جَاءَ نَيرُوزُنَا وَأنتَ مُرَادُهْ | وَوَرَتْ بالذي أرَادَ زِنادُهْ |
هَذِهِ النّظْرَةُ التي نَالَهَا مِنْـ | ـكَ إلى مِثْلِها من الحَوْلِ زَادُهْ |
يَنْثَني عَنكَ آخِرَ اليَوْمِ مِنْهُ | نَاظِرٌ أنْتَ طَرْفُهُ وَرُقَادُهْ |
نحنُ في أرْضِ فارِسٍ في سُرُورٍ | ذا الصّبَاحُ الذي نرَى ميلادُهْ |
عَظّمَتْهُ مَمَالِكُ الفُرْسِ حتى | كُلُّ أيّامِ عَامِهِ حُسّادُهْ |
مَا لَبِسْنَا فيهِ الأكاليلَ حتى | لَبِسَتْهَا تِلاعُهُ وَوِهَادُهْ |
عندَ مَنْ لا يُقاسُ كسرَى أبوسا | سانَ مُلْكاً بهِ وَلا أوْلادُهْ |
عَرَبيٌّ لِسَانُهُ فَلْسَفيٌّ | رَأيُهُ فَارِسِيّةٌ أعْيَادُهْ |
كُلّمَا قالَ نائِلٌ أنَا مِنْهُ | سَرَفٌ قالَ آخَرٌ ذا اقْتِصادُهْ |
كَيفَ يرْتَدّ مَنكِبي عن سَمَاءٍ | والنِّجادُ الذي عَلَيْهِ نِجَادُهْ |
قَلّدَتْني يَمينُهُ بحُسَامٍ | أعقَبَتْ منهُ وَاحِداً أجْدادُهْ |
كُلّمَا استُلَّ ضاحَكَتْهُ إيَاةٌ | تَزْعُمُ الشّمسُ أنّهَا أرْآدُهْ |
مَثَّلُوهُ في جَفْنِهِ خِيفَةَ الفَقْـ | ـدِ فَفي مِثْلِ أثْرِهِ إغْمَادُهْ |
مُنْعَلٌ لا مِنَ الحَفَا ذَهَباً يَحْـ | ـمِلُ بَحراً فِرِنْدُهُ إزْبَادُهْ |
يَقْسِمُ الفَارِسَ المُدَجَّجَ لا يَسْـ | ـلَمُ مِنْ شَفْرَتَيْهِ إلاّ بِدادُهْ |
جَمَعَ الدّهْرُ حَدَّهُ ويَدَيْهِ | وَثَنَائي فاستَجمَعَتْ آحَادُهْ |
وَتَقَلّدْتُ شامَةً في نَداهُ | جِلْدُها مُنْفِساتُهُ وَعَتَادُهْ |
فَرّسَتْنَا سَوَابِقٌ كُنَّ فيهِ | فارَقَتْ لِبْدَهُ وَفيها طِرَادُهْ |
وَرَجَتْ رَاحَةً بِنَا لا تَرَاهَا | وَبلادٌ تَسيرُ فيهَا بِلادُهْ |
هل لِعُذري عند الهُمامِ أبي الفضْـ | ـلِ قَبُولٌ سَوَادُ عَيني مِدادُهْ |
أنَا مِنْ شِدّةِ الحَيَاءِ عَليلٌ | مَكْرُماتُ المُعِلِّهِ عُوّادُهْ |
