| أبَى غَرْبُ هَذا الدّمْعِ إلاّ تَسَرُّعَا | وَمَكْنُونُ هَذا الحُبّ إلاّ تَضَوُّعَا |
| وكُنْتُ أرَى أني مَعَ الحَزْمِ وَاحِدٌ، | إذا شئتُ لي مَمضًى وَإن شِئتُ مَرْجِعَا |
| فَلَمّا استَمَرّ الحُبّ في غُلَوَائِهِ، | رَعَيتُ مَعَ المِضْيَاعَة ِ الحُبَّ ما رَعى |
| فَحُزْنيَ حُزْنُ الهَائِمِينَ مُبَرِّحاً، | و سريَ سرُّ العاشقينَ مضيعا |
| خَلِيلَيّ، لِمْ لا تَبكِياني صَبَابَة ً، | أأبْدَلْتُمَا بالأجرَعِ الفَرْدِ أجرَعَا؟ |
| عليَّ ، لمنْ ضنتْ عليَّ جفونهُ | غَوَارِبُ دَمْعٍ يَشمَلُ الحيَ أجمَعَا |
| وَهَبْتُ شَبَابي، وَالشّبَابُ مَضَنَّة ٌ، | لأبلجَ منْ أبناءِ عمي ، أروعا! |
| أبيتُ ، معنى ، منْ مخافة ِ عتبهِ ، | و أصبحُ ، محزوناً ، وأمسي ، مروعا! |
| فَلَمّا مَضَى عَصْرُ الشّبِيبَة ِ كُلّهُ، | وَفَارَقَني شَرْخُ الشّبَابِ، مُوَدِّعَا |
| تَطَلّبْتُ بَينَ الهَجرِ وَالعَتْبِ فُرْجَة ً، | فحاولتُ أمراً ، لا يرامُ ، ممنعا |
| وَصِرْتُ إذا مَا رُمْتُ في الخَيرِ لَذّة ً | تَتَبّعتُهَا بَينَ الهُمُومِ، تَتَبُّعَا |
| وَهَا أنَا قد حَلَّى الزّمَانُ مَفَارِقي، | و توجني بالشيبِ تاجاً مرصعا |
| فلوْ أنني مكنتُ مما أريدهُ | منَ العيشِ ، يوماً ، لمْ يجدْ فيَّ موضعا ! |
| أما ليلة ٌ تمضي ولا بعضُ ليلة ٍ ! | أسُرّ بهَا هذا الفُؤادَ المُفَجَّعَا؟ |
| أمَا صَاحِبٌ فَرْدٌ يَدُومُ وَفَاؤهُ! | فيُصْفي لمن أصْفى وَيَرْعى لمنْ رَعى ؟ |
| أفي كُلّ دارٍ لي صَدِيقٌ أوَدُّهُ، | إذَا مَا تَفَرّقْنَا حِفِظْتُ وَضَيّعَا؟ |
| أقمتُ بأرضٍِ الرومِ ، عامينِ ، لا أرى | منَ الناسِ محزوناً ولا متصنعا |
| إذا خِفتُ مِنْ أخوَاليَ الرّومِ خُطّة ً | تخوفتُ منْ أعمامي العربِ أربعا |
| و إن أوجعتني منْ أعاديَّ شيمة ٌ | لَقِيتُ مِنَ الأحبَابِ أدْهَى وَأوْجعَا |
| ولوْ قدْ رجوتُ اللهَ لا شيءَ غيرهُ | رَجَعْتُ إلى أعْلى وَأمّلْتُ أوْسَعَا |
| لَقد قَنِعُوا بَعدي من القَطرِ بالنّدى ، | و منْ لمْ يجدْ إلاَّ القنوعَ تقنعا |
| و ما مرَّ إنسانٌ فأخلفَ مثلهُ ؛ | ولكنْ يزجي الناسُ أمراً موقعا |
| تنكرَّ “سيف الدين” لما عتبتهُ ، | وَعَرّضَ بي، تحتَ الكلامِ، وَقَرّعَا |
| فَقُولا لَهُ: مِنْ أصْدَقِ الوُدّ أنّني | جعلتكَ مما رابني ، الدهرَ مفزعا |
| و لوْ أنني أكننتهُ في جوانحي | لأوْرَقَ مَا بَينَ الضّلُوعِ وَفَرّعَا |
| فلاَ تغترر بالناسِ، ما كلُّ منْ ترى | أخُوكَ إذا أوْضَعتَ في الأمرِ أوْضَعَا |
| وَلا تَتَقَلّدْ مَا يَرُوعُكَ حَلْيُهُ | تقلدْ ، إذا حاربتَ ، ما كانَ أقطعا! |
| وَلا تَقْبَلَنّ القَوْلَ من كلّ قائِلٍ! | سأرضيكَ مرأى لستُ أرضيكَ مسمعا |
| و للهِ صنعُ قدْ كفاني التصنعا | |
| أراني طريقَ المكرماتِ ، كما أرى ، | عَلِيٌّ وَأسْمَاني على كُلّ مَنْ سعَى |
| فإنَّ يكُ بطءٌ مرة ً فلطالما | تَعَجّلَ، نحْوِي، بالجَميلِ وَأسْرَعَا |
| و إنْ يحفُ في بعضِ الأمورِ فانني | لأشكرهُ النعمى التي كانَ أودعا |
| و إنْ يستجدَّ الناسَ بعدي فلمْ يزلْ | بذاكَ البديلِ ، المستجدِّ ، ممتعا ! |