلادُه وطَرحْتَه أَرضاً، فصَلَّ صَليلا
لِمَ لا يَلِينُ لك الحديدُ ولم تزَلْ تتلو عليه وتقرأُ التَّنزِيلا؟
الأَزْمَة اشْتَدَّتْ ورانَ بلاؤُها فاصدمْ بركنك ركنها ليميلا
شمشونُ أَنت، وقد رَستْ أَركانُها فتَمشَّ في أَركانِها لِتَزولا
قلْ لي نصيرُ وأنت برٌّ صادقٌ أحملتَ إنساناً عليك ثقيلا ؟
أحملتَ ديناً في حياتك مرَّة ً ؟ أحملتَ يوماً في الضُّلوعِ غليلا ؟
أحملتَ ظلماً من قريبٍ غادرٍ أو كاشحٍ بالأَمسِ كان خَليلا؟
أحملتَ منًّا من قريبٍ مكرَّراً والليلِ، مِنْ مُسْدٍ إليك جَميلا؟
أحملتَ طغيانَ اللثيمِ إذا اغتنى أَو نال مِنْ جاهِ الأُمورِ قليلا؟
أحملتَ في النادي الغبيَّ إذا التقى من سامعيه الحمدَ والتّبجيلا ؟
تلك الحياة ُ، وهذه أَثقالُها وزن الحديدُ بها فعاد ضئيلا !

ياابنَ زيدونَ ، مرحبا

ياابنَ زيدونَ ، مرحبا قد أطلتَ التغيُّبا
إن ديوانَكَ الذي ظلَّ سرًّ محجبَّا ،
يشتكي اليتيم درُّه ويقاسي التَّغرُّبا. . .
. . . صار في كل بلدة ٍ للأَلِبَّاءِ مَطْلبا
جاءنا كاملٌ به عربيًّا مهذَّبا
تجدُ النَّصَّ معجبا وترى الشَّرح أعجبا
أنتَ في القول كلِّه أَجْملُ الناسِ مَذهبا
بأبي أنتَ هيكلاً مِن فنونٍ مُركَّبا
شاعِراً أَم مُصَوِّراً كنتَ ، أم كنتَ مطربا ؟
ترسل اللحنَ كلَّه مبدعاً فيه ، مربا
أحسنَ الناس هاتفاً بالغواني مشبِّبا
ونزيلَ المتوَّج ـينَ، النديمَ المُقرَّبا
كم سقاهم بشعره مِدْحَة ً أَو تَعَتُّبا
ومن المدحِ ما جزى وأَذاعَ المناقِبا
وإذا الهجرُ هاجهُ لمُعَاناته أبى
ورآه رذيلهً لا تماشي التأدُّبا
ما رأَى الناسُ شاعِراً فاضل الخُلْقِ طيِّبا
دَسَّ للناشقين في زَنبَقِ الشعرِ عَقربا
جُلتَ في الخُلد جوْلة ً هل عن الخلد مِنْ نَبا؟
صف لنا ما وراءه من عيونٍ، ومن رُبَى
ونعيمٍ ونَضرة ٍ وظلالٍ من الصِّبا
وصِفِ الحور موجزاً
قم ترى الأرضَ مثلما كنتمو أمسِ ملعبا
وترى العيشَ لم يزلْ لبني الموتِ مأربا
وترى ذَاكَ بالذي عند هذا مُعَذَّبا
إنَّ مروانَ عصبة ٌ يَصنعونَ العجائبَا
طوَّفوا الأَرض مَشرِقاً بالأيادي ومغربا
هالة ٌ أَطلعتْكَ في ذِروة المجدِ كوكبا
أَنت للفتحِ تنتمي وكفى الفتحُ منصبا
لستُ أَرْضَى بغيره لك جدًّا ولا أبا