| أُغالِبُ فيكَ الشّوْقَ وَالشوْقُ أغلَبُ | وَأعجبُ من ذا الهجرِ وَالوَصْلُ أعجبُ |
| أمَا تَغْلَطُ الأيّامُ فيّ بأنْ أرَى | بَغيضاً تُنَائي أوْ حَبيباً تُقَرّبُ |
| وَلله سَيْرِي مَا أقَلّ تَئِيّةً | عَشِيّةَ شَرْقيّ الحَدَالى وَغُرَّبُ |
| عَشِيّةَ أحفَى النّاسِ بي مَن جفوْتُهُ | وَأهْدَى الطّرِيقَينِ التي أتَجَنّبُ |
| وَكَمْ لظَلامِ اللّيْلِ عِندَكَ من يَدٍ | تُخَبِّرُ أنّ المَانَوِيّةَ تَكْذِبُ |
| وَقَاكَ رَدَى الأعداءِ تَسْري إلَيْهِمُ | وَزَارَكَ فيهِ ذو الدّلالِ المُحَجَّبُ |
| وَيَوْمٍ كَلَيْلِ العَاشِقِينَ كمَنْتُهُ | أُرَاقِبُ فيهِ الشّمسَ أيّانَ تَغرُبُ |
| وَعَيْني إلى أُذْنَيْ أغَرَّ كَأنّهُ | منَ اللّيْلِ باقٍ بَينَ عَيْنَيْهِ كوْكبُ |
| لَهُ فَضْلَةٌ عَنْ جِسْمِهِ في إهَابِهِ | تَجيءُ على صَدْرٍ رَحيبٍ وَتذهَبُ |
| شَقَقْتُ بهِ الظّلْماءَ أُدْني عِنَانَهُ | فيَطْغَى وَأُرْخيهِ مراراً فيَلْعَبُ |
| وَأصرَعُ أيّ الوَحشِ قفّيْتُهُ بِهِ | وَأنْزِلُ عنْهُ مِثْلَهُ حينَ أرْكَبُ |
| وَما الخَيلُ إلاّ كالصّديقِ قَليلَةٌ | وَإنْ كَثُرَتْ في عَينِ مَن لا يجرّبُ |
| إذا لم تُشاهِدْ غَيرَ حُسنِ شِياتِهَا | وَأعْضَائِهَا فالحُسْنُ عَنكَ مُغَيَّبُ |
| لحَى الله ذي الدّنْيا مُناخاً لراكبٍ | فكُلُّ بَعيدِ الهَمّ فيهَا مُعَذَّبُ |
| ألا لَيْتَ شعري هَلْ أقولُ قَصِيدَةً | فَلا أشْتَكي فيها وَلا أتَعَتّبُ |
| وَبي ما يَذودُ الشّعرَ عني أقَلُّهُ | وَلَكِنّ قَلبي يا ابنَةَ القَوْمِ قُلَّبُ |
| وَأخْلاقُ كافُورٍ إذا شِئْتُ مَدْحَهُ | وَإنْ لم أشأْ تُملي عَليّ وَأكْتُبُ |
| إذا تَرَكَ الإنْسَانُ أهْلاً وَرَاءَهُ | وَيَمّمَ كافُوراً فَمَا يَتَغَرّبُ |
| فَتًى يَمْلأ الأفْعالَ رَأياً وحِكْمَةً | وَنَادِرَةً أحْيَانَ يَرْضَى وَيَغْضَبُ |
| إذا ضرَبتْ في الحرْبِ بالسّيفِ كَفُّهُ | تَبَيَّنْتَ أنّ السّيفَ بالكَفّ يَضرِبُ |
| تَزيدُ عَطَاياهُ على اللّبْثِ كَثرَةً | وَتَلْبَثُ أمْوَاهُ السّحابِ فَتَنضُبُ |
| أبا المِسْكِ هل في الكأسِ فَضْلٌ أنالُه | فإنّي أُغَنّي منذُ حينٍ وَتَشرَبُ |
| وَهَبْتَ على مِقدارِ كَفّيْ زَمَانِنَا | وَنَفسِي على مِقدارِ كَفّيكَ تطلُبُ |
| إذا لم تَنُطْ بي ضَيْعَةً أوْ وِلايَةً | فَجُودُكَ يَكسُوني وَشُغلُكَ يسلبُ |
