نَعى نَفسي إِلَيّ مِنَ اللَيالي | تَصَرّفُهُنَّ حالاً بَعدَ حالِ |
فَمالي لَستُ مَشغولاً بِنَفسي | وَمالي لا أَخافُ المَوتَ مالي |
لَقَد أَيقَنتُ أَنّي غَيرُ باقٍ | وَلَكِنّي أَراني لا أُبالي |
أَما لي عِبرَةٌ في ذِكرِ قَومٍ | تَفانَوا رُبَّما خَطَروا بِبالي |
كَأَنَّ مُمَرِّضي قَد قامَ يَمشي | بِنَعشي بَينَ أَربَعَةٍ عِجالِ |
وَخَلفي نُسوَةٌ يَبكينَ شَجواً | كَأَنَّ قُلوبُهُنَّ عَلى مَقالِ |
سَأَقنَعُ ما بَقيتُ بِقوتِ يَومٍ | وَلا أَبغي مُكاثَرَةً بِمالِ |
تَعالى اللَهُ يا سَلمَ اِبنَ عَمرٍ | أَذَلَّ الحِرصُ أَعناقَ الرِجالِ |
هَبِ الدُنيا تُساقُ إِلَيكِ عَفواً | أَلَيسَ مَصيرُ ذاكَ إِلى زَوالِ |
فَما تَرجو بِشَيءٍ لَيسَ يَبقى | وَشيكاً ما تُغَيِّرُهُ اللَيالي |
قصائد أبو العتاهية
أبيات شعر و قصائد لشاعر العصر العباسي أبو العتاهية في مكتبة قصائد العرب.
أخوي مرا بالقبور
أَخَوَيَّ مُرّا بِالقُبو | رِ فَسلِّما قَبلَ المَسيرِ |
ثُمَّ ادعوا يا مَن بِها | مِن ماجِدٍ قَرمٍ فَخورِ |
وَ مُسَوّدٍ رَحبِ الفِنا | ءِ أَغَرَّ كَالقَمَرِ المُنيرِ |
يا مَن تَضَمَّنُهُ المَقا | بِرُ مِن صَغيرٍ أَو كَبيرِ |
هَل فيكُمُ أَو مِنكُمُ | مِن مُستَجارٍ أَو مُجيرِ |
أَو ناطِقٍ أَو سامِعٍ | يَوماً بِعُرفٍ أَو نَكيرِ |
أَهلَ القُبورِ أَحِبَّتي | بَعدَ الجَزالَةِ وَالسُرورِ |
بَعدَ الغَضارَةِ وَالنَضا | رَةِ وَالتَنَعُّمِ وَالحُبورِ |
بَعدَ المَشاهِدِ وَالمَجا | لِسِ وَ الدَساكِرِ وَالقُصورِ |
بَعدَ الحِسانِ المُسمِعا | تِ وَبَعدَ رَبّاتِ الخُدورِ |
وَالناجِياتِ المُنجِيا | تِ مِنَ المَهالِكِ وَالشُرورِ |
أَصبَحتُم تَحتَ الثَرى | بَينَ الصَفائِحِ وَالصُخورِ |
أَهلَ القُبورِ إِلَيكُمُ | لا بُدَّ عاقِبَةُ المَصيرِ |
أصبحتُ والله في مضيق
أصبحتُ والله في مضيق | هل منْ دليلٍ على الطريقِ |
أفٍّ لدنيا تلاعبتْ بي | تلاعبَ الموج بالغريقِ |
أصبتُ فيها دُريهماتٍ | فبغضتني إلى الصديقِ |
أما تنفك باكية بعين
أَما تَنفَكُّ باكِيَةً بِعَينٍ | غَزيرٍ دَمعُها كَمِدٌ حَشاها |
إن المحب إذا ترادف همه
