ظُلمٌ لذا اليَوْمِ وَصْفٌ قبلَ رُؤيَتِهِ | لا يصْدُقُ الوَصْفُ حتى يَصْدُقَ النظرُ |
تَزَاحَمَ الجَيشُ حتى لم يَجِدْ سَبَباً | إلى بِساطِكَ لي سَمْعٌ وَلا بَصَرُ |
فكُنتُ أشهَدَ مُخْتَصٍّ وَأغْيَبَهُ | مُعَايِناً وَعِيَاني كُلُّهُ خَبَرُ |
ألْيَوْمَ يَرْفَعُ مَلْكُ الرّومِ نَاظرَهُ | لأنّ عَفوَكَ عَنْهُ عندَهُ ظَفَرُ |
وَإنْ أجَبْتَ بشَيْءٍ عَنْ رَسائِلِهِ | فَمَا يَزالُ على الأمْلاكِ يَفْتَخِرُ |
قَدِ اسْتَرَاحَتْ إلى وَقْتٍ رِقابُهُمُ | منَ السّيوفِ وَباقي القَوْمِ يَنتَظِرُ |
وَقَدْ تُبَدِّلُهَا بالقَوْمِ غَيْرَهُمُ | لكيْ تَجِمَّ رُؤوسُ القَوْمِ وَالقَصَرُ |
تَشبيهُ جُودِكَ بالأمْطارِ غَادِيَةً | جُودٌ لكَفّكَ ثانٍ نَالَهُ المَطَرُ |
تكَسَّبُ الشمْسُ منكَ النّورَ طالعَةً | كمَا تَكَسّبَ منها نُورَهُ القَمَرُ |
قصائد العصر العباسي
مجموعة من أروع قصائد العصر العباسي شعراء العصر العباسي وقصائدهم الرائعة هنا.
طِوالُ قَناً تُطاعِنُها قِصَارُ
طِوالُ قَناً تُطاعِنُها قِصَارُ | وَقَطْرُكَ في نَدًى وَوَغًى بحارُ |
وَفيكَ إذا جَنى الجاني أنَاةٌ | تُظَنّ كَرَامَةً وَهِيَ احتِقارُ |
وَأخْذٌ للحَواضِرِ وَالبَوادي | بضَبْطٍ لَمْ تُعَوَّدْهُ نِزارُ |
تَشَمَّمُهُ شَميمَ الوَحْشِ إنْساً | وَتُنْكِرُهُ فيَعْرُوهَا نِفَارُ |
وَمَا انْقادَتْ لغَيرِكَ في زَمَانٍ | فتَدْريَ ما المَقَادَةُ وَالصَّغَارُ |
فَقَرّحَتِ المَقَاوِدُ ذِفْرَيَيْهَا | وَصَعّرَ خَدَّهَا هذا العِذارُ |
وَأطْمَعَ عَامِرَ البُقْيَا عَلَيْهَا | وَنَزّقَها احتِمالُكَ وَالوَقَارُ |
وَغَيّرَها التّرَاسُلُ والتّشاكي | وَأعْجَبَهَا التّلَبُّبُ وَالمُغَارُ |
جِيادٌ تَعْجَزُ الأرْسانُ عَنْها | وَفُرْسانٌ تَضِيقُ بها الدّيَارُ |
وكانَتْ بالتّوَقّفِ عَنْ رَداهَا | نُفُوساً في رَداهَا تُسْتَشَارُ |
وكنتَ السّيفَ قائِمُهُ إلَيْهِمْ | وَفي الأعداءِ حَدُّكَ وَالغِرارُ |
فَأمْسَتْ بالبَدِيّةِ شَفْرَتَاهُ | وَأمْسَى خَلْفَ قَائِمِهِ الحِيارُ |
وَكانَ بَنُو كِلابٍ حَيثُ كَعبٌ | فخافُوا أنْ يَصِيرُوا حيَثُ صارُوا |
