| أزَائرٌ يا خَيَالُ أمْ عَائِدْ | أمْ عِنْدَ مَوْلاكَ أنّني رَاقِدْ |
| لَيسَ كما ظَنّ، غَشيَةٌ عرَضَتْ | فَجِئتَني في خِلالهَا قَاصِدْ |
| عُدْ وَأعِدْهَا فَحَبّذا تَلَفٌ | ألصَقَ ثَدْيي بثَدْيِكَ النّاهِدْ |
| وَجُدْتَ فيهِ بمَا يَشِحّ بِهِ | مِنَ الشّتيتِ المُؤشَّرِ البَارِدْ |
| إذا خَيَالاتُهُ أطَفْنَ بِنَا… | أضْحَكَهُ أنّني لهَا حَامِدْ |
| لا أجْحَدُ الفَضْلَ رُبّمَا فعلَتْ | ما لم يكُنْ فَاعِلاً وَلا وَاعِدْ |
| مَا تَعرِفُ العَينُ فَرْقَ بَيْنِهِمَا | كُلٌّ خَيَالٌ وِصَالُهُ نَافِدْ |
| يا طَفْلَةَ الكَفّ عَبْلَةَ السّاعِدْ | على البَعِيرِ المُقَلَّدِ الوَاخِدْ |
| زِيدي أذى مُهجَتي أزِدكِ هوًى | فأجْهَلُ النّاسِ عَاشِقٌ حَاقِدْ |
| حَكَيْتَ يا لَيلُ فَرْعَها الوَارِدْ | فاحكِ نَوَاهَا لجَفنيَ السّاهِدْ |
| طَالَ بُكائي عَلى تَذَكُّرِهَا | وَطُلْتَ حتى كِلاكُمَا وَاحِدْ |
| مَا بَالُ هَذي النّجُومِ حائِرَةً | كأنّهَا العُمْيُ ما لَها قَائِدْ |
| أوْ عُصْبَةٌ مِنْ مُلُوكِ نَاحِيَةٍ | أبُو شُجاعٍ عَلَيْهِمِ وَاجِدْ |
| إنْ هَرَبُوا أُدْرِكوا وَإنْ وَقَفُوا | خَشُوا ذَهابَ الطّرِيفِ وَالتّالِدْ |
| فَهُمْ يُرَجَّوْنَ عَفْوَ مُقْتَدِرٍ | مُبَارَكِ الوَجْهِ جائِدٍ مَاجِدْ |
| أبْلَجَ لَوْ عاذَتِ الحَمَامُ بِهِ | مَا خَشِيَتْ رَامِياً وَلا صَائِدْ |
| أوْ رَعَتِ الوَحْشُ وَهْيَ تَذكُرُهُ | ما رَاعَها حابِلٌ وَلا طَارِدْ |
| تُهدي لَهُ كُلُّ ساعَةٍ خَبراً | عَن جَحفَلٍ تحتَ سَيفِهِ بائِدْ |
| وَمُوضِعاً في فِتَانِ نَاجِيَةٍ | يَحمِلُ في التّاجِ هامةَ العاقِدْ |
| يا عَضُداً رَبُّهُ بِهِ العاضِدْ | وَسَارِياً يَبعَثُ القَطَا الهَاجِدْ |
| وَمُمْطِرَ المَوْتِ وَالحَيَاةِ مَعاً | وَأنتَ لا بارِقٌ وَلا رَاعِدْ |
| نِلتَ وَما نِلتَ من مَضَرّةِ وَهْـ | ـشوذانَ ما نالَ رَأيُهُ الفَاسِدْ |
| يَبْدَأُ مِنْ كَيْدِهِ بغَايَتِهِ | وَإنّمَا الحَرْبُ غايَةُ الكَائِدْ |
