غفلت وليس الموت عني بغافل

غَفَلتُ وَلَيسَ المَوتُ عَنّي بِغافِلِوَإِنّي أَراهُ بي لَأَوَّلَ نازِلِ
نَظَرتُ إِلى الدُنيا بِعَينٍ مَريضَةٍوَفِكرَةِ مَغرورٍ وَتَدبيرِ جاهِلِ
فَقُلتُ هِيَ الدارُ الَّتي لَيسَ غَيرُهاوَنافَستُ مِنها في غُرورٍ وَباطِلِ
وَضَيَّعتُ أَهوالاً أَمامي طَويلَةًبِلَذَّةِ أَيّامٍ قِصارٍ قَلائِلِ
أبو العتاهية

يسلم المرء أخوه

يُسلِمُ المَرءَ أَخوهُلِلمَنايا وَأَبوهُ
وَأَبو الأَبناءِ لا يَبقى وَلا يَبقى بَنوهُ
رُبَّ مَذكورٍ لِقَومٍغابَ عَنهُم فَنَسوهُ
وَإِذا أَفنى سِنيهِ المَرءُ أَفنَتهُ سِنونُ
وَكَأَن بِالمَرءِ قَد يَبكي عَلَيهِ أَقرَبوهُ
وَكَأَنَّ القَومَ قَد قاموا فَقالوا أَدرِكوهُ
سائِلوهُ كَلِّموهُحَرِّكوهُ لَقِّنوهُ
فَإِذا استَيأَسَ مِنهُ القَومُ قالوا حَرِّفوهُ
حَرِّفوهُ وَجِّهوهُمَدِّدوهُ غَمِّضوهُ
عَجِّلوهُ لِرَحيلٍعَجِّلوا لا تَحبِسوهُ
اِرفَعوهُ غَسِّلوهُكَفِّنوهُ حَنِّطوهُ
فَإِذا ما لُفَّ في الأَكفانِ قالوا فَاحمِلوهُ
أَخرِجوهُ فَوقَ أَعوادِ المَنايا شَيِّعوهُ
فَإِذا صَلّوا عَلَيهِقيلَ هاتوا وَاقبِروهُ
فَإِذا ما اِستَودَعوهُ الأَرضَ رَهناً تَرَكوهُ
خَلَّفوهُ تَحتَ رَدمٍأَوقَروهُ أَثقَلوهُ
أَبعَدوهُ أَسحَقوهُأَوحَدوهُ أَفرَدوهُ
وَدَّعوهُ فارَقوهُأَسلَموهُ خَلَّفوهُ
وَاِنثَنَوا عَنهُ وَخَلَّوهُ كَأَن لَم يَعرِفوهُ
وَكَأَنَّ القَومَ فيماكانَ فيهِ لَم يَلوهُ
اِبتَنى الناسُ مِنَ البُنيانِ ما لَم يَسكُنوهُ
جَمَعَ الناسُ مِنَ الأَموالِ ما لَم يَأكُلوهُ
طَلَبَ الناسُ مِنَ الآمالِ ما لَم يُدرِكوهُ
كُلُّ مَن لَم يَجعَلِ الناسَ إِماماً تَرَكوهُ
ظَعَنَ المَوتى إِلى ماقَدَّموهُ وَجَدوهُ
طابَ عَيشُ القَومِ ما كانَ إِذا القَومُ رَضوهُ
عِش بِما شِئتَ فَمَن تَسرُرهُ دُنياهُ تَسوهُ
وَإِذا لَم يُكرِمِ الناسَ امرُؤٌ لَم يُكرِموهُ
كُلُّ مَن لَم يَحتَجِ الناسُ إِلَيهِ صَغَّروهُ
وَإِلى مَن رَغِبَ الناسُ إِلَيهِ أَكبَروهُ
مَن تَصَدّى لِأَخيهِبِالغِنى فَهوَ أَخوهُ
فَهوَ إِن يَنظُر إِلَيهِيَرءَ مِنهُ ما يَسوهُ
يُكرَمُ المَرءُ وَإِن أَملَقَ أَقصاهُ بَنوهُ
لَو رَأى الناسُ نَبِيّاًسائِلاً ما وَصَلوهُ
وَهُمُ لَو طَمِعوا فيزادِ كَلبٍ أَكَلوهُ
لا تَراني آخِرَ الدَهرِ بِتَسآلٍ أَفوهُ
إِنَّ مَن يَسأَل سِوى الرَحمَنِ يَكثُر حارِموهُ
وَالَّذي قامَ بِأَرزاقِ الوَرى طُرّاً سَلوهُ
وَعَنِ الناسِ بِفَضلِ اللَهِ فَاغنوا وَاحمِدوهُ
تَلبَسوا أَثوابَ عِزٍّفَاِسمَعوا قَولي وَعوهُ
إِنَّما يُعرَفُ بِالفَضلِ مَنِ الناسِ ذَوّهُ
أَفضَلُ المَعروفِ ما لَمتُبتَذَل فيهِ الوُجوهُ
أَنتَ ما اِستَغنَيتَ عَن صاحِبِكَ الدَهرَ أَخوهُ
فَإِذا اِحتَجتَ إِلَيهِساعَةً مَجَّكَ فوهُ
أبو العتاهية

