| كدَعْواكِ كُلٌّ يَدّعي صِحّةَ العقلِ | وَمَن ذا الذي يدري بما فيه من جَهْلِ |
| لَهِنّكِ أوْلَى لائِمٍ بِمَلامَةٍ | وَأحْوَجُ ممّنْ تَعذُلِينَ إلى العَذلِ |
| تَقُولِينَ ما في النّاسِ مِثلَكَ عاشِقٌ | جِدي مثلَ مَن أحبَبْتُهُ تجدي مِثلي |
| مُحِبٌّ كَنى بالبِيضِ عن مُرْهَفَاتِهِ | وَبالحُسنِ في أجسامِهِنّ عن الصّقلِ |
| وَبالسُّمْرِ عن سُمرِ القَنَا غَيرَ أنّني | جَنَاهَا أحِبّائي وَأطْرَافُها رُسْلي |
| عَدِمْتُ فُؤاداً لم تَبِتْ فيهِ فَضْلَةٌ | لغَيرِ الثّنَايَا الغُرّ وَالحَدَقِ النُّجلِ |
| فَمَا حَرَمَتْ حَسْناءُ بالهَجرِ غِبْطةً | وَلا بَلّغَتْها مَن شكا الهَجرَ بالوَصْلِ |
| ذَرِيني أنَلْ ما لا يُنَالُ مِنَ العُلَى | فصَعْبُ العلى في الصّعب وَالسهلُ في السهلِ |
| تُريدينَ لُقيانَ المَعَالي رَخيصَةً | وَلا بُدّ دونَ الشّهدِ من إبَرِ النّحلِ |
| حَذِرْتِ عَلَينَا المَوْتَ وَالخَيلُ تدَّعي | وَلم تَعلَمي عن أيّ عاقِبَةٍ تُجْلي |
| وَلَسْتُ غَبِيناً لَوْ شَرِبْتُ مَنِيّتي | بإكْرَامِ دِلّيرَ بنِ لَشْكَرَوَزٍّ لي |
| تَمَرُّ الأنَابِيبُ الخَوَاطِرُ بَيْنَنَا | وَنَذْكُرُ إقْبالَ الأمِيرِ فَتَحْلَوْلي |
| وَلَوْ كُنتُ أدرِي أنّهَا سَبَبٌ لَهُ | لَزَادَ سُرُوري بالزّيادَةِ في القَتْلِ |
| فَلا عَدِمَتْ أرْضُ العِراقَينِ فِتْنَةً | دعَتكَ إليها كاشفَ البأس وَالمَحلِ |
| ظَلِلْنَا إذا أنْبَى الحَديدُ نِصَالَنَا | نجرّدُ ذكراً منك أمضَى من النّصْلِ |
| وَنَرْمي نَوَاصِيها منِ اسمكَ في الوَغى | بأنْفَذَ مِن نُشّابِنا وَمِنَ النَّبْلِ |
| فإنْ تَكُ منْ بَعدِ القِتالِ أتَيْتَنَا | فَقَدْ هَزَمَ الأعْداءَ ذِكرُك من قَبلِ |
| وَما زِلْتُ أطوي القلبَ قبل اجتِماعِنا | على حاجَةٍ بَينَ السّنابِكِ وَالسُّبْلِ |
| وَلَوْ لم تَسِرْ سِرْنَا إلَيكَ بأنْفُسٍ | غَرَائِبَ يُؤثِرْنَ الجِيادَ على الأهلِ |
| وَخَيْلٍ إذا مَرّتْ بوَحْشٍ وَرَوْضَةٍ | أبَتْ رَعْيَها إلاّ وَمِرْجَلُنَا يَغلي |
| وَلكنْ رأيتَ القَصْدَ في الفضْلِ شِركةً | فكانَ لكَ الفضْلانِ بالقصْدِ وَالفضْلِ |
| وَلَيسَ الذي يَتّبَّعُ الوَبْلَ رَائِداً | كمَنْ جاءَهُ في دارِهِ رَائِدُ الوَبْلِ |
| وَمَا أنَا مِمّنْ يَدّعي الشّوْقَ قَلبُهُ | وَيَحْتَجّ في تَرْكِ الزّيارَةِ بالشّغلِ |
| أرَادَتْ كِلابٌ أنْ تَفُوزَ بدَوْلَةٍ | لمن ترَكتْ رَعْيَ الشُّوَيهاتِ وَالإبْلِ |
| أبَى رَبُّها أنْ يترُكَ الوَحشَ وَحْدَها | وَأن يُؤمِنَ الضّبَّ الخبيثَ من الأكلِ |
| وَقَادَ لهَا دِلّيرُ كُلَّ طِمِرّةٍ | تُنيفُ بخَدّيهَا سَحُوقٌ من النّخلِ |
| وَكلَّ جَوَادٍ تَلْطِمُ الأرْضَ كَفُّهُ | بأغنى عنِ النّعْلِ الحَديد من النّعلِ |
| فَوَلّتْ تُريغُ الغَيثَ والغَيْثَ خَلّفَتْ | وَتَطلُبُ ما قَد كانَ في اليَدِ بِالرِّجْلِ |
| تُحاذِرُ هُزْلَ المَالِ وَهْيَ ذَليلَةٌ | وَأشْهَدُ أنّ الذّلّ شرٌّ من الهُزْلِ |
| وَأهْدَتْ إلَيْنَا غَيرَ قاصِدَةٍ بِهِ | كَريمَ السّجايَا يَسبِقُ القوْلَ بالفعلِ |
| تَتَبَّعَ آثَارَ الرّزَايَا بجُودِهِ | تَتَبُّعَ آثَارِ الأسِنّةِ بالفُتْلِ |
| شَفَى كُلَّ شَاكٍ سَيْفُهُ وَنَوَالُهُ | منَ الدّاءِ حتى الثّاكِلاتِ من الثكلِ |
| عفيفٌ تَروقُ الشمسَ صُورَةُ وَجهِه | فَلَوْ نَزَلَتْ شَوْقاً لحَادَ إلى الظّلِّ |
| شُجاعٌ كأنّ الحَرْبَ عاشِقَةٌ لَهُ | إذا زَارَهَا فَدّتْهُ بالخَيْلِ وَالرَّجْلِ |
| وَرَيّانُ لا تَصْدَى إلى الخمرِ نَفْسُهُ | وَصَدْيانُ لا تَرْوَي يَداهُ من البَذلِ |
| فتَمْليكُ دِلّيرٍ وَتَعْظيمُ قَدْرِهِ | شَهيدٌ بوَحْدانِيّةِ الله وَالعَدْلِ |
| وَمَا دامَ دِلّيرٌ يَهُزّ حُسَامَهُ | فَلا نَابَ في الدّنْيَا للَيثٍ وَلا شِبلِ |
| وَمَا دامَ دِلّيرٌ يُقَلّبُ كَفَّهُ | فَلا خلقَ من دعوَى المكارِم في حِلِّ |
| فَتًى لا يُرَجّي أنْ تَتِمّ طَهَارَةٌ | لمَنْ لم يُطَهّرْ رَاحَتَيْهِ من البُخلِ |
| فَلا قَطَعَ الرّحْم?نُ أصْلاً أتَى بهِ | فإنّي رَأيتُ الطّيّبَ الطّيّبَ الأصْلِ |