| لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ | أقفَرْتِ أنْتِ وهنّ منكِ أواهِلُ |
| يَعْلَمْنَ ذاكَ وما عَلِمْتِ وإنّمَا | أوْلاكُما يُبْكَى عَلَيْهِ العاقِلُ |
| وأنَا الذي اجتَلَبَ المَنيّةَ طَرْفُهُ | فَمَنِ المُطالَبُ والقَتيلُ القاتِلُ |
| تَخْلُو الدّيارُ منَ الظّباءِ وعِنْدَهُ | من كُلّ تابِعَةٍ خَيالٌ خاذِلُ |
| أللاّءِ أفْتَكُهَا الجَبانُ بمُهْجَتي | وأحَبُّهَا قُرْباً إليّ البَاخِلُ |
| ألرّامِياتُ لَنَا وهُنّ نَوافِرٌ | والخاتِلاتُ لَنَا وهُنّ غَوافِلُ |
| كافأنَنَا عَنْ شِبْهِهِنّ مِنَ المَهَا | فَلَهُنّ في غَيرِ التّرابِ حَبَائِلُ |
| مِنْ طاعِني ثُغَرِ الرّجالِ جآذِرٌ | ومِنَ الرّماحِ دَمَالِجٌ وخَلاخِلُ |
| ولِذا اسمُ أغطِيَةِ العُيُونِ جُفُونُها | مِنْ أنّها عَمَلَ السّيُوفِ عَوامِلُ |
| كم وقْفَةٍ سَجَرَتكَ شوْقاً بَعدَما | غَرِيَ الرّقيبُ بنا ولَجّ العاذِلُ |
| دونَ التّعانُقِ ناحِلَينِ كشَكْلَتيْ | نَصْبٍ أدَقَّهُمَا وضَمَّ الشّاكِلُ |
| إنْعَمْ ولَذّ فَلِلأمورِ أواخِرٌ | أبَداً إذا كانَتْ لَهُنّ أوائِلُ |
| ما دُمْتَ مِنْ أرَبِ الحِسانِ فإنّما | رَوْقُ الشّبابِ علَيكَ ظِلٌّ زائِلُ |
| للّهْوِ آوِنَةٌ تَمُرّ كأنّهَا | قُبَلٌ يُزَوَّدُهَا حَبيبٌ راحِلُ |
| جَمَحَ الزّمانُ فَلا لَذيذٌ خالِصٌ | ممّا يَشُوبُ ولا سُرُورٌ كامِلُ |
| حتى أبو الفَضْلِ ابنُ عَبْدِالله رُؤ | يَتُهُ المُنى وهيَ المَقامُ الهَائلُ |
| مَمْطُورَةٌ طُرُقي إلَيهَا دونَهَا | مِنْ جُودِهِ في كلّ فَجٍّ وابِلُ |
| مَحْجُوبَةٌ بسُرادِقٍ مِنْ هَيْبَةٍ | تَثْني الأزِمّةَ والمَطيُّ ذَوامِلُ |
| للشّمسِ فيهِ وللسّحابِ وللبِحَا | رِ وللأسُودِ وللرّياحِ شَمَائِلُ |
| ولَدَيْهِ مِلْعِقْيَانِ والأدَبِ المُفَا | دِ ومِلْحيَاةِ ومِلْمَماتِ مَنَاهِلُ |
| لَوْ لم يَهَبْ لجَبَ الوُفُودِ حَوَالَهُ | لَسَرَى إلَيْهِ قَطَا الفَلاةِ النّاهِلُ |
| يَدْري بمَا بِكَ قَبْلَ تُظْهِرُهُ لَهُ | مِن ذِهْنِهِ ويُجيبُ قَبْلَ تُسائِلُ |
