عَزيزُ إساً مَن داؤهُ الحَدَقُ النُّجْلُ |
عَيَاءٌ بهِ ماتَ المُحبّونَ من قَبْلُ |
فَمَنْ شاءَ فَلْيَنْظُرْ إليّ فمَنظَري |
نَذيرٌ إلى مَن ظَنّ أنّ الهَوَى سَهْلُ |
وما هيَ إلاّ لحظَةٌ بَعدَ لحظَةٍ |
إذا نَزَلَتْ في قَلبِهِ رَحَلَ العَقْلُ |
جرَى حبُّها مجْرَى دَمي في مَفاصِلي |
فأصْبَحَ لي عَن كلّ شُغلٍ بها شُغْلُ |
سَبَتْني بدَلٍّ ذاتُ حُسْنٍ يَزينُها |
تَكَحُّلُ عَيْنَيها وليسَ لها كُحلُ |
كأنّ لحاظَ العَينِ في فَتْكِهِ بِنَا |
رَقيبٌ تَعَدّى أوْ عَدُوٌّ لهُ دَخْلُ |
ومن جَسَدي لم يَترُكِ السّقمُ شعرَةً |
فَمَا فَوْقَها إلاّ وفيها لَهُ فِعْلُ |
إذا عَذَلُوا فيها أجَبْتُ بأنّةٍ: |
حُبَيّبَتي قلبي فُؤادي هيا جُمْلُ |
كأنّ رَقيباً منكِ سَدّ مَسامِعي |
عنِ العذلِ حتى ليس يدخلها العذلُ |
كأنّ سُهادَ اللّيلِ يَعشَقُ مُقلَتي |
فبَيْنَهُما في كُلّ هَجْرٍ لنا وَصْلُ |
أُحِبّ التي في البدرِ منها مَشَابِهٌ |
وأشكو إلى من لا يُصابُ له شكلُ |
إلى واحِدِ الدّنْيا إلى ابنِ مُحَمّدٍ |
شُجاعَ الذي لله ثمّ لَهُ الفَضْلُ |
إلى الثّمَرِ الحُلْوِ الذي طَيِّءٌ لَهُ |
فُرُوعٌ وقَحْطانُ بنُ هودٍ لها أصلُ |
إلى سَيّدٍ لَوْ بَشّرَ الله أُمّةً |
بغَيرِ نَبيٍّ بَشّرَتْنَا بهِ الرّسْلُ |
إلى القابضِ الأرْواحِ والضّيغَمِ الذي |
تُحَدّثُ عن وَقفاته الخيلُ والرَّجْلُ |
إلى رَبّ مالٍ كُلّما شَتّ شَملُهُ |
تَجَمّعَ في تَشتيتِهِ للعُلَى شَمْلُ |
هُمَامٌ إذا ما فَارَقَ الغِمْدَ سَيْفُهُ |
وعايَنْتَهُ لم تَدرِ أيّهُمَا النّصْلُ |
رَأيْتُ ابنَ أمّ المَوْتِ لوْ أنّ بَأسَهُ |
فَشَا بينَ أهْلِ الأرْضِ لانقطعَ النسلُ |
على سابِحٍ مَوْجُ المَنايا بنَحْرِهِ |
غَداةَ كأنّ النَّبلَ في صَدرِهِ وَبْلُ |
وَكَمْ عَينِ قِرْنٍ حَدّقَتْ لِنِزالِهِ |
فلم تُغْضِ إلاّ والسّنانُ لها كُحلُ |
إذا قيلَ رِفقاً قالَ للحِلمِ موْضِعٌ |
وَحِلْمُ الفتى في غَيرِ مَوْضِعه جَهْلُ |
ولَوْلا تَوَلّي نَفسِهِ حَملَ حِلْمِهِ |
عن الأرض لانهدّتْ وناء بها الحِملُ |
تَباعَدَتِ الآمالُ عن كلّ مَقصِدٍ |
وضاقَتْ بها إلاّ إلى بابِهِ السُّبْلُ |
ونادى الندى بالنّائمينَ عن السُّرَى |
فأسمَعَهمْ هُبّوا فقد هلَكَ البُخلُ |
وَحالَتْ عَطايا كَفّهِ دونَ وَعْدِهِ |
فَلَيسَ لَهُ إنْجازُ وَعْدٍ وَلا مَطْلُ |
فأقْرَبُ مِن تَحديدِها رَدُّ فائِتٍ |
وأيسَرُ من إحصائِها القَطرُ والرّملُ |
وَما تَنْقِمُ الأيّامُ مِمّنْ وُجُوهُهَا |
لأخْمَصِهِ في كلّ نائِبَةٍ نَعْلُ |
وَمَا عَزَّهُ فيها مُرَادٌ أرَادَهُ |
وإنْ عَزّ إلاّ أن يكونَ لَهُ مِثْلُ |
كَفَى ثُعَلاً فَخْراً بأنّكَ مِنْهُمُ |
ودَهْرٌ لأنْ أمْسَيتَ من أهلِهِ أهلُ |
ووَيْلٌ لنَفسٍ حاوَلَتْ منْكَ غرّةً |
وَطُوبَى لعَينٍ سَاعَةً منكَ لا تخلو |
فَما بفَقيرٍ شامَ بَرْقَكَ فَاقَةٌ |
وَلا في بِلادٍ أنْتَ صَيّبُها مَحْلُ |