المَجْدُ عُوفيَ إذْ عُوفيتَ وَالكَرَمُ | وَزَالَ عَنكَ إلى أعدائِكَ الألَمُ |
صَحّتْ بصِحّتكَ الغاراتُ وَابتَهَجتْ | بها المكارِمُ وَانهَلّتْ بها الدّيَمُ |
وَرَاجَعَ الشّمسَ نُورٌ كانَ فارَقَهَا | كأنّمَا فَقْدُهُ في جِسْمِهَا سَقَمُ |
وَلاحَ بَرْقُكَ لي من عارِضَيْ مَلِكٍ | ما يَسقُطُ الغَيثُ إلاّ حينَ يَبتَسِمُ |
يُسْمَى الحُسامَ ولَيستْ من مُشابَهَةٍ | وَكيفَ يَشتَبِهُ المَخدومُ وَالخَدَمُ |
تَفَرّدَ العُرْبُ في الدّنْيا بمَحْتِدِهِ | وَشارَكَ العُرْبَ في إحسانِهِ العَجَمُ |
وَأخْلَصَ الله للإسْلامِ نُصْرَتَهُ | وَإنْ تَقَلّبَ في آلائِهِ الأُمَمُ |
وَمَا أخُصّكَ في بُرْءٍ بتَهْنِئَةٍ، | إذا سَلِمْتَ فكُلّ النّاسِ قد سَلِموا |
شعر ابوالطيب المتنبي
أجمل قصائد شعر عربية للشاعر الكبير ابو الطيب المتنبي اشعار المتنبي الرائعة هنا.
قد سمعنا ما قلت في الأحلام
قد سَمِعْنَا ما قُلْتَ في الأحْلامِ | وَأنَلْنَاكَ بَدْرَةً في المَنَامِ |
وَانْتَبَهْنَا كمَا انْتَبَهْتَ بلا شَيْ | ءٍ فكانَ النّوَالُ قَدْرَ الكَلامِ |
كُنتَ فيما كَتَبْتَهُ نَائِمَ العَيْـ | ـنِ فَهَلْ كنتَ نائِمَ الأقْلامِ |
أيّهَا المُشْتَكي إذا رَقَدَ الإعْـ | ـدامَ هَلْ رَقْدَةٌ مَعَ الإعْدامِ |
إفتَحِ الجفنَ وَاترُكِ القوْلَ في النّوْ | مِ وَمَيّزْ خِطابَ سَيْفِ الأنَامِ |
ألّذي لَيسَ عَنْهُ مُغْنٍ وَلا مِنْـ | ـهُ بَديلٌ وَلا لِمَا رامَ حَامِ |
كُلُّ آبَائِهِ كِرامُ بَني الدّنْـ | ـيَا وَلَكِنّهُ كَريمُ الكِرامِ |
أراع كذا كل الأنام همام
أرَاعَ كَذا كُلَّ الأنَامِ هُمَامُ | وَسَحَّ لَهُ رُسْلَ المُلُوكِ غَمَامُ |
وَدانَتْ لَهُ الدّنْيا فأصْبَحَ جالِساً | وَأيّامُهَا فِيمَا يُريدُ قِيَامُ |
إذا زَارَ سَيْفُ الدّوْلَةِ الرّومَ غازِياً | كَفَاهَا لِمَامٌ لَوْ كَفَاهُ لِمَامُ |
فَتًى تَتْبَعُ الأزْمانُ في النّاسِ خَطوَهُ | لكُلّ زَمانٍ في يَدَيْهِ زِمَامُ |
تَنَامُ لَدَيْكَ الرّسْلُ أمْناً وغِبطةً | وَأجفانُ رَبّ الرّسْلِ ليسَ تَنَامُ |
حِذاراً لمُعْرَوْري الجِيادِ فُجَاءَةً | إلى الطّعْنِ قُبْلاً مَا لَهُنّ لِجَامُ |
