المجلسان على التمييز بينهما

المَجْلِسانِ على التّمْييزِ بَيْنَهُمَا مُقَابِلانِ ولَكِنْ أحْسَنا الأدَبَا
إذا صَعِدْتَ إلى ذا مَالَ ذا رَهَباً وإنْ صَعِدْتَ إلى ذا مالَ ذا رَهَبَا
فَلِمْ يَهابُكَ ما لا حِسّ يَرْدَعُهُ إنّي لأُبْصِرُ مِنْ فِعْلَيْهِمَا عَجَبَا

تعرض لي السحاب وقد قفلنا

تَعَرّضَ لي السّحابُ وقد قَفَلْنا فقُلتُ إليكَ إنّ مَعي السّحابَا
فَشِمْ في القُبّةِ المَلِكَ المُرَجّى فأمْسَكَ بَعدمَا عَزَمَ انسِكابَا

أيا ما أحيسنها مقلة

أيا ما أُحَيْسِنَها مُقْلَةً ولَوْلا المَلاحَةُ لم أعْجَبِ
خَلُوقِيّةٌ في خَلُوقيّها سُوَيداءُ من عِنَبِ الثّعلَبِ
إذا نَظَرَ البازُ في عِطْفِهِ كَسَتهُ شُعاعاً على المَنكِبِ

ما أنصف القوم ضبة

ما أنصف القوم ضبة وأمه الطرطبة
رموا برأس أبيه وباكوا الأم غلبة
فلا بمن مات فخر ولا بمن نيك رغبة
وإنما قلت ما قلـ ـت رحمة لا محبة
وحيلة لك حتى عذرت لو كنت تأبه
وما عليك من القتـ ـل إنما هي ضربة
وما عليك من الغد ر إنما هو سبة
وما عليك من العا ر أن أمك قحبة
وما يشق على الكلـ ـب أن يكون ابن كلبة
ما ضرها من أتاها وإنما ضر صلبه
ولم ينكها ولكن عجانها ناك زبه
يلوم ضبة قوم ولا يلومون قلبه
وقلبه يتشهى ويلزم الجسم ذنبه
لو أبصر الجذع شيئا أحب في الجذع صلبه
يا أطيب الناس نفسا وألين الناس ركبة
وأخبث الناس أصلا في أخبث الأرض تربة
وأرخص الناس أما تبيع ألفا بحبة
كل الفعول سهام لمريم وهي جعبة
وما على من به الدا ء من لقاء الأطبة
وليس بين هلوك وحرة غير خطبة
يا قاتلا كل ضيف غناه ضيح وعلبة
وخوف كل رفيق أباتك الليل جنبه
كذا خلقت ومن ذا الـ ـذي يغالب ربه
ومن يبالي بذم إذا تعود كسبه
أما ترى الخيل في النخـ ـل سربة بعد سربة
على نسائك تجلو فعولها منذ سنبة
وهن حولك ينظر ن والأحيراح رطبة
وكل غرمول بغل يرين يحسدن قنبه
فسل فؤادك يا ضبـ ـب أين خلف عجبه
وإن يخنك لعمري لطالما خان صحبه
وكيف ترغب فيه وقد تبينت رعبه
ما كنت إلا ذبابا نفتك عنا مذبه
وكنت تفخر تيها فصرت تضرط رهبة
وإن بعدنا قليلا حملت رمحا وحربة
وقلت ليت بكفي عنان جرداء شطبة
إن أوحشتك المعالي فإنها دار غربة
أو آنستك المخازي فإنها لك نسبة
وإن عرفت مرادي تكشفت عنك كربة
وإن جهلت مرادي فإنه بك أشبه

أقْصِرْ فَلَسْتَ بزائِدي وُدّا

أقْصِرْ فَلَسْتَ بزائِدي وُدّا بَلَغَ المَدَى وَتَجاوَزَ الحَدَّا
أرْسَلْتَها مَمْلُوءَةً كَرَماً فَرَدَدْتُها مَمْلُوءَةً حَمْدَا
جاءَتْكَ تَطْفَحُ وَهيَ فَارِغَةٌ مَثْنَى بهِ وَتَظُنّهَا فَرْدَا
تَأبَى خَلائِقُكَ التي شَرُفَتْ ألاّ تَحِنّ وَتَذْكُرَ العَهْدَا
لَوْ كُنْتَ عَصراً مُنْبِتاً زَهَراً كُنْتَ الرّبيعَ وكانَتِ الوَرْدَا

