أتاني كلام الجاهل ابن كيغلغ

أتاني كلامُ الجاهِلِ ابنِ كَيَغْلَغٍ يَجُوبُ حُزُوناً بَيْنَنا وسُهولا
ولوْ لم يكُنْ بينَ ابنِ صَفراءَ حائِلٌ وبَيْني سِوى رُمْحي لكانَ طَوِيلا
وإسْح?قُ مأمُونٌ على مَنْ أهانَهُ ولَكِنْ تَسَلّى بالبُكاءِ قَلِيلا
ولَيسَ جَميلاً عِرْضُهُ فيَصُونَهُ ولَيسَ جَميلاً أن يكونَ جَميلا
ويَكْذِبُ ما أذْلَلْتُهُ بهِجائِهِ لقَدْ كانَ منْ قَبلِ الهِجاءِ ذَليلا

لا تحسبوا ربعكم ولا طلله

لا تَحْسَبوا رَبعَكُمْ ولا طَلَلَهْ أوّلَ حَيٍّ فِراقُكُمْ قَتَلَهْ
قَد تَلِفَتْ قَبْلَهُ النّفوسُ بكُمْ وأكثرَتْ في هَواكُمُ العَذَلَهْ
خَلا وفيهِ أهْلٌ وأوْحَشَنَا وفيهِ صِرْمٌ مُرَوِّحٌ إبِلَهْ
لوْ سارَ ذاكَ الحَبيبُ عن فَلَكٍ ما رضيَ الشّمسَ بُرْجُهُ بَدَلَهْ
أُحِبّهُ والهَوَى وأدْؤرَهُ وكُلُّ حُبٍّ صَبابَةٌ ووَلَهْ
يَنصُرُها الغَيثُ وهيَ ظامِئَةٌ إلى سِواهُ وسُحْبُها هَطِلَهْ
واحَرَبَا مِنكِ يا جَدايَتَهَا مُقيمَةً، فاعلَمي، ومُرْتَحِلَهْ
لَوْ خُلِطَ المِسْكُ والعَبيرُ بهَا ولَستِ فيها لَخِلْتُها تَفِلَهْ
أنا ابنُ مَن بعضُهُ يَفُوقُ أبَا الـ ـباحِثِ والنَّجلُ بعضُ من نَجَلَهْ
وإنّما يَذْكُرُ الجُدودَ لَهُمْ مَنْ نَفَرُوهُ وأنْفَدوا حِيَلَهْ
فَخْراً لعَضْبٍ أرُوحُ مُشْتَمِلَهْ وسَمْهَرِيٍّ أرُوحُ مُعْتَقِلَهْ
وليَفْخَرِ الفَخْرُ إذْ غدَوْتُ بهِ مُرْتَدِياً خَيْرَهُ ومُنْتَعِلَهْ
أنا الذي بَيّنَ الإل?هُ بِهِ الـ ـأقْدارَ والمَرْءُ حَيْثُما جَعَلَهْ
جَوْهَرَةٌ تَفْرَحُ الشِّرافُ بهَا وغُصّةٌ لا تُسِيغُها السّفِلَهْ
إنّ الكِذابَ الذي أُكَادُ بِهِ أهْوَنُ عِنْدي مِنَ الذي نَقَلَهْ
فَلا مُبَالٍ ولا مُداجٍ ولا وانٍ ولا عاجِزٌ ولا تُكَلَهْ