تَعَطَّفُ فيهِ وَالأعِنّةُ شَعْرُهَا | وَتُضْرَبُ فيهِ وَالسّياطُ كَلامُ |
وَما تَنْفَعُ الخَيلُ الكِرامُ وَلا القَنَا | إذا لم يكُنْ فوْقَ الكِرامِ كِرامُ |
إلى كَمْ تَرُدُّ الرُّسْلَ عَمّا أتَوْا لَهُ | كأنّهُمُ فيما وَهَبْتَ مَلامُ |
فإنْ كنتَ لا تُعْطي الذّمامَ طَواعَةً | فَعَوْذُ الأعادي بالكَريمِ ذِمَامُ |
وَإنّ نُفُوساً أمّمَتْكَ مَنيعَةٌ | وَإنّ دِمَاءً أمّلَتْكَ حَرَامُ |
إذا خَافَ مَلْكٌ من مَليكٍ أجَرْتَهُ | وَسَيْفَكَ خافُوا وَالجِوارَ تُسَامُ |
لهُمْ عنكَ بالبِيضِ الخِفافِ تَفَرّقٌ | وَحَوْلَكَ بالكُتْبِ اللِّطَافِ زِحَامُ |
تَغُرُّ حَلاواتُ النّفُوسِ قُلُوبَهَا | فتَختارُ بَعضَ العَيشِ وَهْوَ حِمامُ |
وَشَرُّ الحِمَامَينِ الزّؤامَينِ عِيشَةٌ | يَذِلُّ الذي يَختَارُها وَيُضامُ |
فَلَوْ كانَ صُلْحاً لم يَكُنْ بشَفاعَةٍ | وَلَكِنّهُ ذُلٌّ لَهُمْ وَغَرَامُ |
وَمَنٌّ لفُرْسانِ الثّغُورِ عَلَيْهِمِ | بتَبْليغِهِمْ ما لا يَكادُ يُرامُ |
كَتائِبُ جَاؤوا خاضِعِينَ فأقْدَمُوا | وَلَوْ لم يكونوا خاضِعينَ لخَامُوا |
وَعَزّتْ قَديماً في ذَرَاكَ خُيُولُهُمْ | وَعَزُّوا وَعامَتْ في نَداكَ وَعَامُوا |
على وَجْهِكَ المَيمونِ في كلّ غارَةٍ | صَلاةٌ تَوَالى مِنْهُمُ وَسَلامُ |
وَكُلُّ أُنَاسٍ يَتْبَعُونَ إمَامَهُمْ | وَأنتَ لأهْلِ المَكْرُماتِ إمَامُ |
وَرُبّ جَوَابٍ عَن كتابٍ بَعَثْتَهُ | وَعُنْوَانُهُ للنّاظِرِينَ قَتَامُ |
تَضِيقُ بهِ البَيداءُ من قَبْلِ نَشرِهِ | وَمَا فُضّ بالبَيْداءِ عَنهُ خِتَامُ |
حُرُوفُ هِجاءِ النّاسِ فيهِ ثَلاثَةٌ: | جَوَادٌ وَرُمْحٌ ذابِلٌ وَحُسَامُ |
أخا الحَرْبِ قد أتْعَبْتَها فَالْهَ ساعَةً | ليُغْمَدَ نَصْلٌ أوْ يُحَلَّ حِزامُ |
وَإنْ طالَ أعمَارُ الرّماحِ بهُدْنَةٍ | فإنّ الذي يَعْمُرْنَ عِندَكَ عَامُ |
وَمَا زِلْتَ تُفني السُّمْرَ وَهْيَ كَثيرَةٌ | وَتُفْني بهِنّ الجَيْشَ وَهوَ لُهَامُ |
متى عاوَدَ الجَالُونَ عاوَدْتَ أرْضَهُمْ | وَفيهَا رِقَابٌ للسّيُوفِ وَهَامُ |
وَرَبّوْا لكَ الأوْلادَ حتى تُصِيبَهَا | وَقَدْ كَعَبَتْ بِنْتٌ وَشَبّ غُلامُ |
