غَفَلتُ وَلَيسَ المَوتُ عَنّي بِغافِلِ | وَإِنّي أَراهُ بي لَأَوَّلَ نازِلِ |
نَظَرتُ إِلى الدُنيا بِعَينٍ مَريضَةٍ | وَفِكرَةِ مَغرورٍ وَتَدبيرِ جاهِلِ |
فَقُلتُ هِيَ الدارُ الَّتي لَيسَ غَيرُها | وَنافَستُ مِنها في غُرورٍ وَباطِلِ |
وَضَيَّعتُ أَهوالاً أَمامي طَويلَةً | بِلَذَّةِ أَيّامٍ قِصارٍ قَلائِلِ |
شعر العصر العباسي
اشعار و قصائد شعر من العصر العباسي أجمل قصائد العرب في العصر العباسي.
يسلم المرء أخوه
يُسلِمُ المَرءَ أَخوهُ | لِلمَنايا وَأَبوهُ |
وَأَبو الأَبناءِ لا يَب | قى وَلا يَبقى بَنوهُ |
رُبَّ مَذكورٍ لِقَومٍ | غابَ عَنهُم فَنَسوهُ |
وَإِذا أَفنى سِنيهِ ال | مَرءُ أَفنَتهُ سِنونُ |
وَكَأَن بِالمَرءِ قَد يَب | كي عَلَيهِ أَقرَبوهُ |
وَكَأَنَّ القَومَ قَد قا | موا فَقالوا أَدرِكوهُ |
سائِلوهُ كَلِّموهُ | حَرِّكوهُ لَقِّنوهُ |
فَإِذا استَيأَسَ مِنهُ ال | قَومُ قالوا حَرِّفوهُ |
حَرِّفوهُ وَجِّهوهُ | مَدِّدوهُ غَمِّضوهُ |
عَجِّلوهُ لِرَحيلٍ | عَجِّلوا لا تَحبِسوهُ |
اِرفَعوهُ غَسِّلوهُ | كَفِّنوهُ حَنِّطوهُ |
فَإِذا ما لُفَّ في الأَك | فانِ قالوا فَاحمِلوهُ |
أَخرِجوهُ فَوقَ أَعوا | دِ المَنايا شَيِّعوهُ |
فَإِذا صَلّوا عَلَيهِ | قيلَ هاتوا وَاقبِروهُ |
فَإِذا ما اِستَودَعوهُ ال | أَرضَ رَهناً تَرَكوهُ |
خَلَّفوهُ تَحتَ رَدمٍ | أَوقَروهُ أَثقَلوهُ |
أَبعَدوهُ أَسحَقوهُ | أَوحَدوهُ أَفرَدوهُ |
وَدَّعوهُ فارَقوهُ | أَسلَموهُ خَلَّفوهُ |
وَاِنثَنَوا عَنهُ وَخَلَّو | هُ كَأَن لَم يَعرِفوهُ |
وَكَأَنَّ القَومَ فيما | كانَ فيهِ لَم يَلوهُ |
اِبتَنى الناسُ مِنَ البُن | يانِ ما لَم يَسكُنوهُ |
جَمَعَ الناسُ مِنَ الأَم | والِ ما لَم يَأكُلوهُ |
طَلَبَ الناسُ مِنَ الآ | مالِ ما لَم يُدرِكوهُ |
كُلُّ مَن لَم يَجعَلِ النا | سَ إِماماً تَرَكوهُ |
ظَعَنَ المَوتى إِلى ما | قَدَّموهُ وَجَدوهُ |
طابَ عَيشُ القَومِ ما كا | نَ إِذا القَومُ رَضوهُ |
عِش بِما شِئتَ فَمَن تَس | رُرهُ دُنياهُ تَسوهُ |
وَإِذا لَم يُكرِمِ النا | سَ امرُؤٌ لَم يُكرِموهُ |
كُلُّ مَن لَم يَحتَجِ النا | سُ إِلَيهِ صَغَّروهُ |
وَإِلى مَن رَغِبَ النا | سُ إِلَيهِ أَكبَروهُ |
مَن تَصَدّى لِأَخيهِ | بِالغِنى فَهوَ أَخوهُ |
فَهوَ إِن يَنظُر إِلَيهِ | يَرءَ مِنهُ ما يَسوهُ |
يُكرَمُ المَرءُ وَإِن أَم | لَقَ أَقصاهُ بَنوهُ |
لَو رَأى الناسُ نَبِيّاً | سائِلاً ما وَصَلوهُ |
وَهُمُ لَو طَمِعوا في | زادِ كَلبٍ أَكَلوهُ |
لا تَراني آخِرَ الدَه | رِ بِتَسآلٍ أَفوهُ |
إِنَّ مَن يَسأَل سِوى الرَح | مَنِ يَكثُر حارِموهُ |
وَالَّذي قامَ بِأَرزا | قِ الوَرى طُرّاً سَلوهُ |
وَعَنِ الناسِ بِفَضلِ اللَ | هِ فَاغنوا وَاحمِدوهُ |
تَلبَسوا أَثوابَ عِزٍّ | فَاِسمَعوا قَولي وَعوهُ |
إِنَّما يُعرَفُ بِالفَض | لِ مَنِ الناسِ ذَوّهُ |
أَفضَلُ المَعروفِ ما لَم | تُبتَذَل فيهِ الوُجوهُ |
أَنتَ ما اِستَغنَيتَ عَن صا | حِبِكَ الدَهرَ أَخوهُ |
فَإِذا اِحتَجتَ إِلَيهِ | ساعَةً مَجَّكَ فوهُ |
إن السلامة أن ترضى بما قضيا
إِنَّ السَلامَةَ أَن تَرضى بِما قُضِيا | لَيَسلَمَنَّ بِإِذنِ اللَهِ مَن رَضِيا |
المَرءُ يَأمُلُ وَالآمالُ كاذِبَةٌ | وَالمَرءُ تَصحَبُهُ الآمالُ ما بَقِيا |
يا رُبَّ باكٍ عَلى مَيتٍ وَباكِيَةٍ | م يَلبَثا بَعدَ ذاكَ المَيتِ أَن بُكِيا |
وَرُبَّ ناعٍ نَعى حيناً أَحِبَّتَهُ | ما زالَ يَنعى إِلى أَن قيلَ قَد نُعِيا |