ودارِعٍ سِفْتُهُ فَخَرَّ لَقًى في المُلْتَقَى والعَجاجِ والعَجَلَهْ
وسامِعٍ رُعْتُهُ بقافِيَةٍ يَحارُ فيها المُنَقِّحُ القُوَلَهْ
ورُبّما أُشْهِدُ الطّعامَ مَعي مَن لا يُساوي الخبزَ الذي أكَلَهْ
ويُظْهِرُ الجَهْلَ بي وأعْرِفُهُ والدُّرُّ دُرٌّ برَغْمِ مَنْ جَهِلَهْ
مُسْتَحْيِياً من أبي العَشائِرِ أنْ أسْحَبَ في غَيرِ أرْضِهِ حُلَلَهْ
أسْحَبُها عِنْدَهُ لَدَى مَلِكٍ ثِيابُهُ مِنْ جَليسِهِ وَجِلَهْ
وبِيضُ غِلْمانِهِ كَنائِلِهِ أوّلُ مَحْمُولِ سَيْبِهِ الحَمَلَهْ
ما ليَ لا أمْدَحُ الحُسَينَ ولا أبْذُلُ مِثْلَ الوُدِّ الذي بَذَلَهْ
أأخْفَتِ العَينُ عندَهُ أثَراً أمْ بَلَغَ الكَيْذُبانُ ما أمَلَهْ
أمْ لَيسَ ضَرّابَ كلّ جُمجمَةٍ مَنْخُوّةٍ ساعةَ الوَغَى زَعِلَهْ
وصاحِبَ الجُودِ ما يُفارِقُهُ لَوْ كانَ للجُودِ مَنْطِقٌ عَذَلَهْ
وراكِبَ الهَوْلِ لا يُفَتِّرُهُ لَوْ كانَ للهَوْلِ مَحْزِمٌ هَزَلَهْ
وفارِسَ الأحْمَرِ المُكَلِّلَ في طَيِّءٍ المُشْرَعَ القَنَا قِبَلَهْ
لمّا رأتْ وَجهَهُ خُيُولُهُمُ أقْسَمَ بالله لا رأتْ كَفَلَهْ
فأكْبَرُوا فِعْلَهُ وأصْغَرَهُ؛ أكبَرُ مِنْ فِعْلِهِ الذي فَعَلَهْ
القاطِعُ الواصِلُ الكَميلُ فَلا بَعضُ جَميلٍ عن بَعضِهِ شَغَلَهْ
فَواهِبٌ والرّماحُ تَشْجُرُهُ وطاعِنٌ والهِباتُ مُتّصِلَهْ
وكُلّما أمّنَ البِلادَ سَرَى وكلّما خِيفَ مَنْزِلٌ نَزَلَهْ
وكُلّما جاهَرَ العَدُوَّ ضُحًى أمكَنَ حتى كأنّهُ خَتَلَهْ
يَحْتَقِرُ البِيضَ واللِّدانَ إذا سَنّ علَيهِ الدِّلاصَ أوْ نَثَلَهْ
قد هَذَبَتْ فَهْمَهُ الفَقاهَةُ لي وهَذّبَتْ شِعريَ الفَصاحَةُ لَهْ
فصِرْتُ كالسّيفِ حامِداً يَدَهُ لا يحمدُ السّيفُ كلَّ من حَمَلَهْ