جَرَى مَعَكَ الجارونَ حتى إذا انتَهوا | إلى الغايَةِ القُصْوَى جرَيتَ وَقَامُوا |
فَلَيْسَ لشَمسٍ مُذْ أنَرْتَ إنَارَةٌ | وَلَيسَ لبَدْرٍ مُذْ تَمَمْتَ تَمَامُ |
أيا راميا يصمي فؤاد مرامه
أيَا رَامِياً يُصْمي فُؤادَ مَرَامِهِ | تُرَبّي عِداهُ رِيشَهَا لسِهامِهِ |
أسِيرُ إلى إقْطَاعِهِ في ثِيَابِهِ | على طِرْفِهِ مِنْ دارِهِ بحُسامِهِ |
وَمَا مَطَرَتْنِيهِ مِنَ البِيضِ وَالقَنَا | وَرُومِ العِبِدّى هَاطِلاتُ غَمَامِهِ |
فَتًى يَهَبُ الإقْليمَ بالمالِ وَالقُرَى | وَمَنْ فيهِ مِنْ فُرْسانِهِ وَكِرَامِهِ |
وَيَجْعَلُ مَا خُوّلْتُهُ مِنْ نَوَالِهِ | جَزَاءً لِمَا خُوّلْتُهُ من كَلامِهِ |
فَلا زَالَتِ الشّمسُ التي في سَمَائِهِ | مُطالِعَةَ الشّمسِ التي في لِثَامِهِ |
وَلا زَالَ تَجتازُ البُدُورُ بوَجْهِهِ | فَتَعْجَبُ مِن نُقْصانِها وَتَمَامِهِ |
رأيتك توسع الشعراء نيلا
رَأيْتُكَ تُوسِعُ الشّعرَاءَ نَيْلاً | حَديثَهُمُ المُوَلَّدَ وَالقَدِيمَا |
فتُعْطي مَنْ بَقَى مالاً جَسيماً | وَتُعْطي مَن مضَى شرَفاً عَظيمَا |
سَمِعْتُكَ مُنشِداً بَيْتَيْ زِيادٍ | نَشِيداً مِثْلَ مُنْشِدِهِ كَرِيمَا |
فَمَا أنكَرْتُ مَوْضِعَهُ وَلَكِنْ | غَبَطْتُ بذاكَ أعْظُمَهُ الرّميمَا |
ذكر الصبي ومراتع الآرام
ذِكَرُ الصّبَي وَمَرَاتِعِ الآرَامِ | جَلَبَتْ حِمامي قَبلَ وَقْتِ حِمامي |
دِمَنٌ تَكاثَرَتِ الهُمُومُ عَليّ في | عَرَصَاتِها كَتَكاثُرِ اللُّوّامِ |
وَكَأنّ كُلّ سَحَابَةٍ وَقَفَتْ بهَا | تَبكي بعَيْنيْ عُرْوَةَ بنِ حِزَامِ |
وَلَطَالَمَا أفْنَيْتُ رِيقَ كَعَابِهَا | فِيهَا وَأفْنَتْ بالعِتابِ كَلامي |
قَد كُنْتَ تَهْزَأُ بالفِراقِ مَجَانَةً | وَتَجُرّ ذَيْلَيْ شِرّةٍ وَعُرَامِ |
لَيسَ القِبابُ على الرّكَابِ وَإنّمَا | هُنّ الحَيَاةُ تَرَحّلَتْ بسَلامِ |
ليتَ الذي فَلَقَ النّوَى جعَل الحَصَى | لخِفافِهِنّ مَفَاصِلي وَعِظامي |
مُتَلاحِظَينِ نَسُحُّ مَاءَ شُؤونِنَا | حَذَراً مِنَ الرُّقَبَاءِ في الأكْمَامِ |
أرْوَاحُنَا انهَمَلَتْ وَعِشْنَا بَعدَهَا | من بَعدِ ما قَطَرَتْ على الأقدامِ |
لَوْ كُنّ يَوْمَ جرَينَ كُنّ كصَبرِنَا | عندَ الرّحيلِ لَكُنّ غَيرَ سِجَامِ |