تَلَقّوْا عِزَّ مَوْلاهُمْ بِذُلٍّ | وَسَارَ إلى بَني كَعبٍ وَسارُوا |
فَأقْبَلَهَا المُرُوجَ مُسَوَّمَاتٍ | ضَوَامِرَ لا هُزالَ وَلا شِيارُ |
تُثِيرُ عَلى سَلَمْيَةَ مُسْبَطِرّاً | تَنَاكَرُ تَحْتَهُ لَوْلا الشّعَارُ |
عَجَاجاً تَعثُرُ العِقْبانُ فِيهِ | كَأنّ الجَوّ وَعْثٌ أوْ خَبَارُ |
وَظَلّ الطّعْنُ في الخَيْلَينِ خَلْساً | كأنّ المَوْتَ بَيْنَهُمَا اختِصارُ |
فَلَزَّهُمُ الطّرادُ إلى قِتَالٍ | أحَدُّ سِلاحِهِمْ فيهِ الفِرارُ |
مَضَوْا مُتَسابِقي الأعْضاءِ فيهِ | لأِرْؤسِهِمْ بأرْجُلِهِمْ عِثَارُ |
يَشُلّهُمُ بكُلّ أقَبَّ نَهْدٍ | لِفَارِسِهِ عَلى الخَيْلِ الخِيارُ |
وكلِّ أصَمّ يَعْسِلُ جانِبَاهُ | عَلى الكَعْبَينِ مِنْهُ دَمٌ مُمَارُ |
يُغادِرُ كُلَّ مُلْتَفِتٍ إلَيْهِ | وَلَبّتُهُ لثَعْلَبِهِ وِجَارُ |
إذا صَرَفَ النّهارُ الضّوْءَ عَنْهُمْ | دَجَا لَيْلانِ لَيْلٌ وَالغُبَارُ |
وَإنْ جِنْحُ الظّلامِ انجابَ عَنهُمْ | أضَاءَ المَشْرَفِيّةُ وَالنّهَارُ |
وَيَبْكي خَلفَهُمْ دَثْرٌ بُكاهُ | رُغَاءٌ أوْ ثُؤاجٌ أوْ يُعَارُ |
غَطَا بالعِثْيَرِ البَيْدَاءَ حتى | تَحَيّرَتِ المَتَالي وَالعِشَارُ |
وَمَرّوا بالجَبَاةِ يَضُمُّ فيهَا | كِلا الجَيْشَينِ مِنْ نَقْعٍ إزَارُ |
وَجاؤوا الصَّحصَحانَ بلا سُرُوجٍ | وَقَدْ سَقَطَ العِمَامةُ وَالخِمارُ |
وَأُرْهِقَتِ العَذارَى مُرْدَفاتٍ | وَأُوطِئَتِ الأُصَيْبِيَةُ الصّغارُ |
وَقَدْ نُزِحَ الغُوَيْرُ فَلا غُوَيْرٌ | وَنِهْيَا وَالبُيَيْضَةُ وَالجِفَارُ |
وَلَيسَ بغَيرِ تَدْمُرَ مُسْتَغاثٌ | وَتَدْمُرُ كاسمِهَا لَهُمُ دَمَارُ |
أرادوا أنْ يُديرُوا الرّأيَ فِيهَا | فصَبّحَهُمْ برَأيٍ لا يُدارُ |
وَجَيْشٍ كُلّمَا حارُوا بأرْضٍ | وَأقْبَلَ أقْبَلَتْ فيهِ تَحَارُ |
يَحُفّ أغَرَّ لا قَوَدٌ عَلَيْهِ | وَلا دِيَةٌ تُساقُ وَلا اعْتِذارُ |
تُرِيقُ سُيُوفُهُ مُهَجَ الأعادي | وَكُلُّ دَمٍ أرَاقَتْهُ جُبَارُ |
فَكانُوا الأُسدَ لَيسَ لهَا مَصَالٌ | عَلى طَيرٍ وَلَيسَ لهَا مَطارُ |