عِلمي بِأَنّي أَذوقُ المَوتَ نَغَّصَ لي | طيبَ الحَياةِ فَما تَصفو الحَياةُ لِيا |
كَم مِن أَخٍ تَغتَذي دودُ التُرابِ بِهِ | وَكانَ حَيّاً بِحُلوِ العَيشِ مُغتَذِيا |
يَبلى مَعَ المَيتِ ذِكرُ الذاكِرينَ لَهُ | مَن غابَ غَيبَةَ مَن لا يُرتَجى نُسِيا |
مَن ماتَ ماتَ رَجاءُ الناسِ مِنهُ فَوَل | لَوهُ الجَفاءَ وَمَن لا يُرتَجى جُفِيا |
إِنَّ الرَحيلَ عَنِ الدُنيا لَيُزعِجُني | إِن لَم يَكُن رائِحاً بي كانَ مُغتَدِيا |
لحَمدُ لِلَّهِ طوبى لِلسَعيدِ وَمَن | لَم يُسعِدِ اللَهُ بِالتَقوى فَقَد شَقِيا |
كَم غافِلٍ عَن حِياضِ المَوتِ في لَعِبٍ | يُمسي وَيُصبِحُ رَكّاباً لِما هَوِيا |
وَمُنقَضٍ ما تَراهُ العَينُ مُنقَطِعٌ | ما كُلُّ شَيءٍ يُرى إِلّا لِيَنقَضِيا |
لعمرك ما الدنيا بدار بقاء
لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِ | كَفاكَ بِدارِ المَوتِ دارَ فَناءِ |
فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّما | تَرى عاشِقَ الدُنيا بِجهدِ بَلاءِ |
حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍ | وَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ |
فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخْيلَةٍ | فَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَ ماءِ |
لَقَلَّ امرُؤٌ تَلقاهُ لِلَّهِ شاكِرًا | وَقَلَّ امرُؤٌ يَرضى لَهُ بِقَضاءِ |
وَلِلَّهِ نَعماءٌ عَلَينا عَظيمَةٌ | وَلِلَّهِ إِحسانٌ وَفَضلُ عَطاءِ |
وَما الدَهرُ يَوماً واحِدًا في اختِلافِهِ | وَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ |
وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍ | وَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ |
وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُ | وَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ |
أَيا عَجَباً لِلدَهرِ لا بَل لِرَيبِهِ | تَخَرَّمَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ إِخاءِ |
وَمَزَّقَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ جَماعَةٍ | وَكَدَّرَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ صَفاءِ |
إِذا ما خَليلٌ حَلَّ في بَرزَخِ البِلى | فَحَسبي بِهِ نَأياً وَبُعدَ لِقاءِ |
أَزورُ قُبورَ المُترَفينَ فَلا أَرى | بَهاءً وَكانوا قَبلُ أَهلَ بَهاءِ |
وَكُلٌّ رَماهُ واصِلٌ بِصَريمَةٍ | وَكُلٌّ رَماهُ مُلطِفٌ بِجَفاءِ |
طَلَبتُ فَما أَلفَيتُ لِلمَوتِ حيلَةً | وَيَعيا بِداءِ المَوتِ كُلُّ دَواءِ |
وَنَفسُ الفَتى مَسرورَةٌ بِنَمائِهَ | وَلِلنَقصِ تُنمي كُلُّ ذاتِ نَماءِ |
كَم مِن مُفَدّاً ماتَ لَم أَرَ أَهلَهُ | حَبَوهُ وَلا جادوا لَهُ بِفِداءِ |
أَمامَكَ يا نَدمانُ دارُ سَعادَةٍ | يَدومُ النَما فيها وَدارُ شَقاءِ |
خُلِقتَ لِإِحدى الغايَتَينِ فَلا تَنَم | وَكُن بَينَ خَوفٍ مِنهُما وَرَجاءِ |
وَفي الناسِ شَرٌّ لَو بَدا ما تَعاشَروا | وَلَكِن كَساهُ اللَهُ ثَوبَ غِطاءِ |
إذا رمت المكارم من كريم
إِذا رُمتَ المَكارِمَ مِن كَريمٍ | فَيَمِّم مَن بَنى لِلَّهِ بَيتا |
فَذاكَ اللَيثُ مَن يَحمي حِماهُ | وَيُكرِمُ ضَيفَهُ حَيّاً وَمَيتا |
اصبر لكل مصيبة و تجلد
اِصبِر لِكُلِّ مُصيبَةٍ وَ تَجَلَّدِ | وَاِعلَم بِأَنَّ المَرءَ غَيرُ مُخَلَّدِ |
أَوَما تَرى أَنَّ المَصائِبَ جَمَّةٌ | وَتَرى المَنِيَّةَ لِلعِبادِ بِمَرصَدِ |