إلامَ طَماعِيَةُ العاذِلِ | ولا رأيَ في الحُبّ للعاقِلِ |
يُرادُ مِنَ القَلْبِ نِسْيانُكُمْ | وتأبَى الطّباعُ على النّاقِلِ |
وإنّي لأعْشَقُ مِنْ أجْلِكُمْ | نُحُولي وكلَّ امرىءٍ ناحِلِ |
ولَوْ زُلْتُمُ ثُمّ لمْ أبْكِكُمْ | بكَيْتُ على حُبّيَ الزّائِلِ |
أيُنكِرُ خَدّي دُموعي وقَدْ | جرَتْ منهُ في مَسلَكٍ سابِلِ |
أأوّلُ دَمْعٍ جرَى فَوْقَهُ | وأوّلُ حُزْنٍ على راحِلِ |
وهَبْتُ السّلُوّ لِمَنْ لامَني | وبِتُّ منَ الشّوْقِ في شاغِلِ |
كأنّ الجُفُونَ على مُقلَتي | ثِيابٌ شُقِقْنَ على ثاكِلِ |
ولوْ كنتُ في أسرِ غَيرِ الهَوَى | ضَمِنْتُ ضَمانَ أبي وائِلِ |
فَدَى نَفسَهُ بضَمانِ النُّضارِ | وأعطَى صُدورَ القَنَا الذّابِلِ |
ومَنّاهُمُ الخَيْلَ مَجْنُوبَةً | فَجِئْنَ بكُلّ فَتًى باسِلِ |
كأنّ خَلاصَ أبي وائِلٍ | مُعاوَدَةُ القَمَرِ الآفِلِ |
دَعا فسَمِعتَ وكمْ ساكِتٍ | على البُعدِ عِندَكَ كالقائِلِ |
فَلَبّيْتَهُ بِكَ في جَحْفَلٍ | لَهُ ضامِنٍ وبِهِ كافِلِ |
خَرَجنَ منَ النّقْعِ في عارِضٍ | ومنْ عرَقِ الرّكضِ في وابِلِ |
فَلَمّا نَشِفْنَ لَقِينَ السِّياطَ | بمِثْلِ صَفَا البَلَدِ الماحِلِ |
شَفَنَّ لخَمْسٍ إلى مَنْ طَلَبنَ | قُبَيْلَ الشُّفُونِ إلى نازِلِ |
فَدانَتْ مَرافِقُهُنّ الثّرَى | على ثِقَةٍ بالدّمِ الغاسِلِ |
وما بَينَ كاذَتَيِ المُسْتَغِيرِ | كمَا بَينَ كاذَتَيِ البائِلِ |
فَلُقِّينَ كُلَّ رُدَيْنِيّةٍ | ومَصبُوحَةٍ لَبَنَ الشّائِلِ |
وجَيشَ إمَامٍ على ناقَةٍ | صَحيحِ الإمامَةِ في الباطِلِ |
فأقْبَلْنَ يَنْحَزْنَ قُدّامَهُ | نَوافِرَ كالنّحْلِ والعاسِلِ |
فلَمّا بدَوْتَ لأصْحابِهِ | رَأت أُسْدُها آكِلَ الآكِلِ |
بضَرْبٍ يَعُمّهُمُ جائِرٍ | لَهُ فيهِمِ قِسمَةُ العادِلِ |
وطَعْنٍ يُجَمِّعُ شُذّانَهُمْ | كمَا اجتَمَعَتْ دِرّةُ الحافِلِ |
إذا ما نَظَرْتَ إلى فارِسٍ | تَحَيّرَ عَنْ مَذْهَبِ الرّاجِلِ |
فظَلّ يُخَضِّبُ مِنها اللّحَى | فَتًى لا يُعيدُ على النّاصِلِ |
