إني أرى َ..، فَأرَى جُمُوعاً جَمَّة ً |
لكنّها تحيا بِلاَ ألْبابِ |
يَدْوِي حوالَيْها الزَّمانُ، كأنَّما |
يدوي حوالَي جندلٍ وترابِ |
وإذا استجَابُوا للزمانِ تَنَاكروا |
وَتَرَاشَقُوا بالشَّوكِ والأحْصَابِ |
وقضَوا على رُوح الأخوَّة ِ بينهم |
جَهلاً وعاشُوا عِيشة َ الأَغرابِ |
فرِحتْ بهم غولُ التّعاسة ِ والفَنَا |
وَمَطَامِعُ السّلاَّب والغَلاّبِ |
لُعَبٌ، تُحرِّكُها المَطامعُ، واللّهى |
وصَغائِرُ الأحقادِ والآرابِ |
وأرى نفوساً، مِنْ دُخانٍ، جامدٍ |
مَيْتٍ، كأشباحٍ، وراءَ ضَبَابِ |
مَوتى ، نَسُوا شَوقَ الحياة ِ وعزمَها |
وتحرَّكوا كتحرُّكِ الأنصابِ |
وخبَا بهمْ لَهَبُ الوجودِ، فما بقُوا |
إلاَّ كمحترِقٍ من الأخشابِ |
لا قلبَ يقتحمُ الحياة َ، ولا حِجَى ً |
يسمُو سُمُوَّ الطَّائر الجوَّابِ |
بلْ في الترابِ المَيتِ، في حَزن الثَّرى |
تنمو مَشَاعِرُهُمْ مع الأَعشابِ |
وتموتُ خاملة ً، كَزَهرٍ بائسٍ |
ينمو ويذبُل في ظَلامِ الغَابِ |
أبداً تُحدِّقُ في التراب..، ولا تَرَى |
نورَ السماءِ..، فروحُها كتُرابِ..! |
الشَّاعرُ الموهوبُ يَهْرِق فنَّه |
هدراً على الأَقْدامِ والأَعْتابِ |
ويعيشُ في كونٍ، عقيمٍ، ميِّتٍ |
قَدْ شيَّدتْهُ غباوة ُ الأَحقَابِ |
والعاِلِمُ النِّحريرُ يُنفقُ عُمره |
في فهمِ ألفاظٍ، ودرسِ كتابِ |
يَحيا على رِمَمِ القديم المُجتَوَى |
كالدُّود في حِمَمِ الرَّماد الخابي |
والشَّعبُ بينهما قطيعٌ، ضَائعٌ |
دُنياه دنيا مأكلٍ وشرابِ |
الوَيلُ للحسَّاسِ في دُنياهمُ |
ماذا يُلاقي من أَسَى ّ وعَذِابِ! |