الدّهرُ يَوْمانِ ذا ثبتٌ وَذا زَلَلُ | وَالعيشُ طعمان ذا صَابٌ وَذا عسَلُ |
كذا الزمانُ فما في نعمة ٍ بطرٌ | للعارفينَ ولا في نقمة ٍ فشلُ |
سعادة ُ المَرْءِ في السّرَاءِ إنْ رَجَحَتْ | وَالعَدْلُ أنْ يَتَساوَى الهَمّ وَالجذَلُ |
وما الهمومُ وإنْ حاذرتَ ، ثابتة ٌ | ولا السرورُ وإنْ أمَّلتَ يتصلُ |
فما الأسى لهمومِ لابقاءَ لها | وَما السّرُورُ بنُعمَى سَوْفَ تَنتَقِلُ |
لَكِنّ في النّاسِ مَغْروراً بِنِعْمَتِهِ | ما جاءهُ اليأسُ حتى جاءهُ الأجلُ |
أبو فراس الحمداني
أبو فراس الحمداني و إسمه الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي الربعي هو شاعر من العصر العباسي ولد في الموصل وتوفي في حمص.
وَعَطّافٍ عَلى الغَمَرَاتِ نَحْوِي
وَعَطّافٍ عَلى الغَمَرَاتِ نَحْوِي، | تَحُفّ بهِ المُثَقَّفَة ُ الطّوَالُ |
تركتُ الرمحَ ، يخطرُ في حشاهُ ، | لَهُ، مَا بَينَ أضْلُعِهِ، مَجَالُ |
يَقُولُ، وَقَدْ تَعَدّلَ فيهِ، رُمْحي: | ” لأمرٍ ما تحاماكَ الرجالُ ! “ |
قد ضجَّ جيشكَ ، منْ طولِ القتالِ بهِ
قد ضجَّ جيشكَ ، منْ طولِ القتالِ بهِ ، | وقدْ شكتكَ إلينا الخيلُ والإبلُ ! |
وَقَد درَى الرّوم مُذْ جاوَرْتَ أرْضَهُمُ | أنْ لَيس يَعْصِمُهمْ سَهلٌ وَلا جَبَلُ |
في كل يومٍ تزورُ الثغرَ ، لا ضجرٌ | يثنيكَ عنهُ ، ولا شغلٌ ولا مللُ |
فالنفسُ جاهدة ٌ ، والعينُ ساهدة ٌ ، | وَالجَيشُ مُنهَمكٌ، وَالمالُ مُبتذَلُ |
تَوَهّمَتكَ كِلابٌ غَيرَ قَاصِدِهَا، | وقدْ تكنفكَ الأعداءُ والشغلُ |
حتى رأوكَ ، أمامَ الجيشِ ، تقدمهُ | وَقَدْ طَلَعتَ عَلَيْهِمْ دونَ ما أمِلُوا |
فاستقبلوكَ بفرسانِ ، أسنتها | سودُ البراقعِ ، والأكوارُ ، والكللُ |
فكنتَ أكرمَ مسؤولٍ وأفضلهُ ، | إذا وَهَبْتَ فَلا مَنٌّ وَلا بُخُلُ |
ويقولُ فيَّ الحاسدونَ ، تكذباً
ويقولُ فيَّ الحاسدونَ ، تكذباً ، | ويقالُ في المحسودِ ما لا يفعلُ |
يتطلبونَ إساءتي لا ذمتي ، | إنَّ الحسودَ ، بما يسوءُ ، موكلُ |
أقِلّي، فَأيّامُ المُحِبّ قَلائِلُ
أقِلّي، فَأيّامُ المُحِبّ قَلائِلُ، | وَفي قَلبِهِ شُغلٌ عنِ اللّوْمِ شَاغِلُ |
ولعتِ بعذلِ المستهامِ على الهوى ، | وَأوْلَعُ شَيْءٍ بِالمُحِبّ العَوَاذِلُ |
أريتكِ ، هلْ لي منْ جوى الحبِ مخلصٌ ، | وَقد نَشِبَتْ، للحُبّ فيّ، حَبائِلُ؟ |
وبينَ بنياتِ الخدورِ وبيننا | حروبٌ ، تلظى نارها وتطاولُ |
أغَرْنَ على قَلبي بجَيشٍ مِنَ الهَوَى | وطاردَ عنهنَّ الغزالُ المغازلُ |
تَعَمّدَ بِالسّهْمِ المُصِيبِ مَقَاتِلي، | ألا كُلّ أعضَائي، لَدَيهِ، مَقَاتِلُ |
وواللهِ ، ماقصرتُ في طلبِ العلاَ ؛ | ولكنْ كأنَّ الدهر عني غافلُ |
مواعيدُ آمالٍ ، تماطلني بها | مُرَامَاة ُ أزْمَانٍ، وَدَهْرٌ مُخَاتِلُ |
تدافعني الأيامُ عما أريدهُ ، | كما دفعَ الدَّين الغريمُ المماطلُ |
خليليَّ ، أغراضي بعيدٌ منالها ! | فهلْ فيكما عونٌ على ما أحاولُ ؟ |
خَلِيلَيّ! شُدّا لي عَلى نَاقَتَيْكُمَا | إذا مابدا شيبٌ منَ العجزِ ناصلُ |
فمثليَ منْ نالَ المعالي بسيفهِ ، | وَرُبّتَمَا غَالَتْهُ، عَنْهَا، الغَوَائِلُ |
وَمَا كلّ طَلاّبٍ، من النّاسِ، بالغٌ | ولا كلُّ سيارٍ ، إلى المجدِ ، واصلُ ! |
وإنَّ مقيماً منهجَ العجزِ خائبٌ | وَإنّ مُرِيغاً، خائِبَ الجَهدِ، نَائِلُ |
وَمَا المَرْءُ إلاّ حَيثُ يَجعَلُ نَفْسَهُ | وإني لها ، فوقَ السماكينِ ، جاعلُ |
وَللوَفْرِ مِتْلافٌ، وَللحَمْدِ جَامِعٌ، | وللشرِّ ترَّاكٌ ، وللخيرِ فاعلُ |
وَمَا ليَ لا تُمسِي وَتُصْبحُ في يَدِي | كَرَائِمُ أمْوَالِ الرّجالِ العَقَائِلُ؟ |
أحكمُ في الأعداءِ منها صوارماً | أحكمها فيها إذا ضاقَ نازلُ |
و مانالَ محميُّ الرغائبِ ، عنوة ً ، | سِوَى ما أقَلّتْ في الجُفونِ الحَمائلُ |
سَكِرْتُ مِنْ لحظِهِ لا مِنْ مُدامَتِهِ
سَكِرْتُ مِنْ لحظِهِ لا مِنْ مُدامَتِهِ | و مالَ بالنومِ عنْ عيني تمايلهُ |
وَمَا السُّلافُ دَهَتْني بَلْ سَوَالِفُهُ، | و لا الشمولُ ازدهرني بلْ شمائلهُ |
وَغَالَ صَبْرِيَ مَا تَحوِي غَلائِلُهُ | و غالَ قلبيَ ما تحوي غلائلهُ |