| أَمِنَ البحرِ صائغٌ عَبْقَرِيٌّ | بالرمالِ النواعمِ البيضِ مغرى |
| طاف تحتَ الضُّحَى عليهنَّ، والجوْ | هَرُ في سُوقِه يُباعُ ويُشْرَى |
| جئنهُ في معاصمٍ ونحوٍ | فكسا معصماً، وآخرَ عرى |
| وأبى أن يقلدَ الدرَّ واليا | قوتَ نحراً، وقلَّدَ الماسَ نحْرا |
| وترى خاتماً وراءَ بَنانٍ | وبَناناً من الخواتمِ صِفْرا |
| وسواراً يزينُ زندَ كعابٍ | وسواراً من زندِ حسناءَ فرّا |
| وترى الغِيدَ لُؤلؤاً ثَمَّ رَطْباً | وجماناً حوالي الماءِ نثرا |
| وكأَنَّ السماءَ والماءَ شِقَّا | صدفٍ، حمَّلا رفيفاً ودرَّا |
| وكأَنّ السماءَ والماءَ عُرْسٌ | مترعُ المهرجان لمحاً وعطرا |
| أَو رَبيعٌ من ريشة ِ الفنِّ أَبهَى | مِن ربيع الرُّبى ، وأَفتنُ زَهْرا |
| أو تهاويل شاعرٍ عبقريٍّ | طارحَ البحرَ والطبيعة َ شعرا |
| يا سواريْ فيروزجٍ ولجينٍ | بها حليتْ معاصمُ مصرا |
| في شُعاعِ الضُّحَى يعودان ماساً | وعلى لمحة ِ الأصائلِ تبرا |
| ومَشَتْ فيهما النّجومُ فكانت | في حواشيهما يواقيتَ زهرا |
| لكَ في الأرضِ موكبٌ ليس يألوالـ | ـريحَ والطيرَ والشياطينَ حشرا |
| سرتَ فيه على كنوز سليما | نَ تعدُّ الخُطى اختيالاً وكِبْرا |
| وتَرنَّمْتَ في الركابِ، فقلنا | راهبٌ طاف في الأَناجيل يَقرا |
| هو لحنٌ مضيَّعٌ، لا جواباً | قد عرفنا له، ولا مستقرا |
| لك في طيِّهِ حديثُ غرامٍ | ظلَّ في خاطر الملحنِ سرَّا |
| قد بعثنا تحيَّة ً وثناءً | لكَ يا أرفعَ الزواخر ذكرا |
| وغشيناكَ ساعة ً تنبشُ الما | ضي نبشاً، وتقتلُ الأمسَ فكرا |
| وفتحنا القديمَ فيك كتاباً | وقرأنا الكتابَ سطراً فسطرا |
| ونشرنا من طيهنَّ الليالي | فلَمَحنا من الحضارة ِ فَجْرا |
| ورأَينا مصراً تُعلِّمُ يونا | نَ، ويونانَ تقبِسُ العلمَ مصرا |
| تِلكَ تأْتيكَ بالبيانِ نبيّاً | عبقرياً، وتلك بالفنّ سحرا |
| ورأَينا المنارَ في مطلع النَّجْـ | ـمِ على برقِهِ المُلَمَّحِ يُسرى |
| شاطىء ٌ مثلُ رُقعة ِ الخُلدِ حُسناً | وأديمِ الشبابِ طيباً وبشرا |
| جرَّ فيروزجاً على فضة ِ الما | ءِ، وجرَّ الأصيلُ والصبح تبرا |
| كلما جئتهُ تهلل بشراً | من جميع الجهاتِ، وافترَّ ثغرا |
| انثنى موجة ً، وأقبلَ يرخي | كِلَّة ً تارة ً ويَرفعُ سِترا |
| شبَّ وانحطَّ مثلَ أَسرابِ طيرٍ | ماضياتٍ تلفُّ بالسهلِ وعرا |
| رُبما جاءَ وَهْدَة ً فتردَّى | في المهاوي، وقامَ يطفرُ صخرا |
| وترى الرملَ والقصورَ كأيكٍ | ركب الوكرُ في نواحيهِ وكرا |
| وتَرى جَوْسَقاً يُزَيِّنُ رَوْضاً | وترى رَبوة ً تزيِّنُ مصرا |
| سَيِّدَ الماءِ، كم لنا من صلاحٍ | و عليٍّ وراءَ مائكَ ذِكرى |
| كم مَلأْناكَ بالسَّفينِ مَواقِيـ | ـرَ كشُمِّ الجبالِ جُنداً ووَفرا |
| شاكياتِ السلاحِ يخرجنَ من مصـ | ـرٍ بملومة ٍ، ويدخلن مصرا |
| شارعاتِ الجناحِ في ثَبَجِ الما | ءِ كنسرٍ يشدُّ في السحب نسرا |
| وكأَنّ اللُّجاجَ حينَ تنَزَّى | وتسدُّ الفجاجَ كرَّا وفرَّا |
| أجمٌ بعضُهُ لبعضٍ عدوٌّ | زَحَفَتْ غابة ٌ لتمزيق أُخرَى |
| قذفتْ ههنا زئيراً وناباً | ورَمَت ههنا عُواء وظُفرا |
| أنتَ تغلي إلى القيامة ِ كالقدْ | رِ، فلا حطَّ يومها لكَ قدرا |