| أنَا مِنكَ بَينَ فَضائِلٍ وَمَكارِمِ | وَمِنِ ارْتِياحِكَ في غَمامٍ دائِمِ |
| وَمِنِ احتِقارِكَ كُلَّ مَا تَحْبُو بِهِ | فيما أُلاحِظُهُ بعَيْنَيْ حَالِمِ |
| إنّ الخَليفَةَ لم يُسَمِّكَ سَيْفَهَا | حَتى بَلاكَ فكُنْتَ عَينَ الصّارِمِ |
| فإذا تَتَوّجَ كُنتَ دُرّةَ تاجِهِ | وَإذا تَخَتّمَ كنتَ فَصّ الخاتِمِ |
| وإذا انتَضاكَ على العِدى في مَعَركٍ | هَلَكُوا وضاقَتْ كَفُّهُ بالقائِمِ |
| أبدَى سَخاؤكَ عَجزَ كلّ مُشَمِّرٍ | في وَصْفِهِ وأضاقَ ذَرْعَ الكاتِمِ |
قصيدة المتنبي
أروع أبيات الشعر العربي للشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي قصيدة المتنبي الرائعة من أجمل القصائد.
إذا كان مدح فالنسيب المقدم
| إذا كانَ مَدحٌ فالنّسيبُ المُقَدَّمُ | أكُلُّ فَصِيحٍ قالَ شِعراً مُتَيَّمُ |
| لَحُبّ ابنِ عَبدِالله أولى فإنّهُ | بهِ يُبدَأُ الذّكرُ الجَميلُ وَيُختَمُ |
| أطَعْتُ الغَواني قَبلَ مَطمَحِ ناظري | إلى مَنظَرٍ يَصغُرنَ عَنهُ وَيَعْظُمُ |
| تَعَرّضَ سَيْفُ الدّولَةِ الدّهرَ كلّهُ | يُطَبِّقُ في أوصالِهِ وَيُصَمِّمُ |
| فَجازَ لَهُ حتى على الشّمسِ حكمُهُ | وَبَانَ لَهُ حتى على البَدرِ مِيسَمُ |
| كأنّ العِدَى في أرضِهِم خُلَفاؤهُ | فإن شاءَ حازُوها وإن شاءَ سلّمُوا |
| وَلا كُتْبَ إلاّ المَشرَفيّةُ عِنْدَهُ | وَلا رُسُلٌ إلاّ الخَميسُ العَرَمْرَمُ |
| فَلَم يَخْلُ من نصرٍ لَهُ مَن لهُ يَدٌ | وَلم يَخْلُ مِن شكرٍ لَهُ من له فَمُ |
| ولم يَخْلُ من أسمائِهِ عُودُ مِنْبَرٍ | وَلم يَخْلُ دينارٌ وَلم يَخلُ دِرهَمُ |
| ضَرُوبٌ وَما بَينَ الحُسامَينِ ضَيّقٌ | بَصِيرٌ وَما بَينَ الشّجاعَينِ مُظلِمُ |
| تُباري نُجُومَ القَذفِ في كلّ لَيلَةٍ | نُجُومٌ لَهُ مِنْهُنّ وَردٌ وَأدْهَمُ |
| يَطَأنَ مِنَ الأبْطالِ مَن لا حَملنَهُ | وَمِن قِصَدِ المُرّانِ مَا لا يُقَوَّمُ |
| فَهُنّ مَعَ السِّيدانِ في البَرّ عُسَّلٌ | وَهُنّ مَعَ النّينَانِ في المَاءِ عُوَّمُ |
| وَهُنّ مَعَ الغِزلانِ في الوَادِ كُمَّنٌ | وَهُنّ مَعَ العِقبانِ في النِّيقِ حُوَّمُ |
| إذا جَلَبَ النّاسُ الوَشيجَ فإنّهُ | بِهِنّ وَفي لَبّاتِهِنّ يُحَطَّمُ |
| بغُرّتِهِ في الحَربِ والسّلْمِ والحِجَى | وَبَذلِ اللُّهَى وَالحمدِ وَالمجدِ مُعلِمُ |
| يُقِرُّ لَهُ بالفَضلِ مَن لا يَوَدُّهُ | وَيَقضِي لَهُ بالسّعدِ مَن لا يُنَجِّمُ |
| أجَارَ على الأيّامِ حتى ظَنَنْتُهُ | يُطالِبُهُ بالرّدّ عَادٌ وَجُرهُمُ |
| ضَلالاً لهذِي الرّيحِ ماذا تُرِيدُهُ | وَهَدياً لهذا السّيلِ ماذا يُؤمِّمُ |
| ألم يَسألِ الوَبْلُ الذي رامَ ثَنْيَنَا | فَيُخبرَهُ عَنْكَ الحَديدُ المُثَلَّمُ |
