مَحَلُّكَ الجَوْزَاءُ، بَلْ أرْفَعُ

مَحَلُّكَ الجَوْزَاءُ، بَلْ أرْفَعُ، وصدركَ الدهناءُ ، بلْ أوسعُ‍ ‍
وَقَلْبُكَ الرّحْبُ الّذِي لَمْ يَزَلْ، للجدِّ والهزلِ ، به موضعُ
رفهْ بقرعِ العودِ سمعاً ، غدا قرعُ العوالي جلَّ ما يسمعُ

لئن جمعتنا ، غدوة ً ، أرضُ ” بالسٍ”

لئن جمعتنا ، غدوة ً ، أرضُ ” بالسٍ” فإنَّ لها عندي يداً لا أضيعها
أحبُّ بلاد اللهِ ، أرضٌ تحلها ، إليَّ ؛ ودارٌ تحتويكَ ربوعها
أفي كلِّ يومٍ ، رحلة ٌ بعدَ رحلة ٍ تجرعُ نفسي ، حسرة ً ، وتروعها ؟
فَلي، أبَداً، قَلْبٌ كَثِيرٌ نِزَاعُه، وَلي، أبَداً، نَفْسٌ قَلِيلٌ نُزوعُهَا
لحَى الله قَلْباً لا يَهِيم صَبَابَة ً إلَيْكَ، وَعَيْناً لا تَفِيضُ دُمُوعُهَا

أنظرْ إلى زهرِ الربيعِ

أنظرْ إلى زهرِ الربيعِ ، و الماءُ في بركِ البديعِ ،
و إذا الرياحُ جرتْ عليـ ـهِ في الذهابِ وفي الرجوعِ ،
نثرتْ على بيضِ الصفا ئِحِ بَيْنَنَا حَلَقَ الدّروعِ

أريقُكِ أمْ ماءُ الغَمامةِ أمْ خَمْرُ

أريقُكِ أمْ ماءُ الغَمامةِ أمْ خَمْرُ بفيّ بَرُودٌ وهْوَ في كَبدي جَمْرُ
أذا الغُصْنُ أم ذا الدِّعصُ أم أنتِ فتنةٌ وذَيّا الذي قَبّلتُهُ البَرْقُ أمْ ثَغرُ
رَأتْ وجهَ مَنْ أهوَى بلَيلٍ عَواذلي فقُلْنَ نَرى شَمساً وما طَلَعَ الفَجرُ
رَأينَ التي للسّحرِ في لحَظاتِها سُيُوفٌ ظُباها من دَمي أبداً حُمرُ
تَناهَى سُكونُ الحُسنِ من حرَكاتِها فليسَ لرائي وجهِها لم يَمُتْ عُذْرُ
إلَيكَ ابنَ يحيَى بنِ الوَليدِ تجاوَزَتْ بيَ البيدَ عِيسٌ لحمُها والدّمُ الشِّعرُ
نَضَحْتُ بذكراكُمْ حَرارةَ قَلبِها فسارَتْ وطولُ الأرض في عينها شبرُ
إلى لَيثِ حَرْبٍ يُلحِمُ اللّيثَ سيفَهُ وبَحْرِ نَدًى في موجهِ يغرَقُ البحرُ
وإنْ كانَ يُبقي جُودُهُ من تَلِيدِهِ شَبيهاً بما يُبقي منَ العاشِقِ الهَجْرُ
فَتًى كلَّ يَوْمٍ تحتَوي نَفْسَ مالِهِ رِمَاحُ المَعالي لا الرُّدَيْنِيّةُ السُّمْرُ
تَباعَدَ ما بَينَ السّحابِ وبَيْنَهُ فَنائِلُها قَطْرٌ ونائِلُهُ غَمْرُ
ولَوْ تَنزِلُ الدّنْيا على حُكْمِ كَفّهِ لأصْبَحَتِ الدّنْيا وأكثرُها نَزْرُ
أراهُ صَغيراً قَدْرَها عُظْمُ قَدْرِهِ فَما لعَظيمٍ قَدْرُهُ عِندَهُ قَدْرُ
مَتى ما يُشِرْ نحوَ السّماءِ بوَجهِهِ تَخِرّ لهُ الشِّعرَى ويَنخسِفِ البَدْرُ
تَرَى القَمَرَ الأرْضِيَّ والمَلِكَ الذي لهُ المُلْكُ بعدَ الله والمَجدُ والذّكرُ
كَثيرُ سُهادِ العَينِ من غيرِ عِلّةٍ يُؤرّقُهُ في ما يُشَرّفُهُ الفِكْرُ
لَهُ مِنَنٌ تُفْني الثّنَاءَ كأنّما بهِ أقسَمَتْ أن لا يؤدَّى لها شُكْرُ
أبا أحْمَدٍ ما الفَخْرُ إلاّ لأهْلِهِ وما لامرىءٍ لم يُمسِ من بُحترٍ فخرُ
هُمُ النّاسُ إلاّ أنّهُمْ من مكارِمٍ يُغَنّي بهِمْ حَضْرٌ ويحدو بهم سَفْرُ
بمَنْ أضرِبُ الأمثالَ أمْ من أقيسُهُ إليكَ وأهلُ الدّهرِ دونَكَ والدّهرُ

