والحب في الناس أشكال وأكثرها

وَالحُبُّ في الناسِ أَشكالٌ وَأَكثَرُهاكَالعُشبِ في الحَقلِ لا زَهرٌ وَلا ثَمَرُ
وَأَكثَرُ الحُبّ مِثلُ الراحِ أَيسَرُهُيُرضي وَأَكثَرُهُ لِلمُدمن الخَطِرُ
وَالحُبُّ إِن قادَتِ الأَجسامُ مَوكِبَهُإِلى فِراش مِنَ الأَغراضِ يَنتَحِرُ
كَأَنّهُ ملكٌ في الأَسرِ مُعتَقَلٌيَأبى الحَياةَ وَأَعوانٌ لَهُ غَدَروا
جبران خليل جبران

سكن الليل وفي ثوب السكون

سَكنَ اللَّيل وَفي ثَوب السُّكونتَختَبي الأَحلام
وَسَعى البَدرُ وَلِلبَدرِ عُيُونتَرصُدُ الأَيّام
عَلّنا نطفي بِذيّاك العَصِيرحرقَةَ الأَشواق
فَتَعالي يا اِبنَة الحَقل نَزُوركرمة العُشّاق
اِسمَعي البُلبُل ما بَينَ الحُقُوليَسكُبُ الأَلحان
في فَضاء نَفَخَت فيهِ التّلولنَسمَة الرّيحان
لا تَخافي يا فَتاتي فَالنُّجومتَكتُمُ الأَخبار
وَضَبابُ اللَّيل في تِلكَ الكُرُوميَحجُبُ الأَسرار
لا تَخافي فَعَروسُ الجنّ فيكَهفِها المَسحور
هَجَعَت سكرى وَكادَت تَختَفيعَن عُيون الحُور
وَمَليكُ الجنِّ إِن مَرَّ يَرُوحوَالهَوى يَثنيه
فَهوَ مِثلي عاشِقٌ كَيفَ يَبوحبِالَّذي يضنيه
Khalil Gibran Poem

والعدل في الأرض يبكي الجن لو سمعوا

وَالعَدل في الأَرض يُبكي الجنّ لَو سَمِعوابِهِ وَيستَضحكُ الأَموات لَو نَظَروا
فَالسّجنُ وَالمَوتُ لِلجانينَ إِن صَغرُواوَالمَجدُ وَالفَخر وَالإِثراء إِن كبرُوا
فَسارق الزَّهرِ مَذمومٌ وَمُحتَقَرٌوَسارِقُ الحَقل يُدعى الباسِلُ الخطرُ
وَقاتلُ الجسمِ مَقتولٌ بِفعلَتِهِوَقاتلُ الرُّوحِ لا تَدري بِهِ البَشَرُ
Khalil Gibran Poem

أعطني الناي وغن

أَعطِني النّايَ وَغَنِّوَانسَ ما قُلتُ وَقُلتا
إِنَّما النّطقُ هَباءٌفَأَفِدني ما فَعَلتا
هَل تخذتَ الغابَ مِثليمَنزِلاً دُونَ القُصُور
فَتَتَبَّعتَ السّواقيوَتَسَلّقتَ الصُّخور
هَل تَحَمّمتَ بِعِطرٍوَتَنشّفتَ بِنُور
وَشَربتَ الفَجرَ خَمراًفي كُؤوسٍ مِن أَثِير
هَل جَلَستَ العَصرَ مِثليبَينَ جَفناتِ العِنَب
وَالعَناقيدُ تَدَلّتكَثرَيَّاتِ الذَّهَب
فَهيَ لِلصّادي عُيُونٌوَلمن جاعَ الطّعام
وَهيَ شَهدٌ وَهيَ عطرٌوَلمن شاءَ المدام
هَل فَرَشتَ العُشبَ لَيلاًوَتَلَحّفتَ الفَضا
زاهِداً في ما سَيَأتيناسياً ما قَد مَضى
وَسُكوتُ اللَّيلِ بَحرٌمَوجُهُ في مَسمَعك
وَبِصَدرِ اللَّيلِ قَلبٌخافِقٌ في مَضجعك
أَعطِني النّايَ وَغَنِّوَاِنسَ داءً وَدَواء
إِنَّما النّاسُ سُطُورٌكُتِبَت لَكِن بِماء
لَيتَ شِعري أَيّ نَفعٍفي اِجتِماعٍ وَزحام
وَجِدالٍ وَضَجيجٍوَاِحتِجاجٍ وَخِصام
كُلُّها أَنفاقُ خُلدٍوَخُيوط العَنكَبوت
فَالَّذي يَحيا بِعَجزٍفَهوَ في بُطءٍ يَموت
قصيدة جبران خليل جبران