| وَلمّا تَلَقّاكَ السّحابُ بصَوبِهِ | تَلَقَّاهُ أعلى منهُ كَعْباً وَأكْرَمُ |
| فَبَاشَرَ وَجْهاً طالَمَا بَاشَرَ القَنَا | وَبَلّ ثِياباً طالَمَا بَلّهَا الدّمُ |
| تَلاكَ وَبَعضُ الغَيثِ يَتبَعُ بَعضَهُ | مِنَ الشّأمِ يَتْلُو الحاذِقَ المُتَعَلِّمُ |
| فزارَ التي زارَت بكَ الخَيلُ قَبرَها | وَجَشّمَهُ الشّوقُ الذي تَتَجَشّمُ |
| وَلمّا عَرَضتَ الجَيشَ كانَ بَهَاؤهُ | على الفَارِسِ المُرخى الذؤابةِ منهُمُ |
| حَوَالَيْهِ بَحْرٌ للتّجافيفِ مَائِجٌ | يَسيرُ بهِ طَودٌ مِنَ الخَيلِ أيْهَمُ |
| تَسَاوَت بهِ الأقْطارُ حتى كأنّهُ | يُجَمِّعُ أشْتاتَ الجِبالِ ويَنْظِمُ |
| وكُلُّ فَتًى للحَربِ فَوقَ جَبينِهِ | منَ الضّربِ سَطْرٌ بالأسنّةِ مُعجَمُ |
| يَمُدُّ يَدَيْهِ في المُفاضَةِ ضَيْغَمٌ | وَعَيْنَيْهِ من تَحتِ التّريكةِ أرقَمُ |
| كَأجْنَاسِهَا راياتُهَا وَشِعارُهَا | وَمَا لَبِسَتْهُ وَالسّلاحُ المُسَمَّمُ |
| وَأدّبَهَا طُولُ القِتالِ فَطَرفُهُ | يُشيرُ إلَيْهَا مِن بَعيدٍ فَتَفْهَمُ |
| تُجاوِبُهُ فِعْلاً وَما تَسْمَعُ الوَحَى | وَيُسْمِعُها لَحْظاً وما يَتَكَلّمُ |
| تَجانَفُ عَن ذاتِ اليَمينِ كأنّهَا | تَرِقّ لِمَيّافَارَقينَ وَتَرحَمُ |
| وَلَو زَحَمَتْهَا بالمَناكِبِ زَحْمَةً | دَرَت أيُّ سورَيها الضّعيفُ المُهَدَّمُ |
| على كُلّ طاوٍ تَحْتَ طاوٍ كَأنّهُ | من الدّمِ يُسقى أو من اللّحم يُطعَمُ |
| لها في الوَغَى زِيّ الفَوارِسِ فَوقَهَا | فكُلّ حِصانٍ دارِعٌ مُتَلَثّمُ |
| وما ذاكَ بُخْلاً بالنّفُوسِ على القَنَا | وَلَكِنّ صَدْمَ الشّرّ بالشّرّ أحزَمُ |
| أتَحْسَبُ بِيضُ الهِندِ أصلَكَ أصلَها | وَأنّكَ منها؟ سَاءَ ما تَتَوَهّمُ |
| إذا نَحْنُ سَمّيْناكَ خِلْنَا سُيُوفَنَا | منَ التّيهِ في أغْمادِها تَتَبَسّمُ |
| وَلم نَرَ مَلْكاً قَطّ يُدْعَى بدُونِهِ | فيَرضَى وَلكِنْ يَجْهَلُونَ وتَحلُمُ |
| أخَذْتَ على الأرواحِ كُلّ ثَنِيّةٍ | من العيشِ تُعطي مَن تَشاءُ وَتحرِمُ |
| فَلا مَوتَ إلاّ مِن سِنانِكَ يُتّقَى | وَلا رِزقَ إلاّ مِن يَمينِكَ يُقْسَمُ |
واحر قلباه ممن قلبه شبم
| وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ | وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ |
| ما لي أُكَتِّمُ حُبّاً قَدْ بَرَى جَسَدي | وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلةِ الأُمَمُ |
| إنْ كَانَ يَجْمَعُنَا حُبٌّ لِغُرّتِهِ | فَلَيْتَ أنّا بِقَدْرِ الحُبّ نَقْتَسِمُ |
| قد زُرْتُهُ وَسُيُوفُ الهِنْدِ مُغْمَدَةٌ | وَقد نَظَرْتُ إلَيْهِ وَالسّيُوفُ دَمُ |
