قصيدة غشيت ديار الحي بالبكرات

غَشيتُ دِيارَ الحَيِّ بِالبَكَراتِ

فَعارِمَةٍ فَبَرقَةِ العِيَراتِ

فَغَولٍ فَحِلّيتٍ بِأَكنافِ مُنعَجٍ

إِلى عاقِلٍ فَالجُبِّ ذي الأَمَراتِ

ظَلَلتُ رِدائي فَوقَ رَأسِيَ قاعِداً

أَعُدُّ الحَصى ما تَنقَضي عَبَراتي

أَعِنّي عَلى التَهمامِ وَالذِكَراتِ

يَبِتنَ عَلى ذي الهَمِّ مُعتَكِراتِ

بِلَيلِ التَمامِ أَو وَصَلنَ بِمِثلِهِ

مُقايَسَةً أَيّامُها نَكِراتِ

كَأَنّي وَرِدفي وَالقِرابَ وَنُمرُقي

عَلى ظَهرِ عيرٍ وارِدِ الخَبِراتِ

أَرَنَّ عَلى حُقبٍ حَيالٍ طَروقَةٍ

كَذَودِ الأَجيرِ الأَربَعِ الأَشَراتِ

عَنيفٍ بِتَجميعِ الضَرائِرِ فاحِشٍ

شَتيمٍ كَذِلقِ الزُجِّ ذي ذَمَراتِ

وَيَأكُلنَ بُهمى جَعدَةً حَبَشِيَّةً

وَيَشرَبنَ بَردَ الماءِ في السَبَراتِ

فَأَورَدَها ماءً قَليلاً أَنيسُهُ

يُحاذِرنَ عَمراً صاحِبَ القُتُراتِ

تَلِثُّ الحَصى لَثّاً بِسُمرٍ رَزينَةٍ

مَوازِنَ لا كُزمٍ وَلا مَعِراتِ

وَيُرخينَ أَذناباً كَأَنَّ فُروعَها

عُرا خِلَلٍ مَشهورَةٍ ضَفِراتِ

وَعَنسٍ كَأَلواحِ الإِرانِ نَسَأتُها

عَلى لاحِبٍ كَالبُردِ ذي الحَبَراتِ

فَغادَرتُها مِن بَعدِ بُدنِ رَذِيَّةٍ

تُغالي عَلى عوجٍ لَها كَدِناتِ

وَأَبيَضَ كَالمِخراقِ بَلَّيتُ حَدَّهُ

وَهَبَّتَهُ في الساقِ وَالقَصَراتِ

قصيدة ألا إن قوما كنتم أمس دونهم

أَلا إِنَّ قَوماً كُنتُمُ أَمسَ دونَهُم

هُمُ مَنَعوا جاراتِكُم آلَ غُدرانِ

عُوَيرٌ وَمَن مِثلُ العُوَيرِ وَرَهطِهِ

وَأَسعَدَ في لَيلِ البَلابِلِ صَفوانِ

ثِيابُ بَني عَوفٍ طَهارى نَقِيَّةٌ

وَأَوجُهُهُم عِندَ المُشاهِدِ غِرّانِ

هُمُ أَبلَغوا الحَيَّ المُضَلَّلَ أَهلَهُم

وَساروا بِهِم بَينَ العِراقِ وَنَجرانِ

فَقَد أَصبَحوا وَاللَهِ أَصفاهُمُ بِهِ

أَبَرَّ بِميثاقٍ وَأَوفى بِجِيرانِ

قصيدة دع عنك نهبا صيح في حجراته

دَع عَنكَ نَهباً صيحَ في حَجَراتِهِ

وَلَكِن حَديثاً ما حَديثُ الرَواحِلِ

كَأَنَّ دِثاراً حَلَّقَت بِلَبونِهِ

عُقابُ تَنوفى لا عُقابُ القَواعِلِ

تَلَعَّبَ باعِثٌ بِذِمَّةِ خالِدٍ

وَأَودى عِصامٌ في الخُطوبِ الأَوائِلِ

وَأَعجَبَني مَشيُ الحُزُقَّةِ خالِدٌ

كَمَشيِ أَتانٍ حُلِّئَت بِالمَناهِلِ

أَبَت أَجَأٌ أَن تُسلِمَ العامَ جارَها

فَمَن شاءَ فَليَنهَض لَها مِن مُقاتِلِ

تَبيتُ لُبونى بِالقُرَيَّةِ أُمُّناً

وَأَسرَحَنا غَبّاً بِأَكنافِ حائِلِ

بَنو ثُعَلٍ جِيرانُها وَحُماتُها

وَتَمنَعُ مِن رُماةِ سَعدٍ وَنائِلِ

تُلاعِبُ أَولادَ الوُعولِ رِباعُها

دُوَينَ السَماءِ في رُؤوسِ المَجادِلِ

مُكَلَّلَةً حَمراءَ ذاتَ أَسِرَّةٍ

لَها حُبُكٌ كَأَنَّها مِن وَصائِلِ

جزعت ولم أجزع من البين مجزع

جَزَعتُ وَلَم أَجزَع مِنَ البَينِ مَجزَعا