أتحلف لا تكلفني مسيرا

أتَحْلِفُ لا تُكَلّفُني مَسِيراً إلى بَلَدٍ أُحَاوِلُ فيهِ مَالا
وَأنْتَ مُكَلِّفي أنْبَى مَكَاناً وَأبْعَدَ شُقّةً وَأشَدّ حَالا
إذا سِرْنَا عَنِ الفُسْطاطِ يَوْماً فَلَقّنيَ الفَوَارِسَ وَالرّجَالا
لتَعْلَمَ قَدْرَ مَنْ فارَقْتَ منّي وَأنّكَ رُمْتَ من ضَيمي مُحَالا

ذكر الصبي ومراتع الآرام

ذِكَرُ الصّبَي وَمَرَاتِعِ الآرَامِ جَلَبَتْ حِمامي قَبلَ وَقْتِ حِمامي
دِمَنٌ تَكاثَرَتِ الهُمُومُ عَليّ في عَرَصَاتِها كَتَكاثُرِ اللُّوّامِ
وَكَأنّ كُلّ سَحَابَةٍ وَقَفَتْ بهَا تَبكي بعَيْنيْ عُرْوَةَ بنِ حِزَامِ
وَلَطَالَمَا أفْنَيْتُ رِيقَ كَعَابِهَا فِيهَا وَأفْنَتْ بالعِتابِ كَلامي
قَد كُنْتَ تَهْزَأُ بالفِراقِ مَجَانَةً وَتَجُرّ ذَيْلَيْ شِرّةٍ وَعُرَامِ
لَيسَ القِبابُ على الرّكَابِ وَإنّمَا هُنّ الحَيَاةُ تَرَحّلَتْ بسَلامِ
ليتَ الذي فَلَقَ النّوَى جعَل الحَصَى لخِفافِهِنّ مَفَاصِلي وَعِظامي
مُتَلاحِظَينِ نَسُحُّ مَاءَ شُؤونِنَا حَذَراً مِنَ الرُّقَبَاءِ في الأكْمَامِ
أرْوَاحُنَا انهَمَلَتْ وَعِشْنَا بَعدَهَا من بَعدِ ما قَطَرَتْ على الأقدامِ
لَوْ كُنّ يَوْمَ جرَينَ كُنّ كصَبرِنَا عندَ الرّحيلِ لَكُنّ غَيرَ سِجَامِ
لم يَتْرُكُوا لي صاحِباً إلاّ الأسَى وَذَمِيلَ ذِعْلِبَةٍ كَفَحْلِ نَعَامِ
وَتَعَذُّرُ الأحْرارِ صَيّرَ ظَهْرَهَا إلاّ إلَيْكَ عَليَّ ظَهْرَ حَرَامِ
أنتَ الغَريبَةُ في زَمَانٍ أهْلُهُ وُلِدَتْ مَكارِمُهُمْ لغَيرِ تَمَامِ
أكْثَرْتَ من بَذْلِ النّوَالِ وَلم تزَلْ عَلَماً على الإفْضالِ وَالإنْعَامِ
صَغّرْتَ كلّ كَبيرَةٍ وَكَبُرْتَ عَنْ لَكَأنّهُ وَعَدَدْتَ سِنّ غُلامِ
وَرَفَلْتَ في حُلَلِ الثّنَاءِ وَإنّمَا عَدَمُ الثّنَاءِ نِهَايَةُ الإعْدامِ
عَيْبٌ عَلَيكَ تُرَى بسَيفٍ في الوَغى مَا يَصْنَعُ الصّمْصَامُ بالصّمصَامِ
إنْ كانَ مِثْلُكَ كانَ أوْ هُوَ كائِنٌ فَبَرِئْتُ حِينَئِذٍ مِنَ الإسْلامِ
مَلِكٌ زُهَتْ بِمَكَانِهِ أيّامُهُ حتى افتَخَرْنَ بهِ على الأيّامِ
وَتَخالُهُ سَلَبَ الوَرَى مِن حِلْمِهِ أحْلامَهُمْ فَهُمُ بِلا أحْلامِ
وَإذا امتَحَنْتَ تَكَشّفَتْ عَزَمَاتُهُ عَن أوْحَدِيّ النّقْضِ وَالإبْرامِ
وَإذا سَألْتَ بَنَانَهُ عَنْ نَيْلِهِ لم يَرْضَ بالدّنْيَا قَضاءَ ذِمَامِ
مَهْلاً ألا لِلّهِ ما صَنَعَ القَنَا في عَمْرِو حَابِ وَضَبّةَ الأغْتَامِ
لمّا تَحَكّمَتِ الأسِنّةُ فِيهِمِ جَارَتْ وَهُنّ يَجُرْنَ في الأحكامِ
فَتَرَكْتَهُمْ خَلَلَ البُيُوتِ كأنّما غَضِبَتْ رُؤوسُهُمُ على الأجْسامِ
أحجارُ ناسٍ فَوْقَ أرْضٍ مِنْ دَمٍ وَنُجُومُ بَيْضٍ في سَمَاءِ قَتَامِ
وَذِراعُ كُلّ أبي فُلانٍ كُنْيَةً حَالَتْ فَصَاحِبُها أبُو الأيْتَامِ
عَهْدي بمَعْرَكَةِ الأميرِ وَخَيْلُهُ في النّقْعِ مُحْجِمَةٌ عنِ الإحجامِ
صَلّى الإل?هُ عَلَيْكَ غَيرَ مُوَدَّعٍ وَسَقَى ثَرَى أبَوَيْكَ صَوْبَ غَمَامِ
وَكَسَاكَ ثَوْبَ مَهَابَةٍ مِنْ عِنْدِهِ وَأرَاكَ وَجهَ شَقيقِكَ القَمْقَامِ
فَلَقَدْ رَمَى بَلَدَ العَدُوّ بنَفْسِهِ في رَوْقِ أرْعَنَ كالغِطَمّ لُهَامِ
قَوْمٌ تَفَرّسَتِ المَنَايَا فِيكُمُ فرَأتْ لكُمْ في الحرْبِ صَبرَ كِرَامِ
تَالله مَا عَلِمَ امرُؤٌ لَوْلاكُمُ كَيفَ السّخاءُ وَكَيفَ ضرْبُ الهَامِ