الْيَوْمَ عَهدُكُمُ فأينَ المَوْعِدُ؟

الْيَوْمَ عَهدُكُمُ فأينَ المَوْعِدُ؟ هَيهاتِ ليسَ ليَوْمِ عَهدِكُمُ غَدُ
ألمَوْتُ أقرَبُ مِخْلَباً من بَيْنِكُمْ وَالعَيشُ أبعَدُ منكُمُ لا تَبعُدُوا
إنّ التي سفَكَتْ دَمي بجُفُونِها لم تَدْرِ أنّ دَمي الذي تَتَقَلّدُ
قالَتْ وقَد رَأتِ اصْفِراري من بهِ وَتَنَهّدَتْ فأجَبْتُها المُتَنَهِّدُ
فَمَضَتْ وقد صَبَغَ الحَياءُ بَياضَهَا لَوْني كَما صَبَغَ اللُّجَينَ العَسجَدُ
فرَأيتُ قَرْنَ الشّمسِ في قمرِ الدّجى مُتَأوّداً غُصْنٌ بِهِ يَتَأوّدُ
عَدَوِيّةٌ بَدَوِيّةٌ مِنْ دُونِهَا سَلْبُ النّفُوسِ ونارُ حرْبٍ توقَدُ
وَهَواجِلٌ وصَواهِلٌ ومَنَاصِلٌ وذَوابِلٌ وتَوَعّدٌ وتَهَدُّدُ
أبْلَتْ مَوَدّتَها اللّيالي بَعْدَنَا ومَشَى عَلَيها الدّهرُ وهوَ مُقَيَّدُ
بَرّحْتَ يا مَرَضَ الجُفُونِ بِمُمرَضٍ مَرِضَ الطّبيبُ لهُ وَعِيدَ العُوّدُ
فَلَهُ بَنُو عَبْدِ العَزيزِ بنِ الرّضَى ولكُلّ رَكْبٍ عيسُهُمْ والفَدْفَدُ
مَن في الأنامِ مِنَ الكِرامِ ولا تَقُلْ مَن فيكِ شأمُ سوَى شجاعٍ يُقصَدُ
أعطى فقُلتُ: لجودِه ما يُقْتَنَى، وَسَطا فقلتُ: لسَيفِهِ ما يُولَدُ
وَتَحَيّرَتْ فيهِ الصّفاتُ لأنّهَا ألْفَتْ طَرائِقَهُ عَلَيها تَبْعُدُ
في كلّ مُعْتَرَكٍ كُلًى مَفْرِيّةٌ يَذْمُمْنَ منهُ ما الأسِنّةُ تَحمَدُ
نِقَمٌ عَلى نِقَمِ الزّمانِ يَصُبّها نِعَمٌ على النّعَمِ التي لا تُجْحَدُ
في شَانِهِ ولِسانِهِ وبَنَانِهِ وَجَنانِهِ عَجَبٌ لمَنْ يَتَفَقّدُ
أسَدٌ دَمُ الأسَدِ الهِزَبْرِ خِضابُهُ مَوْتٌ فَريصُ المَوْتِ منهُ يُرْعَدُ
ما مَنْبِجٌ مُذْ غِبْتَ إلاّ مُقْلَةٌ سهدتْ وَوَجْهُكَ نوْمُها والإثمِدُ
فاللّيلُ حينَ قَدِمْتَ فيها أبْيَضٌ والصّبْحُ مُنذُ رَحَلْتَ عنها أسوَدُ
ما زِلْتَ تَدنو وهْيَ تَعْلُو عِزّةً حتى تَوَارَى في ثَراها الفَرْقَدُ
أرْضٌ لها شَرَفٌ سِواها مِثْلُهَا لوْ كانَ مثْلُكَ في سِواها يُوجَدُ
أبْدَى العُداةُ بكَ السّرورَ كأنّهُمْ فرِحوا وعِندَهُمُ المُقيمُ المُقْعِدُ
قَطّعْتَهُمْ حَسَداً أراهُمْ ما بهِمْ فَتَقَطّعُوا حَسَداً لمنْ لا يَحسُدُ
حتى انْثَنَوْا ولَوْ أنّ حرّ قُلوبهمْ في قَلْبِ هاجِرَةٍ لَذابَ الجَلْمَدُ
نَظَرَ العُلُوجُ فلَمْ يَروْا من حَوْلهم لمّا رَأوْكَ وقيلَ هذا السّيّدُ
بَقيَتْ جُمُوعُهُمُ كأنّكَ كُلّها وبَقيتَ بَينَهُمُ كأنّكَ مُفْرَدُ
لهفَانَ يَستوْبي بكَ الغَضَبَ الوَرَى لوْ لم يُنَهْنِهْكَ الحِجى والسّؤدُدُ
كنْ حيثُ شئتَ تَسِرْ إليكَ رِكابُنا فالأرْضُ واحِدَةٌ وأنتَ الأوْحَدُ
وَصُنِ الحُسامَ ولا تُذِلْهُ فإنّهُ يَشكُو يَمينَكَ والجَماجمُ تَشهَدُ
يَبِسَ النّجيعُ عَلَيْهِ وَهْوَ مُجَرَّدٌ مِنْ غِمْدِهِ وكأنّما هوَ مُغْمَدُ
رَيّانُ لَوْ قَذَفَ الذي أسْقَيْتَهُ لجَرَى منَ المُهَجاتِ بَحْرٌ مُزْبدُ
ما شارَكَتْهُ مَنِيّةٌ في مُهْجَةٍ إلاّ وشَفْرَتُهُ على يَدِها يَدُ
إنّ العَطايا والرّزايا والقَنا حُلَفاءُ طَيٍّ غَوّرُوا أوْ أنجَدُوا
صِحْ يا لَجُلْهُمَةٍ تُجِبْكَ وإنّما أشفَارُ عَينِكَ ذابِلٌ ومُهَنّدُ
من كلّ أكبَرَ مِنْ جِبالِ تِهامَةٍ قَلْباً ومِنْ جَوْدِ الغَوَادي أجوَدُ
يَلْقاكَ مُرْتَدِياً بأحْمَرَ مِنْ دَمٍ ذَهَبَتْ بخُضرَتِهِ الطُّلَى والأكْبُدُ
حتى يُشارَ إلَيكَ: ذا مَوْلاهُمُ وَهُمُ المَوَالي والخَليقَةُ أعْبُدُ
أنّى يَكُونُ أبَا البَرِيّةِ آدَمٌ وأبوكَ والثّقَلانِ أنْتَ مُحَمّدُ
يَفنى الكَلامُ ولا يُحيطُ بفَضْلِكُمْ أيُحيطُ ما يَفْنى بمَا لا يَنْفَدُ