ولا يَسْتَغيثُ إلى ناصِرٍ | ولا يَتَضَعْضَعُ مِنْ خاذِلِ |
ولا يَزَعُ الطِّرْفَ عَنْ مُقدَمٍ | ولا يرْجعُ الطَّرْفَ عنْ هائِلِ |
إذا طَلَبَ التَّبْلَ لم يَشْأهُ | وإنْ كانَ دَيْناً على ماطِلِ |
خُذُوا ما أتاكمْ بهِ واعذِرُوا | فإنّ الغَنيمَةَ في العاجِلِ |
وإنْ كانَ أعجَبَكُم عامُكُمْ | فعُودوا إلى حِمْصَ في القابِلِ |
فإنّ الحُسامَ الخَضيبَ الذي | قُتِلْتُمْ بهِ في يَدِ القاتِلِ |
يَجودُ بمِثْلِ الذي رُمْتُمُ | فلَمْ تُدْرِكوهُ على السّائلِ |
أمامَ الكَتيبَةِ تُزْهَى بِهِ | مَكانَ السّنانِ منَ العامِلِ |
وإنّي لأعْجَبُ مِنْ آمِلٍ | قِتالاً بكُمٍّ على بازِلِ |
أقالَ لَهُ الله لا تَلْقَهُمْ | بماضٍ على فَرَسٍ حائِلِ |
إذا ما ضرَبْتَ بهِ هامَةً | بَراها وغَنّاكَ في الكاهِلِ |
ولَيسَ بأوّلِ ذي هِمّةٍ | دَعَتْهُ لِمَا لَيسَ بالنّائِلِ |
يُشَمّرُ لِلُّجِّ عَنْ ساقِهِ | ويَغْمُرُهُ المَوْجُ في السّاحِلِ |
أمَا للخِلافَةِ مِنْ مُشْفِقٍ | على سَيفِ دَوْلَتِها الفاصِلِ |
يَقُدّ عِداها بِلا ضارِبٍ | ويَسْري إلَيهِمْ بِلا حامِلِ |
ترَكْتَ جَماجِمَهمْ في النَّقَا | وما يَتَحَصّلْنَ للنّاخِلِ |
وأنْبَتَّ مِنْهُمْ رَبيعَ السّباعِ | فأثْنَتْ بإحسانِكَ الشّامِلِ |
وعُدْتَ إلى حَلَبٍ ظافِراً | كَعَوْدِ الحُليّ إلى العاطِلِ |
ومِثْلُ الذي دُسْتَهُ حافِياً | يُؤثّرُ في قَدَمِ النّاعِلِ |
وكَمْ لَكَ مِنْ خَبَرٍ شائعٍ | لَهُ شِيَةُ الأبْلَقِ الجائِلِ |
ويَوْمٍ شَرابُ بَنيهِ الرّدَى | بَغيضِ الحُضورِ إلى الواغِلِ |
تَفُكّ العُناةَ وتُغْني العُفاةَ | وتَغفِرُ للمُذْنِبِ الجاهِلِ |
فَهَنّأكَ النّصْرَ مُعْطيكَهُ | وأرْضاهُ سَعْيُكَ في الآجِلِ |
فَذي الدّارُ أخونُ من مُومِسٍ | وأخدَعُ مِن كَفّةِ الحابِلِ |
تَفَانَى الرّجالُ على حُبّها | وما يَحْصُلُونَ على طائِلِ |
قصائد العصر العباسي
مجموعة من أروع قصائد العصر العباسي شعراء العصر العباسي وقصائدهم الرائعة هنا.