ضيف ألم برأسي غير محتشم

ضَيْفٌ ألَمّ برَأسِي غيرَ مُحْتَشِمِ ألسّيفُ أحْسَنُ فِعْلاً منهُ باللِّمَمِ
إبْعَدْ بَعِدْتَ بَياضاً لا بَياضَ لَهُ لأنْتَ أسْوَدُ في عَيني مِنَ الظُّلَمِ
بحُبّ قاتِلَتي وَالشّيْبِ تَغْذِيَتي هَوَايَ طِفْلاً وَشَيبي بالغَ الحُلُمِ
فَمَا أمُرّ برَسْمٍ لا أُسَائِلُهُ وَلا بذاتِ خِمارٍ لا تُريقُ دَمي
تَنَفّسَتْ عَن وَفاءٍ غيرِ مُنصَدِعٍ يَوْمَ الرّحيلِ وشَعْبٍ غَيرِ مُلْتَئِمِ
قَبّلْتُها وَدُمُوعي مَزْجُ أدْمُعِهَا وَقَبّلَتْني على خَوْفٍ فَماً لفَمِ
قد ذُقْتُ ماءَ حَياةٍ مِنْ مُقَبَّلِها لَوْ صَابَ تُرْباً لأحيا سالِفَ الأُمَمِ
تَرنو إليّ بعَينِ الظّبيِ مُجْهِشَةً وتَمْسَحُ الطّلَّ فَوْقَ الوَرْدِ بِالعَنَمِ
رُوَيْدَ حُكمِكِ فينا غيرَ مُنصِفَةٍ بالنّاسِ كُلِّهِمِ أفديكِ من حكَمِ
أبدَيتِ مثلَ الذي أبدَيتُ من جَزعٍ وَلَمْ تُجِنّي الذي أجنَيتُ من ألَمِ
إذاً لَبَزَّكِ ثَوْبَ الحُسنِ أصغَرُهُ وَصِرْتِ مثليَ في ثَوْبَينِ من سَقَمِ
لَيسَ التّعَلّلُ بالآمَالِ مِن أرَبي وَلا القَناعَةُ بالإقْلالِ من شِيَمي
وَلا أظُنّ بَناتِ الدّهْرِ تَتْرُكُني حتى تَسُدّ علَيها طُرْقَها هِمَمي
لُمِ اللّيالي التي أخْنَتْ على جِدَتي بِرِقّةِ الحالِ وَاعذِرْني وَلا تَلُمِ
أرَى أُناساً ومَحصُولي على غَنَمٍ وَذِكْرَ جُودٍ ومحْصُولي على الكَلِمِ
وَرَبَّ مالٍ فَقِيراً مِنْ مُرُوءَتِهِ لم يُثْرِ منها كما أثْرَى منَ العُدُمِ
سيَصحَبُ النّصلُ مني مثلَ مَضرِبِه وَيَنجَلي خَبري عن صِمّةِ الصَّمَمِ
لقد تَصَبّرْتُ حتى لاتَ مُصْطَبَرٍ فالآنَ أقْحَمُ حتى لاتَ مُقْتَحَمِ
لأترُكَنّ وُجوهَ الخَيْلِ ساهِمَةً وَالحرْبُ أقوَمُ مِن ساقٍ على قَدَمِ
والطّعْنُ يُحرِقُها وَالزّجرُ يُقلِقُها حتى كأنّ بها ضَرْباً مِنَ اللَّمَمِ
قَد كَلّمَتْها العَوالي فَهْيَ كالحَةٌ كأنّما الصّابُ مَذرُورٌ على اللُّجُمِ
بكُلّ مُنصَلَتٍ ما زالَ مُنْتَظري حتى أدَلْتُ لَهُ مِنْ دَولَةِ الخَدمِ
شَيخٌ يَرَى الصّلواتِ الخَمسَ نافلةً ويَستَحِلّ دَمَ الحُجّاجِ في الحرَمِ
وكُلّما نُطِحَتْ تحْتَ العَجاجِ بهِ أُسْدُ الكتائبِ رامَتْهُ ولم يَرِمِ
تُنسِي البِلادَ بُرُوقَ الجَوّ بارِقَتي وتَكتَفي بالدّمِ الجاري عَنِ الدِّيَمِ
رِدِي حِياضَ الرّدى يا نفسِ وَاتّركي حياضَ خوْفِ الرّدى للشّاء والنَّعَمِ
إنْ لم أذَرْكِ على الأرماحِ سائِلَةً فلا دُعيتُ ابنَ أُمّ المَجدِ والكَرَمِ
أيَمْلِكُ المُلْكَ وَالأسيافُ ظامئَةٌ وَالطّيرُ جائِعَةٌ لَحْمٌ على وَضَمِ
مَنْ لَوْ رَآنيَ ماءً ماتَ مِنْ ظَمَإٍ وَلَوْ عَرَضْتُ لهُ في النّوْم لم يَنمِ
ميعادُ كلّ رَقيقِ الشّفرَتينِ غَداً ومَن عصَى من ملوكِ العُرْبِ والعجمِ
فإنْ أجابُوا فَما قَصدي بهَا لَهُمُ وَإنْ تَوَلّوْا فَمَا أرْضَى لَها بهمِ

أبا عبد الإل?ه معاذ إني

أبَا عَبْدِ الإل?هِ مُعاذُ: إنّي خَفيٌّ عَنْكَ في الهَيْجا مَقامي
ذكَرْتُ جَسيمَ ما طَلَبي وإنّا نُخاطِرُ فيهِ بالمُهَجِ الجِسامِ
أمِثْلي تأخُذُ النّكَباتُ مِنْهُ وَيَجزَعُ مِنْ مُلاقاةِ الحِمامِ
ولو بَرَزَ الزّمانُ إليّ شَخصاً لخَضّبَ شعرَ مَفرِقِهِ حُسامي
وما بَلَغَتْ مَشيئَتَها اللّيالي ولا سَارَتْ وفي يَدِها زِمَامي
إذا امتَلأتْ عُيُونُ الخَيْلِ مني فَوَيْلٌ في التّيَقّظِ والمَنَامِ