| وتَراهُ مُعْتَرِضاً لَهَا ومُوَلّياً | أحْداقُنا وتَحارُ حينَ يُقابِلُ |
| كَلِماتُهُ قُضُبٌ وهُنّ فَوَاصِلٌ | كلُّ الضّرائبِ تَحتَهُنّ مَفاصِلُ |
| هَزَمَتْ مَكارِمُهُ المَكارِمَ كُلّهَا | حتى كأنّ المَكْرُماتِ قَنَابِلُ |
| وقَتَلْنَ دَفْراً والدُّهَيْمَ فَما تَرَى | أُمُّ الدُّهَيْمِ وأُمُّ دَفْرٍ ثَاكِلُ |
| عَلاّمَةُ العُلَمَاءِ واللُّجُّ الّذي | لا يَنْتَهي ولِكُلّ لُجٍّ ساحِلُ |
| لَوْ طابَ مَوْلِدُ كُلّ حَيٍّ مِثْلِهِ | وَلَدَ النّساءُ وما لَهنّ قَوابِلُ |
| لَوْ بانَ بالكَرَمِ الجَنينُ بَيانَهُ | لَدَرَتْ بهِ ذَكَرٌ أمْ أنثى الحامِلُ |
| ليَزِدْ بَنُو الحَسَنِ الشِّرافُ تَواضُعاً | هَيهاتِ تُكْتَمُ في الظّلامِ مشاعلُ |
| جَفَختْ وهم لا يجفَخونَ بها بهِمْ | شِيَمٌ على الحَسَبِ الأغَرّ دَلائِلُ |
| مُتَشابِهُو وَرَعِ النّفُوسِ كَبيرُهم | وصَغيرُهمْ عَفُّ الإزارِ حُلاحِلُ |
| يا کفخَرْ فإنّ النّاسَ فيكَ ثَلاثَةٌ | مُسْتَعْظِمٌ أو حاسِدٌ أو جاهِلُ |
| ولَقَدْ عَلَوْتَ فَما تُبالي بَعدَمَا | عَرَفُوا أيَحْمَدُ أمْ يَذُمُّ القائِلُ |
| أُثْني عَلَيْكَ ولَوْ تَشاءُ لقُلتَ لي | قَصّرْتَ فالإمْساكُ عنّي نائِلُ |
| لا تَجْسُرُ الفُصَحاءُ تُنشِدُ ههُنا | بَيْتاً ولكِنّي الهِزَبْرُ البَاسِلُ |
| ما نالَ أهْلُ الجاهِلِيّةِ كُلُّهُمْ | شِعْرِي ولا سمعتْ بسحري بابِلُ |
| وإذا أتَتْكَ مَذَمّتي من نَاقِصٍ | فَهيَ الشّهادَةُ لي بأنّي كامِلُ |
| مَنْ لي بفَهْمِ أُهَيْلِ عَصْرٍ يَدّعي | أنْ يَحْسُبَ الهِنديَّ فيهِمْ باقِلُ |
| وأمَا وحَقّكَ وهْوَ غايَةُ مُقْسِمٍ | لَلْحَقُّ أنتَ وما سِواكَ الباطِلُ |
| ألطِّيبُ أنْتَ إذا أصابَكَ طِيبُهُ | والماءُ أنتَ إذا اغتَسَلْتَ الغاسِلُ |
| ما دارَ في الحَنَكِ اللّسانُ وقَلّبَتْ | قَلَماً بأحْسَنَ مِنْ ثَنَاكَ أنَامِلُ |
شعر ابوالطيب المتنبي
أجمل قصائد شعر عربية للشاعر الكبير ابو الطيب المتنبي اشعار المتنبي الرائعة هنا.
