سعيت إلى أن كدت أنتعل الدما

سَعَيْتُ إلى أنْ كِدْتُ أَنْتَعِلُ الدَّماوعُدْتُ وما أعقبتُ إلاَّ التَّنَدُّمَا
لَحَى اللهُ عَهْدَ القاسِطِين الذي بهتَهَدَّمَ منْ بُنياننَا ما تهدَّمَا
إذا شِئْتَ أنْ تَلْقَى السَّعَادَة َ بينهمْفلا تَكُ مِصْريّاً ولا تَكُ مُسْلِما
سَلامٌ على الدُّنيا سَلامَ مُوَدِّعٍرَأَى في ظَلامِ القَبْرِ أُنْساً ومَغنَما
أَضَرَّتْ به الأولَى فهامَ بأختهافإنْ ساءَت الأخرَى فوَيْلاهُ مِنْهُما
فهُبِّي رياحَ الموتِ نُكباً وأطفِئيسِراجَ حياتي قبلَ أنْ يتحطَّمَا
فما عَصَمتنِي منْ زمانِي فضائلِيولكنْ رأيتُ الموتَ للحُرِّ أعْصَما
فيا قلبُ لاَ تجزعْ إذَا عَضَّكَ الأسَىفإنكَ بعدَ اليومِ لنْ تتألَّمَا
ويا عَينُ قد آنَ الجمُودُ لمَدْمَعيفلاَ سَيْلَ دمع تسكبيِن ولاَ دَمَا
ويا يَدُ ما كَلَّفْتُكِ البَسْطَ مَرَّة ًلذّي مِنَّة ٍ أولَى الجَميلَ وأنعمَا
فللهِ ما أحلاكِ في أنملِ البلَىوإنْ كُنتِ أحلَى في الطُّرُوسِ وأكْرَما
ويا قدمِي ما سِرْتِ بي لمَذلَّة ٍولمْ ترتقِي إلاَّ إلَى العِزِّ سُلَّمَا
فلاَ تُبطئِي سيراً إلَى الموتِ واعلمِيبأنَّ كريمَ القومِ من ماتَ مُكْرمَا
ويا نفسُ كمْ جَشَّمُتكِ الصبرَ والرضاوجشَّمتنِي أنْ أَلبَسَ المجدَ مُعلمَا
فما اسطعتِ أنْ تستمرئِي مُرَّ طعمَهوما اسطعتُ بين القومِ أنْ أتقدَّمَا
فهذَا فِراقٌ بيننَا فَتَجمَّلِيفإنَّ الرَّدَى أحلَى مذاقَا ومطعمَا
ويا صدركمْ حَلَّت بذاتكَ ضِيقة ٌوكم جالَ في أَنْحائِكَ الهَمُّ وارتَمَى
فهَلا تَرَى في ضِيقَة ِ القَبْرِ فُسْحَة ًتُنَفِّسُ عنكَ الكَرْبَ إنْ بِتَّ مُبْرَما
ويا قَبْرُ لا تَبْخَلْ بِرَدِّ تَحِيّة ٍعلى صاحبٍ أَوْفَى علينا وسَلَّما
وهيهاتَ يأتِي الحيُّ للميتِ زائراًفإنِّي رأيتُ الوُدَّ في الحيِّ أسْقِما
ويأيُّهَا النَّجمُ الذي طالَ سُهدُهوقد أَخَذَتْ منه السُّرَى أين يَمَّما
لَعَلَّكَ لا تَنْسَى عُهودَ مُنادِمٍتَعَلَّمَ منكَ السُّهدَ والأَينَ كُلَّمَا
أبيات شعر حافظ إبراهيم

ماذا أصبت من الأسفار والنصب

ماذا أَصَبْتَ مِنَ الأَسفارِ والنَّصَبِوطَيِّكَ العُمْرَ بينَ الوَخدِ والخَبَبِ
نَراكَ تُطْلُبُ لا هَوْناً ولا كَثَباًولا نَرَى لكَ مِنْ مالٍ ولا نَشَبِ
يا آلَ عُثمانَ ما هذا الجَفَاءُ لناونَحنُ في اللهِ إخوانٌ وفي الكُتُبِ
تركتُمُونَا لأقوامٍ تُخالِفُنَافي الدِّينِ والفَضْلِ والأخلاقِ والأَدَبِ
قصيدة شاعر النيل حافظ ابراهيم

لم يبق شىء من الدنيا بأيدينا

لَم يَبْقَ شَىء ٌ مِن الدُّنْيا بأَيْدِيناإلاّ بَقِيّة ُ دَمْعٍ في مآقِينَا
كنّا قِلادَة َ جِيدِ الدَّهْرِ فانفَرَطَتْوفي يَمينِ العُلا كنّا رَياحِينا
كانت مَنازِلُنا في العِزِّ شامِخة ًلا تُشْرِقُ الشَّمسُ إلاّ في مَغانينا
وكان أَقْصَى مُنَى نَهْرِالمَجَرَّة لومِن مائِه مُزِجَتْ أَقْداحُ ساقِينا
والشُهْب لو أنّها كانت مُسَخرَّة ًلِرَجْمِ من كانَ يَبْدُو مِن أَعادِينا
فلَم نَزَلْ وصُرُوفُ الدَّهرِ تَرْمُقُناشَزْراً وتَخدَعُنا الدّنيا وتُلْهينا
حتى غَدَوْنا ولا جاهٌ ولا نَشَبٌولا صديقٌ ولا خِلٌّ يُواسِينا
أبيات حافظ إبراهيم

