مَرِضْنا فما عادَنا عائِدُ | ولا قِيلَ أينَ الفَتَى الأَلْمَعي |
ولا حَنَّ طرْس إلى كاتِبٍ | ولا خَفَّ لَفْظٌ على مِسْمَعِ |
سَكَتْنا فعَزَّ علينا السُّكوت | وهانَ الكلامُ على المُدَّعِي |
فيا دَوْلَة ً آذَنَتْ بالزوال | رَجَعْنَا لعَهْدِ الهَوَى فارْجِعي |
ولا تَحسِبِينا سَلَوْنا النَّسِيب | وبين الضُّلُوعِ فؤادٌ يَعي |
قصيدة حافظ ابراهيم
أقوى قصائد شاعر النيل الشاعر المصري حافظ ابراهيم.
نعمن بنفسي وأشقينني
نَعِمْنَ بنَفْسي وأَشْقَيْنَني | فيا لَيْتَهُنَّ ويا لَيْتَنِي |
خِلالٌ نَزَلْنَ بخِصْبِ النُّفُوسِ | فرَوَّيْنَهُنَّ وأَظْمَأْنَنِي |
تَعَوَّدْنَ مِنِّي إباءَ الكَرِيم | وصَبْرَ الحَليِم وتيهَ الغَنِي |
وعَوَّدْتُهُنَّ نِزالَ الخُطوب | فما يَنْثَنِينَ وما أَنثَنِي |
إذا ما لَهَوْتُ بلَيلَ الشّباب | أَهَبْنَ بعَزْمِي فَنَبَّهْنَنِي |
فما زِلْتُ أَمْرَحُ في قِدِّهِنّ | ويَمْرَحْنَ مِنِّي برَوْضٍ جَنِي |
إلى أنْ تَوَلَّى زَمانُ الشَّباب | وأَوْشَكَ عُودِيَ أنْ يَنْحَني |
فيا نَفْسُ إنْ كنتِ لا تُوقِنِين | بمَعْقُودِ أمْرِكِ فاسْتَيْقِني |
فهذي الفَضيلة ُ سِجْنُ النُّفوس | وأَنتِ الجَديَرة ُ أَنْ تُسْجَنِي |
فلا تَسْأليني متى تَنْقَضي | لَيالي الإسارِ ولا تَحْزَني |
لا تلم كفى إذا السيف نبا
لا تلم كفى إذا السيف نبا | صح مني العزم و الدهر أبى |
رب ساع مبصر فى سعيه | أخطأ التوفيق فيما طلبا |
مرحبا بالخطب يبلوني إذا | كانت العلياء فيه السببا |
عقنى الدهر و لولا أننى | أوثر الحسنى عققت الأدبا |
إيه يا دنيا اعبسي أو فابسمي | ما أرى برقك إلا خلبا |
أنا لولا أن لي من أمتي | خاذلاً ما بت أشكو النوبا |
أمة قد فت في ساعدها | بغضها الأهل و حب الغربا |
تعشق الألقاب فى غير العلا | و تُفدي بالنفوس الرتبا |
و هي و الأحداث تستهدفها | تعشق اللهو و تهوى الطربا |
لا تبالي لعب القوم بها | أم بها صرف الليالي لعبا |
ليتها تسمع مني قصةً | ذات شجو و حديثا عجبا |
كنت أهوى فى زماني غادة | وهب الله لها ما وهبا |
ذات وجه مزج الله به | صفرة تنسي اليهود الذهبا |
حملت لي ذات يوم نبأً | لا رعاك الله يا ذاك النبا |
و أتت تخطر و الليل فتى | و هلال الأفق في الأفق حبا |
ثم قالت لي بثغر باسم | نظم الدرّ به و الحببا |
نبئوني برحيل عاجل | لا أرى لي بعده منقلبا |
و دعاني موطني أن أغتدي | علني أقضي له ما وجبا |
نذبح الدب و نفري جلده | أيظن الدب ألا يغلبا |
قلت و الالام تفري مهجتي | ويك ما تفعل فى الحرب الظبا |
ما عهدناها لظبي مسرحا | يبتغي ملهي به أو ملعبا |
ليست الحرب نفوسا تشتهي | بالتمني أو عقولا تستبى |
أحسبت القد من عدتها | أم حسبت اللحظ فيها كالشبا |
فسليني إنني مارستها | و ركبت الهول فيها مركبا |
و تقحمت الردى فى غارة | أسدل النقع عليها هيدبا |
قطبت ما بين عينيها لنا | فرأينا الموت فيها قطبا |
جال عزرائيل فى أنحائها | تحت ذاك النقع يمشى الهيذبى |
فدعيها للذي يعرفها | و الزمي يا ظبية البان الخبا |
فأجابتنى بصوت راعنى | و أرتنى الظبى ليثا أغلبا |
إن قومى استعذبوا ورد الردى | كيف تدعونىَ ألا أشربا |
أنا يابانية لا أنثني | عن مرادي أو أذوق العطبا |
أنا إن لم أحسن الرمي و لم | تستطع كفاي تقليب الظبا |
أخدم الجرحى و أقضى حقهم | و أواسى فى الوغى من نُكبا |
هكذا الميكاد قد علمنا | أن نرى الأوطان أماً و أبا |
ملك يكفيك منه أنه | أنهض الشرق فهز المغربا |
و إذا مارسته ألفيته | حُوّلا فى كل أمر قلبا |
كان و التاج صغيرين معاً | و جلال الملك فى مهد الصبا |
فغدا هذا سماء للعلا | و غدا ذلك فيها كوكبا |
بعث الأمة من مرقدها | و دعاها للعلا أن تدأبا |
فسمت للمجد تبغي شأوه | و قضت من كل شئ مأربا |
أقضيه فى الأشواق إلا أقله
أقضيه فى الأشواق إلا أقله | بطئ سرى أبدى إلى اللبث ميله |
و ليس اشتياقى عن غرام بشادن | و لكنه شوق امرئ فات أهله |
فيا لك من ليل أعرت نجومه | توقد أنفاسي و عانيت مثله |
و مل كلانا من أخيه و هكذا | إذا طال عهد المرء بالشئ مله |