إني لأعلم واللبيب خبير

إنّي لأعْلَمُ واللّبيبُ خَبِيرُأنْ الحَياةَ وَإنْ حَرَصْتُ غُرُورُ
ورَأيْتُ كُلاًّ ما يُعَلّلُ نَفْسَهُبِتَعِلّةٍ وإلى الفَنَاءِ يَصِيرُ
أمُجاوِرَ الدَّيْمَاسِ رَهْنَ قَرَارَةٍفيها الضّياءُ بوَجْهِهِ والنّورُ
ما كنتُ أحسبُ قبل دفنكَ في الثّرَىأنّ الكَواكِبَ في التّرابِ تَغُورُ
ما كنتُ آمُلُ قَبلَ نَعشِكَ أن أرَىرَضْوَى على أيدي الرّجالِ تَسيرُ
خَرَجُوا بهِ ولكُلّ باكٍ خَلْفَهُصَعَقاتُ مُوسَى يَوْمَ دُكّ الطُّورُ
والشّمسُ في كَبِدِ السّماءِ مريضَةٌوالأرْضُ واجفَةٌ تَكادُ تَمُورُ
وحَفيفُ أجنِحَةِ المَلائِكِ حَوْلَهُوعُيُونُ أهلِ اللاّذقِيّةِ صُورُ
حتى أتَوْا جَدَثاً كَأنّ ضَرِيحَهُفي قَلْبِ كُلّ مُوَحِّدٍ مَحْفُورُ
بمُزَوَّدٍ كَفَنَ البِلَى مِن مُلْكِهِمُغْفٍ وإثْمِدُ عَيْنِهِ الكافُورُ
فيهِ السّماحةُ والفَصاحةُ والتّقَىوالبأسُ أجْمَعُ والحِجَى والخِيرُ
كَفَلَ الثّنَاءُ لَهُ بِرَدّ حَيَاتِهِلمّا انْطَوَى فكأنّهُ مَنْشُورُ
وكأنّما عيسَى بنُ مَرْيَمَ ذِكْرُهُوكأنّ عازَرَ شَخْصُهُ المَقْبُورُ
من قصائد أبو الطيب المتنبي

غاضَتْ أنَامِلُهُ وهُنّ بُحُورُ

غاضَتْ أنَامِلُهُ وهُنّ بُحُورُ وخَبَتْ مَكايِدُهُ وهُنّ سَعِيرُ
يُبْكَى عَلَيْهِ وما استَقَرّ قَرارُهُ في اللّحْدِ حتى صافَحَتْهُ الحُورُ
صَبْراً بني إسْحَقَ عَنْهُ تَكَرّماً إنّ العَظيمَ على العَظيمِ صَبُورُ
فلِكُلّ مَفجُوع سِواكُمْ مُشْبِهٌ ولِكُلّ مَفْقُودٍ سِواهُ نَظِيرُ
أيّامَ قائِمُ سَيْفِهِ في كَفّهِ الـ ـيُمْنى وَبَاعُ المَوْتِ عَنهُ قَصِيرُ
ولَطالَما انْهَمَلَتْ بمَاءٍ أحْمَرٍ في شَفْرَتَيْهِ جَماجِمٌ ونُحورُ
فأُعيذُ إخوَتَهُ برَبّ مُحَمّدٍ أنْ يَحْزَنُوا ومُحَمّدٌ مَسرُورُ
أوْ يَرْغَبُوا بقُصُورِهم عَنْ حُفْرَةٍ حَيّاهُ فيها مُنْكَرٌ ونَكِيرُ
نَفَرٌ إذا غابَتْ غُمُودُ سُيُوفِهِمْ عَنْها فآجَالُ العِبادِ حُضُورُ
وإذ لَقُوا جَيْشاً تَيَقّنَ أنّهُ مِنْ بَطْنِ طَيرِ تَنُوفَةٍ مَحْشُورُ
لم تثْنَ في طَلَبٍ أعِنّةُ خَيْلِهِمْ إلاّ وعُمْرُ طَريدِها مَبْتُورُ
يَمّمْتُ شَاسِعَ دارِهِمْ عَنْ نيّةٍ إنّ المُحِبّ عَلى البِعادِ يَزُورُ
وقَنِعْتُ باللّقْيا وأوّلِ نَظْرَةٍ إنّ القَليلَ مِنَ الحَبيبِ كَثيرُ

ألآل إبْراهِيمَ بَعدَ مُحَمّدٍ

ألآل إبْراهِيمَ بَعدَ مُحَمّدٍ إلاّ حَنينٌ دائمٌ وزَفِيرُ
ما شَكّ خابِرُ أمْرِهمْ من بَعدِهِ أنّ العَزاءَ عَلَيهِمِ مَحْظُورُ
تُدمي خدودَهمُ الدّموعُ وتَنقضِي ساعاتُ لَيْلِهِمِ وهُنّ دُهُورُ
أبْناءُ عَمٍّ كُلُّ ذَنْبٍ لامرِىءٍ إلاّ السّعايَةَ بَيْنَهُمْ مَغْفُورُ
طارَ الوُشاةُ على صَفاءِ وِدادِهِمْ وكذا الذّبابُ على الطّعامِ يَطيرُ
ولَقَدْ مَنَحتُ أبا الحُسَينِ موَدّةً جُودي بها لعَدُوّهِ تَبْذِيرُ
مَلِكٌ تَكَوّنَ كَيفَ شاء كأنّما يَجْري بفَصْلِ قَضائِهِ المَقْدورُ

مَرَتْكَ ابنَ إبراهيمَ صافِيَةُ الخَمْرِ

مَرَتْكَ ابنَ إبراهيمَ صافِيَةُ الخَمْرِ وهُنّئْتَها من شارِبٍ مُسكرِ السُّكرِ
رأيْتُ الحُمَيّا في الزّجاجِ بكَفّهِ فشَبّهْتُها بالشمسِ في البدرِ في البحرِ
إذا ما ذكَرْنا جُودَهُ كانَ حاضِراً نأى أوْ دَنا يسعى على قدمِ الخِضْرِ

أصْبَحْتَ تأمُرُ بالحِجابِ لخَلْوَةٍ

أصْبَحْتَ تأمُرُ بالحِجابِ لخَلْوَةٍ هَيْهاتِ لَسْتَ على الحِجابِ بقادِرِ
مَنْ كانَ ضَوْءُ جَبينِهِ ونَوالُهُ لم يُحْجَبَا لم يَحْتَجِبْ عن ناظِرِ
فإذا احتَجَبْتَ فأنْتَ غيرُ مُحَجَّبٍ وإذا بَطَنْتَ فأنْتَ عَينُ الظّاهِرِ

نالَ الَّذِي نِلْتُ مِنْهُ مِنِّى

نالَ الَّذِي نِلْتُ مِنْهُ مِنِّى للهِ ما تَصْنَعُ الخَمُورُ
وَذاَ انْصِرَافي إلى مَحّلى آاذِنٌ أيُّها الأمِيرُ