هوذا الفجر فقومي ننصرف

هوَذا الفَجرُ فَقُومي نَنصَرِفعَن دِيارٍ ما لَنا فيها صَديق
ما عَسى يَرجو نَباتٌ يختلفزَهرُه عَن كُلِّ وردٍ وَشَقيق
وَجَديدُ القَلبِ أَنّى يَأتَلفمع قُلوب كُلُّ ما فيها عَتيق
هوَذا الصُّبحُ يُنادي فَاِسمَعيوَهَلمّي نَقتَفي خُطواته
قَد كَفانا مِن مَساء يَدّعيأَنّ نُورَ الصُّبحِ مِن آياتِهِ
قَد أَقَمنا العُمرَ في وادٍ تَسيربَينَ ضلعَيهِ خَيالات الهُموم
وَشهِدنا اليأسَ أَسراباً تَطيرفَوقَ مَتنَيهِ كَعقبانٍ وَبُوم
وَشَربنا السّقمَ مِن ماء الغَديروَأَكَلنا السُمّ مِن فَجّ الكُرُوم
وَلَبِسنا الصَبر ثَوباً فالتَهَبفَغَدَونا نَتَرَدّى بِالرّماد
وَاِفتَرَشناهُ وِساداً فَاِنقَلَبعِندَما نِمنا هَشيماً وَقتاد
يا بِلاداً حُجِبَت مُنذُ الأَزَلكَيفَ نَرجوكِ وَمِن أَيّ سَبيل
أَيّ قَفرٍ دونَها أَيّ جَبَلسُورها العالي وَمَن مِنّا الدَّليل
أَسرابٌ أَنتَ أَم أَنتَ الأَمَلفي نُفوسٍ تَتَمنّى المُستَحيل
أَمَنامٌ يَتَهادى في القُلوبفَإِذا ما اِستَيقَظَت وَلّى المَنام
أَم غُيومٌ طُفنَ في شَمس الغُروبقَبلَ أَن يَغرَقنَ في بَحر الظَّلام
يا بِلاد الفِكر يا مَهدَ الأُلىعَبدوا الحَقَّ وَصَلّوا لِلجَمال
ما طَلَبناكَ بِرَكبٍ أَو عَلىمَتنِ سُفنٍ أَو بِخَيلٍ وَرحال
لَستُ في الشَّرقِ وَلا الغَربِ وَلافي جنوبِ الأَرض أَو نَحوَ الشّمال
لَستُ في الجَوّ وَلا تَحتَ البِحارلَستُ في السَّهلِ وَلا الوَعرِ الحَرج
أَنتَ في الأَرواحِ أَنوارٌ وَنارأَنتَ في صَدري فُؤادي يَختَلج
Khalil Gibran

الخير في الناس مصنوع إذا جبروا

الخَيرُ في الناسِ مَصنوعٌ إِذا جُبرُواوَالشرُّ في الناسِ لا يَفنى وَإِن قُبرُوا
وَأَكثَرُ الناسِ آلاتٌ تُحرّكُهاأَصابِعُ الدَّهرِ يَوماً ثُمَّ تَنكَسِرُ
فَلا تَقولَنّ هَذا عالمٌ عَلمٌوَلا تَقولَنّ ذاكَ السَّيدُ الوَقرُ
فَأَفضَلُ الناسِ قطعانٌ يَسيرُ بِهاصَوتُ الرُّعاةِ وَمَن لَم يَمشِ يَندَثِرُ
جبران خليل جبران