إذا فَاتُوا الرّماحَ تَنَاوَلَتْهُمْ | بأرْمَاحٍ مِنَ العَطَشِ القِفارُ |
يَرَوْنَ المَوْتَ قُدّاماً وَخَلْفاً | فَيَخْتارُونَ وَالمَوْتُ اضْطِرارُ |
إذا سَلَكَ السّمَاوَةَ غَيرُ هَادٍ | فَقَتْلاهُمْ لِعَيْنَيْهِ مَنَارُ |
وَلَوْ لمْ يُبْقِ لم تَعِشِ البَقَايَا | وَفي المَاضي لمَنْ بقيَ اعتِبارُ |
إذا لمْ يُرْعِ سَيّدُهُمْ عَلَيْهِمْ | فَمَنْ يُرْعي عَلَيْهِمْ أوْ يَغَارُ |
تُفَرّقُهُمْ وَإيّاهُ السّجَايَا | وَيَجْمَعُهُمْ وَإيّاهُ النِّجَارُ |
وَمَالَ بهَا على أرَكٍ وَعُرْضٍ | وَأهْلُ الرَّقّتَينِ لهَا مَزَارُ |
وَأجْفَلَ بالفُراتِ بَنُو نُمَيرٍ | وَزَأْرُهُمُ الذي زَأرُوا خُوارُ |
فَهُمْ حِزَقٌ على الخَابُورِ صَرْعى | بهِمْ منْ شُرْبِ غَيرِهِمِ خُمارُ |
فَلَمْ يَسرَحْ لهُمْ في الصّبحِ مالٌ | وَلم تُوقَدْ لَهُمْ باللّيلِ نَارُ |
حِذارَ فَتًى إذا لم يَرْضَ عَنْهُمْ | فلَيْسَ بنافِعٍ لَهُمُ الحِذارُ |
تَبيتُ وُفُودُهُمْ تَسْرِي إلَيْهِ | وَجَدْواهُ التي سألُوا اغْتِفَارُ |
فَخَلّفَهُمْ بِرَدّ البِيضِ عَنْهُمْ | وَهَامُهُمُ لَهُ مَعَهُمْ مُعَارُ |
هُمُ مِمّنْ أذَمّ لَهُمْ عَلَيْهِ | كَرِيمُ العِرْقِ وَالحَسبُ النُّضَارُ |
فَأصْبَحَ بالعَوَاصِمِ مُسْتَقِرّاً | وَلَيْسَ لبَحْرِ نَائِلِهِ قَرَارُ |
وَأضْحَى ذِكْرُهُ في كُلّ قُطْرٍ | تُدارُ على الغِنَاءِ بِهِ العُقارُ |
تَخِرّ لَهُ القَبائِلُ ساجِداتٍ | وَتَحْمَدُهُ الأسِنّةُ وَالشّفارُ |
كأنّ شُعاعَ عَينِ الشّمسِ فيهِ | فَفي أبْصارِنَا مِنهُ انْكِسارُ |
فَمَنْ طَلَبَ الطّعانَ فَذَا عَليٌّ | وَخَيْلُ الله وَالأسَلُ الحِرارُ |
يَرَاهُ النّاسُ حَيثُ رَأتْهُ كَعْبٌ | بأرْضٍ ما لِنازِلِهَا استِتَارُ |
يُوَسّطُهُ المَفَاوِزَ كُلَّ يَوْمٍ | طِلابُ الطّالِبِينَ لا الانْتِظارُ |
تَصَاهَلُ خَيْلُهُ مُتَجاوِبَاتٍ | وَمَا مِنْ عادَةِ الخَيلِ السِّرَارُ |
بَنُو كَعْبٍ وَمَا أثّرْتَ فيهِمْ | يَدٌ لمْ يُدْمِهَا إلاّ السّوَارُ |
بهَا مِنْ قَطْعِهِ ألَمٌ وَنَقْصٌ | وَفيها مِنْ جَلالَتِهِ افتِخارُ |
