عَلِمَ الإمام ولا أقول بظنه ~ إنّ الدُّعاةَ بسعيها تتكسّب |
هذا الهواءُ يلوحُ فيهِ لناظر ~ صور ولكن عن قريبٍ تَرسُب |
والناسُ جنس ما تميّز واحد ~ كل الجسوم إلى التراب تنسب |
والأري باطنَه متى ما ذقته ~ شري فماذا لا أبالَكَ تلسب |
وسيُقفر المصر الحريج بأهله ~ ويغص بالإنس الفضاء السبسب |
أبو العلاء المعري
أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري, من شعراء العصر العباسي ولد وتوفي في معرة النعمان بسوريا.
إن عذب المين بأفواهكم
إن عذُب المينُ بأفواهكم ~ فإنّ صِدقي بفمي أعذَبُ |
طَلبتُ للعالَمِ تهذيبَهم ~ والناسُ ما صُفّوا ولا هُذّبوا |
سألتُ من خالف عن دينِه ~ فأعوزَ المُخْبِر لا يكذبُ |
وأكثروا الدعوى بلا حجّة ~ كلٌّ إلى حَيّزهِ يجذبُ |
يحسن مرأى لبني ادم
يحسُنُ مرأى لبني آدم ~ وكلُّهم في الذوق لا يعذُب |
ما فيهمُ بَر ولا ناسك ~ إلا إلى نفعٍ له يجذب |
أفضلُ مِنْ أفضلِهم صخرة ~ لا تظلِمُ الناسَ ولا تكذِبُ |
هذا طريق للهدى لاحب
هذا طريق للهدى لاحبُ ~ يرضى به المصحوب والصاحب |
أهرُب من الناس فإن جئتهم ~ فمثلَ سأب جره الساحب |
ينتفعُ النّاس بما عنده ~ وهو لقى بينهم شاحب |
لا يغبطن أخو نعمى بنعمته
لا يُغبَطنّ أخو نُعْمَى بنعمته ~ بئسَ الحياة حياة بعدها الشَّجَب |
والحسُّ أوقَعَ حيّاً في مَساءتِه ~ وللزمانِ جيوشٌ ما لها لَجَبُ |
لو تَعلمُ الأرضُ ما أفعالُ ساكِنها ~ لطالَ منها لما يأتي به العجَب |
بدءُ السعادةِ أنْ لم تُخْلَقِ امرأةٌ ~ فهلْ تَودُّ جُمادى أنها رَجَبُ |
ولم تَتُبْ لاختيارٍ كان مُنْتَجَباً ~ لكنّكَ العُودُ إذ يُلحى ويُنتَجَب |
وما احتجبتَ عن الأقوام من نُسُكٍ ~ وإنما أنتَ للنّكراءَ مُحتجِب |
قالت ليَ النفسُ إني في أذىً وقَذىً ~ فقلتُ صبراً وتسليماً كذا يجب |
لاتفرحن بفأل إن سمعت به
لا تفرَحنّ بفألٍ إنْ سمعتَ به ~ ولا تَطَيّرْ إذا ما ناعِبٌ نعبا |
فالخطبُ أفظعُ من سرّاءَ تأمُلها ~ والأمرُ أيسرُ من أن تُضْمِرَ الرُّعُبا |
إذا تفكّرتَ فكراً لا يمازِجُه ~ فسادُ عقلٍ صحيحٍ هان ما صعبُا |
فاللُّبُّ إن صَحّ أعطى النفس فَترتها ~ حتى تموت وسمّى جِدّها لَعبِا |
وما الغواني الغوادي في ملاعِبها ~ إلاّ خيالاتُ وقتٍ أشبهتْ لُعَبا |
زيادَةُ الجِسمِ عَنّتْ جسمَ حامله ~ إلى التراب وزادت حافراً تَعَبا |