وَعَزَّيتُ قَلباً بِالكَواعِبِ مولَعا

وَأَصبَحتُ وَدَّعتُ الصِبا غَيرَ أَنَّني

أُراقِبُ خُلّاتٍ مِنَ العَيشِ أَربَعا

فَمِنهُنَّ قَولي لِلنَدامى تَرَفَّقوا

يُداجونَ نَشّاجاً مِنَ الخَمرِ مُترَعا

وَمِنهُنَّ رَكضُ الخَيلِ تَرجُمُ بِالقَنا

يُبادِرنَ سِرباً آمِناً أَن يُفَزَّعا

وَمِنهُنَّ نَصُّ العيسِ وَاللَيلُ شامِلٌ

تَيَمَّمُ مَجهولاً مِنَ الأَرضِ بَلقَعا

خَوارِجَ مِن بَرِّيَّةٍ نَحوَ قَريَةٍ

يُجَدِّدنَ وَصلاً أَو يُقَرِّبنَ مَطمَعا

وَمِنهُنَّ سَوْقي الخودِ قَد بَلَّها النَّدى

تُراقِبُ مَنظومَ التَمائِمِ مُرضَعا

تَعِزُّ عَلَيها رَيبَتي وَيَسوؤُها

بُكاهُ فَتَثني الجيدَ أَن يَتَضَرَّعا

بَعَثتُ إِلَيها وَالنُجومُ طَوالِعٌ

حِذاراً عَلَيها أَن تَقومَ فَتُسمَعا

فَجاءَت قُطوفَ المَشيِ هَيّابَةَ السُرى

يُدافِعُ رُكناها كَواعِبَ أَربَعا

يُزَجِّينَها مَشيَ النَزيفِ وَقَد جَرى

صُبابُ الكَرى في مُخِّها فَتَقَطَّعا

تَقولُ وَقَد جَرَّدتُها مِن ثِيابِها

كَما رُعتَ مَكحولَ المَدامِعِ أَتلَعا

وَجَدِّكَ لَو شَيءٌ أَتانا رَسولُهُ

سِواكَ وَلَكِن لَم نَجِد لَكَ مَدفَعا

فَبِتنا تَصُدُّ الوَحشُ عَنّا كَأَنَّنا

قَتيلانِ لَم يَعلَم لَنا الناسُ مَصرَعا

تُجافي عَنِ المَأثورِ بَيني وَبَينَها

وَتُدني عَلَيَّ السابِرِيَّ المُضَلَّعا

إِذا أَخَذَتها هِزَّةُ الرَوعِ أَمسَكَت

بِمَنكِبِ مِقدامٍ عَلى الهَولِ أَروَعا

قصيدة يا لهف هند إذ خطئن كاهلا

يا لَهْفَ هِنْدٍ إذ خَطِئنَ كاهِلاً
القاتِلِينَ المَلِكَ الحُلاحِلا
خَيرَ مَعَدٍّ حَسَباً وَنَائِلا
وخَيرَهُمْ قَدْ عَلِمُوا شمائِلا
نَحْنُ جَلَبْنَا القُرَّحَ القَوَافِلا
تَالله لا يَذهَبُ شَيخي بَاطِلا
يَحْمِلْنَنَا وَالأسَلَ النَّوَاهِلا
وَحَيَّ صَعْبٍ وَالوَشِيجَ الذّابِلا
مُسْتَثْفِرَاتٍ بالحَصَى جَوَافلا
يَسْتَشْرِفُ الأوَاخِرُ الأوَائِلا
حَتى أُبِيدَ مَالِكاً وَكَاهِلاً

يا بؤس للقلب بعد اليوم ما آبه

يَا بُؤسَ لِلقَلْبِ بَعْد اليَوْمِ ما آبَهْ
 ذِكرَى حَبيبٍ ببعضِ الأرْضِ قد رَابهْ
قالّتْ سُلَيْمى أرَاكَ اليومَ مُكْتَئِباً
والرَّأْسُ بَعدي رَأيتُ الشّيْبَ قد عابه
وحَارَ بَعْدَ سَوَادِ الرَّأْسِ جُمَّتَهُ
كمِعْقَبِ الرَّيطِ إذْ نَشَّرْتَ هُدَّابهْ
ومَرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّتَهُ
أشْرَفْتُهُ مُسْفِراً والنَّفْسُ مُهْتَابَهْ
عَمْداً لأرْقُبَ مَا لِلجَوِّ مِنْ نَعَمٍ
فَناظِرٌ رائِحاً مِنْهُ وعُزَّابَهْ
وقدْ نَزَلْتُ إلى رَكْبٍ مُعَقَّلَةٍ
شُعْثِ الرُّووسِ كأنَّ فَوْقَهُمْ غابَهْ
لَمَّا رَكِبْنا رَفَعناهُنَّ زَفْزَفَةً
حَتى احْتَوَيْنَا سَوَاماً ثمَّ أرْبَابَهْ
قصيدة إمرؤ القيس الكندي