لَهُمْ حَقٌّ بشِرْكِكَ في نِزَارٍ | وَأدْنَى الشّرْكِ في أصْلٍ جِوارُ |
لَعَلّ بَنيهِمِ لِبَنيكَ جُنْدٌ | فأوّلُ قُرّحِ الخَيلِ المِهَارُ |
وأنْتَ أبَرُّ مَنْ لَوْ عُقّ أفنى | وَأعْفَى مَنْ عُقُوبَتُهُ البَوَارُ |
وَأقْدَرُ مَنْ يُهَيّجُهُ انْتِصارٌ | وَأحْلَمُ مَنْ يُحَلّمُهُ اقتِدارُ |
وَمَا في سَطْوَةِ الأرْبابِ عَيْبٌ | وَلا في ذِلّةِ العُبْدانِ عَارُ |
بَقِيّةُ قَوْمٍ آذَنُوا بِبَوارِ
بَقِيّةُ قَوْمٍ آذَنُوا بِبَوارِ | وَأنْضاءُ أسْفارٍ كَشَرْبِ عُقارِ |
نَزَلْنا على حكمِ الرّياحِ بمَسْجِدٍ | عَلَيْنا لها ثَوْبَا حَصًى وغُبارِ |
خَليليّ ما هذا مُناخاً لِمِثْلِنا | فَشُدّا عَلَيْهَا وَارْحَلا بنَهَارِ |
وَلا تُنكِرَا عَصْفَ الرّياحِ فإنّها | قِرَى كلّ ضَيْفٍ باتَ عند سِوَار |
إذَا لَمْ تَجِدْ ما يَبْتُرُ الفَقْرَ قاعِداً
(إذَا لَمْ تَجِدْ ما يَبْتُرُ الفَقْرَ قاعِداً | فَقُمْ وطلُبِ الشَّىْءَ الَّذي يَبتر العُمرا) |
(هُمَا خَلَّتانِ: ثَرْوَةٌ أوْ مَنِيَّةٌ | لَعَلَّكَ أنْ تُبْقى بِوَحِدَةٍ ذِكْرَا) |
حاشَى الرّقيبَ فَخانَتْهُ ضَمائِرُهُ
حاشَى الرّقيبَ فَخانَتْهُ ضَمائِرُهُ | وَغَيّضَ الدّمْعَ فانهَلّتْ بَوادِرُهُ |
وكاتمُ الحُبّ يَوْمَ البَينِ مُنهَتِكٌ | وصاحبُ الدّمعِ لا تَخفَى سرائرُهُ |
لَوْلا ظِباءُ عَدِيّ ما شُغِفْتُ بهِمْ | وَلا برَبْرَبِهِمْ لَوْلا جَآذِرُهُ |
من كلّ أحوَرَ في أنْيابِهِ شَنَبٌ | خَمْرٌ يُخَامِرُها مِسكٌ تُخامِرُهُ |
نُعْجٌ مَحاجِرُهُ دُعْجٌ نَواظِرُهُ | حُمْرٌ غَفائِرُهُ سُودٌ غَدائرُهُ |
أعَارَني سُقْمَ عَينَيْهِ وَحَمّلَني | منَ الهَوَى ثِقْلَ ما تَحوي مآزِرُهُ |
يا مَنْ تَحَكّمَ في نَفسي فعَذّبَني | وَمَنْ فُؤادي على قَتلي يُضافِرُهُ |
بعَوْدَةِ الدّوْلَةِ الغَرّاءِ ثَانِيَةً | سَلَوْتُ عَنكَ ونامَ اللّيلَ ساهرُهُ |
منْ بَعدِ ما كانَ لَيلي لا صَباحَ لَهُ | كأنّ أوَّلَ يَوْمِ الحَشْرِ آخِرُهُ |
غابَ الأميرُ فَغابَ الخيرُ عَنْ بَلَدٍ | كادَتْ لفَقْدِ اسمِهِ تَبكي مَنابِرُهُ |