إِنَّ المُحِبَّ إِذا تَرادَفَ هَمُّهُ | يَلقى المُحِبُّ فَيَستَريحُ إِلَيهِ |
إن الفناء من البقاء قريب
إِنَّ الفَناءَ مِنَ البَقاءِ قَريبُ | إِنّ الزَمانَ إِذا رَمى لَمُصيبُ |
إِنَّ الزَمانَ لِأَهلِهِ لَمُؤَدَّبٌ | لَو كانَ يَنفَعُ فيهِمُ التَأديبُ |
صِفَةُ الزَمانِ حَكيمَةٌ وَبَليغَةٌ | إِنَّ الزَمانَ لَشاعِرٌ وَخَطيبُ |
وَأَراكَ تَلتَمِسُ البَقاءَ وَطولُهُ | لَكَ مُهرِمٌ وَمُعَذِّبٌ وَمُذيبُ |
وَلَقَد رَأَيتُكَ لِلزَمانِ مُجَرِّباً | لَو كانَ يُحكِمُ رَأيَكَ التَجريبُ |
وَلَقَد يُكَلِّمُكَ الزَمانُ بِأَلسُنٍ | عَرَبِيَّةٍ وَأَراكَ لَستَ تُجيبُ |
لَو كُنتَ تَفهَمُ عَن زَمانِكَ قَولَهُ | لَعَراكَ مِنهُ تَفَجُّعٌ وَنَحيبُ |
أَلحَحتَ في طَلَبِ الصِبا وَضَلالِهِ | وَالمَوتُ مِنكَ وَإِن كَرِهتَ قَريبُ |
وَلَقَد عَقَلتَ وَما أَراكَ بِعاقِلٍ | وَلَقَد طَلَبتَ وَما أَراكَ تُصيبُ |
وَلَقَد سَكَنتَ صُحونَ دارِ تَقَلُّبٍ | أَبلى وَأَفنى دارَكَ التَقليبُ |
أَمَعَ المَماتِ يَطيبُ عَيشُكَ يا أَخي | هَيهاتَ لَيسَ مَعَ المَماتِ يَطيبُ |
زُغ كَيفَ شِئتَ عَنِ البِلى فَلَهُ عَلى | كُلَّ اِبنِ أُنثى حافِظٌ وَرَقيبُ |
كَيفَ اِغتَرَرتَ بِصَرفِ دَهرِكَ يا أَخي | كَيفَ اِغتَرَرتَ بِهِ وَأَنتَ لَبيبُ |
وَلَقَد حَلَبتَ الدَهرَ أَشطُرَ دَرِّهِ | حِقَباً وَأَنتَ مُجَرِّبٌ وَأَريبُ |
وَالمَوتُ يَرتَصِدُ النُفوسَ وَكُلُّنا | لِلمَوتِ فيهِ وَلِلتُرابِ نَصيبُ |
إِن كُنتَ لَستَ تُنيبُ إِن وَثَبَ البِلى | بَل يا أَخي فَمَتى أَراكَ تُنيبُ |
لِلَّهِ دَرُّكَ عائِباً مُتَسَرِّعاً | أَيَعيبُ مَن هُوَ بِالعُيوبِ مَعيبُ |
وَلَقَد عَجِبتُ لِغَفلَتي وَلِغِرَّتي | وَالمَوتُ يَدعوني غَداً فَأُجيبُ |
وَلَقَد عَجِبتُ لِطولِ أَمنِ مَنِيَّتي | وَلَها إِلَيَّ تَوَثُّبٌ وَدَبيبُ |
لِلَّهِ عَقلي ما يَزالُ يَخونَني | وَلَقَد أَراهُ وَإِنَّهُ لَصَليبُ |
لِلَّهِ أَيّامٌ نَعِمتُ بِلينِها | أَيّامَ لي غُصنُ الشَبابِ رَطيبُ |
إِنَّ الشَبابَ لَنافِقٌ عِندَ النِسا | ما لِلمَشيبِ مِنَ النِساءِ حَبيبُ |