إن السلامة أن ترضى بما قضيا

إِنَّ السَلامَةَ أَن تَرضى بِما قُضِيالَيَسلَمَنَّ بِإِذنِ اللَهِ مَن رَضِيا
المَرءُ يَأمُلُ وَالآمالُ كاذِبَةٌوَالمَرءُ تَصحَبُهُ الآمالُ ما بَقِيا
يا رُبَّ باكٍ عَلى مَيتٍ وَباكِيَةٍم يَلبَثا بَعدَ ذاكَ المَيتِ أَن بُكِيا
وَرُبَّ ناعٍ نَعى حيناً أَحِبَّتَهُما زالَ يَنعى إِلى أَن قيلَ قَد نُعِيا
عِلمي بِأَنّي أَذوقُ المَوتَ نَغَّصَ ليطيبَ الحَياةِ فَما تَصفو الحَياةُ لِيا
كَم مِن أَخٍ تَغتَذي دودُ التُرابِ بِهِوَكانَ حَيّاً بِحُلوِ العَيشِ مُغتَذِيا
يَبلى مَعَ المَيتِ ذِكرُ الذاكِرينَ لَهُمَن غابَ غَيبَةَ مَن لا يُرتَجى نُسِيا
مَن ماتَ ماتَ رَجاءُ الناسِ مِنهُ فَوَللَوهُ الجَفاءَ وَمَن لا يُرتَجى جُفِيا
إِنَّ الرَحيلَ عَنِ الدُنيا لَيُزعِجُنيإِن لَم يَكُن رائِحاً بي كانَ مُغتَدِيا
لحَمدُ لِلَّهِ طوبى لِلسَعيدِ وَمَنلَم يُسعِدِ اللَهُ بِالتَقوى فَقَد شَقِيا
كَم غافِلٍ عَن حِياضِ المَوتِ في لَعِبٍيُمسي وَيُصبِحُ رَكّاباً لِما هَوِيا
وَمُنقَضٍ ما تَراهُ العَينُ مُنقَطِعٌما كُلُّ شَيءٍ يُرى إِلّا لِيَنقَضِيا
أبو العتاهية

لعمرك ما الدنيا بدار بقاء

لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِكَفاكَ بِدارِ المَوتِ دارَ فَناءِ
فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّماتَرى عاشِقَ الدُنيا بِجهدِ بَلاءِ
حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍوَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ
فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخْيلَةٍفَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَ ماءِ
لَقَلَّ امرُؤٌ تَلقاهُ لِلَّهِ شاكِرًاوَقَلَّ امرُؤٌ يَرضى لَهُ بِقَضاءِ
وَلِلَّهِ نَعماءٌ عَلَينا عَظيمَةٌوَلِلَّهِ إِحسانٌ وَفَضلُ عَطاءِ
وَما الدَهرُ يَوماً واحِدًا في اختِلافِهِوَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ
وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍوَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ
وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُوَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ
أَيا عَجَباً لِلدَهرِ لا بَل لِرَيبِهِتَخَرَّمَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ إِخاءِ
وَمَزَّقَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ جَماعَةٍوَكَدَّرَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ صَفاءِ
إِذا ما خَليلٌ حَلَّ في بَرزَخِ البِلىفَحَسبي بِهِ نَأياً وَبُعدَ لِقاءِ
أَزورُ قُبورَ المُترَفينَ فَلا أَرىبَهاءً وَكانوا قَبلُ أَهلَ بَهاءِ
وَكُلٌّ رَماهُ واصِلٌ بِصَريمَةٍوَكُلٌّ رَماهُ مُلطِفٌ بِجَفاءِ
طَلَبتُ فَما أَلفَيتُ لِلمَوتِ حيلَةًوَيَعيا بِداءِ المَوتِ كُلُّ دَواءِ
وَنَفسُ الفَتى مَسرورَةٌ بِنَمائِهَوَلِلنَقصِ تُنمي كُلُّ ذاتِ نَماءِ
كَم مِن مُفَدّاً ماتَ لَم أَرَ أَهلَهُحَبَوهُ وَلا جادوا لَهُ بِفِداءِ
أَمامَكَ يا نَدمانُ دارُ سَعادَةٍيَدومُ النَما فيها وَدارُ شَقاءِ
خُلِقتَ لِإِحدى الغايَتَينِ فَلا تَنَموَكُن بَينَ خَوفٍ مِنهُما وَرَجاءِ
وَفي الناسِ شَرٌّ لَو بَدا ما تَعاشَرواوَلَكِن كَساهُ اللَهُ ثَوبَ غِطاءِ
أبو العتاهية

إذا رمت المكارم من كريم

إِذا رُمتَ المَكارِمَ مِن كَريمٍفَيَمِّم مَن بَنى لِلَّهِ بَيتا
فَذاكَ اللَيثُ مَن يَحمي حِماهُوَيُكرِمُ ضَيفَهُ حَيّاً وَمَيتا
قصائد الإمام الشافعي

اصبر لكل مصيبة و تجلد

اِصبِر لِكُلِّ مُصيبَةٍ وَ تَجَلَّدِوَاِعلَم بِأَنَّ المَرءَ غَيرُ مُخَلَّدِ
أَوَما تَرى أَنَّ المَصائِبَ جَمَّةٌوَتَرى المَنِيَّةَ لِلعِبادِ بِمَرصَدِ
أبو العتاهية