| يُضاحِكُ في ذا العِيدِ كُلٌّ حَبيبَهُ | حِذائي وَأبكي مَنْ أُحِبّ وَأنْدُبُ |
| أحِنُّ إلى أهْلي وَأهْوَى لِقَاءَهُمْ | وَأينَ مِنَ المُشْتَاقِ عَنقاءُ مُغرِبُ |
| فإنْ لم يكُنْ إلاّ أبُو المِسكِ أوْ هُمُ | فإنّكَ أحلى في فُؤادي وَأعْذَبُ |
| وكلُّ امرىءٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ | وَكُلُّ مَكانٍ يُنْبِتُ العِزَّ طَيّبُ |
| يُريدُ بكَ الحُسّادُ ما الله دافِعٌ | وَسُمْرُ العَوَالي وَالحَديدُ المُذرَّبُ |
| وَدونَ الذي يَبْغُونَ ما لوْ تخَلّصُوا | إلى المَوْتِ منه عشتَ وَالطّفلُ أشيبُ |
| إذا طَلَبوا جَدواكَ أُعطوا وَحُكِّموا | وَإن طلَبوا الفضْلَ الذي فيك خُيِّبوا |
| وَلَوْ جازَ أن يحوُوا عُلاكَ وَهَبْتَهَا | وَلكِنْ منَ الأشياءِ ما ليسَ يوهَبُ |
| وَأظلَمُ أهلِ الظّلمِ مَن باتَ حاسِداً | لمَنْ بَاتَ في نَعْمائِهِ يَتَقَلّبُ |
| وَأنتَ الذي رَبّيْتَ ذا المُلْكِ مُرْضَعاً | وَلَيسَ لَهُ أُمٌّ سِواكَ وَلا أبُ |
| وَكنتَ لَهُ لَيْثَ العَرِينِ لشِبْلِهِ | وَمَا لكَ إلاّ الهِنْدُوَانيّ مِخْلَبُ |
| لَقِيتَ القَنَا عَنْهُ بنَفْسٍ كريمَةٍ | إلى الموْتِ في الهَيجا من العارِ تهرُبُ |
| وَقد يترُكُ النّفسَ التي لا تَهابُهُ | وَيَخْتَرِمُ النّفسَ التي تَتَهَيّبُ |
| وَمَا عَدِمَ اللاقُوكَ بَأساً وَشِدّةً | وَلَكِنّ مَنْ لاقَوْا أشَدُّ وَأنجَبُ |
| ثنَاهم وَبَرْقُ البِيضِ في البَيض صَادقٌ | عليهم وَبَرْقُ البَيض في البِيض خُلَّبُ |
| سَلَلْتَ سُيوفاً عَلّمتْ كلَّ خاطِبٍ | على كلّ عُودٍ كيفَ يدعو وَيخطُبُ |
| وَيُغنيكَ عَمّا يَنسُبُ النّاسُ أنّهُ | إلَيكَ تَنَاهَى المَكرُماتُ وَتُنسَبُ |
| وَأيُّ قَبيلٍ يَسْتَحِقّكَ قَدْرُهُ | مَعَدُّ بنُ عَدنانٍ فِداكَ وَيَعرُبُ |
| وَمَا طَرَبي لمّا رَأيْتُكَ بِدْعَةً | لقد كنتُ أرْجُو أنْ أرَاكَ فأطرَبُ |
| وَتَعْذُلُني فيكَ القَوَافي وَهِمّتي | كأنّي بمَدْحٍ قَبلَ مَدْحِكَ مُذنِبُ |
| وَلَكِنّهُ طالَ الطّريقُ وَلم أزَلْ | أُفَتّش عَن هَذا الكَلامِ وَيُنْهَبُ |
| فشَرّقَ حتى ليسَ للشّرْقِ مَشرِقٌ | وَغَرّبَ حتى ليسَ للغرْبِ مَغْرِبُ |
| إذا قُلْتُهُ لم يَمْتَنِعْ مِن وُصُولِهِ | جِدارٌ مُعَلًّى أوْ خِبَاءٌ مُطَنَّبُ |
قصائد المتنبي
مجموعة مختارة من قصائد الشاعر أبو الطيب المتنبي في هذه الصفحة.