مَا كَفاني تَقصِيرُ ما قُلتُ فيهِ | عن عُلاهُ حتى ثَنَاهُ انْتِقَادُهْ |
إنّني أصْيَدُ البُزاةِ وَلَكِنّ | أجَلّ النّجُومِ لا أصْطادُهْ |
رُبّ ما لا يُعَبِّرُ اللّفْظُ عَنْهُ | وَالذي يُضْمِرُ الفُؤادُ اعتِقادُهْ |
ما تَعَوّدتُ أن أرَى كأبي الفضْـ | ـلِ وَهَذا الذي أتَاهُ اعتِيادُهْ |
إنّ في المَوْجِ للغَرِيقِ لعُذْراً | وَاضِحاً أنْ يَفُوتَهُ تَعْدادُهْ |
للنّدَى الغَلبُ إنّهُ فاضَ وَالشّعْـ | ـرُ عِمادي وَابنُ العميدِ عِمادُهْ |
نَالَ ظَنّي الأُمُورَ إلاّ كَريماً | لَيْسَ لي نُطْقُهُ وَلا فيّ آدُهْ |
ظالِمُ الجُودِ كُلّما حَلّ رَكْبٌ | سِيمَ أنْ تحمِلَ البِحارَ مَزَادُهْ |
غَمَرَتْني فَوَائِدٌ شَاءَ فيها | أنْ يكونَ الكلامُ مِمّا أُفَادُهْ |
مَا سَمِعْنَا بمَنْ أحَبّ العَطَايَا | فاشتَهَى أنْ يكونَ فيهَا فُؤادُهْ |
خَلَقَ الله أفْصَحَ النّاسِ طُرّاً | في مَكانٍ أعْرَابُهُ أكْرَادُهْ |
وَأحَقُّ الغُيُوثِ نَفْساً بحَمْدٍ | في زَمانٍ كلُّ النّفوسِ جَرَادُهْ |
مِثلَمَا أحدَثَ النّبُوّةَ في العَا | لَمِ وَالبَعْثَ حِينَ شاعَ فَسَادُهْ |
زَانَتِ اللّيْلَ غُرّةُ القَمَرِ الطّا | لعِ فيهِ وَلم يَشِنْهَا سَوَادُهْ |
كَثُرَ الفِكْرُ كيفَ نُهدي كما أهْـ | ـدَتْ إلى رَبّها الرّئيسِ عِبَادُه |
وَالذي عِندَنَا مِنَ المَالِ وَالخَيْـ | لِ فَمِنْهُ هِبَاتُهُ وَقِيَادُهْ |
فَبَعَثْنَا بِأرْبَعِينَ مِهَاراً | كلُّ مُهْرٍ مَيْدانُهُ إنْشَادُهْ |
عَدَدٌ عِشْتَهُ يَرَى الجِسْمُ فيهِ | رَباً لا يَرَاهُ فِيمَا يُزَادُهْ |
فَارْتَبِطْهَا فإنّ قَلْباً نَمَاهَا | مرْبِطٌ تَسْبِقُ الجِيادَ جيادُهْ |
قصائد العصر العباسي
مجموعة من أروع قصائد العصر العباسي شعراء العصر العباسي وقصائدهم الرائعة هنا.