أعلى الممالك ما يبنى على الأسل
أعْلى المَمالِكِ ما يُبْنى على الأسَلِ | والطّعْنُ عِندَ مُحِبّيهِنّ كالقُبَلِ |
وما تَقِرُّ سُيوفٌ في مَمالِكِها | حتى تُقَلْقَلَ دَهراً قبلُ في القُلَلِ |
مِثْلُ الأميرِ بَغَى أمراً فَقَرّبَهُ | طولُ الرّماحِ وأيدي الخيلِ والإبِلِ |
وعَزْمَةٌ بَعَثَتْهَا هِمّةٌ زُحَلٌ | من تَحتِها بمَكانِ التُّرْبِ من زُحَلِ |
على الفُراتِ أعاصِيرٌ وفي حَلَبٍ | تَوَحُّشٌ لمُلَقّى النصْرِ مُقْتَبَلِ |
تَتْلُو أسِنّتُهُ الكُتْبَ التي نَفَذَتْ | ويَجْعَلُ الخَيلَ أبدالاً مِنَ الرُّسُلِ |
يَلقى المُلوكَ فلا يَلقى سوَى جَزَرٍ | وما أعَدّوا فَلا يَلقَى سوَى نَفَلِ |
صانَ الخَليفَةُ بالأبطالِ مُهْجَتَهُ | صِيانَةَ الذَّكَرِ الهِنْدِيّ بالخِلَلِ |
الفاعِلُ الفِعْلَ لم يُفْعَلْ لِشدّتِهِ | والقائِلُ القَوْلَ لمْ يُترَكْ ولم يُقَلِ |
والباعِثُ الجَيشَ قد غالَتْ عَجاجَتُه | ضَوْءَ النّهارِ فصارَ الظُّهرُ كالطّفَلِ |
الجَوُّ أضيَقُ ما لاقاهُ ساطِعُها | ومُقْلَةُ الشّمسِ فيها أحيرُ المُقَلِ |
يَنالُ أبْعَدَ منها وهيَ ناظِرَةٌ | فَما تُقابِلُهُ إلاّ على وَجَلِ |
قد عرّضَ السّيفَ دونَ النّازِلاتِ بهِ | وظاهرَ الحزْمَ بينَ النّفسِ والغِيَلِ |
ووَكّلَ الظّنَّ بالأسرارِ فانكَشَفَتْ | لَهُ ضَمائِرُ أهلِ السّهلِ والجَبَلِ |
هُوَ الشّجاعُ يَعُدّ البُخلَ من جُبُنٍ | وهْوَ الجَوادُ يَعُدّ الجُبنَ من بَخَلِ |
يَعودُ مِنْ كلّ فَتْحٍ غيرَ مُفْتَخِرٍ | وقَدْ أغَذّ إلَيهِ غيرَ مُحْتَفِلِ |
ولا يُجيرُ عَلَيْهِ الدّهْرُ بُغْيَتَهُ | ولا تُحَصِّنُ دِرْعٌ مُهْجَةَ البَطَلِ |
إذا خَلَعْتُ على عِرْضٍ لهُ حُلَلاً | وجَدتُها مِنهُ في أبهَى منَ الحُلَلِ |
بذي الغَباوَةِ مِنْ إنْشادِها ضَرَرٌ | كمَا تُضِرّ رِياحُ الوَرْدِ بالجُعَلِ |
لَقد رَأتْ كلُّ عينٍ منكَ مالِئَها | وجَرّدَتْ خيرَ سَيفٍ خيرَةُ الدّوَلِ |
فَما تُكَشّفُكَ الأعداءُ عن مَلَلٍ | من الحُروبِ ولا الآراءُ عن زَلَلِ |
وكَمْ رِجالٍ بلا أرضٍ لكَثرَتِهِمْ | ترَكْتَ جَمْعَهُمُ أرْضاً بلا رَجُلِ |
ما زالَ طِرْفُكَ يَجري في دِمائِهِمِ | حتى مشَى بكَ مشْيَ الشّارِبِ الثَّمِلِ |
يا مَن يَسيرُ وحُكمُ النّاظرَينِ لَهُ | فيما يَراهُ وحكمُ القلبِ في الجَدَلِ |
إنّ السّعادَةَ فيما أنْتَ فاعِلُهُ | وُفّقْتَ مُرْتَحِلاً أوْ غَيرَ مُرْتَحِلِ |