منى كن لي أن البياض خضاب
| مُنًى كُنّ لي أنّ البَياضَ خِضابُ | فيَخفَى بتَبييضِ القُرونِ شَبَابُ |
| لَيَاليَ عندَ البِيضِ فَوْدايَ فِتْنَةٌ | وَفَخْرٌ وَذاكَ الفَخْرُ عنديَ عابُ |
| فكَيْفَ أذُمُّ اليَوْمَ ما كنتُ أشتَهي | وَأدْعُو بِمَا أشْكُوهُ حينَ أُجَابُ |
| جلا اللّوْنُ عن لوْنٍ هدى كلَّ مسلكٍ | كمَا انجابَ عن ضَوْءِ النّهارِ ضَبابُ |
| وَفي الجسْمِ نَفسٌ لا تَشيبُ بشَيْبِهِ | وَلَوْ أنّ مَا في الوَجْهِ منهُ حِرَابُ |
| لهَا ظُفُرٌ إنْ كَلّ ظُفْرٌ أُعِدُّهُ | وَنَابٌ إذا لم يَبْقَ في الفَمِ نَابُ |
| يُغَيِّرُ مني الدّهرُ ما شَاءَ غَيرَهَا | وَأبْلُغُ أقصَى العُمرِ وَهيَ كَعابُ |
| وَإنّي لنَجْمٌ تَهْتَدي صُحبَتي بِهِ | إذا حالَ مِنْ دونِ النّجومِ سَحَابُ |
| غَنيٌّ عَنِ الأوْطانِ لا يَستَخِفُّني | إلى بَلَدٍ سَافَرْتُ عنهُ إيَابُ |
| وَعَنْ ذَمَلانِ العِيسِ إنْ سامَحتْ بهِ | وَإلاّ فَفي أكْوَارِهِنّ عُقَابُ |
| وَأصْدَى فلا أُبْدي إلى الماءِ حاجَةً | وَللشّمسِ فوقَ اليَعمَلاتِ لُعابُ |
| وَللسرّ مني مَوْضِعٌ لا يَنَالُهُ | نَديمٌ وَلا يُفْضِي إلَيْهِ شَرَابُ |
| وَللخَوْدِ منّي ساعَةٌ ثمّ بَيْنَنَا | فَلاةٌ إلى غَيرِ اللّقَاءِ تُجَابُ |
| وَمَا العِشْقُ إلاّ غِرّةٌ وَطَمَاعَةٌ | يُعَرّضُ قَلْبٌ نَفْسَهُ فَيُصَابُ |
| وَغَيرُ فُؤادي للغَوَاني رَمِيّةٌ | وَغَيرُ بَنَاني للزّجَاجِ رِكَابُ |
| تَرَكْنَا لأطْرَافِ القَنَا كُلَّ شَهْوَةٍ | فَلَيْسَ لَنَا إلاّ بهِنّ لِعَابُ |
| نُصَرّفُهُ للطّعْنِ فَوْقَ حَوَادِرٍ | قَدِ انْقَصَفَتْ فيهِنّ منهُ كِعَابُ |
| أعَزُّ مَكانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سابحٍ | وَخَيرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ |
| وَبَحْرُ أبي المِسْكِ الخِضَمُّ الذي لَهُ | عَلى كُلّ بَحْرٍ زَخْرَةٌ وَعُبابُ |
| تَجَاوَزَ قَدْرَ المَدْحِ حتى كأنّهُ | بأحْسَنِ مَا يُثْنى عَلَيْهِ يُعَابُ |
| وَغالَبَهُ الأعْداءُ ثُمّ عَنَوْا لَهُ | كمَا غَالَبَتْ بيضَ السّيوفِ رِقابُ |
| وَأكْثرُ مَا تَلْقَى أبَا المِسْكِ بِذْلَةً | إذا لم تَصُنْ إلاّ الحَديدَ ثِيَابُ |
| وَأوْسَعُ ما تَلقاهُ صَدْراً وَخَلْفَهُ | رِمَاءٌ وَطَعْنٌ وَالأمَامَ ضِرَابُ |
| وَأنْفَذُ ما تَلْقَاهُ حُكْماً إذا قَضَى | قَضَاءً مُلُوكُ الأرْضِ مِنه غِضَابُ |