بِكُتْبِ الأنَامِ كِتابٌ وَرَدْ
بِكُتْبِ الأنَامِ كِتابٌ وَرَدْ | فدَتْ يَدَ كاتِبِهِ كُلُّ يَدْ |
يُعَبّرُ عَمّا لَهُ عِنْدَنَا | ويَذْكُرُ من شَوْقِهِ ما نَجِدْ |
فأخْرَقَ رَائِيَهُ ما رَأى | وأبرَقَ نَاقِدَهُ ما انتَقَدْ |
إذا سَمِعَ النّاسُ ألْفَاظَهُ | خلَقْنَ لهُ في القُلُوبِ الحَسَدْ |
فقُلْتُ وَقد فَرَسَ النّاطِقِينَ | كذا يَفعَلُ الأسَدُ ابنُ الأسَدْ |
نَسيتُ وَما أنسَى عِتاباً على الصّدِّ
نَسيتُ وَما أنسَى عِتاباً على الصّدِّ | ولاخَفَراً زَادَتْ بهِ حُمرَةُ الخدِّ |
وَلا لَيْلَةً قَصّرْتُهَا بِقَصِيرَةٍ | أطالتْ يدي في جيدِها صُحبةَ العِقدِ |
وَمَنْ لي بيَوْمٍ مثلِ يَوْمٍ كَرِهتُهُ | قرُبْتُ بهِ عندَ الوَداعِ من البُعْدِ |
وَألاّ يَخُصَّ الفَقْدُ شَيْئاً لأنّني | فقدْتُ فلم أفقِدْ دموعي وَلا وَجْدي |
تَمَنٍّ يَلَذُّ المُسْتَهَامُ بذِكْرِهِ | وإنْ كانَ لا يُغْنِي فَتيلاً وَلا يُجدي |
وَغَيظٌ على الأيّامِ كالنّارِ في الحَشَا | وَلَكِنّهُ غَيظُ الأسيرِ على القِدِّ |
فإمّا تَرَيْني لا أُقِيمُ بِبَلْدَةٍ | فآفَةُ غِمدي في دُلوقي وَفي حَدّي |
يَحِلُّ القَنَا يَوْمَ الطّعَانِ بعَقْوَتي | فأحرِمُهُ عِرْضِي وَأُطْعِمُهُ جلدي |
تُبَدِّلُ أيّامي وَعَيْشِي وَمَنْزِلي | نجائِبُ لا يَفكُرْنَ في النحسِ وَالسّعدِ |
وَأوْجُهُ فِتْيَانٍ حَيَاءً تَلَثّمُوا | عَلَيْهِنّ لا خَوْفاً منَ الحرّ والبرْدِ |
وَلَيسَ حَيَاءُ الوَجْهِ في الذّئبِ شيمةً | وَلَكِنّهُ مِنْ شيمَةِ الأسَدِ الوَرْدِ |
إذا لم تُجِزْهُمْ دارَ قَوْمٍ مَوَدّةٌ | أجازَ القَنَا وَالخَوْفُ خيرٌ من الوُدِّ |
يَحيدونَ عن هَزْلِ المُلُوكِ إلى الذي | تَوَفّرَ مِن بَينِ المُلُوكِ على الجِدِّ |
وَمَن يَصْحَبِ اسمَ ابنِ العميدِ محَمّدٍ | يَسِرْ بَينَ أنْيابٍ الأساوِدِ وَالأُسْدِ |
يَمُرُّ مِنَ السّمِّ الوَحيِّ بِعَاجِزٍ | وَيَعْبُرُ مِنْ أفواهِهِنّ عَلى دُرْدِ |
كَفَانَا الرّبيعُ العِيسَ من بَرَكاتِهِ | فجاءتْهُ لم تَسمَعْ حُداءً سوَى الرّعدِ |
إذا ما استَجَبنَ الماءَ يَعرِضُ نَفْسَهُ | كَرِعْنَ بِسِبْتٍ في إنَاءٍ من الوَرْدِ |