| فكانَ أحْسَنَ خَلقِ الله كُلّهِمِ | وَكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشّيَمُ |
| فَوْتُ العَدُوّ الذي يَمّمْتَهُ ظَفَرٌ | في طَيّهِ أسَفٌ في طَيّهِ نِعَمُ |
| قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ | لَكَ المَهابَةُ ما لا تَصْنَعُ البُهَمُ |
| أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها | أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ |
| أكُلّمَا رُمْتَ جَيْشاً فانْثَنَى هَرَباً | تَصَرّفَتْ بِكَ في آثَارِهِ الهِمَمُ |
| عَلَيْكَ هَزْمُهُمُ في كلّ مُعْتَرَكٍ | وَمَا عَلَيْكَ بهِمْ عارٌ إذا انهَزَمُوا |
| أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْواً سِوَى ظَفَرٍ | تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الهِنْدِ وَاللِّممُ |
| يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي | فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ |
| أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً | أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ |
| وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ | إذا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ |
| سَيعْلَمُ الجَمعُ ممّنْ ضَمّ مَجلِسُنا | بأنّني خَيرُ مَنْ تَسْعَى بهِ قَدَمُ |
| أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي | وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ |
| أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا | وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ |
| وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي | حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ |
| إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً | فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ |
| وَمُهْجَةٍ مُهْجَتي من هَمّ صَاحِبها | أدرَكْتُهَا بجَوَادٍ ظَهْرُه حَرَمُ |
| رِجلاهُ في الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَدٌ | وَفِعْلُهُ مَا تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ |
| وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَينِ بهِ | حتى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَوْتِ يَلْتَطِمُ |
| الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني | وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ |
| صَحِبْتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ منفَرِداً | حتى تَعَجّبَ مني القُورُ وَالأكَمُ |