| يَقُودُ إلَيْهِ طاعَةَ النّاسِ فَضْلُهُ | وَلَوْ لم يَقُدْهَا نَائِلٌ وَعِقَابُ |
| أيَا أسَداً في جِسْمِهِ رُوحُ ضَيغَمٍ | وَكَمْ أُسُدٍ أرْوَاحُهُنّ كِلابُ |
| وَيَا آخِذاً من دَهْرِهِ حَقَّ نَفْسِهِ | وَمِثْلُكَ يُعْطَى حَقَّهُ وَيُهابُ |
| لَنَا عِنْدَ هذا الدّهْرِ حَقٌّ يَلُطّهُ | وَقَدْ قَلّ إعْتابٌ وَطَالَ عِتَابُ |
| وَقَد تُحدِثُ الأيّامُ عِندَكَ شيمَةً | وَتَنْعَمِرُ الأوْقاتُ وَهيَ يَبَابُ |
| وَلا مُلْكَ إلاّ أنتَ وَالمُلْكُ فَضْلَةٌ | كأنّكَ سَيفٌ فيهِ وَهْوَ قِرَابُ |
| أرَى لي بقُرْبي منكَ عَيْناً قَريرَةً | وَإنْ كانَ قُرْباً بالبِعَادِ يُشَابُ |
| وَهَل نافِعي أنْ تُرْفَعَ الحُجبُ بَيْنَنا | وَدونَ الذي أمّلْتُ مِنْكَ حِجابُ |
| أُقِلُّ سَلامي حُبَّ ما خَفّ عَنكُمُ | وَأسكُتُ كَيمَا لا يَكونَ جَوَابُ |
| وَفي النّفسِ حاجاتٌ وَفيكَ فَطَانَةٌ | سُكُوتي بَيَانٌ عِنْدَها وَخِطابُ |
| وَمَا أنَا بالباغي على الحُبّ رِشْوَةً | ضَعِيفُ هَوًى يُبْغَى عَلَيْهِ ثَوَابُ |
| وَمَا شِئْتُ إلاّ أنْ أدُلّ عَوَاذِلي | عَلى أنّ رَأيي في هَوَاكَ صَوَابُ |
| وَأُعْلِمَ قَوْماً خَالَفُوني فشَرّقُوا | وَغَرّبْتُ أنّي قَدْ ظَفِرْتُ وَخَابُوا |
| جَرَى الخُلْفُ إلاّ فيكَ أنّكَ وَاحدٌ | وَأنّكَ لَيْثٌ وَالمُلُوكُ ذِئَابُ |
| وَأنّكَ إنْ قُويِسْتَ صَحّفَ قارِىءٌ | ذِئَاباً وَلم يُخطىءْ فَقالَ ذُبَابُ |
| وَإنّ مَديحَ النّاسِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ | وَمَدْحُكَ حَقٌّ لَيسَ فيهِ كِذابُ |
| إذا نِلْتُ مِنكَ الوُدّ فالمَالُ هَيّنٌ | وَكُلُّ الذي فَوْقَ التّرَابِ تُرَابُ |
| وَمَا كُنْتُ لَوْلا أنتَ إلاّ مُهاجِراً | لَهُ كُلَّ يَوْمٍ بَلْدَةٌ وَصِحَابُ |
| وَلَكِنّكَ الدّنْيَا إليّ حَبيبَةً | فَمَا عَنْكَ لي إلاّ إلَيْكَ ذَهَابُ |
لقَدْ أصْبَحَ الجُرَذُ المُسْتَغِيرُ
| لقَدْ أصْبَحَ الجُرَذُ المُسْتَغِيرُ | أسيرَ المنَايا صَريعَ العَطَبْ |
| رَمَاهُ الكِنَانيُّ وَالعَامِرِيُّ | وَتَلاّهُ للوَجْهِ فِعْلَ العَرَبْ |
| كِلا الرّجُلَينِ اتّلَى قَتْلَهُ | فَأيُّكُمَا غَلّ حُرَّ السَّلَبْ |
| وَأيُّكُمَا كانَ مِنْ خَلْفِهِ | فإنّ بهِ عَضَّةٌ في الذّنَبْ |
ما أنصف القوم ضبة
| ما أنصف القوم ضبة | وأمه الطرطبة |
| رموا برأس أبيه | وباكوا الأم غلبة |
| فلا بمن مات فخر | ولا بمن نيك رغبة |
| وإنما قلت ما قلـ | ـت رحمة لا محبة |