كأنّا أرَادَتْ شُكرَنا الأرْضُ عندَهُ | فَلَمْ يُخْلِنا جَوٌّ هَبَطْناهُ من رِفدِ |
لَنَا مَذْهَبُ العُبّادِ في تَرْكِ غَيرِهِ | وَإتْيَانِهِ نَبْغي الرّغائِبَ بالزّهْدِ |
رَجَوْنَا الذي يَرْجُونَ في كلّ جَنّةٍ | بأرْجانَ حتى ما يَئِسنَا من الخُلْدِ |
تَعَرّضُ للزّوّارِ أعْنَاقُ خَيْلِهِ | تَعَرُّضَ وَحشٍ خائِفاتٍ من الطّرْدِ |
وَتَلْقَى نَوَاصِيهَا المَنَايا مُشيحَةً | وُرُودَ قَطاً صُمٍّ تَشَايَحنَ في وِرْدِ |
وَتَنْسُبُ أفعالُ السّيُوفِ نُفُوسَهَا | إلَيْهِ وَيَنْسُبنَ السّيُوفَ إلى الهِنْدِ |
إذا الشّرَفَاءُ البِيضُ مَتُّوا بقَتْوِهِ | أتَى نَسَبٌ أعْلى من الأبِ وَالجَدِّ |
فَتًى فاتَتِ العَدْوَى من النّاسِ عَينُه | فَما أرْمدتْ أجفانَهُ كثرَةُ الرُّمْدِ |
وَخالَفَهُمْ خَلْقاً وَخُلْقاً وَمَوْضِعاً | فقد جَلّ أنْ يُعدَى بشَيْءٍ وَأن يُعدي |
يُغَيّرُ ألْوَانَ اللّيَالي عَلى العِدَى | بمَنشُورَةِ الرّاياتِ مَنصُورَةِ الجُندِ |
إذا ارْتَقَبُوا صُبْحاً رَأوْا قَبلَ ضَوْئِهِ | كتائِبَ لا يَرْدي الصّباحُ كما تَرْدي |
وَمَبْثُوثَةً لا تُتّقَى بطَلِيعَةٍ | وَلا يُحْتَمى مِنْها بِغَوْرٍ وَلا نَجْدِ |
يَغُصْنَ إذا ما عُدْنَ في مُتَفَاقِدٍ | من الكُثرِ غَانٍ بالعَبيدِ عن الحَشدِ |
حَثَتْ كلُّ أرْضٍ تُرْبَةً في غُبَارِهِ | فَهُنّ عَلَيْهِ كالطّرَائِقِ في البُرْدِ |
فإنْ يكُنِ المَهديّ مَن بانَ هَدْيُهُ | فهَذا وَإلاّ فالهُدى ذا فَما المَهدي |
يُعَلّلُنَا هَذا الزّمانُ بذا الوَعْدِ | وَيَخْدَعُ عَمّا في يَدَيْهِ من النّقدِ |
هَلِ الخَيرُ شيءٌ لَيسَ بالخَيرِ غائِبٌ | أمِ الرُّشدُ شيءٌ غائبٌ ليس بالرُّشدِ |
أأحزَمَ ذي لُبٍّ وَأكْرَمَ ذي يَدٍ | وَأشجَعَ ذي قَلبٍ وَأرْحمَ ذي كِبْدِ |
وَأحْسَنَ مُعْتَمٍّ جُلُوساً وَرِكْبَةً | على المِنبرِ العالي أوِ الفَرَسِ النّهْدِ |
تَفَضّلَتِ الأيّامُ بالجَمْعِ بَيْنَنَا | فلَمّا حَمِدْنَا لم تُدِمْنَا على الحَمدِ |
جَعَلْنَ وَداعي وَاحِداً لثَلاثَةٍ | جَمَالِكَ وَالعِلْمِ المُبرِّحِ وَالمَجْدِ |
وَقد كنتُ أدرَكْتُ المُنى غَيرَ أنّني | يُعَيّرُني أهْلي بإدراكِهَا وَحْدي |