أماتكم من قبل موتكم الجهل
| أماتَكُمُ من قَبلِ مَوْتِكُمُ الجَهْلُ | وجَرّكُمُ من خِفّةٍ بكُمُ النّمْلُ |
| وُلَيْدَ أُبيِّ الطّيّبِ الكَلْبِ ما لَكُم | فطَنتُمْ إلى الدعوَى وما لكُمُ عَقلُ |
| ولوْ ضرَبَتْكُم مَنجَنيقي وأصْلُكُمْ | قَوِيٌّ لهَدّتكُمْ فكَيفَ ولا أصْلُ |
| ولوْ كُنْتُمُ ممّنْ يُدَبِّرُ أمْرَهُ | لمَا صِرْتُمُ نَسلَ الذي ما لهُ نَسْلُ |
يا أكرم الناس في الفعال
| يا أكرَمَ النّاسِ في الفَعالِ | وأفْصَحَ النّاسِ في المَقَالِ |
| إنْ قُلتَ في ذا البَخُورِ سَوْقاً | فهَكَذا قُلتَ في النّوالِ |
لا خيل عندك تهديها ولا مال
| لا خَيْلَ عِندَكَ تُهديها ولا مالُ | فَليُسعدِ النُّطْقُ إن لم تُسعدِ الحال |
| وَاجز الأميرَ الذي نُعْماهُ فاجئة | بغيرِ قَولٍ وَنعْمى النّاسِ أقْوال |
| فَرُبمَا جَزَتِ الإحْسَانَ مُولِيَهُ | خَريدَةٌ مِنْ عَذارَى الحَيّ مِكسال |
| وَإنْ تكُنْ مُحْكَماتُ الشكلِ تمنَعُني | ظُهُورَ جَريٍ فلي فيهِن تَصْهال |
| وَمَا شكَرْتُ لأنّ المَالَ فَرّحَني | سِيّانِ عِنْديَ إكْثَار وَإقْلال |
| لَكِنْ رَأيْتُ قَبيحاً أنْ يُجَادَ لَنَا | وَأنّنَا بِقَضَاءِ الحَقّ بُخّال |
| فكُنْتُ مَنبِتَ رَوْضِ الحَزْنِ باكرَهُ | غَيثٌ بِغَيرِ سِباخِ الأرْضِ هَطّال |
| غَيْثٌ يُبَيِّنُ للنُّظّارِ مَوْقِعُهُ | أنّ الغُيُوثَ بِمَا تَأتيهِ جُهّال |
| لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ | لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّال |
| لا وَارِثٌ جَهِلَتْ يُمْنَاهُ ما وَهَبَتْ | وَلا كَسُوبٌ بغَيرِ السّيفِ سَأْآل |
| قالَ الزّمانُ لَهُ قَوْلاً فَأفْهَمَهُ | إنّ الزّمَانَ على الإمْساكِ عَذّال |
| تَدرِي القَنَاةُ إذا اهْتَزّتْ برَاحَتِهِ | أنّ الشقيَّ بهَا خَيْلٌ وَأبْطَال |
| كَفَاتِكٍ وَدُخُولُ الكَافِ مَنقَصَةٌ | كالشمسِ قُلتُ وَما للشمسِ أمثَال |
| ألقائِدِ الأُسْدَ غَذّتْهَا بَرَاثِنُهُ | بمِثْلِهَا مِنْ عِداهُ وَهْيَ أشْبَال |
| ألقاتِلِ السّيفَ في جِسْمِ القَتيلِ بِهِ | وَللسّيُوفِ كمَا للنّاسِ آجَال |
| تُغِيرُ عَنْهُ على الغارَاتِ هَيْبَتُهُ | وَمَالُهُ بأقَاصِي الأرْضِ أهْمَال |
| لَهُ منَ الوَحشِ ما اختارَتْ أسِنّتُهُ | عَيرٌ وَهَيْقٌ وَخَنْسَاءٌ وَذَيّال |
| تُمْسِي الضّيُوفُ مُشَهّاةً بِعَقْوَتِهِ | كأنّ أوْقاتَهَا في الطّيبِ آصَال |