قدِ اشتَكَتْ وَحشَةَ الأحياءِ أرْبُعُهُ | وَخَبّرَتْ عَن أسَى المَوْتَى مَقابرُهُ |
حتى إذا عُقِدَتْ فيه القِبابُ لَهُ | أهَلّ لله بادِيهِ وحاضِرُهُ |
وَجَدّدَتْ فَرَحاً لا الغَمُّ يَطْرُدُهُ | وَلا الصّبابةُ في قَلْبٍ تُجاوِرُهُ |
إذا خَلَتْ منكَ حمصٌ لا خلتْ أبداً | فَلا سَقَاها مِنَ الوَسميّ باكِرُهُ |
دَخَلْتَها وشُعاعُ الشّمسِ مُتّقِدٌ | ونُورُ وَجْهِكَ بينَ الخلْقِ باهرُهُ |
في فَيْلَقٍ مِنْ حَديدٍ لوْ قَذَفتَ بهِ | صرْفَ الزّمانِ لمَا دارَتْ دَوائِرُهُ |
تَمضِي المَواكبُ والأبصارُ شاخصَةٌ | منها إلى المَلِكِ المَيْمُونِ طائِرُهُ |
قَدْ حِرْنَ في بَشَرٍ في تاجِهِ قَمَرٌ | في دِرْعِهِ أسَدٌ تَدْمَى أظافِرُهُ |
حُلْوٍ خَلائِقُهُ شُوسٍ حَقائِقُهُ | تُحصَى الحَصَى قَبلَ أنْ تُحصَى مآثرُهُ |
تَضيقُ عن جَيشه الدّنيا ولوْ رَحُبتْ | كصَدْرِهِ لم تَبِنْ فيها عَساكِرُهُ |
إذا تَغَلْغَلَ فكرُ المرءِ في طَرَفٍ | من مَجْدِهِ غَرِقَتْ فيه خَواطِرُهُ |
تَحْمَى السّيوفُ على أعدائِهِ مَعَهُ | كأنّهُنّ بَنُوهُ أوْ عَشائِرُهُ |
إذا انْتَضَاها لحرْبٍ لمْ تَدَعْ جَسَداً | إلاّ وباطِنُهُ للعَينِ ظاهِرُهُ |
فَقَدْ تَيَقّنّ أنّ الحَقّ في يَدِهِ | وَقَدْ وَثِقْنَ بأنّ الله نَاصِرُهُ |
تَرَكْنَ هَامَ بَني عَوْفٍ وثَعْلَبَةٍ | على رُؤوسٍ بلا ناسٍ مَغَافِرُهُ |
فخاضَ بالسّيفِ بحرَ المَوْتِ خَلفَهُمُ | وكانَ منهُ إلى الكَعْبَينِ زاخِرُهُ |
حتى انتهَى الفرَسُ الجاري وما وَقعَتْ | في الأرضِ من جِيَفِ القتلى حوافرُهُ |
كَمْ مِنْ دَمٍ رَوِيَتْ منهُ أسِنّتُهُ | وَمُهْجَةٍ وَلَغَتْ فيها بَواتِرُهُ |
وحائِنٍ لَعِبَتْ شُمُّ الرّماحِ بهِ | فالعَيشُ هاجِرُهُ والنّسرُ زائِرُهُ |
مَنْ قالَ لَسْتَ بخَيرِ النّاسِ كلِّهِمِ | فجَهْلُهُ بكَ عندَ النّاسِ عاذرُهُ |
أوْ شَكّ أنّكَ فَرْدٌ في زَمانِهِمِ | بلا نَظِيرٍ فَفي روحي أُخاطِرُهُ |
يا مَنْ ألُوذُ بِهِ فيمَا أُؤمّلُهُ | وَمَنْ أعُوذُ بهِ مِمّا أُحاذِرُهُ |
وَمَنْ تَوَهّمْتُ أنّ البَحرَ راحَتُهُ | جُوداً وأنّ عَطاياها جَواهِرُهُ |