| ماذا على مَنْ أتَى يُحارِبُكُمْ | فَذَمّ ما اخْتارَ لَوْ أتَى وَافِدْ |
| بِلا سِلاحٍ سِوَى رَجائِكُمُ | فَفَازَ بالنّصرِ وَانثَنى رَاشِدْ |
| يُقارِعُ الدّهرُ مَن يُقارِعُكُمْ | على مَكانِ المَسُودِ وَالسّائِدْ |
| وَلِيتَ يَوْمَيْ فَنَاءِ عَسْكَرِهِ | وَلم تَكُنْ دانِياً وَلا شَاهِدْ |
| وَلم يَغِبْ غَائِبٌ خَليفَتُهُ | جَيشُ أبيهِ وَجَدُّهُ الصّاعِدْ |
| وكُلُّ خَطّيّةٍ مُثَقَّفَةٍ | يَهُزّهَا مَارِدٌ عَلى مَارِدْ |
| سَوَافِكٌ مَا يَدَعْنَ فَاصِلَةً | بَينَ طَرِيءِ الدّمَاءِ وَالجَاسِدْ |
| إذا المَنَايَا بَدَتْ فَدَعْوَتُهَا | أُبْدِلَ نُوناً بِدالِهِ الحَائِدْ |
| إذا دَرَى الحِصْنُ مَنْ رَماهُ بها | خَرّ لهَا في أسَاسِهِ سَاجِدْ |
| ما كانَتِ الطِّرْمُ في عَجاجَتِهَا | إلاّ بَعِيراً أضَلّهُ نَاشِدْ |
| تَسألُ أهْلَ القِلاعِ عَنْ مَلِكٍ | قدْ مَسَخَتْهُ نَعَامَةً شَارِدْ |
| تَستَوْحِشُ الأرْضُ أنْ تُقِرّ بهِ | فكُلّها مُنكِرٌ لَهُ جَاحِدْ |
| فَلا مُشادٌ وَلا مُشيدُ حِمًى | وَلا مَشيدٌ أغنى وَلا شائِدْ |
| فاغْتَظْ بقَوْمٍ وَهشوذَ ما خُلِقوا | إلاّ لِغَيظِ العَدوّ والحاسِدْ |
| رَأوْكَ لمّا بَلَوْكَ نَابِتَةً | يأكُلُهَا قَبْلَ أهْلِهِ الرّائِدْ |
| وَخَلِّ زِيّاً لِمَنْ يُحَقّقُهُ | ما كلُّ دامٍ جَبينُهُ عَابِدْ |
| إنْ كانَ لمْ يَعْمِدِ الأمِيرُ لِمَا | لَقيتَ مِنْهُ فَيُمْنُهُ عَامِدْ |
| يُقْلِقُهُ الصّبْحُ لا يرَى مَعَهُ | بُشرَى بفَتْحٍ كأنّهُ فَاقِدْ |
| وَالأمْرُ لله، رُبّ مُجْتَهِدٍ | مَا خابَ إلاّ لأنّهُ جَاهِدْ |
| وَمُتّقٍ وَالسّهَامُ مُرْسَلَةٌ | يَحيدُ عَن حابِضٍ إلى صَارِدْ |
| فَلا يُبَلْ قاتِلٌ أعَادِيَهُ | أقَائِماً نَالَ ذاكَ أمْ قاعِدْ |
| لَيتَ ثَنَائي الذي أصُوغُ فِدى | مَنْ صِيغَ فيهِ فإنّهُ خَالِدْ |
| لَوَيْتُهُ دُمْلُجاً عَلى عَضُدٍ | لِدَوْلَةٍ رُكْنُهَا لَهُ وَالِدْ |
قصائد ابو الطيب المتنبي
جميع أبيات الشعر الرائعة للشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي تجدونها في هذه الصفحة.
