أتَتْني عَنْكَ أخْبَارُ، | و بانتْ منكَ أسرارُ |
وَلاحَتْ لي، مِنَ السّلْوَ | ة ِ، آيَاتٌ وَآثَارُ |
أرَاهَا مِنْكَ بِالقَلْبِ، | و للأحشاءِ أبصارُ |
إذا ما بردَ الحبُّ | فَمَا تُسْخِنُهُ النّارُ |
شعر أبو فراس الحمداني
أجمل قصائد و أبيات شعر للشاعر الكبير أبو فراس الحمداني.
قَمَرٌ، دُونَ حُسْنِهِ الأقمارُ
قَمَرٌ، دُونَ حُسْنِهِ الأقمارُ، | وَكَثِيبٌ مِنَ النّقَا، مُسْتَعَارُ |
و غزالٌ فيهِ نفارٌ ، ولاَ بدْ | عَ فَمِنْ شِيمَة ِ الظّبَاءِ النّفَارُ |
لا أُعَاصِيهِ في اجْتِرَاحِ المَعَاصِي، | في هَوَى مِثْلِهِ تَطِيبُ النّارُ |
قَد حَذِرْتُ المِلاحَ دَهْراً، وَلكن | ساقني ، نحوَ حبهِ ، المقدارُ |
كمْ أردتُ السلوَّ فاستعطفتني | رقية ٌ منْ رقاكَ يا عيَّـارُ |
أيحلو لمن لا صبر ينجده صبر
أيحلو ، لمنْ لاَ صبرَ ينجدهُ ، صبرُ | إذا ما انقضى فكرٌ ألمَّ بهِ فكرُ |
أممعنة ً في العذلِ ، رفقاً بقلبهِ | أيحملُ ذا قلبٌ ، ولوْ أنهُ صخرُ |
عَذيرِي من اللاّئي يَلُمنَ على الهَوَى | أما في الهوى ، لو ذقنًَ طعمَ الهوى عذرُ |
أطَلْنَ عَلَيْهِ اللّوْمَ حَتى تَرَكْنَهُ | وَسَاعَتُهُ شَهْرٌ، وَلَيْلَتُهُ دَهْرُ |
و منكرة ٍ ما عاينتْ من شحوبهِ | وَلا عَجَبٌ، ما عَايَنَتهُ، وَلا نُكْرُ |
وَيُحمَدُ في العَضْبِ البِلى وهوَ قاطعٌ | ويحسنُ في الخيلِ المسمومة ِ، الضمرُ |
و قائلة ٍ : ماذا دهاكَ ـ تعجباً | فقلتُ لها : يا هذهِ أنتِ والدهرُ |
أبِالبَينِ؟ أمْ بالهَجرِ؟ أمْ بِكِلَيْهِمَا | تشاركَ ، فيما ساءني ، البينُ والهجرُ |
يُذَكّرُني نَجْداً حَبيبٌ، بأرْضِهَا، | أيا صاحبيْ نجوايَ ، هلْ ينفعُ الذكرُ |
نطاولت الكثبانُ ، بيني وبينهُ | وَبَاعَدَ، فيمَا بَيْنَنَا، البَلَدُ القَفْرُ |
مفاوزُ لا يعجزنَ صاحبَ همة ٍ | وإن عجزتْ ، عنها ، الغريرية ُ الصبرُ |
كَأنّ سَفِيناً، بينَ فَيْدٍ وَحَاجِرٍ | يحفُّ بهِ ، منْ آلِ قيعانهِ ، بحرُ |
عدانيَ عنهُ : ذودُ أعداءِ منهلٍ | كثيرٌ إلى ورادهُ النظرُ الشزرُ |
وَسُمرُ أعَادٍ، تَلمَعُ البِيضُ بَينَهمْ | وَبِيضُ أعَادٍ، في أكُفّهِمُ السُّمْرُ |
وَقَوْمٌ، مَتى مَا ألْقَهُمْ رَوِيَ القَنَا | و أرضٌ متى ما أغزها شبعَ النسرُ |
وَخَيلٌ يَلُوحُ الخَيرُ بَينَ عُيُونِهَا، | و نصلٌ ، متى ما شمتهُ نزلَ النصرُ |
إذَا مَا الفَتى أذْكَى مُغَاوَرَة َ العِدى | فكلُّ بلادٍ حلَّ ساحتها ُ ثغرُ |
و يوم ٍ، كأنَّ الأرضَ شابتْ لهولهِ | قطعتُ بخيلٍ حشوُ فرسانها صبرُ |
تَسِيرُ عَلى مِثْلِ المُلاءِ مُنَشَّراً، | وَآثَارُهَا طَرْزٌ لأطْرَافِهَا حُمْرُ |
أُشَيّعُهُ وَالدّمْعُ مِنْ شِدّة ِ الأسَى | على خدهِ نظمٌ ، وفي نحرهِ نثرُ |
وعدتُ ، وقلبي في سجافِ غبيطه ِ | ولي لفتاتٌ ، نحو هودجه، كثرُ |
