| طَلَبتُكِ يا دُنيا فَأَعذَرْتُ في الطَلَب | فَما نِلتُ إِلّا الهَمَّ وَالغَمَّ وَالنَصَب |
| فَلَمّا بَدا لي أَنَّني لَستُ واصِلاً | إِلى لَذَّةٍ إِلّا بِأَضْعافِها تَعَب |
| وَأَسرَعتُ في ديني وَلَم أَقضِ بُغيَتي | هَرَبتُ بِديني مِنكِ إِن نَفَعَ الهَرَب |
| تَخَلَّيتُ مِمّا فيكِ جُهدي وَطاقَتي | كَما يَتَخَلّى القَومُ مِن عَرَّةِ الجَرَب |
| فَما تَمَّ لي يَوماً إِلى اللَيلِ مَنظَرٌ | أُسَرُّ بِهِ لَم يَعتَرِض دونَهُ شَغَب |
| وَإِنّي لَمِمَّن خَيَّبَ اللَهُ سَعيَهُ | إِذا كُنتُ أَرعى لَقحَةً مُرَّةَ الحَلَب |
| أَرى لَكَ أَن لا تَستَطيبَ لِخِلَّةٍ | كَأَنَّكَ فيها قَد أَمِنتَ مِنَ العَطَب |
| أَلَم تَرَها دارَ افتِراقٍ وَفَجعَةٍ | إِذا ذَهَبَ الإِنسانُ فيها فَقَد ذَهَب |
| أُقَلِّبُ طَرفي مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ | لِأَعلَمَ ما في النَفسِ وَالقَلبُ يَنقَلِب |
| وَسَربَلتُ أَخلاقي قُنوعاً وَعِفَّةً | فَعِندي بِأَخلاقي كُنوزٌ مِنَ الذَهَب |
| فَلَم أَرَ خُلقاً كَالقُنوعِ لِأَهلِهِ | وَأَن يُجمِلَ الإِنسانُ ما عاشَ في الطَلَب |
| وَلَم أَرَ فَضلاً تَمَّ إِلّا بِشيمَةٍ | وَلَم أَرَ عَقلاً صَحَّ إِلّا عَلى أَدَب |
| وَلَم أَرَ في الأَعداءِ حينَ خَبَرتُهُم | عَدُوّاً لِعَقلِ المَرءِ أَعدى مِنَ الغَضَب |
| وَلَم أَرَ بَينَ اليُسرِ وَالعُسرِ خُلطَةً | وَلَم أَرَ بَينَ الحَيِّ وَالمَيتِ مِن سَبَب |