وكُلُّ شَرِيكٍ في السّرُورِ بمُصْبَحي | أرَى بعدَهُ مَن لا يرَى مثلَهُ بَعدي |
فَجُدْ لي بقَلْبٍ إنْ رَحَلْتُ فإنّني | مُخَلِّفُ قَلبي عِندَ من فَضْلُه عندِي |
وَلَوْ فَارَقَتْ نَفْسِي إلَيكَ حَيَاتَها | لَقُلْتُ أصَابَتْ غَيرَ مَذمومةِ العهدِ |
أزَائرٌ يا خَيَالُ أمْ عَائِدْ
أزَائرٌ يا خَيَالُ أمْ عَائِدْ | أمْ عِنْدَ مَوْلاكَ أنّني رَاقِدْ |
لَيسَ كما ظَنّ، غَشيَةٌ عرَضَتْ | فَجِئتَني في خِلالهَا قَاصِدْ |
عُدْ وَأعِدْهَا فَحَبّذا تَلَفٌ | ألصَقَ ثَدْيي بثَدْيِكَ النّاهِدْ |
وَجُدْتَ فيهِ بمَا يَشِحّ بِهِ | مِنَ الشّتيتِ المُؤشَّرِ البَارِدْ |
إذا خَيَالاتُهُ أطَفْنَ بِنَا… | أضْحَكَهُ أنّني لهَا حَامِدْ |
لا أجْحَدُ الفَضْلَ رُبّمَا فعلَتْ | ما لم يكُنْ فَاعِلاً وَلا وَاعِدْ |
مَا تَعرِفُ العَينُ فَرْقَ بَيْنِهِمَا | كُلٌّ خَيَالٌ وِصَالُهُ نَافِدْ |
يا طَفْلَةَ الكَفّ عَبْلَةَ السّاعِدْ | على البَعِيرِ المُقَلَّدِ الوَاخِدْ |
زِيدي أذى مُهجَتي أزِدكِ هوًى | فأجْهَلُ النّاسِ عَاشِقٌ حَاقِدْ |
حَكَيْتَ يا لَيلُ فَرْعَها الوَارِدْ | فاحكِ نَوَاهَا لجَفنيَ السّاهِدْ |
طَالَ بُكائي عَلى تَذَكُّرِهَا | وَطُلْتَ حتى كِلاكُمَا وَاحِدْ |
مَا بَالُ هَذي النّجُومِ حائِرَةً | كأنّهَا العُمْيُ ما لَها قَائِدْ |
أوْ عُصْبَةٌ مِنْ مُلُوكِ نَاحِيَةٍ | أبُو شُجاعٍ عَلَيْهِمِ وَاجِدْ |
إنْ هَرَبُوا أُدْرِكوا وَإنْ وَقَفُوا | خَشُوا ذَهابَ الطّرِيفِ وَالتّالِدْ |
فَهُمْ يُرَجَّوْنَ عَفْوَ مُقْتَدِرٍ | مُبَارَكِ الوَجْهِ جائِدٍ مَاجِدْ |
أبْلَجَ لَوْ عاذَتِ الحَمَامُ بِهِ | مَا خَشِيَتْ رَامِياً وَلا صَائِدْ |
أوْ رَعَتِ الوَحْشُ وَهْيَ تَذكُرُهُ | ما رَاعَها حابِلٌ وَلا طَارِدْ |
تُهدي لَهُ كُلُّ ساعَةٍ خَبراً | عَن جَحفَلٍ تحتَ سَيفِهِ بائِدْ |
وَمُوضِعاً في فِتَانِ نَاجِيَةٍ | يَحمِلُ في التّاجِ هامةَ العاقِدْ |
يا عَضُداً رَبُّهُ بِهِ العاضِدْ | وَسَارِياً يَبعَثُ القَطَا الهَاجِدْ |
وَمُمْطِرَ المَوْتِ وَالحَيَاةِ مَعاً | وَأنتَ لا بارِقٌ وَلا رَاعِدْ |
نِلتَ وَما نِلتَ من مَضَرّةِ وَهْـ | ـشوذانَ ما نالَ رَأيُهُ الفَاسِدْ |