| لَوِ اشْتَهَتْ لَحْمَ قارِيهَا لَبَادَرَهَا | خَرَادِلٌ مِنهُ في الشِّيزَى وَأوْصَال |
| لا يَعْرِفُ الرُّزْءَ في مالٍ وَلا وَلَدٍ | إلاّ إذا حَفَزَ الضِّيفَانَ تَرْحَال |
| يُروي صَدى الأرض من فَضْلات ما شربوا | محْضُ اللّقاحِ وَصَافي اللّوْنِ سلسال |
| تَقرِي صَوَارِمُهُ السّاعاتِ عَبْطَ دَمٍ | كَأنّمَا السّاعُ نُزّالٌ وَقُفّال |
| تَجْرِي النّفُوسُ حَوَالَيْهِ مُخَلَّطَةً | مِنهَا عُداةٌ وَأغْنَامٌ وَآبَال |
| لا يَحْرِمُ البُعْدُ أهْلَ البُعْدِ نائِلَهُ | وغَيرُ عاجِزَةٍ عَنْهُ الأُطَيْفَال |
| أمضَى الفَرِيقَينِ في أقْرَانِهِ ظُبَةً | وَالبِيضُ هَادِيَةٌ وَالسُّمْرُ ضُلاّل |
| يُرِيكَ مَخْبَرُهُ أضْعَافَ مَنظَرِهِ | بَينَ الرّجالِ وَفيها المَاءُ وَالآل |
| وَقَدْ يُلَقّبُهُ المَجْنُونَ حَاسِدُهُ | إذا اختَلَطْنَ وَبَعضُ العقلِ عُقّال |
| يَرْمي بهَا الجَيشَ لا بُدٌّ لَهُ وَلَهَا | من شَقّهِ وَلوَ کنّ الجَيشَ أجبَال |
| إذا العِدَى نَشِبَتْ فيهِمْ مَخالِبُهُ | لم يَجْتَمِع لهُمُ حِلْمٌ وَرِئْبَال |
| يَرُوعُهُمْ مِنْهُ دَهْرٌ صَرْفُهُ أبَداً | مُجاهِرٌ وَصُرُوفُ الدّهرِ تَغتال |
| أنَالَهُ الشّرَفَ الأعْلى تَقَدُّمُهُ | فَمَا الذي بتَوَقّي مَا أتَى نَالُوا |
| إذا المُلُوكُ تَحَلّتْ كانَ حِلْيَتَهُ | مُهَنَّدٌ وَأصَمُّ الكَعْبِ عَسّال |
| أبُو شُجاعٍ أبو الشّجعانِ قاطِبَةً | هَوْلٌ نَمَتْهُ مِنَ الهَيجاءِ أهوَال |
| تَمَلّكَ الحَمْدَ حتى ما لِمُفْتَخِرٍ | في الحَمْدِ حاءٌ وَلا ميمٌ وَلا دال |
| عَلَيْهِ مِنْهُ سَرَابيلٌ مُضَاعَفَةٌ | وَقَدْ كَفَاهُ مِنَ الماذِيِّ سِرْبَال |
| وَكَيْفَ أسْتُرُ ما أوْلَيْتَ من حَسَنٍ | وَقَدْ غَمَرْتَ نَوَالاً أيّهَا النّال |
| لَطّفْتَ رَأيَكَ في بِرّي وَتَكْرِمَتي | إنّ الكَريمَ على العَلْياءِ يَحْتَال |
| حتى غَدَوْتَ وَللأخْبَارِ تَجْوَالٌ | وَللكَوَاكِبِ في كَفّيْكَ آمَال |
| وَقَدْ أطَالَ ثَنَائي طُولُ لابِسِهِ | إنّ الثّنَاءَ عَلى التِّنْبَالِ تِنْبَال |
| إنْ كنتَ تكبُرُ أنْ تَخْتَالَ في بَشَرٍ | فإنّ قَدْرَكَ في الأقْدارِ يَخْتَال |
| كأنّ نَفْسَكَ لا تَرْضَاكَ صَاحِبَهَا | إلاّ وَأنْتَ على المِفضَالِ مِفضَال |
| وَلا تَعُدُّكَ صَوّاناً لمُهْجَتِهَا | إلاّ وَأنْتَ لهَا في الرّوْعِ بَذّال |
| لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ | ألجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّال |
| وَإنّمَا يَبْلُغُ الإنْسانُ طَاقَتَهُ | مَا كُلّ ماشِيَةٍ بالرّحْلِ شِمْلال |
| إنّا لَفي زَمَنٍ تَرْكُ القَبيحِ بهِ | من أكثرِ النّاسِ إحْسانٌ وَإجْمال |
| ذِكْرُ الفتى عُمْرُهُ الثّاني وَحاجَتُهُ | مَا قَاتَهُ وَفُضُولُ العَيشِ أشغَال |
كدعواك كل يدعي صحة العقل
| كدَعْواكِ كُلٌّ يَدّعي صِحّةَ العقلِ | وَمَن ذا الذي يدري بما فيه من جَهْلِ |
| لَهِنّكِ أوْلَى لائِمٍ بِمَلامَةٍ | وَأحْوَجُ ممّنْ تَعذُلِينَ إلى العَذلِ |
| تَقُولِينَ ما في النّاسِ مِثلَكَ عاشِقٌ | جِدي مثلَ مَن أحبَبْتُهُ تجدي مِثلي |
| مُحِبٌّ كَنى بالبِيضِ عن مُرْهَفَاتِهِ | وَبالحُسنِ في أجسامِهِنّ عن الصّقلِ |
| وَبالسُّمْرِ عن سُمرِ القَنَا غَيرَ أنّني | جَنَاهَا أحِبّائي وَأطْرَافُها رُسْلي |
| عَدِمْتُ فُؤاداً لم تَبِتْ فيهِ فَضْلَةٌ | لغَيرِ الثّنَايَا الغُرّ وَالحَدَقِ النُّجلِ |
| فَمَا حَرَمَتْ حَسْناءُ بالهَجرِ غِبْطةً | وَلا بَلّغَتْها مَن شكا الهَجرَ بالوَصْلِ |
| ذَرِيني أنَلْ ما لا يُنَالُ مِنَ العُلَى | فصَعْبُ العلى في الصّعب وَالسهلُ في السهلِ |
| تُريدينَ لُقيانَ المَعَالي رَخيصَةً | وَلا بُدّ دونَ الشّهدِ من إبَرِ النّحلِ |
| حَذِرْتِ عَلَينَا المَوْتَ وَالخَيلُ تدَّعي | وَلم تَعلَمي عن أيّ عاقِبَةٍ تُجْلي |
| وَلَسْتُ غَبِيناً لَوْ شَرِبْتُ مَنِيّتي | بإكْرَامِ دِلّيرَ بنِ لَشْكَرَوَزٍّ لي |
| تَمَرُّ الأنَابِيبُ الخَوَاطِرُ بَيْنَنَا | وَنَذْكُرُ إقْبالَ الأمِيرِ فَتَحْلَوْلي |
| وَلَوْ كُنتُ أدرِي أنّهَا سَبَبٌ لَهُ | لَزَادَ سُرُوري بالزّيادَةِ في القَتْلِ |
| فَلا عَدِمَتْ أرْضُ العِراقَينِ فِتْنَةً | دعَتكَ إليها كاشفَ البأس وَالمَحلِ |
| ظَلِلْنَا إذا أنْبَى الحَديدُ نِصَالَنَا | نجرّدُ ذكراً منك أمضَى من النّصْلِ |
| وَنَرْمي نَوَاصِيها منِ اسمكَ في الوَغى | بأنْفَذَ مِن نُشّابِنا وَمِنَ النَّبْلِ |
| فإنْ تَكُ منْ بَعدِ القِتالِ أتَيْتَنَا | فَقَدْ هَزَمَ الأعْداءَ ذِكرُك من قَبلِ |
| وَما زِلْتُ أطوي القلبَ قبل اجتِماعِنا | على حاجَةٍ بَينَ السّنابِكِ وَالسُّبْلِ |
| وَلَوْ لم تَسِرْ سِرْنَا إلَيكَ بأنْفُسٍ | غَرَائِبَ يُؤثِرْنَ الجِيادَ على الأهلِ |