وَشَادِنٍ رُوحُ مَنْ يَهواهُ في يَدِهِ
| وَشَادِنٍ رُوحُ مَنْ يَهواهُ في يَدِهِ | سَيْفُ الصُّدودِ عَلى أعْلَى مُقَلَّدِهِ |
| مَا اهْتَزّ مِنْهُ عَلى عُضْوٍ لِيَبْتُرَهُ | إلاّ اتّقاهُ بتُرْسٍ مِنْ تَجَلّدِهِ |
| ذَمّ الزّمَانُ إلَيْهِ مِنْ أحِبّتِهِ | ما ذَمّ مِن بَدرِهِ في حَمدِ أحمدِهِ |
| شَمسٌ إذا الشّمسُ لاقَتهُ على فرَسٍ | تَرَدّدَ النّورُ فيها مِنْ تَرَدّدِهِ |
| إنْ يَقْبُحُ الحُسْنُ إلاّ عِنْدَ طَلعَتِهِ | وَالعَبْدُ يَقْبُحُ إلاّ عندَ سَيّدِهِ |
| قالتْ عنِ الرِّفْدِ طِبْ نَفْساً فقلتُ لها | لا يَصْدُرُ الحُرُّإلاّ بَعْدَ مَوْرِدِهِ |
| لم أعرِفِ الخَيرَ إلاّ مُذْ عَرَفْتُ فَتًى | لم يُولَدِ الجُودُ إلاّ عِندَ مَوْلِدِهِ |
| نَفْسٌ تُصَغِّرُ نَفسَ الدّهرِ من كِبَرٍ | لهَا نُهَى كَهْلِهِ في سِنّ أمْرَدِهِ |
أمُساوِرٌ أمْ قَرْنُ شَمْسٍ هَذا
| أمُساوِرٌ أمْ قَرْنُ شَمْسٍ هَذا | أمْ لَيْثُ غابٍ يَقْدُمُ الأسْتَاذَا |
| شِمْ ما انْتَضَيْتَ فقد ترَكْتَ ذُبابَهُ | قِطَعاً وقَدْ تَرَكَ العِبادَ جُذاذا |
| هَبكَ ابنَ يزْداذٍ حَطَمْتَ وصَحْبَهُ | أتُرَى الوَرَى أضْحَوْا بَني يَزْداذَا |
| غادَرْتَ أوْجُهَهُمْ بحَيْثُ لَقيتَهُمْ | أقْفَاءَهُمْ وكُبُودَهُمْ أفْلاذَا |
| في مَوْقِفٍ وَقَفَ الحِمَامُ عَلَيهِمِ | في ضَنكِهِ واسْتَحوَذَ اسْتِحْوَاذَا |
| جَمَدَتْ نُفُوسُهُمُ فَلَمّا جِئْتَها | أجْرَيْتَها وسَقَيْتَها الفُولاذَا |
| لمّا رَأوْكَ رَأوْا أبَاكَ مُحَمّداً | في جَوْشَنٍ وأخا أبيكَ مُعاذَا |
| أعْجَلْتَ ألْسُنَهُمْ بضَرْبِ رِقابهمْ | عَنْ قَوْلهِمْ: لا فارِسٌ إلاّ ذَا |
| غِرٌّ طَلَعْتَ عَلَيْهِ طِلْعَةَ عارِضٍ | مَطَرَ المَنَايَا وابِلاً ورَذاذَا |
| سَدّتْ عَلَيْهِ المَشْرَفِيّةُ طُرْقَهُ | فانْصَاعَ لا حَلَباً ولا بَغذَاذَا |
| طَلَبَ الإمارَةَ في الثّغُورِ ونَشْؤهُ | ما بَينَ كَرْخايا إلى كَلْوَاذَا |
| فَكأنَّهُ حَسِبَ الأسِنَّةَ حُلْوَةً | أوْ ظَنَّها البَرْنيَّ وَالآزَاذَا |
| لم يَلْقَ قَبلَكَ مَنْ إذا اختَلَفَ القَنَا | جَعَلَ الطّعانَ مِنَ الطّعانِ مَلاذَا |
| مَنْ لا تُوافِقُهُ الحَياةُ وطِيبُها | حتى يُوافِقَ عَزْمُهُ الإنْفَاذَا |