أجْرِ الجِيادَ على ما كنتَ مُجرِيَها | وخُذْ بنَفْسِكَ في أخْلاقِكَ الأُولِ |
يَنْظُرْنَ مِنْ مُقَلٍ أدمَى أحِجّتَها | قَرْعُ الفَوارِسِ بالعَسّالَةِ الذُّبُلِ |
فَلا هَجَمْتَ بها إلاّ على ظَفَرٍ | وَلا وَصَلْتَ بها إلاّ إلى أمَلِ |
بنا منك فوق الرمل ما بك في الرمل
بنا منكَ فوْقَ الرّملِ ما بك في الرّملِ | وهذا الذي يُضْني كذاكَ الذي يُبلي |
كأنّكَ أبصرْتَ الذي بي وخِفْتَهُ | إذا عشتَ فاخترتَ الحِمامَ على الثُّكلِ |
تركتَ خُدودَ الغانِياتِ وفَوْقَها | دموعٌ تُذيبُ الحسن في الأعينِ النُّجلِ |
تَبُلّ الثّرَى سوداً منَ المِسكِ وحدَه | وقد قطرَتْ حُمراً على الشّعَرِ الجَثلِ |
فإنْ تَكُ في قَبرٍ فإنّكَ في الحَشَا | وإنْ تَكُ طفلاً فالأسَى ليسَ بالطفلِ |
ومِثْلُكَ لا يُبكَى على قَدْرِ سِنّهِ | ولكِنْ على قدرِ المخيلَةِ والأصْلِ |
ألَستَ منَ القَوْمِ الأُلى مِنْ رِماحِهمْ | نَداهُم ومِن قتلاهُمُ مُهجةُ البخلِ |
بمَوْلودِهِمْ صَمْتُ اللّسانِ كغَيرِهِ | ولكِنّ في أعْطافِهِ مَنطِقَ الفضْلِ |
تُسَلّيهِمِ عَلْياؤهُمْ عَن مُصابِهِمْ | ويَشغَلُهُمْ كسبُ الثّناءِ عن الشغلِ |
أقَلُّ بَلاءً بالرّزايَا مِنَ القَنَا | وأقْدَمُ بَينَ الجَحْفَلينِ من النَّبْلِ |
عَزاءَكَ سَيفَ الدّولَةِ المُقْتَدَى به | فإنّكَ نَصْلٌ والشّدائدُ للنّصلِ |
مُقيمٌ مِنَ الهَيجاءِ في كلّ مَنزِلٍ | كأنّكَ من كلّ الصّوارِمِ في أهلِ |
ولم أرَ أعصَى منكَ للحُزْنِ عَبرَةً | وأثْبَتَ عَقْلاً والقُلُوبُ بلا عَقلِ |
تَخُونُ المَنايا عَهْدَهُ في سَليلِهِ | وتَنصُرُهُ بَينَ الفَوارِسِ والرَّجْلِ |
ويَبقَى على مَرّ الحَوادِثِ صَبرُهُ | ويَبدو كمَا يَبدو الفِرِنْدُ على الصّقلِ |
ومَنْ كانَ ذا نَفسٍ كنَفسِكَ حرّةٍ | فَفيهِ لها مُغْنٍ وفيها لَهُ مُسلِ |
وما الموْتُ إلاّ سارِقٌ دَقّ شَخْصُهُ | يَصولُ بلا كَفٍّ ويَسعى بلا رِجْلِ |
يَرُدُّ أبو الشّبلِ الخَميسَ عنِ ابنِهِ | ويُسْلِمُهُ عِندَ الوِلادَةِ للنّملِ |
بنَفسي وَليدٌ عادَ مِن بَعدِ حَمْلِهِ | إلى بَطنِ أُمٍّ لا تُطرقُ بالحَمْلِ |
بَدَا ولَهُ وَعْدُ السّحابَةِ بالرِّوَى | وصَدَّ وفينا غُلّةُ البَلَدِ المَحْلِ |
وقد مَدّتِ الخَيلُ العِتاقُ عُيونَها | إلى وَقتِ تَبديلِ الرّكابِ من النّعلِ |
