نَعِمْنَ بنَفْسي وأَشْقَيْنَني | فيا لَيْتَهُنَّ ويا لَيْتَنِي |
خِلالٌ نَزَلْنَ بخِصْبِ النُّفُوسِ | فرَوَّيْنَهُنَّ وأَظْمَأْنَنِي |
تَعَوَّدْنَ مِنِّي إباءَ الكَرِيم | وصَبْرَ الحَليِم وتيهَ الغَنِي |
وعَوَّدْتُهُنَّ نِزالَ الخُطوب | فما يَنْثَنِينَ وما أَنثَنِي |
إذا ما لَهَوْتُ بلَيلَ الشّباب | أَهَبْنَ بعَزْمِي فَنَبَّهْنَنِي |
فما زِلْتُ أَمْرَحُ في قِدِّهِنّ | ويَمْرَحْنَ مِنِّي برَوْضٍ جَنِي |
إلى أنْ تَوَلَّى زَمانُ الشَّباب | وأَوْشَكَ عُودِيَ أنْ يَنْحَني |
فيا نَفْسُ إنْ كنتِ لا تُوقِنِين | بمَعْقُودِ أمْرِكِ فاسْتَيْقِني |
فهذي الفَضيلة ُ سِجْنُ النُّفوس | وأَنتِ الجَديَرة ُ أَنْ تُسْجَنِي |
فلا تَسْأليني متى تَنْقَضي | لَيالي الإسارِ ولا تَحْزَني |
حافظ إبراهيم
محمد حافظ ابراهيم ولقبه شاعر النيل هو شاعر مصري كبير ولد في اسيوط وتوفي في القاهرة, وايضا يلقب بشاعر الشعب.
لا تلم كفى إذا السيف نبا
لا تلم كفى إذا السيف نبا | صح مني العزم و الدهر أبى |
رب ساع مبصر فى سعيه | أخطأ التوفيق فيما طلبا |
مرحبا بالخطب يبلوني إذا | كانت العلياء فيه السببا |
عقنى الدهر و لولا أننى | أوثر الحسنى عققت الأدبا |
إيه يا دنيا اعبسي أو فابسمي | ما أرى برقك إلا خلبا |
أنا لولا أن لي من أمتي | خاذلاً ما بت أشكو النوبا |
أمة قد فت في ساعدها | بغضها الأهل و حب الغربا |
تعشق الألقاب فى غير العلا | و تُفدي بالنفوس الرتبا |
و هي و الأحداث تستهدفها | تعشق اللهو و تهوى الطربا |
لا تبالي لعب القوم بها | أم بها صرف الليالي لعبا |
ليتها تسمع مني قصةً | ذات شجو و حديثا عجبا |
كنت أهوى فى زماني غادة | وهب الله لها ما وهبا |
ذات وجه مزج الله به | صفرة تنسي اليهود الذهبا |
حملت لي ذات يوم نبأً | لا رعاك الله يا ذاك النبا |
و أتت تخطر و الليل فتى | و هلال الأفق في الأفق حبا |
ثم قالت لي بثغر باسم | نظم الدرّ به و الحببا |
نبئوني برحيل عاجل | لا أرى لي بعده منقلبا |
و دعاني موطني أن أغتدي | علني أقضي له ما وجبا |
نذبح الدب و نفري جلده | أيظن الدب ألا يغلبا |
قلت و الالام تفري مهجتي | ويك ما تفعل فى الحرب الظبا |
ما عهدناها لظبي مسرحا | يبتغي ملهي به أو ملعبا |
ليست الحرب نفوسا تشتهي | بالتمني أو عقولا تستبى |
أحسبت القد من عدتها | أم حسبت اللحظ فيها كالشبا |
فسليني إنني مارستها | و ركبت الهول فيها مركبا |
و تقحمت الردى فى غارة | أسدل النقع عليها هيدبا |
قطبت ما بين عينيها لنا | فرأينا الموت فيها قطبا |
جال عزرائيل فى أنحائها | تحت ذاك النقع يمشى الهيذبى |
فدعيها للذي يعرفها | و الزمي يا ظبية البان الخبا |
فأجابتنى بصوت راعنى | و أرتنى الظبى ليثا أغلبا |
إن قومى استعذبوا ورد الردى | كيف تدعونىَ ألا أشربا |
أنا يابانية لا أنثني | عن مرادي أو أذوق العطبا |
أنا إن لم أحسن الرمي و لم | تستطع كفاي تقليب الظبا |
أخدم الجرحى و أقضى حقهم | و أواسى فى الوغى من نُكبا |
هكذا الميكاد قد علمنا | أن نرى الأوطان أماً و أبا |
ملك يكفيك منه أنه | أنهض الشرق فهز المغربا |
و إذا مارسته ألفيته | حُوّلا فى كل أمر قلبا |
كان و التاج صغيرين معاً | و جلال الملك فى مهد الصبا |
فغدا هذا سماء للعلا | و غدا ذلك فيها كوكبا |
بعث الأمة من مرقدها | و دعاها للعلا أن تدأبا |
فسمت للمجد تبغي شأوه | و قضت من كل شئ مأربا |
أقضيه فى الأشواق إلا أقله
أقضيه فى الأشواق إلا أقله | بطئ سرى أبدى إلى اللبث ميله |
و ليس اشتياقى عن غرام بشادن | و لكنه شوق امرئ فات أهله |
فيا لك من ليل أعرت نجومه | توقد أنفاسي و عانيت مثله |
و مل كلانا من أخيه و هكذا | إذا طال عهد المرء بالشئ مله |