أيا ظالماً ، أمسى يعاتبُ منصفا ! | أتلزمني ذنبَ المسيء تعجرفا ؟ |
بَدَأتَ بتَنْمِيقِ العِتابِ، مَخَافَة َ الـ | ـعتابِ ، وذكري بالجفا ، خشية َ الجفا! |
أوافي، على علاتِ عتبكَ ، صابراً | وألفى ، على حالاتِ ظلمكَ ، منصفا |
و كنتُ ، إذا صافيتُ خلاً ، منحتهُ | بهجرانهِ وصلاً ، ومنْ غدرهِ وفا |
فَهَيّجَ بي هذا الكِتَابُ صَبَابَة ً، | و جددَ لي هذا العتابُ تأسفا |
فإنْ أدْنَتِ الأيّامُ داراً بِعِيدَة ً | شفى القلبَ مظلومٌ منَ العتبِ واشتفى ! |
فإنْ كُنْتُهُ أقْرَرْتُ بالذّنْبِ، تائِباً، | وَإنْ لم أكنْ أمسَكْتُ عنهُ، تألُّفَا! |
أبو فراس الحمداني
أبو فراس الحمداني و إسمه الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي الربعي هو شاعر من العصر العباسي ولد في الموصل وتوفي في حمص.
غلامٌ فوقَ ما أصفُ
غلامٌ فوقَ ما أصفُ ، | كَأنّ قَوَامَهُ ألِفُ |
إذَا مَا مَالَ يُرْعِبُني | أخَافُ عَلَيْهِ يَنْقَصِفُ |
و أشفقُ منْ تأودهِ ، | أخافُ يُذِيبُهُ التّرَفُ |
سُرُورِي عِنْدَهُ لُمَعٌ، | و دهري ، كلهُ ، أسفُ |
وَأمْرِي، كُلّهُ، أمَمٌ، | وَحُبّي وَحْدَهُ سَرَفُ |
غَيرِي يُغَيّرُهُ الفَعَالُ الجَافي
غَيرِي يُغَيّرُهُ الفَعَالُ الجَافي، | و يحولُ عنْ شيمِ الكريمِ الوافي |
لا أرْتَضِي وُدّاً، إذا هُوَ لمْ يَدُمْ | عِندَ الجَفَاءِ، وَقِلّة ِ الإنْصَافِ |
تعسَ الحريصُ ، وقلَّ ما يأتي بهِ | عِوَضاً من الإلحَاحِ والإلحَافِ |
إنَّ الغنيَّ هو الغنيُّ بنفسهِ | وَلَو أنّهُ عارِي المَناكِبِ، حَافِ |
ما كلُّ ما فوقَ البسيطة ِ كافياً، | فإذا قَنِعتَ فكُلّ شيءٍ كافِ |
وَتَعافُ لي طَمَعَ الحَرِيصِ أُبُوّتي، | و مروءتي ، وفتوتي ، وعفافي |
ما كثرة ُ الخيلِ الجيادِ بزائدي | شَرَفاً، وَلا عَدَدُ السّوَامِ الضّافي |
خَيْلي، وَإنْ قَلّتْ، كَثيرٌ نَفعُها | بينَ الصوارمِ ، والقنا الرَّعافِ |
و مكارمي عددُ النجومِ ؛ ومنزلي | مأوَى الكِرَامِ، وَمَنزِلُ الأضْيَافِ |
لا أقتني لصروفِ دهري عدة ً | حتى كأنَّ صروفهُ أحلافي |
شِيَمٌ عُرِفتُ بهنّ، مُذْ أنَا يَافِعٌ، | وَلَقَدْ عَرَفتُ بِمِثْلِهَا أسْلافي |
و مرتــدٍ بطرة ٍ
و مرتــدٍ بطرة ٍ ، | مُسْبَلَة ِ الرّفَارِفِ |
كَأنّهَا مُرْسَلَة ٌ | مِنْ زَرَدٍ مُضَاعَفِ |
بَعضُ الجُفَاة ِ إلى المَجْفُوّ مُشتَاقُ
بَعضُ الجُفَاة ِ إلى المَجْفُوّ مُشتَاقُ | ودونَ ما أملَ المعشوقُ معتاقُ |
أعْصي الهَوَى ، وَأُطِيعُ الرّأيَ في وَلَدٍ | بَعدَ النّصِيحَة ِ رَابَتْ مِنهُ أخْلاقُ |
فَمَا نَظَرْتُ بِعَيْنِ السّوءِ مُعتَمِداً | إلَيْهِ إلاّ وَلِلأحْشَاءِ إطْرَاقُ |
و ما دعاني إلى ما ساءهُ سخطٌ | إلا ثناني إلى ما شاءَ إشفاقُ |
الحزن مجتمع والصبر مفترق
الحُزْنُ مُجتَمِعٌ وَالصّبْرُ مُفْتَرِقُ | و الحبُ مختلفٌ عندي ومتفقُ |
وَلي إذا كُلّ عَينٍ نَامَ صَاحِبُهَا | عينٌ تحالفَ فيها الدمعُ والأرقُ |
لَوْلاكِ يا ظَبْيَة َ الإنسِ التي نظرَتْ | لما وَصَلْنَ إلى مَكْرُوهيَ الحَدَقُ |
لكنْ نظرتِ وقدْ سارَ الخليطُ ضحى | بِناظِرٍ كُلُّ حُسنٍ مِنْهُ مُستَرَقُ |