| مُتَعَوّداً لُبْسَ الدّروعِ يَخالها | في البَرْدِ خَزّاً والهَواجِرِ لاذَا |
| أعْجِبْ بأخْذِكَهُ وأعجَبُ منكما | أنْ لا تَكُونَ لمِثْلِهِ أخّاذَا |
سرْ حَيثُ يحُلُّهُ النُّوّارُ
| سرْ حَيثُ يحُلُّهُ النُّوّارُ | وأرادَ فيكَ مُرادَكَ المِقْدارُ |
| وإذا ارْتحلتَ فشَيّعتْكَ سَلامَةٌ | حَيثُ اتّجهْتَ وديمَةٌ مِدرارُ |
| وصَدرْتَ أغنمَ صادِرٍ عن مَوْرِدٍ | مَرْفُوعَةً لقُدومِكَ الأبصارُ |
| وأراكَ دهرُكَ ما تحاوِلُ في العدى | حتى كأنّ صُروفَهُ أنْصارُ |
| أنتَ الذي بَجِحَ الزّمانُ بذِكْرِهِ | وتَزَيّنَتْ بحَديثِهِ الأسْمارُ |
| وإذا تَنَكّرَ فالفَناءُ عِقابُهُ | وإذا عَفا فَعَطاؤهُ الأعْمارُ |
| وَلَهُ وإنْ وَهَبَ المُلُوكُ مَواهِبٌ | دَرُّ المُلُوكِ لدَرّها أغْبارُ |
| لله قَلْبُكَ ما تَخافُ مِنَ الرّدى | وتَخافُ أنْ يَدنُو إلَيكَ العارُ |
| وتحيدُ عَن طَبَعِ الخَلائِقِ كُلّهِ | ويَحيدُ عَنكَ الجَحفَلُ الجَرّارُ |
| يا مَنْ يَعِزُّ على الأعزّةِ جارُهُ | ويَذِلُّ مِنْ سَطَواتِهِ الجَبّارُ |
| كُنْ حيثُ شئتَ فما تحولُ تَنوفةٌ | دونَ اللّقاءِ ولا يَشِطّ مَزارُ |
| وبدونِ ما أنا مِنْ وِدادِكَ مُضمِرٌ | يُنضَى المَطِيُّ ويَقرُبُ المُسْتارُ |
| إنّ الذي خَلّفْتُ خَلْفي ضائِعٌ | ما لي على قَلَقي إلَيْهِ خِيارُ |
| وإذا صُحِبْتَ فكلّ ماءٍ مَشرَبٌ | لَوْلا العِيالُ وكلّ أرضٍ دارُ |
| إذْنُ الأميرِ بأنْ أعُودَ إلَيْهِمِ | صِلَةٌ تَسيرُ بذِكرِها الأشْعارُ |
اختَرْتُ دَهْمَاءَتَينِ يا مَطَرُ
| اختَرْتُ دَهْمَاءَتَينِ يا مَطَرُ | وَمَنْ لَهُ في الفَضائلِ الخِيَرُ |
| وَرُبّمَا فالَتِ العُيُونُ وقَدْ | يَصْدُقُ فيهَا وَيكْذِبُ النّظَرُ |
| أنتَ الذي لَوْ يُعابُ في مَلاَءٍ | ما عِيبَ إلاّ بأنّهُ بَشَرُ |
| وَأنّ إعْطاءَهُ الصّوَارِمُ وَالـ | ـخَيْلُ وَسُمْرُ الرّماحِ والعَكَرُ |
| فاضِحُ أعْدائِهِ كأنّهُمُ | لَهُ يَقِلّونَ كُلّمَا كَثُرُوا |
| أعاذَكَ الله مِنْ سِهَامِهِمِ | وَمُخْطِىءٌ مَنْ رَمِيُّهُ القَمَرُ |
أنَا بالوُشاةِ إذا ذكَرْتُكَ أشْبَهُ
| أنَا بالوُشاةِ إذا ذكَرْتُكَ أشْبَهُ | تأتي النّدَى وَيُذاعُ عَنْكَ فَتَكْرَهُ |
| وَإذا رَأيْتُكَ دونَ عِرْضٍ عَارِضاً | أيْقَنْتُ أنّ الله يَبْغي نَصْرَهُ |