| وَخَيْلٍ إذا مَرّتْ بوَحْشٍ وَرَوْضَةٍ | أبَتْ رَعْيَها إلاّ وَمِرْجَلُنَا يَغلي |
| وَلكنْ رأيتَ القَصْدَ في الفضْلِ شِركةً | فكانَ لكَ الفضْلانِ بالقصْدِ وَالفضْلِ |
| وَلَيسَ الذي يَتّبَّعُ الوَبْلَ رَائِداً | كمَنْ جاءَهُ في دارِهِ رَائِدُ الوَبْلِ |
| وَمَا أنَا مِمّنْ يَدّعي الشّوْقَ قَلبُهُ | وَيَحْتَجّ في تَرْكِ الزّيارَةِ بالشّغلِ |
| أرَادَتْ كِلابٌ أنْ تَفُوزَ بدَوْلَةٍ | لمن ترَكتْ رَعْيَ الشُّوَيهاتِ وَالإبْلِ |
| أبَى رَبُّها أنْ يترُكَ الوَحشَ وَحْدَها | وَأن يُؤمِنَ الضّبَّ الخبيثَ من الأكلِ |
| وَقَادَ لهَا دِلّيرُ كُلَّ طِمِرّةٍ | تُنيفُ بخَدّيهَا سَحُوقٌ من النّخلِ |
| وَكلَّ جَوَادٍ تَلْطِمُ الأرْضَ كَفُّهُ | بأغنى عنِ النّعْلِ الحَديد من النّعلِ |
| فَوَلّتْ تُريغُ الغَيثَ والغَيْثَ خَلّفَتْ | وَتَطلُبُ ما قَد كانَ في اليَدِ بِالرِّجْلِ |
| تُحاذِرُ هُزْلَ المَالِ وَهْيَ ذَليلَةٌ | وَأشْهَدُ أنّ الذّلّ شرٌّ من الهُزْلِ |
| وَأهْدَتْ إلَيْنَا غَيرَ قاصِدَةٍ بِهِ | كَريمَ السّجايَا يَسبِقُ القوْلَ بالفعلِ |
| تَتَبَّعَ آثَارَ الرّزَايَا بجُودِهِ | تَتَبُّعَ آثَارِ الأسِنّةِ بالفُتْلِ |
| شَفَى كُلَّ شَاكٍ سَيْفُهُ وَنَوَالُهُ | منَ الدّاءِ حتى الثّاكِلاتِ من الثكلِ |
| عفيفٌ تَروقُ الشمسَ صُورَةُ وَجهِه | فَلَوْ نَزَلَتْ شَوْقاً لحَادَ إلى الظّلِّ |
| شُجاعٌ كأنّ الحَرْبَ عاشِقَةٌ لَهُ | إذا زَارَهَا فَدّتْهُ بالخَيْلِ وَالرَّجْلِ |
| وَرَيّانُ لا تَصْدَى إلى الخمرِ نَفْسُهُ | وَصَدْيانُ لا تَرْوَي يَداهُ من البَذلِ |
| فتَمْليكُ دِلّيرٍ وَتَعْظيمُ قَدْرِهِ | شَهيدٌ بوَحْدانِيّةِ الله وَالعَدْلِ |
| وَمَا دامَ دِلّيرٌ يَهُزّ حُسَامَهُ | فَلا نَابَ في الدّنْيَا للَيثٍ وَلا شِبلِ |
| وَمَا دامَ دِلّيرٌ يُقَلّبُ كَفَّهُ | فَلا خلقَ من دعوَى المكارِم في حِلِّ |
| فَتًى لا يُرَجّي أنْ تَتِمّ طَهَارَةٌ | لمَنْ لم يُطَهّرْ رَاحَتَيْهِ من البُخلِ |
| فَلا قَطَعَ الرّحْم?نُ أصْلاً أتَى بهِ | فإنّي رَأيتُ الطّيّبَ الطّيّبَ الأصْلِ |
ما أجدر الأيام والليالي
| مَا أجْدَرَ الأيّامَ وَاللّيَالي | بأنْ تَقُولَ مَا لَهُ وَمَا لي |
| لا أنْ يكونَ هكَذا مَقَالي | فَتىً بنِيرانِ الحُروبِ صَالِ |
| مِنْهَا شَرَابي وَبهَا اغْتِسَالي | لا تَخطُرُ الفَحشاءُ لي ببَالِ |