يَبْدَأُ مِنْ كَيْدِهِ بغَايَتِهِ | وَإنّمَا الحَرْبُ غايَةُ الكَائِدْ |
ماذا على مَنْ أتَى يُحارِبُكُمْ | فَذَمّ ما اخْتارَ لَوْ أتَى وَافِدْ |
بِلا سِلاحٍ سِوَى رَجائِكُمُ | فَفَازَ بالنّصرِ وَانثَنى رَاشِدْ |
يُقارِعُ الدّهرُ مَن يُقارِعُكُمْ | على مَكانِ المَسُودِ وَالسّائِدْ |
وَلِيتَ يَوْمَيْ فَنَاءِ عَسْكَرِهِ | وَلم تَكُنْ دانِياً وَلا شَاهِدْ |
وَلم يَغِبْ غَائِبٌ خَليفَتُهُ | جَيشُ أبيهِ وَجَدُّهُ الصّاعِدْ |
وكُلُّ خَطّيّةٍ مُثَقَّفَةٍ | يَهُزّهَا مَارِدٌ عَلى مَارِدْ |
سَوَافِكٌ مَا يَدَعْنَ فَاصِلَةً | بَينَ طَرِيءِ الدّمَاءِ وَالجَاسِدْ |
إذا المَنَايَا بَدَتْ فَدَعْوَتُهَا | أُبْدِلَ نُوناً بِدالِهِ الحَائِدْ |
إذا دَرَى الحِصْنُ مَنْ رَماهُ بها | خَرّ لهَا في أسَاسِهِ سَاجِدْ |
ما كانَتِ الطِّرْمُ في عَجاجَتِهَا | إلاّ بَعِيراً أضَلّهُ نَاشِدْ |
تَسألُ أهْلَ القِلاعِ عَنْ مَلِكٍ | قدْ مَسَخَتْهُ نَعَامَةً شَارِدْ |
تَستَوْحِشُ الأرْضُ أنْ تُقِرّ بهِ | فكُلّها مُنكِرٌ لَهُ جَاحِدْ |
فَلا مُشادٌ وَلا مُشيدُ حِمًى | وَلا مَشيدٌ أغنى وَلا شائِدْ |
فاغْتَظْ بقَوْمٍ وَهشوذَ ما خُلِقوا | إلاّ لِغَيظِ العَدوّ والحاسِدْ |
رَأوْكَ لمّا بَلَوْكَ نَابِتَةً | يأكُلُهَا قَبْلَ أهْلِهِ الرّائِدْ |
وَخَلِّ زِيّاً لِمَنْ يُحَقّقُهُ | ما كلُّ دامٍ جَبينُهُ عَابِدْ |
إنْ كانَ لمْ يَعْمِدِ الأمِيرُ لِمَا | لَقيتَ مِنْهُ فَيُمْنُهُ عَامِدْ |
يُقْلِقُهُ الصّبْحُ لا يرَى مَعَهُ | بُشرَى بفَتْحٍ كأنّهُ فَاقِدْ |
وَالأمْرُ لله، رُبّ مُجْتَهِدٍ | مَا خابَ إلاّ لأنّهُ جَاهِدْ |
وَمُتّقٍ وَالسّهَامُ مُرْسَلَةٌ | يَحيدُ عَن حابِضٍ إلى صَارِدْ |
فَلا يُبَلْ قاتِلٌ أعَادِيَهُ | أقَائِماً نَالَ ذاكَ أمْ قاعِدْ |
لَيتَ ثَنَائي الذي أصُوغُ فِدى | مَنْ صِيغَ فيهِ فإنّهُ خَالِدْ |
لَوَيْتُهُ دُمْلُجاً عَلى عَضُدٍ | لِدَوْلَةٍ رُكْنُهَا لَهُ وَالِدْ |
وَشَادِنٍ رُوحُ مَنْ يَهواهُ في يَدِهِ
وَشَادِنٍ رُوحُ مَنْ يَهواهُ في يَدِهِ | سَيْفُ الصُّدودِ عَلى أعْلَى مُقَلَّدِهِ |