كم مر بي فيك عيش لست أذكره

كم مَرَّ بِي فيِكِ عَيْشٌ لَسْتُ أَذْكُرُهومَرَّ بِي فيكِ عَيْشٌ لَسْتُ أَنْساهُ
وَدَّعْتُ فيكِ بَقايا ما عَلِقْتُ بهمِنَ الشّباب وما وَدَّعْتُ ذِكْراهُ
أَهْفُو إليه على ما أَقْرَحَتْ كَبِدِيمِنَ التَّبارِيحِ أولاَهُ وأُخْراهُ
لَبِسْتُهِ ودُمُوعُ العَيْنِ طَيِّعَة ٌوالنفسُ جَيَّاشَة ٌ والقَلْبُ أَوّاهُ
فكان عَوْني على وَجْدٍ أُكابِدُهومُرِّ عَيْشٍ على العِلاّتِ أَلْقاهُ
قد أَرْخَصَ الدَّمْعَ يَنْبُوعُ الغَناءِ بهوا لَهْفَتِي ونُضُوبُ الشَّيْبِ أَغْلاهُ
كم رَوَّحَ الدمعُ عَنْ قَلْبي وكم غَسَلَتْمنه السَّوابِقُ حُزْناً في حناياهُ
لَم أَدْرِ ما يَدُه حتى تَرَشَّفَهفَمُ المَشِيبِ على رَغْمِى فأَفْناهُ
قالوا تَحرَّرْتَ مِنْ قَيْدِ المِلاحِ فعِشْحُراً فَفِي الأَسْرِ ذُلٌ كُنتَ تَأباهُ
فقُلْتُ يا لَيْتَه دامَتْ صَرامَتُهما كان أَرْفَقه عندي وأَحْتاهُ
بُدِّلْتُ منه بقَيْدٍ لَسْتُ أفْلَتُهوكيف أفْلَتُ قَيْداً صاغَهُ اللهُ
أَسْرَى الصَّبابَة ِ أَحْياءٌ وإنْ جَهِدُواأَمّا المَشِيبُ ففِي الأَمْواتِ أَسْراهُ
شاعر النيل حافظ إبراهيم

رميت بها على هذا التباب

رَمَيْتُ بها على هذا التَّبابِوما أَوْرَدْتُها غيرَ السَّرابِ
وما حَمَّلْتُها إلاّ شَقاءًتُقاضِيني به يومَ الحِسابِ
جَنَيْتُ عليكِ يا نَفْسي وقَبْليعليكِ جَنَى أبي فدَعي عِتابي
فلَولا أنّهم وأَدُوا بَيانيبَلَغتُ بك المُنى وشَفَيْتُ ما بي
وما أَعْذَرْتُ حتى كان نَعْليدَماً ووِسادَتي وَجْهَ التُّرَابِ
وحتى صَيَّرتْني الشمسُ عَبْداًصَبِيغاً بَعدَ ما دَبَغَتْ إهابي
وحتى قَلَّمَ الإِمْلاقُ ظُفْريوحتى حَطَّمَ المِقْدارُ نابي
مَتَى أنا بالِغٌ يا مِصْرُ أَرْضاًأَشُّم بتُرْبِها رِيحَ المَلابِ
رأيتُ ابنَ البُخارِ على رُباهايَمُرُّ كأنَّه شَرْخُ الشَّبابِ
كأنّ بجَوْفِه أحشاءَ صَبٍّيُؤَجِّجُ نارَها شَوقُ الإيابِ
إذا ما لاحَ ساءَلْنا الدَّياجيأَبَرْقُ الأَرْضِ أمْ بَرْقُ السَّحابِ
اشعار حافظ ابراهيم

ما لهذا النجم في السحر

ما لهذا النَّجْم في السَّحَرِقد سَها مِنْ شِدّة ِ السَّهَرِ
خِلْتُه يا قَوْمُ يُؤْنِسُنِيإنْ جَفاني مُؤْنِسُ السَّحَرِ
يا لِقَوْمي إنّني رَجُلٌأَفْنَت الأَيّامُ مُصْطَبَري
أَسْهَرَتْنِي الحادِثاتُ وقدنامَ حتّى هاتِفُ الشَّجَرِ
والدُّجَى يَخْطُو على مَهَلٍخَطْوَ ذي عِزٍّ وذي خَفَرِ
فيه شَخْصُ اليَأسِ عانَقَنِيكحَبِيبٍ آبَ مِن سَفَرِ
وأَثارَتْ بي فَوادِحُهكامِناتِ الهَمِّ والكَدَرِ
وكأنّ اللَّيْلَ أَقْسَمَ لايَنْقَضي أو يَنْقَضي عُمُري
أيُّها الزَّنْجيُّ ما لَكَ لَمْتَخشَ فينا خالِقَ البَشَرِ
لِي حَبيبٌ هاجِرٌ وَلهُصُورَة ٌ مِن أَبْدعِ الصُّورِ
أَتَلاشَى في مَحَبّتِهكتَلاشِي الظِّلِّ في القَمَرِ
أبيات شاعر النيل حافظ إبراهيم