| يَا مَنْ يَعِزّ عَلَيْنَا أنْ نُفَارِقَهُمْ | وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بَعدَكمْ عَدَمُ |
| مَا كانَ أخلَقَنَا مِنكُمْ بتَكرِمَةٍ | لَوْ أنّ أمْرَكُمُ مِن أمرِنَا أمَمُ |
| إنْ كانَ سَرّكُمُ ما قالَ حاسِدُنَا | فَمَا لجُرْحٍ إذا أرْضاكُمُ ألَمُ |
| وَبَيْنَنَا لَوْ رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفَةٌ | إنّ المَعارِفَ في أهْلِ النُّهَى ذِمَمُ |
| كم تَطْلُبُونَ لَنَا عَيْباً فيُعجِزُكمْ | وَيَكْرَهُ الله ما تَأتُونَ وَالكَرَمُ |
| ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شرَفي | أنَا الثّرَيّا وَذانِ الشّيبُ وَالهَرَمُ |
| لَيْتَ الغَمَامَ الذي عندي صَواعِقُهُ | يُزيلُهُنّ إلى مَنْ عِنْدَهُ الدِّيَمُ |
| أرَى النّوَى يَقتَضيني كلَّ مَرْحَلَةٍ | لا تَسْتَقِلّ بها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ |
| لَئِنْ تَرَكْنَ ضُمَيراً عَنْ مَيامِنِنا | لَيَحْدُثَنّ لمَنْ وَدّعْتُهُمْ نَدَمُ |
| إذا تَرَحّلْتَ عن قَوْمٍ وَقَد قَدَرُوا | أنْ لا تُفارِقَهُمْ فالرّاحِلونَ هُمُ |
| شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ | وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ |
| وَشَرُّ ما قَنّصَتْهُ رَاحَتي قَنَصٌ | شُهْبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ والرَّخَمُ |
| بأيّ لَفْظٍ تَقُولُ الشّعْرَ زِعْنِفَةٌ | تَجُوزُ عِندَكَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمُ |
| هَذا عِتابُكَ إلاّ أنّهُ مِقَةٌ | قد ضُمّنَ الدُّرَّ إلاّ أنّهُ كَلِمُ |
ضيف ألم برأسي غير محتشم
| ضَيْفٌ ألَمّ برَأسِي غيرَ مُحْتَشِمِ | ألسّيفُ أحْسَنُ فِعْلاً منهُ باللِّمَمِ |
| إبْعَدْ بَعِدْتَ بَياضاً لا بَياضَ لَهُ | لأنْتَ أسْوَدُ في عَيني مِنَ الظُّلَمِ |
| بحُبّ قاتِلَتي وَالشّيْبِ تَغْذِيَتي | هَوَايَ طِفْلاً وَشَيبي بالغَ الحُلُمِ |
| فَمَا أمُرّ برَسْمٍ لا أُسَائِلُهُ | وَلا بذاتِ خِمارٍ لا تُريقُ دَمي |
| تَنَفّسَتْ عَن وَفاءٍ غيرِ مُنصَدِعٍ | يَوْمَ الرّحيلِ وشَعْبٍ غَيرِ مُلْتَئِمِ |
| قَبّلْتُها وَدُمُوعي مَزْجُ أدْمُعِهَا | وَقَبّلَتْني على خَوْفٍ فَماً لفَمِ |
| قد ذُقْتُ ماءَ حَياةٍ مِنْ مُقَبَّلِها | لَوْ صَابَ تُرْباً لأحيا سالِفَ الأُمَمِ |
| تَرنو إليّ بعَينِ الظّبيِ مُجْهِشَةً | وتَمْسَحُ الطّلَّ فَوْقَ الوَرْدِ بِالعَنَمِ |
| رُوَيْدَ حُكمِكِ فينا غيرَ مُنصِفَةٍ | بالنّاسِ كُلِّهِمِ أفديكِ من حكَمِ |
| أبدَيتِ مثلَ الذي أبدَيتُ من جَزعٍ | وَلَمْ تُجِنّي الذي أجنَيتُ من ألَمِ |
| إذاً لَبَزَّكِ ثَوْبَ الحُسنِ أصغَرُهُ | وَصِرْتِ مثليَ في ثَوْبَينِ من سَقَمِ |
