دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ | وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ |
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي | فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ |
وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً | وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ |
وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا | وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ |
تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ | يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ |
وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً | فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ |
وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ | فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ |
ورِزقُك لَيس يُنقِصه التَأنّي | وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ |
وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ | وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ |
إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ | فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ |
وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا | فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ |
وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن | إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ |
دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ | فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ |
أشعار الشافعي
أشعار و قصائد شعر للشاعر الإمام الشافعي من قصائد العصر العباسي.
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم
قالوا سَكَتَّ وَقَد خُوصِمتَ قُلتُ لَهُم | إِنَّ الجَوابَ لِبابِ الشَرِّ مِفتاحُ |
والصمَّتُ عَن جاهِلٍ أَو أَحمَقٍ شَرَفٌ | وَفيهِ أَيضاً لِصَونِ العِرضِ إِصلاحُ |
أَما تَرى الأُسْدَ تُخشى وَهِيَ صامِتَةٌ | وَالكَلبُ يخسى لَعَمري وَهوَ نَبّاحُ |
يخاطبني السفيه بكل قبح
يُخاطِبُني السَفيهُ بِكُلِّ قُبحٍ | فَأَكرَهُ أَن أَكونَ لَهُ مُجيبا |
يَزيدُ سَفاهَةً فَأَزيدُ حِلماً | كَعودٍ زادَهُ الإِحراقُ طيبا |
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي
سَهَري لِتَنقيحِ العُلومِ أَلَذُّ لي | مِن وَصلِ غانِيَةٍ وَطيبِ عِناقِ |
وَصَريرُ أَقلامي عَلى صَفَحاتِها | أَحلى مِنَ الدَوكاءِ وَالعُشّاقِ |
وَأَلَذُّ مِن نَقرِ الفَتاةِ لِدَفِّها | نَقري لِأُلقي الرَملَ عَن أَوراقي |
وَتَمايُلي طَرَباً لِحَلِّ عَويصَةٍ | في الدَرسِ أَشهى مِن مُدامَةِ ساقِ |
وَأَبيتُ سَهرانَ الدُجى وَتَبِيتُهُ | نَوماً وَتَبغي بَعدَ ذاكَ لِحاقي |
فإذا سمعت بأن مجدودا حوى
فَإِذا سَمِعتَ بِأَنَّ مَجدوداً حَوى | عُوداً فَأَثمَرَ في يَدَيهِ فَصَدِّقِ |
وَإِذا سَمِعتَ بِأَنَّ مَحروماً أَتى | ماءً لِيَشرَبَهُ فَغاصَ فَحَقِّقِ |
لَو كانَ بِالحِيَلِ الغِنى لَوَجَدتَني | بِنُجومِ أَقطارِ السَماءِ تَعَلُّقي |
لَكِنَّ مَن رُزِقَ الحِجا حُرِمَ الغِنى | ضِدّانِ مُفتَرِقانِ أَيَّ تَفَرُّقِ |
وَأَحَقُّ خَلقِ اللَهِ بِالهَمِّ اِمرُؤٌ | ذو هِمَّةٍ يُبلى بِرِزقٍ ضَيِّقِ |
وَمِنَ الدَليلِ عَلى القَضاءِ وَحُكمِهِ | بُؤسُ اللَبيبِ وَطيبُ عَيشِ الأَحمَقِ |
إِنَّ الَّذي رُزِقَ اليَسارَ فَلَم يَنَل | أَجراً وَلا حَمداً لِغَيرُ مُوَفَّقِ |
وَالجَدُّ يُدني كُلَّ أَمرٍ شاسِعٍ | وَالجَدُّ يَفتَحُ كُلَّ بابٍ مُغلَقِ |
أأنثر درا بين سارحة البهم
أَأَنثُرُ دُرّاً بَينَ سارِحَةِ البَهمِ | وَأَنظِمُ مَنثوراً لِراعِيَةِ الغَنَمِ |
لَعَمري لَئِن ضُيِّعتُ في شَرِّ بَلدَةٍ | فَلَستُ مُضيعاً فيهِمُ غُرَرَ الكَلِم |
لَئِن سَهَّلَ اللَهُ العَزيزُ بِلِطفِهِ | وَصادَفتُ أَهلاً لِلعُلومِ وَلِلحِكَم |
بَثَثتُ مُفيداً وَاِستَفَدتُ وِدادَهُم | وَإِلّا فَمَكنونٌ لَدَيَّ وَمُكتَتِم |
وَمَن مَنَحَ الجُهّالَ عِلماً أَضاعَهُ | وَمَن مَنَعَ المُستَوجِبينَ فَقَد ظَلَم |