ورِيعَ لَهُ جَيشُ العَدوّ وما مشَى | وجاشتْ له الحرْبُ الضَّروسُ وما تغلي |
أيَفْطِمُهُ التَّوْرابُ قَبلَ فِطامِهِ | ويأكُلُهُ قبلَ البُلُوغِ إلى الأكلِ |
وقبلَ يرَى من جودِهِ ما رأيتَهُ | ويَسمَعُ فيهِ ما سمعتَ من العذلِ |
ويَلقَى كمَا تَلقَى من السّلمِ والوَغَى | ويُمسِي كمَا تُمسِي مَليكاً بلا مِثلِ |
تُوَلّيهِ أوساطَ البِلادِ رِماحُهُ | وتَمْنَعُهُ أطرافُهُنّ منَ العَزْلِ |
أنَبْكي لمَوتانا على غَيرِ رَغْبَةٍ | تَفُوتُ مِنَ الدّنْيا ولا مَوْهبٍ جَزْلِ |
إذا ما تأمّلتَ الزّمانَ وصَرْفَهُ | تيَقّنْتَ أنّ الموْتَ ضرْبٌ من القتلِ |
وما الدّهرُ أهلٌ أنْ تُؤمَّلَ عِندَهُ | حَياةٌ وأنْ يُشتاقَ فيهِ إلى النّسلِ |
لا الحلم جاد به ولا بمثاله
لا الحُلْمُ جادَ بِهِ وَلا بمِثالِهِ | لَوْلا اذّكارُ وَدَاعِهِ وزِيَالِهِ |
إنّ المُعِيدَ لَنَا المَنَامُ خَيَالَهُ | كانَتْ إعادَتُهُ خَيَالَ خَيَالِهِ |
بِتْنَا يُناوِلُنَا المُدامَ بكَفّهِ | مَنْ لَيسَ يخطُرُ أنْ نَراهُ ببالِهِ |
نجني الكَواكِبَ من قَلائِدِ جيدِهِ | ونَنالُ عينَ الشمس من خَلخالِهِ |
بِنْتُم عَنِ العَينِ القَريحَةِ فيكُمُ | وَسَكَنْتُمُ طَيَّ الفُؤادِ الوَالِهِ |
فَدَنَوْتُمُ ودُنُوّكُمْ من عِنْدِهِ | وَسَمَحتُمُ وسمَاحُكمْ من مالِهِ |
إنّي لأُبغِضُ طَيفَ من أحْبَبْتُهُ | إذْ كانَ يَهجُرُنا زَمانَ وِصَالِهِ |
مِثْلُ الصّبابَةِ والكآبَةِ وَالأسَى | فارَقْتُهُ فَحَدَثْنَ من تَرْحالِهِ |
وقَدِ استَقدتُ من الهوَى وأذَقْتُهُ | من عِفّتي ما ذُقتُ مِنْ بَلبالِهِ |
وَلقد ذَخرْتُ لكُلّ أرْضٍ ساعَةً | تَستَجفِلُ الضّرْغامَ عن أشبالِهِ |
تَلقَى الوُجوهُ بها الوُجوهَ وبَيْنَها | ضَرْبٌ يَجولُ الموْتُ في أجْوَالِهِ |
ولقد خَبأتُ مِنَ الكَلامِ سُلافَهُ | وسَقيتُ مَنْ نادَمتُ من جِرْيالِهِ |
وإذا تَعَثّرَتِ الجِيادُ بسَهْلِهِ | بَرّزْتُ غَيرَ مُعَثَّرٍ بِحبَالِهِ |
وحَكَمتُ في البَلدِ العَرَاءِ بناعجٍ | مُعتادِهِ مُجْتابِهِ مُغتالِهِ |
يَمشي كَما عَدَتِ المَطيّ وَرَاءَهُ | ويَزيدُ وَقْتَ جَمَامِها وكَلالِهِ |
وتُراعُ غَيرَ مُعَقَّلاتٍ حَوْلَهُ | فَيَفُوتُهَا مُتَجَفّلاً بعِقالِهِ |
فَغَدا النّجاحُ وراحَ في أخفَافِهِ | وَغَدَا المِراحُ وراحَ في إرْقالِهِ |
وَشرِكْتُ دوْلَةَ هاشِمٍ في سَيفِها | وشققتُ خِيس المُلكِ عن رِئبالِهِ |