و فيمنْ حوى ذاكَ الحجيجُ خريدة ٌ | لها دونَ عَطفِ السّترِ من صَوْنها سترُ |
و في الكم ِّكفٌّ يراها عديلها ، | و في الخدرِ وجهٌ ليسَ يعرفهُ الخدرُ |
فَهَلْ عَرَفاتٌ عَارِفاتٌ بِزَوْرِهَا | و هلْ شعرتْ تلكَ المشاعرُ والحجرُ |
أمَا اخضَرّ من بُطْنانِ مكّة َ ما ذَوَى | أما أعشبَ الوادي أما أنبتَ الصخرُ |
سَقَى الله قَوْماً، حَلّ رَحلُكِ فيهمُ | سحائبَ، لا قُلَّ جداها ، ولا نزرُ |
جنى جانٍ ، وأنتَ عليهِ حانٍ
جنى جانٍ ، وأنتَ عليهِ حانٍ ، | وَعَادَ، فَعُدْتَ بِالكَرَمِ الغَزِيرِ |
صبرتَ عليهِ حتى جاءَ ، طوعاً ، | إلَيْكَ، وَتِلْكَ عَاقِبَة ُ الصّبُورِ |
فَإنْ تَكُ عَدْلَة ٌ في الجِسْمِ كَانَتْ | فما عدلَ الضميرُ عنِ الضميرِ |
و مثلُ ” أبي فراسٍ ” منْ تجافى | لَهُ عَنْ فِعْلِهِ، مِثْلُ الأمِيرِ |
بكيتُ ، فلما لمْ أرَ الدمعَ نافعي
بكيتُ ، فلما لمْ أرَ الدمعَ نافعي ، | رَجَعتُ إلى صَبرٍ، أمَرّ مِنَ الصّبرِ |
و قدرتُ أنَّ الصبرَ ، بعدَ فراقهم ، | يساعدني ، وقتاً ، فعزيتُ عنْ صبري |
ما زالَ معتلجَ الهمومِ بصدرهِ
ما زالَ معتلجَ الهمومِ بصدرهِ | حَتى أبَاحَكَ مَا طَوَى مِن سِرّهِ |
أضمرتُ حبكَ ، والدموعُ تذيعهُ ، | و طويتُ وجدكَ ، والهوى في نشرهِ |
تردُ الدموعُ ، لما تجنُّ ضلوعهُ ، | تترى إلى وجناتهِ أو نحرهِ |
من لي بعطفة ِ ظالمٍ ، منْ شأنهِ | نسيانُ مشتغلِ اللسانِ بذكرهِ ؟ |
يا ليتَ مؤمنهُ سلوى – ما دعتْ | ورقُ الحمامِ – مؤمني منْ هجرهِ |
منْ لي بردِّ الدمعِ ، قسراً ، والهوى | يغدو عليهِ ، مشمراً ، في نصرهِ ؟ |
أعيا عليَّ أخٌ ، وثقتُ بودهِ ، | وَأمِنْتُ في الحَالاتِ عُقْبَى غَدْرِهِ |
وَخَبَرْتُ هَذَا الدّهْرَ خِبْرَة َ نَاقِدٍ | حتى أنستُ بخيرهِ وبشرهِ |
لا أشْتَرِي بَعْدَ التّجَرّبِ صَاحِباً | إلا وددتُ بأنني لمْ أشرهِ |
منْ كلِّ غدارٍ يقرُّ بذنبهِ | فيكونُ أعظمُ ذنبهِ في عذرهِ |
ويجيءُ ، طوراً ، ضرهُ في تفعهِ ، | جهلاً ، وطوراً ، نفعهُ في ضره |
فصبرتُ لمْ أقطعْ حبالَ ودادهُ | و سترتُ منهُ ، مااستطعتُ ، بسترهِ |
وَأخٍ أطَعْتُ فَمَا رَأى لي طَاعَتي | حَتى خَرَجتُ، بأمرِهِ، عَنْ أمرِهِ |
و تركتُ حلوَ العيشِ لمْ أحفلْ بهِ | لمَّـا رأيتُ أعزَّهُ في مره |
وَالمَرْءُ لَيْسَ بِبَالِغٍ في أرْضِهِ، | كالصقرِ ليسَ بصائدٍ في وكرهِ |
أنفقْ منَ الصبرِ الجميلِ ، فإنهُ | لمْ يَخشَ فَقراً مُنْفِقٌ مِنْ صَبرِهِ |
واحلمْ وإنْ سفهَ الجليسُ ، وقلْ لهُ | حُسْنَ المَقَالِ إذَا أتَاكَ بِهُجْرِهِ |
وَأحَبُّ إخْوَاني إليّ أبَشَّهُم | بصديقهِ في سرهِ أو جهرهِ |
لا خيرَ في برِّ الفتى ما لمْ يكنْ | أصفى مشارب برهِ في بشرهِ |
ألقى الفتى فأريدُ فائضَ بشرهِ | و أجلُّ أنْ أرضى بفائضِ برهٍ |
ياربِّ مضطغنِ الفؤادِ ، لقيتهُ | بِطَلاقَة ٍ، فَسَلَلْتُ مَا في صَدْرِهِ |