| لَيسَ التّعَلّلُ بالآمَالِ مِن أرَبي | وَلا القَناعَةُ بالإقْلالِ من شِيَمي |
| وَلا أظُنّ بَناتِ الدّهْرِ تَتْرُكُني | حتى تَسُدّ علَيها طُرْقَها هِمَمي |
| لُمِ اللّيالي التي أخْنَتْ على جِدَتي | بِرِقّةِ الحالِ وَاعذِرْني وَلا تَلُمِ |
| أرَى أُناساً ومَحصُولي على غَنَمٍ | وَذِكْرَ جُودٍ ومحْصُولي على الكَلِمِ |
| وَرَبَّ مالٍ فَقِيراً مِنْ مُرُوءَتِهِ | لم يُثْرِ منها كما أثْرَى منَ العُدُمِ |
| سيَصحَبُ النّصلُ مني مثلَ مَضرِبِه | وَيَنجَلي خَبري عن صِمّةِ الصَّمَمِ |
| لقد تَصَبّرْتُ حتى لاتَ مُصْطَبَرٍ | فالآنَ أقْحَمُ حتى لاتَ مُقْتَحَمِ |
| لأترُكَنّ وُجوهَ الخَيْلِ ساهِمَةً | وَالحرْبُ أقوَمُ مِن ساقٍ على قَدَمِ |
| والطّعْنُ يُحرِقُها وَالزّجرُ يُقلِقُها | حتى كأنّ بها ضَرْباً مِنَ اللَّمَمِ |
| قَد كَلّمَتْها العَوالي فَهْيَ كالحَةٌ | كأنّما الصّابُ مَذرُورٌ على اللُّجُمِ |
| بكُلّ مُنصَلَتٍ ما زالَ مُنْتَظري | حتى أدَلْتُ لَهُ مِنْ دَولَةِ الخَدمِ |
| شَيخٌ يَرَى الصّلواتِ الخَمسَ نافلةً | ويَستَحِلّ دَمَ الحُجّاجِ في الحرَمِ |
| وكُلّما نُطِحَتْ تحْتَ العَجاجِ بهِ | أُسْدُ الكتائبِ رامَتْهُ ولم يَرِمِ |
| تُنسِي البِلادَ بُرُوقَ الجَوّ بارِقَتي | وتَكتَفي بالدّمِ الجاري عَنِ الدِّيَمِ |
| رِدِي حِياضَ الرّدى يا نفسِ وَاتّركي | حياضَ خوْفِ الرّدى للشّاء والنَّعَمِ |
| إنْ لم أذَرْكِ على الأرماحِ سائِلَةً | فلا دُعيتُ ابنَ أُمّ المَجدِ والكَرَمِ |
| أيَمْلِكُ المُلْكَ وَالأسيافُ ظامئَةٌ | وَالطّيرُ جائِعَةٌ لَحْمٌ على وَضَمِ |
| مَنْ لَوْ رَآنيَ ماءً ماتَ مِنْ ظَمَإٍ | وَلَوْ عَرَضْتُ لهُ في النّوْم لم يَنمِ |
| ميعادُ كلّ رَقيقِ الشّفرَتينِ غَداً | ومَن عصَى من ملوكِ العُرْبِ والعجمِ |
| فإنْ أجابُوا فَما قَصدي بهَا لَهُمُ | وَإنْ تَوَلّوْا فَمَا أرْضَى لَها بهمِ |
أبا عبد الإل?ه معاذ إني
| أبَا عَبْدِ الإل?هِ مُعاذُ: إنّي | خَفيٌّ عَنْكَ في الهَيْجا مَقامي |
| ذكَرْتُ جَسيمَ ما طَلَبي وإنّا | نُخاطِرُ فيهِ بالمُهَجِ الجِسامِ |
| أمِثْلي تأخُذُ النّكَباتُ مِنْهُ | وَيَجزَعُ مِنْ مُلاقاةِ الحِمامِ |
| ولو بَرَزَ الزّمانُ إليّ شَخصاً | لخَضّبَ شعرَ مَفرِقِهِ حُسامي |
| وما بَلَغَتْ مَشيئَتَها اللّيالي | ولا سَارَتْ وفي يَدِها زِمَامي |
| إذا امتَلأتْ عُيُونُ الخَيْلِ مني | فَوَيْلٌ في التّيَقّظِ والمَنَامِ |
إذا ما شربت الخمر صرفا مهنأ
| إذا ما شرِبْتَ الخَمرَ صِرْفاً مُهَنّأً | شرِبْنا الذي من مثلهِ شرِبَ الكَرْمُ |
| ألا حَبّذا قَوْمٌ نُداماهُمُ القَنَا | يُسَقّونَها رِيّاً وساقيهِمِ العَزْمُ |