لا يَجْبُرُ النّاسُ عَظْماً أنْتَ كاسِرُهُ | وَلا يَهيضُونَ عَظْماً أنتَ جابِرُهُ |
أريقُكِ أمْ ماءُ الغَمامةِ أمْ خَمْرُ
أريقُكِ أمْ ماءُ الغَمامةِ أمْ خَمْرُ | بفيّ بَرُودٌ وهْوَ في كَبدي جَمْرُ |
أذا الغُصْنُ أم ذا الدِّعصُ أم أنتِ فتنةٌ | وذَيّا الذي قَبّلتُهُ البَرْقُ أمْ ثَغرُ |
رَأتْ وجهَ مَنْ أهوَى بلَيلٍ عَواذلي | فقُلْنَ نَرى شَمساً وما طَلَعَ الفَجرُ |
رَأينَ التي للسّحرِ في لحَظاتِها | سُيُوفٌ ظُباها من دَمي أبداً حُمرُ |
تَناهَى سُكونُ الحُسنِ من حرَكاتِها | فليسَ لرائي وجهِها لم يَمُتْ عُذْرُ |
إلَيكَ ابنَ يحيَى بنِ الوَليدِ تجاوَزَتْ | بيَ البيدَ عِيسٌ لحمُها والدّمُ الشِّعرُ |
نَضَحْتُ بذكراكُمْ حَرارةَ قَلبِها | فسارَتْ وطولُ الأرض في عينها شبرُ |
إلى لَيثِ حَرْبٍ يُلحِمُ اللّيثَ سيفَهُ | وبَحْرِ نَدًى في موجهِ يغرَقُ البحرُ |
وإنْ كانَ يُبقي جُودُهُ من تَلِيدِهِ | شَبيهاً بما يُبقي منَ العاشِقِ الهَجْرُ |
فَتًى كلَّ يَوْمٍ تحتَوي نَفْسَ مالِهِ | رِمَاحُ المَعالي لا الرُّدَيْنِيّةُ السُّمْرُ |
تَباعَدَ ما بَينَ السّحابِ وبَيْنَهُ | فَنائِلُها قَطْرٌ ونائِلُهُ غَمْرُ |
ولَوْ تَنزِلُ الدّنْيا على حُكْمِ كَفّهِ | لأصْبَحَتِ الدّنْيا وأكثرُها نَزْرُ |
أراهُ صَغيراً قَدْرَها عُظْمُ قَدْرِهِ | فَما لعَظيمٍ قَدْرُهُ عِندَهُ قَدْرُ |
مَتى ما يُشِرْ نحوَ السّماءِ بوَجهِهِ | تَخِرّ لهُ الشِّعرَى ويَنخسِفِ البَدْرُ |
تَرَى القَمَرَ الأرْضِيَّ والمَلِكَ الذي | لهُ المُلْكُ بعدَ الله والمَجدُ والذّكرُ |
كَثيرُ سُهادِ العَينِ من غيرِ عِلّةٍ | يُؤرّقُهُ في ما يُشَرّفُهُ الفِكْرُ |
لَهُ مِنَنٌ تُفْني الثّنَاءَ كأنّما | بهِ أقسَمَتْ أن لا يؤدَّى لها شُكْرُ |
أبا أحْمَدٍ ما الفَخْرُ إلاّ لأهْلِهِ | وما لامرىءٍ لم يُمسِ من بُحترٍ فخرُ |
هُمُ النّاسُ إلاّ أنّهُمْ من مكارِمٍ | يُغَنّي بهِمْ حَضْرٌ ويحدو بهم سَفْرُ |
بمَنْ أضرِبُ الأمثالَ أمْ من أقيسُهُ | إليكَ وأهلُ الدّهرِ دونَكَ والدّهرُ |