إني لأعلم واللبيب خبير

إنّي لأعْلَمُ واللّبيبُ خَبِيرُأنْ الحَياةَ وَإنْ حَرَصْتُ غُرُورُ
ورَأيْتُ كُلاًّ ما يُعَلّلُ نَفْسَهُبِتَعِلّةٍ وإلى الفَنَاءِ يَصِيرُ
أمُجاوِرَ الدَّيْمَاسِ رَهْنَ قَرَارَةٍفيها الضّياءُ بوَجْهِهِ والنّورُ
ما كنتُ أحسبُ قبل دفنكَ في الثّرَىأنّ الكَواكِبَ في التّرابِ تَغُورُ
ما كنتُ آمُلُ قَبلَ نَعشِكَ أن أرَىرَضْوَى على أيدي الرّجالِ تَسيرُ
خَرَجُوا بهِ ولكُلّ باكٍ خَلْفَهُصَعَقاتُ مُوسَى يَوْمَ دُكّ الطُّورُ
والشّمسُ في كَبِدِ السّماءِ مريضَةٌوالأرْضُ واجفَةٌ تَكادُ تَمُورُ
وحَفيفُ أجنِحَةِ المَلائِكِ حَوْلَهُوعُيُونُ أهلِ اللاّذقِيّةِ صُورُ
حتى أتَوْا جَدَثاً كَأنّ ضَرِيحَهُفي قَلْبِ كُلّ مُوَحِّدٍ مَحْفُورُ
بمُزَوَّدٍ كَفَنَ البِلَى مِن مُلْكِهِمُغْفٍ وإثْمِدُ عَيْنِهِ الكافُورُ
فيهِ السّماحةُ والفَصاحةُ والتّقَىوالبأسُ أجْمَعُ والحِجَى والخِيرُ
كَفَلَ الثّنَاءُ لَهُ بِرَدّ حَيَاتِهِلمّا انْطَوَى فكأنّهُ مَنْشُورُ
وكأنّما عيسَى بنُ مَرْيَمَ ذِكْرُهُوكأنّ عازَرَ شَخْصُهُ المَقْبُورُ
من قصائد أبو الطيب المتنبي

غاضَتْ أنَامِلُهُ وهُنّ بُحُورُ

غاضَتْ أنَامِلُهُ وهُنّ بُحُورُ وخَبَتْ مَكايِدُهُ وهُنّ سَعِيرُ
يُبْكَى عَلَيْهِ وما استَقَرّ قَرارُهُ في اللّحْدِ حتى صافَحَتْهُ الحُورُ
صَبْراً بني إسْحَقَ عَنْهُ تَكَرّماً إنّ العَظيمَ على العَظيمِ صَبُورُ
فلِكُلّ مَفجُوع سِواكُمْ مُشْبِهٌ ولِكُلّ مَفْقُودٍ سِواهُ نَظِيرُ
أيّامَ قائِمُ سَيْفِهِ في كَفّهِ الـ ـيُمْنى وَبَاعُ المَوْتِ عَنهُ قَصِيرُ
ولَطالَما انْهَمَلَتْ بمَاءٍ أحْمَرٍ في شَفْرَتَيْهِ جَماجِمٌ ونُحورُ
فأُعيذُ إخوَتَهُ برَبّ مُحَمّدٍ أنْ يَحْزَنُوا ومُحَمّدٌ مَسرُورُ
أوْ يَرْغَبُوا بقُصُورِهم عَنْ حُفْرَةٍ حَيّاهُ فيها مُنْكَرٌ ونَكِيرُ
نَفَرٌ إذا غابَتْ غُمُودُ سُيُوفِهِمْ عَنْها فآجَالُ العِبادِ حُضُورُ
وإذ لَقُوا جَيْشاً تَيَقّنَ أنّهُ مِنْ بَطْنِ طَيرِ تَنُوفَةٍ مَحْشُورُ
لم تثْنَ في طَلَبٍ أعِنّةُ خَيْلِهِمْ إلاّ وعُمْرُ طَريدِها مَبْتُورُ
يَمّمْتُ شَاسِعَ دارِهِمْ عَنْ نيّةٍ إنّ المُحِبّ عَلى البِعادِ يَزُورُ
وقَنِعْتُ باللّقْيا وأوّلِ نَظْرَةٍ إنّ القَليلَ مِنَ الحَبيبِ كَثيرُ