| وحيلة لك حتى | عذرت لو كنت تأبه |
| وما عليك من القتـ | ـل إنما هي ضربة |
| وما عليك من الغد | ر إنما هو سبة |
| وما عليك من العا | ر أن أمك قحبة |
| وما يشق على الكلـ | ـب أن يكون ابن كلبة |
| ما ضرها من أتاها | وإنما ضر صلبه |
| ولم ينكها ولكن | عجانها ناك زبه |
| يلوم ضبة قوم | ولا يلومون قلبه |
| وقلبه يتشهى | ويلزم الجسم ذنبه |
| لو أبصر الجذع شيئا | أحب في الجذع صلبه |
| يا أطيب الناس نفسا | وألين الناس ركبة |
| وأخبث الناس أصلا | في أخبث الأرض تربة |
| وأرخص الناس أما | تبيع ألفا بحبة |
| كل الفعول سهام | لمريم وهي جعبة |
| وما على من به الدا | ء من لقاء الأطبة |
| وليس بين هلوك | وحرة غير خطبة |
| يا قاتلا كل ضيف | غناه ضيح وعلبة |
| وخوف كل رفيق | أباتك الليل جنبه |
| كذا خلقت ومن ذا الـ | ـذي يغالب ربه |
| ومن يبالي بذم | إذا تعود كسبه |
| أما ترى الخيل في النخـ | ـل سربة بعد سربة |
| على نسائك تجلو | فعولها منذ سنبة |
| وهن حولك ينظر | ن والأحيراح رطبة |
| وكل غرمول بغل | يرين يحسدن قنبه |
| فسل فؤادك يا ضبـ | ـب أين خلف عجبه |
| وإن يخنك لعمري | لطالما خان صحبه |
| وكيف ترغب فيه | وقد تبينت رعبه |
| ما كنت إلا ذبابا | نفتك عنا مذبه |
| وكنت تفخر تيها | فصرت تضرط رهبة |
| وإن بعدنا قليلا | حملت رمحا وحربة |
| وقلت ليت بكفي | عنان جرداء شطبة |
| إن أوحشتك المعالي | فإنها دار غربة |
| أو آنستك المخازي | فإنها لك نسبة |
| وإن عرفت مرادي | تكشفت عنك كربة |
| وإن جهلت مرادي | فإنه بك أشبه |
آخِرُ مَا المَلْكُ مُعَزّىً بِهِ
| آخِرُ مَا المَلْكُ مُعَزّىً بِهِ | هذا الذي أثّرَ في قَلْبِهِ |
| لا جَزَعاً بَلْ أنَفاً شابَهُ | أنْ يَقْدِرَ الدّهْرُ على غَصْبِهِ |
| لَوْ دَرَتِ الدّنْيَا بمَا عِنْدَهُ | لاستَحيَتِ الأيّامُ من عَتبِهِ |
| لَعَلّهَا تَحْسَبُ أنّ الذي | لَيسَ لَدَيهِ لَيسَ من حِزْبِهِ |
| وَأنّ مَنْ بَغدادُ دارٌ لَهُ | لَيسَ مُقيماً في ذَرَا عَضْبِهِ |
| وَأنّ جَدّ المَرْءِ أوْطانُهُ | مَن لَيسَ منها لَيسَ من صُلبِهِ |
| أخَافُ أنْ تَفْطَنَ أعْداؤهُ | فيُجْفِلُوا خَوْفاً إلى قُرْبِهِ |
| لا بُدّ للإنْسانِ من ضَجعَةٍ | لا تَقْلِبُ المُضْجَعَ عن جَنبِهِ |
| يَنسى بها ما كانَ مِن عُجْبِهِ | وَمَا أذاقَ المَوْتُ من كَرْبِهِ |
| نحنُ بَنُو المَوْتَى فَمَا بالُنَا | نَعَافُ مَا لا بُدّ من شُرْبِهِ |