عن ذا الذي حُرِمَ اللّيوثُ كَمالَه | يُنسِي الفريسَةَ خَوْفَهُ بجمالِهِ |
وَتَواضَعُ الأمَراءُ حَوْلَ سَريرِهِ | وتُري المَحَبّةَ وَهيَ من آكالِهِ |
ويُميتُ قَبلَ قِتالِهِ ويَبَشُّ قَبْـ | ـلَ نَوالِهِ ويُنيلُ قَبلَ سُؤالِهِ |
إنّ الرّياحَ إذا عَمَدْنَ لناظِرٍ | أغناهُ مُقبِلُها عَنِ اسْتِعجالِهِ |
أعطَى ومَنّ على المُلُوكِ بعَفْوِهِ | حتى تَسَاوَى النّاسُ في إفضالِهِ |
وإذا غَنُوا بعَطائِهِ عَنْ هَزّهِ | وَالَى فأغنَى أنْ يَقُولوا وَالِهِ |
وكأنّما جَدْواهُ مِنْ إكْثارِهِ | حَسَدٌ لسائِلِهِ على إقْلالِهِ |
غرَبَ النّجومُ فغُرْنَ دونَ همومه | وطَلَعنَ حينَ طَلَعنَ دونَ مَنالِهِ |
والله يُسْعِدُ كلّ يوْمٍ جَدَّهُ | ويزيدُ مِنْ أعدائِهِ في آلِهِ |
لَوْ لم تَكُنْ تَجري على أسيافِهِ | مُهَجاتُهُمْ لجَرَتْ على إقْبالِهِ |
لم يَتْرُكوا أثَراً عَلَيهِ من الوَغَى | إلاّ دِماءَهُمُ على سِرْبالِهِ |
فَلِمِثْلِهِ جَمَعَ العَرَمْرَمُ نَفْسَهُ | وبمثْلِهِ انفصَمَتْ عُرَى أقتالِهِ |
يا أيّها القَمَرُ المُباهي وَجهَهُ | لا تُكذَبَنّ فلستَ من أشكالِهِ |
وإذا طَمَى البحرُ المُحيطُ فقُلْ لَهُ | دَعْ ذا فإنّكَ عاجِزٌ عَنْ حالِهِ |
وَهبَ الذي وَرِثَ الجدودَ وما رَأى | أفعالَهُمْ لاِبنٍ بِلا أفْعَالِهِ |
حتى إذا فَنِيَ التُّرَاثُ سِوَى العُلى | قَصَدَ العُداةَ من القَنا بِطِوَالِهِ |
وَبأرْعَنٍ لَبسَ العَجاجَ إلَيهِمِ | فَوْقَ الحَديدِ وَجَرّ مِن أذيالِهِ |
فكَأنّمَا قَذِيَ النّهَارُ بنَقْعِهِ | أوْ غَضّ عَنهُ الطّرْفَ من إجلالِهِ |
الجَيشُ جيشُكَ غيرَ أنّكَ جيشهُ | في قَلْبِهِ وَيَمِينِهِ وشِمالِهِ |
تَرِدُ الطّعانَ المُرّ عَنْ فُرْسَانِهِ | وتُنازِلُ الأبطالَ عَن أبْطالِهِ |
كُلٌّ يُريدُ رِجالَهُ لحَيَاتِهِ | يا مَنْ يُريدُ حَيَاتَهُ لرِجَالِهِ |
دونَ الحَلاوَةِ في الزّمانِ مَرارَةٌ | لا تُخْتَطَى إلاّ على أهْوالِهِ |
فَلِذاكَ جاوَزَها عَليٌّ وَحْدَهُ | وَسَعَى بمُنْصُلِهِ إلى آمَالِهِ |
يؤمم ذا السيف آماله
يُؤمِّمُ ذا السّيفُ آمَالَهُ | وَلا يَفْعَلُ السّيفَ أفْعَالَهُ |
إذا سارَ في مَهْمَهٍ عَمَّهُ | وَإنْ سارَ في جَبَلٍ طَالَهُ |
وَأنْتَ بِمَا نُلْتَنَا مَالِكٌ | يُثَمرُ مِنْ مَالِهِ مَالَهُ |
كأنّكَ ما بَيْنَنَا ضَيْغَمٌ | يُرَشِّحُ للفَرْسِ أشْبَالَهُ |