| لَوْ جَذَبَ الزّرّادُ مِنْ أذْيَالي | مُخَيِّراً لي صَنْعَتَيْ سِرْبَالِ |
| مَا سُمْتُهُ زَرْدَ سِوَى سِرْوَالِ | وَكَيفَ لا وَإنّمَا إدْلالي |
| بِفارِسِ المَجْرُوحِ وَالشَّمَالِ | أبي شُجاعٍ قاتِلِ الأبطالِ |
| سَاقي كُؤوسِ المَوْتِ وَالجِرْيالِ | لمّا أصَارَ القُفْصَ أمْسِ الخالي |
| وَقَتّلَ الكُرْدَ عَنِ القِتالِ | حتى اتّقَتْ بالفَرِّ وَالإجْفَالِ |
| فَهَالِكٌ وَطائِعٌ وَجَالِ | وَاقْتَنَصَ الفُرْسانَ بالعَوَالي |
| وَالعُتُقِ المُحْدَثَةِ الصّقالِ | سَارَ لصَيدِ الوَحشِ في الجِبالِ |
| وَفي رَقَاقِ الأرْضِ وَالرّمَالِ | على دِمَاءِ الإنْسِ وَالأوْصَالِ |
| مُنْفَرِدَ المُهْرِ عَنِ الرّعَالِ | مِنْ عِظَمِ الهِمّةِ لا المَلالِ |
| وَشِدّةِ الضِّنّ لا الاسْتِبْدالِ | ما يَتَحرَّكْنَ سِوَى انْسِلالِ |
| فَهُنّ يُضرَبنَ على التَّصْهَالِ | كُلُّ عَليلٍ فَوْقَهَا مُخْتَالِ |
| يُمْسِكُ فَاهُ خَشْيَةَ السُّعَالِ | من مَطلِعِ الشّمسِ إلى الزّوالِ |
| فَلَمْ يَئِلْ ما طارَ غَيرَ آلِ | وَمَا عَدا فانغَلّ في الأدْغالِ |
| وَمَا احتَمَى بالماءِ وَالدِّحَالِ | مِنَ الحَرَامِ اللّحْمِ وَالحَلالِ |
| إنّ النّفُوسَ عَدَدُ الآجَالِ | سَقْياً لدَشْتِ الأرْزَنِ الطُّوَالِ |
| بَينَ المُرُوجِ الفِيحِ وَالأغْيَالِ | مُجاوِرِ الخِنْزِيرِ للرّئْبَالِ |
| داني الخَنانيصِ مِنَ الأشْبَالِ | مُشْتَرِفِ الدّبّ عَلى الغَزَالِ |
| مُجتمِعِ الأضْدادِ وَالأشكالِ | كَأنّ فَنّاخُسْرَ ذا الإفْضَالِ |
| خَافَ عَلَيْهَا عَوَزَ الكَمَالِ | فَجَاءَهَا بالفِيلِ وَالفَيّالِ |
| فَقِيدَتِ الأيّلُ في الحِبَالِ | طَوْعَ وُهُوقِ الخَيلِ وَالرّجالِ |
| تَسيرُ سَيرَ النَّعَمِ الأرْسَالِ | مُعْتَمّةً بيَبِسِ الأجْذالِ |
| وُلِدْنَ تحتَ أثْقَلِ الأحْمَالِ | قَدْ مَنَعَتْهُنّ مِنَ التّفَالي |
| لا تَشْرَكُ الأجْسامَ في الهُزالِ | إذا تَلَفّتنَ إلى الأظْلالِ |
| أرَيْنَهُنّ أشْنَعَ الأمْثَالِ | كَأنّمَا خُلِقْنَ لِلإذْلالِ |
| زِيادَةً في سُبّةِ الجُهّالِ | وَالعُضْوُ لَيسَ نافِعاً في حَالِ |
| لِسَائِرِ الجِسْمِ مِنَ الخَبَالِ | وَأوْفَتِ الفُدْرُ مِنَ الأوْعَالِ |
| مُرْتَدِياتٍ بِقِسِيِّ الضّالِ | نَوَاخِسَ الأطْرَافِ لِلأكفَالِ |
| يَكَدْنَ يَنْفُذْنَ منَ الآطالِ | لهَا لِحىً سُودٌ بِلا سِبَالِ |