| تَبْخَلُ أيْدينَا بِأرْوَاحِنَا | على زَمَانٍ هيَ من كَسْبِهِ |
| فَهَذِهِ الأرْوَاحُ منْ جَوّهِ | وَهَذِهِ الأجْسامُ مِنْ تُرْبِهِ |
| لَوْ فكّرَ العاشِقُ في مُنْتَهَى | حُسنِ الذي يَسبيهِ لم يَسْبِهِ |
| لم يُرَ قَرْنُ الشّمسِ في شَرْقِهِ | فشَكّتِ الأنْفُسُ في غَرْبِهِ |
| يَمُوتُ رَاعي الضّأنِ في جَهْلِهِ | مِيتَةَ جَالِينُوسَ في طِبّهِ |
| وَرُبّمَا زَادَ على عُمْرِهِ | وَزَادَ في الأمنِ على سِرْبِهِ |
| وَغَايَةُ المُفْرِطِ في سِلْمِهِ | كَغَايَةِ المُفْرِطِ في حَرْبِهِ |
| فَلا قَضَى حاجَتَهُ طالِبٌ | فُؤادُهُ يَخفِقُ مِنْ رُعْبِهِ |
| أستَغْفِرُ الله لشَخْصٍ مضَى | كانَ نَداهُ مُنْتَهَى ذَنْبِهِ |
| وَكانَ مَنْ عَدّدَ إحْسَانَهُ | كأنّمَا أفْرَطَ في سَبّهِ |
| يُرِيدُ مِنْ حُبّ العُلَى عَيْشَهُ | وَلا يُريدُ العَيشَ من حُبّهِ |
| يَحْسَبُهُ دافِنُهُ وَحْدَهُ | وَمَجدُهُ في القبرِ مِنْ صَحْبِهِ |
| وَيُظْهَرُ التّذكيرُ في ذِكْرِهِ | وَيُسْتَرُ التأنيثُ في حُجْبِهِ |
| أُخْتُ أبي خَيرِ أمِيرٍ دَعَا | فَقَالَ جَيشٌ للقَنَا: لَبّهِ |
| يا عَضُدَ الدّوْلَةِ مَنْ رُكْنُها | أبُوهُ وَالقَلْبُ أبُو لُبّهِ |
| وَمَنْ بَنُوهُ زَينُ آبَائِهِ | كأنّهَا النّوْرُ عَلى قُضْبِهِ |
| فَخْراً لدَهْرٍ أنْتَ مِنْ أهْلِهِ | وَمُنْجِبٍ أصْبَحتَ منْ عَقْبِهِ |
| إنّ الأسَى القِرْنُ فَلا تُحْيِهِ | وَسَيْفُكَ الصّبرُ فَلا تُنْبِهِ |
| ما كانَ عندي أنّ بَدْرَ الدّجَى | يُوحِشُهُ المَفْقُودُ من شُهْبِهِ |
| حاشاكَ أن تَضْعُفَ عن حَملِ ما | تَحَمّلَ السّائِرُ في كُتْبِهِ |
| وَقَدْ حَمَلْتَ الثّقلَ من قَبْلِهِ | فأغنَتِ الشّدّةُ عَنْ سَحْبِهِ |
| يَدْخُلُ صَبرُ المَرْءِ في مَدْحِهِ | وَيَدْخُلُ الإشْفَاقُ في ثَلْبِهِ |
| مِثْلُكَ يَثْني الحُزْنَ عن صَوْبِهِ | وَيَستَرِدّ الدّمعَ عن غَرْبِهِ |
| إيمَا لإبْقَاءٍ عَلى فَضْلِهِ؛ | إيمَا لتَسْليمٍ إلى رَبّهِ |
| وَلم أقُلْ مِثْلُكَ أعْني بِهِ | سِواكَ يا فَرْداً بِلا مُشْبِهِ |
لمّا نُسِبْتَ فكُنْتَ ابْناً لِغَيرِ أبٍ
| لمّا نُسِبْتَ فكُنْتَ ابْناً لِغَيرِ أبٍ | ثمّ اخْتُبِرْتَ فَلَمْ تَرْجعْ إلى أدَبِ |
| سُمّيتَ بالذّهَبيّ اليَوْمَ تَسْمِيَةً | مُشتَقّةً من ذهابِ العقلِ لا الذّهَبِ |
| مُلَقَّبٌ بكَ مَا لُقّبْتَ وَيْكَ بهِ | يا أيّها اللّقَبُ المُلقَى على اللّقَبِ |