أينفع في الخيمة العذل
أيَنفع في الخَيْمَةِ العُذّلُ | وَتَشْمَلُ مَن دَهرَها يَشمَلُ |
وَتَعْلُو الذي زُحَلٌ تَحْتَهُ | مُحالٌ لَعَمْرُكَ مَا تُسألُ |
فَلِمْ لا تَلُومُ الذي لامَهَا | وَمَا فَصُّ خاتَمِهِ يَذْبُلُ |
تَضِيقُ بشَخْصِكَ أرجاؤهَا | وَيَركُض في الواحِدِ الجَحفَلُ |
وَتَقصُرُ ما كُنتَ في جَوفِهَا | وَيُركَزُ فيها القَنَا الذُّبَّلُ |
وَكَيفَ تَقُومُ على راحَةٍ | كَأنّ البِحارَ لَهَا أُنْمُلُ |
فَلَيْتَ وَقَارَكَ فَرّقْتَهُ | وَحَمّلْتَ أرضَكَ مَا تَحْمِلُ |
فَصارَ الأنَامُ بِهِ سَادَةً | وَسُدْتَهُمُ بالّذي يَفْضُلُ |
رَأت لَونَ نُورِكَ في لَونِهَا | كَلَونِ الغَزَالَةِ لا يُغْسَلُ |
وَأنّ لَهَا شَرَفاً بَاذِخاً | وَأنّ الخِيامَ بِها تَخجَلُ |
فَلا تُنْكِرَنّ لَها صَرعَةً | فَمِن فَرَحِ النّفسِ ما يَقتُلُ |
وَلَو بُلّغَ النّاسُ ما بُلّغَت | لخانَتْهُمُ حَولَكَ الأرجُلُ |
وَلمّا أمَرتَ بتَطْنيبِهَا | أُشيعَ بأنّكَ لا تَرحَلُ |
فَمَا اعْتَمَدَ الله تَقْويضَهَا | وَلَكِنْ أشارَ بِما تَفْعَلُ |
وَعَرّفَ أنّكَ مِن هَمّهِ | وَأنّكَ في نَصْرِهِ تَرفُلُ |
فَمَا العَانِدُونَ وَما أثّلُوا | وَمَا الحَاسِدُونَ وما قَوّلُوا |
هُمُ يَطْلُبُونَ فَمَا أدرَكُوا | وَهُمْ يَكْذِبُونَ فمَن يَقْبَلُ |
وَهُمْ يَتَمَنّوْنَ مَا يَشْتَهُونَ | وَمِن دونِهِ جَدُّكَ المُقْبِلُ |
وَمَلْمُومَةٌ زَرَدٌ ثَوبُهَا | وَلَكِنّهُ بالقَنَا مُخْمَلُ |
يُفاجىءُ جَيْشاً بِهَا حَيْنُهُ | وَيُنْذِرُ جَيْشاً بِهَا القَسطَلُ |
جَعَلْتُكَ في القَلْبِ لي عُدّةً | لأنّكَ في اليَدِ لا تُجْعَلُ |
لَقَد رَفَعَ الله مِن دَولَةٍ | لهَا مِنْكَ يا سَيفَها مُنصُلُ |
فإن طُبِعَت قَبلَكَ المُرهَفَاتُ | فإنّكَ مِن قَبْلِها المِقْصَلُ |
وَإن جادَ قَبْلَكَ قَومٌ مَضَوا | فإنّكَ في الكَرَمِ الأوّلُ |
وَكَيْفَ تُقَصّرُ عَن غايَةٍ | وَأُمّكَ مِن لَيْثِهَا مُشْبِلُ |
وَقَد وَلَدَتْكَ فَقَالَ الوَرَى | ألم تَكُنِ الشّمسُ لا تُنْجَلُ |
فَتَبّاً لِدِينِ عَبيدِ النّجومِ | وَمَن يَدّعي أنّهَا تَعْقِلُ |
وَقَد عَرَفَتْكَ فَمَا بَالُهَا | تَراكَ تَراهَا ولا تَنْزِلُ |
وَلَو بِتُّمَا عِنْدَ قَدْرَيْكُمَا | لَبِتَّ وأعْلاكُمَا الأسْفَلُ |
أنَلْتَ عِبادَكَ مَا أمّلَت | أنَالَكَ رَبُّكَ مَا تَأمُلُ |