| عَذيرِيَ مِن طَوَالعَ في عِذَارِي، | وَمِنْ رَدّ الشّبَابِ المُسْتَعَارِ! |
| و ثوبٍ ، كنتُ ألبسهُ ، أنيقٍ | أجررُ ذيله، بينَ الجواري |
| و ما زادتْ على العشرينَ سني | فما عذرُ المشيبِ إلى عذاري ؟ |
| و ما استمتعتُ منْ داعي التصابي | إلى أنْ جَاءني داعي الوَقَار |
| أيا شيبي ، ظلمتَ ! ويا شبابي | لقَد جَاوَرْتُ، مِنكَ، بشَرّ جارِ! |
| يُرَحِّلُ كُلّ مَنْ يَأوِي إلَيْهِ | و يختمها بترحيلِ الديارِ |
| أمرتُ بقصهِ ، وكففتُ عنهُ ، | وقرَّ على تحمُّـلهِ قراري |
| وَقُلْتُ: الشّيبُ أهوَنُ مَا أُلاقي | مِنَ الدّنْيا وَأيْسَرُ ما أُدارِي! |
| وَلا يَبْقَى رَفِيقي الفَجْرُ حَتى | يضمَّ إليهِ منبلجَ النهارِ “ |
| “و إني ما فجعتُ بهِ لألقى | بهِ ملقى العثارِ منَ الشعارِ” |
| و كمْ منْ زائرٍ بالكرهِ مني | كرهتُ فراقهُ بعدَ المزارِ ! |
| متى أسلو بلا خلٍّ وصولٍ | يُوَافِقُني، وَلا قَدَحٍ مُدَارِ؟ |
| و كنتُ ، إذا الهمومُ تناوبتني ، | فزعتُ منَ الهمومِ إلى القفارِ |
| أنَختُ وَصَاحِبَايَ بذي طُلُوحٍ | طَلائِحَ، شَفَّهَا وَخْدُ القِفَارِ |
| وَلا مَاءٌ سِوَى نُطَفِ الأدَاوِي، | وَلا زَادٌ سِوَى القَنَصِ المُثَارِ |
| فَلَمَّا لاحَ بَعْدَ الأينِ سَلْعٌ، | ذكرتُ منازلي وعرفتُ داري |
| ألَمّ بِنا، وَجُنْحُ اللّيلِ داجٍ، | خيالٌ زارَ وهناً منْ نوارِ |
| أبَاخِلَة ٌ عَلَيّ، وَأنتِ جارٌ، | وَواصِلَة ٌ عَلى بُعْدِ المَزَارِ! |
| تلاعبُ بي ، على هوجَ المطايا ، | خلائِقُ لا تَقُرّ عَلى الصَّغَارِ |
| و نفسٌ ، دونَ مطلبها الثريا | وَكَفّ دُونَهَا فَيضُ البِحَارِ |
| أرى نفسي تطالبني بأمرٍ | قَلِيلٌ، دُونَ غَايَتِهِ، اقتِصَاري |
| و ما يغنيكَ منْ هممٍ طوالٍ | إذا قرنتْ بأعمارٍ قصارِ؟ |
| وَمُعْتكِفٍ عَلى حَلَبٍ بَكِيٌّ، | يقوتُ عطاشَ آمالٍ غزارِ |
| يقولُ ليَ : ” انتظرْ فرجاًَ ” ومن لي | بأنَّ الموتَ ينتظرُ انتظاري؟ ! |
| عليَّ لكلِّ همٍ ، كلُّ عيسٍ | أمونُ الرحلِ موخدة ُ القفارِ |
| وَخَرّاجٌ مِنَ الغَمَراتِ خِرْقٌ، | أبو شبلينِ ، محميُّ الذمارِ |
| شَدِيدُ تَجَنّبِ الآثَامِ وَافٍ، | عَلى عِلاّتِهِ، عَفُّ الإزارِ |
| فَلا نَزَلَتْ بيَ الجِيرَانُ إنْ لمْ | أُجَاوِرْهَا مُجَاوَرَة َ البِحَارِ |
| أُصَاحِبْهَا بِمَأمُونِ الفِرَارِ | |
| وَلا صَحِبَتْنيَ الأمْلاكُ إنْ لمْ | أُصَبّحْهَا بِمُلْتَفّ الغُبَارِ |
| بجيشٍ لا يحلُّ بهمْ مغيرٌ | وَرَأيٍ لا يَغِبّهُمُ مُغَارِ |
| شددتُ على الحمامة ِ كورَ رحلٍ | بعيدُ حلهُ ، دونَ اليسارِ |
| تَحُفّ بِهِ الأسِنّة ُ، وَالعَوَالي، | و مضمرة ُ المهاري ، والمهاري |
| يعدنَ ، بعيدَ طولِ الصونِ ، سعياً | لِمَا كُلّفْنَ مِنْ بُعْدِ المَغَارِ |
| و تخفقُ حوليَ الراياتُ حمراً ، | وتتبعني الخضارمُ منْ “نزارِ “ |
| وَإنْ طُرِقَتْ بِدَاهِيَة ٍ نَآدٍ | تدافعها الرجالُ بكلِّ جارِ |
| عَزِيزٌ حَيثُ حَطّ السّيرُ رَحْلي، | تداريني الأنامُ ولا أداري ! |
| و أهلي من أنختُ إليهِ عيسي ، | وَدَارِي حَيثُ كُنتُ مِنَ الدّيَارِ |