| يَصْلُحنَ للإضْحاكِ لا الإجْلالِ | كُلُّ أثِيثٍ نَبْتُهَا مِتْفَالِ |
| لم تُغْذَ بالمِسْكِ وَلا الغَوَالي | تَرْضَى من الأدْهانِ بالأبْوَالِ |
| وَمِنْ ذَكيّ الطّيبِ بالدَّمَالِ | لَوْ سُرّحَتْ في عارِضَيْ مُحتالِ |
| لَعَدّهَا مِنْ شبكاتِ المَالِ | بَينَ قُضَاةِ السّوْءِ وَالأطفَالِ |
| شَبيهَةِ الإدْبَارِ بالإقْبَالِ | لا تُؤثِرُ الوَجهَ على القَذَالِ |
| فاخْتَلَفَتْ في وَابِلَيْ نِبَالِ | مِنْ أسْفَلِ الطّوْدِ وَمن مُعَالِ |
| قَدْ أوْدَعَتْهَا عَتَلُ الرّجَالِ | في كلّ كِبْدٍ كَبِدَيْ نِصَالِ |
| فَهُنّ يَهْوِينَ مِنَ القِلالِ | مَقْلُوبَةَ الأظْلافِ وَالإرْقالِ |
| يُرْقِلْنَ في الجَوّ على المَحَالِ | في طُرُقٍ سَرِيعَةِ الإيصالِ |
| يَنَمْنَ فيهَا نِيمَةَ المِكسَالِ | على القُفِيّ أعْجَلَ العِجالِ |
| لا يَتَشَكّينَ مِنَ الكَلالِ | وَلا يُحاذِرْنَ مِنَ الضّلالِ |
| فكانَ عَنهَا سَبَبَ التّرْحالِ | تَشْوِيقُ إكْثَارٍ إلى إقْلالِ |
| فَوَحْشُ نَجْدٍ منْهُ في بَلْبَالِ | يَخَفْنَ في سَلمى وَفي قِيَالِ |
| نَوَافِرَ الضِّبَابِ وَالأوْرَالِ، | وَالخاضِبَاتِ الرُّبْدِ وَالرِّئَالِ |
| وَالظّبيِ وَالخَنْسَاءِ وَالذَّيّالِ | يَسْمَعْنَ من أخبارِهِ الأزْوَالِ |
| ما يَبعَثُ الخُرْسَ على السّؤالِ | فَحُولُهَا وَالعُوذُ وَالمَتَالي |
| تَوَدّ لَوْ يُتْحِفُهَا بِوَالِ | يَرْكَبُهَا بالخُطْمِ وَالرّحالِ |
| يُؤمِنُهَا مِنْ هَذِهِ الأهْوَالِ | وَيَخْمُسُ العُشْبَ وَلا تُبَالي |
| وَمَاءَ كُلِّ مُسْبِلٍ هَطّالِ | يا أقْدَرَ السُّفّارِ وَالقُفّالِ |
| لوْ شِئتَ صِدتَ الأُسدَ بالثّعالي | أوْ شِئتَ غرّقتَ العِدَى بالآلِ |
| وَلَوْ جَعَلْتَ مَوْضِعَ الإلالِ | لآلِئاً قَتَلْتَ بِاللآّلي |
| لم يَبْقَ إلاّ طَرَدُ السّعَالي | في الظُّلَمِ الغَائِبَةِ الهِلالِ |
| على ظُهُورِ الإبِلِ الأُبّالِ | فَقَدْ بَلَغْتَ غايَةَ الآمَالِ |
| فلَمْ تَدَعْ منها سِوَى المُحالِ | في لا مَكانٍ عِندَ لا مَنَالِ |
| يا عَضُدَ الدّوْلَةِ وَالمَعَالي | ألنّسَبُ الحَلْيُ وأنْتَ الحالي |
| بالأبِ لا بالشَّنْفِ وَالخَلْخالِ | حَلْياً تَحَلّى مِنْكَ بالجَمَالِ |
| وَرُبّ قُبْحٍ وَحِلًى ثِقَالِ | أحسَنُ منها الحُسنُ في المِعطالِ |
| فَخْرُ الفَتى بالنّفسِ وَالأفْعَالِ | مِنْ قَبْلِهِ بالعَمّ وَالأخْوَالِ |