لم يَتْرُكُوا لي صاحِباً إلاّ الأسَى | وَذَمِيلَ ذِعْلِبَةٍ كَفَحْلِ نَعَامِ |
وَتَعَذُّرُ الأحْرارِ صَيّرَ ظَهْرَهَا | إلاّ إلَيْكَ عَليَّ ظَهْرَ حَرَامِ |
أنتَ الغَريبَةُ في زَمَانٍ أهْلُهُ | وُلِدَتْ مَكارِمُهُمْ لغَيرِ تَمَامِ |
أكْثَرْتَ من بَذْلِ النّوَالِ وَلم تزَلْ | عَلَماً على الإفْضالِ وَالإنْعَامِ |
صَغّرْتَ كلّ كَبيرَةٍ وَكَبُرْتَ عَنْ | لَكَأنّهُ وَعَدَدْتَ سِنّ غُلامِ |
وَرَفَلْتَ في حُلَلِ الثّنَاءِ وَإنّمَا | عَدَمُ الثّنَاءِ نِهَايَةُ الإعْدامِ |
عَيْبٌ عَلَيكَ تُرَى بسَيفٍ في الوَغى | مَا يَصْنَعُ الصّمْصَامُ بالصّمصَامِ |
إنْ كانَ مِثْلُكَ كانَ أوْ هُوَ كائِنٌ | فَبَرِئْتُ حِينَئِذٍ مِنَ الإسْلامِ |
مَلِكٌ زُهَتْ بِمَكَانِهِ أيّامُهُ | حتى افتَخَرْنَ بهِ على الأيّامِ |
وَتَخالُهُ سَلَبَ الوَرَى مِن حِلْمِهِ | أحْلامَهُمْ فَهُمُ بِلا أحْلامِ |
وَإذا امتَحَنْتَ تَكَشّفَتْ عَزَمَاتُهُ | عَن أوْحَدِيّ النّقْضِ وَالإبْرامِ |
وَإذا سَألْتَ بَنَانَهُ عَنْ نَيْلِهِ | لم يَرْضَ بالدّنْيَا قَضاءَ ذِمَامِ |
مَهْلاً ألا لِلّهِ ما صَنَعَ القَنَا | في عَمْرِو حَابِ وَضَبّةَ الأغْتَامِ |
لمّا تَحَكّمَتِ الأسِنّةُ فِيهِمِ | جَارَتْ وَهُنّ يَجُرْنَ في الأحكامِ |
فَتَرَكْتَهُمْ خَلَلَ البُيُوتِ كأنّما | غَضِبَتْ رُؤوسُهُمُ على الأجْسامِ |
أحجارُ ناسٍ فَوْقَ أرْضٍ مِنْ دَمٍ | وَنُجُومُ بَيْضٍ في سَمَاءِ قَتَامِ |
وَذِراعُ كُلّ أبي فُلانٍ كُنْيَةً | حَالَتْ فَصَاحِبُها أبُو الأيْتَامِ |
عَهْدي بمَعْرَكَةِ الأميرِ وَخَيْلُهُ | في النّقْعِ مُحْجِمَةٌ عنِ الإحجامِ |
صَلّى الإل?هُ عَلَيْكَ غَيرَ مُوَدَّعٍ | وَسَقَى ثَرَى أبَوَيْكَ صَوْبَ غَمَامِ |
وَكَسَاكَ ثَوْبَ مَهَابَةٍ مِنْ عِنْدِهِ | وَأرَاكَ وَجهَ شَقيقِكَ القَمْقَامِ |
فَلَقَدْ رَمَى بَلَدَ العَدُوّ بنَفْسِهِ | في رَوْقِ أرْعَنَ كالغِطَمّ لُهَامِ |
قَوْمٌ تَفَرّسَتِ المَنَايَا فِيكُمُ | فرَأتْ لكُمْ في الحرْبِ صَبرَ كِرَامِ |
تَالله مَا عَلِمَ امرُؤٌ لَوْلاكُمُ | كَيفَ السّخاءُ وَكَيفَ ضرْبُ الهَامِ |