مَا اهْتَزّ مِنْهُ عَلى عُضْوٍ لِيَبْتُرَهُ | إلاّ اتّقاهُ بتُرْسٍ مِنْ تَجَلّدِهِ |
ذَمّ الزّمَانُ إلَيْهِ مِنْ أحِبّتِهِ | ما ذَمّ مِن بَدرِهِ في حَمدِ أحمدِهِ |
شَمسٌ إذا الشّمسُ لاقَتهُ على فرَسٍ | تَرَدّدَ النّورُ فيها مِنْ تَرَدّدِهِ |
إنْ يَقْبُحُ الحُسْنُ إلاّ عِنْدَ طَلعَتِهِ | وَالعَبْدُ يَقْبُحُ إلاّ عندَ سَيّدِهِ |
قالتْ عنِ الرِّفْدِ طِبْ نَفْساً فقلتُ لها | لا يَصْدُرُ الحُرُّإلاّ بَعْدَ مَوْرِدِهِ |
لم أعرِفِ الخَيرَ إلاّ مُذْ عَرَفْتُ فَتًى | لم يُولَدِ الجُودُ إلاّ عِندَ مَوْلِدِهِ |
نَفْسٌ تُصَغِّرُ نَفسَ الدّهرِ من كِبَرٍ | لهَا نُهَى كَهْلِهِ في سِنّ أمْرَدِهِ |
أمُساوِرٌ أمْ قَرْنُ شَمْسٍ هَذا
أمُساوِرٌ أمْ قَرْنُ شَمْسٍ هَذا | أمْ لَيْثُ غابٍ يَقْدُمُ الأسْتَاذَا |
شِمْ ما انْتَضَيْتَ فقد ترَكْتَ ذُبابَهُ | قِطَعاً وقَدْ تَرَكَ العِبادَ جُذاذا |
هَبكَ ابنَ يزْداذٍ حَطَمْتَ وصَحْبَهُ | أتُرَى الوَرَى أضْحَوْا بَني يَزْداذَا |
غادَرْتَ أوْجُهَهُمْ بحَيْثُ لَقيتَهُمْ | أقْفَاءَهُمْ وكُبُودَهُمْ أفْلاذَا |
في مَوْقِفٍ وَقَفَ الحِمَامُ عَلَيهِمِ | في ضَنكِهِ واسْتَحوَذَ اسْتِحْوَاذَا |
جَمَدَتْ نُفُوسُهُمُ فَلَمّا جِئْتَها | أجْرَيْتَها وسَقَيْتَها الفُولاذَا |
لمّا رَأوْكَ رَأوْا أبَاكَ مُحَمّداً | في جَوْشَنٍ وأخا أبيكَ مُعاذَا |
أعْجَلْتَ ألْسُنَهُمْ بضَرْبِ رِقابهمْ | عَنْ قَوْلهِمْ: لا فارِسٌ إلاّ ذَا |
غِرٌّ طَلَعْتَ عَلَيْهِ طِلْعَةَ عارِضٍ | مَطَرَ المَنَايَا وابِلاً ورَذاذَا |
سَدّتْ عَلَيْهِ المَشْرَفِيّةُ طُرْقَهُ | فانْصَاعَ لا حَلَباً ولا بَغذَاذَا |
طَلَبَ الإمارَةَ في الثّغُورِ ونَشْؤهُ | ما بَينَ كَرْخايا إلى كَلْوَاذَا |
فَكأنَّهُ حَسِبَ الأسِنَّةَ حُلْوَةً | أوْ ظَنَّها البَرْنيَّ وَالآزَاذَا |
لم يَلْقَ قَبلَكَ مَنْ إذا اختَلَفَ القَنَا | جَعَلَ الطّعانَ مِنَ الطّعانِ مَلاذَا |
مَنْ لا تُوافِقُهُ الحَياةُ وطِيبُها | حتى يُوافِقَ عَزْمُهُ الإنْفَاذَا |
مُتَعَوّداً لُبْسَ الدّروعِ يَخالها | في البَرْدِ خَزّاً والهَواجِرِ لاذَا |
أعْجِبْ بأخْذِكَهُ وأعجَبُ منكما | أنْ لا تَكُونَ لمِثْلِهِ أخّاذَا |