| حَسَمَ الصّلْحُ ما اشتَهَتْهُ الأعادي | وَأذاعَتْهُ ألْسُنُ الحُسّادِ |
| وَأرَادَتْهُ أنْفُسٌ حَالَ تَدْبِيـ | ـرُكَ مَا بَيْنَهَا وَبَينَ المُرَادِ |
| صَارَ ما أوْضَعَ المُخِبّونَ فيهِ | مِن عِتابٍ زِيادَةً في الوِدادِ |
| وَكَلامُ الوُشَاةِ لَيسَ على الأحْـ | ـبَابِ، سُلطانُهُ على الأضْدادِ |
| إنّمَا تُنْجِحُ المَقَالَةُ في المَرْ | ءِ إذا وَافَقَتْ هَوىً في الفُؤادِ |
| وَلَعَمْرِي لَقد هُزِزْتَ بمَا قِيـ | ـلَ فأُلْفِيتَ أوْثَقَ الأطْوَادِ |
| وَأشَارَتْ بمَا أبَيْتَ رِجَالٌ | كُنتَ أهدَى منهَا إلى الإرْشَادِ |
| قد يُصِيبُ الفَتى المُشيرُ وَلم يَجْـ | ـهدْ وَيُشوِي الصّوَابَ بعد اجتهادِ |
| نِلْتَ ما لا يُنالُ بالبِيضِ وَالسُّمْـ | ـرِ وَصُنْتَ الأرْوَاحَ في الأجْسَادِ |
| وَقَنَا الخَطِّ في مَراكِزِها حَوْ | لَكَ وَالمُرْهَفَاتُ في الأغْمادِ |
| ما دَرَوْا إذ رَأوْا فُؤادَكَ فيهِمْ | سَاكِناً أنّ رَأيَهُ في الطّرَادِ |
| فَفَدَى رَأيَكَ الذي لم تُفَدْهُ | كُلُّ رَأيٍ مُعَلَّمٍ مُسْتَفَادِ |
| وَإذا الحِلْمُ لمْ يَكُنْ عن طِباعٍ | لم يَكُنْ عَن تَقَادُمِ المِيلادِ |
| فَبِهَذا وَمِثْلِهِ سُدْتَ يا كا | فُورُ وَاقتَدْتَ كُلّ صَعبِ القِيادِ |
| وَأطَاعَ الذي أطَاعَكَ وَالطّا | عَةُ لَيْسَتْ خَلائِقَ الآسَادِ |
| إنّمَا أنْتَ وَالِدٌ وَالأبُ القَا | طعُ أحنى من وَاصِلِ الأوْلادِ |
| لا عَدا الشرُّ مَن بَغَى لكُما الشرّ | وَخَصّ الفَسَادُ أهلَ الفَسَادِ |
| أنتُمَا مَا اتّفَقْتُما الجِسْمُ وَالرّو | حُ فَلا احتَجتُما إلى العُوّادِ |
| وَإذا كان في الأنابيبِ خُلْفٌ | وَقَعَ الطّيْشُ في صُدورِ الصِّعادِ |
| أشمَتَ الخُلْفُ بالشُّراةِ عِداهَا | وَشَفَى رَبَّ فَارِسٍ من إيَادِ |
| وَتَوَلّى بَني اليَزِيدِيّ بالبَصْـ | ـرَةِ حتى تَمَزّقُوا في البلادِ |
| وَمُلُوكاً كأمْسِ في القُرْبِ مِنّا | وَكَطَسْمٍ وَأُخْتِها في البعادِ |
| بكُمَا بِتُّ عَائِذاً فِيكُمَا مِنْـ | ـهُ وَمن كَيدِ كُلّ باغٍ وَعَادِ |
| وَبِلُبّيْكُمَا الأصِيلَينِ أنْ تَفْـ | رُقَ صُمُّ الرّمَاحِ بَينَ الجِيَادِ |
| أوْ يَكُونَ الوَليُّ أشْقَى عَدُوٍّ | بالذي تَذخَرَانِهِ مِن عَتَادِ |
| هَلْ يَسُرّنَ بَاقِياً بَعْدَ مَاضٍ | مَا تَقُولُ العُداةُ في كلّ نَادِ |
| مَنَعَ الوُدُّ وَالرّعَايَةُ وَالسّؤ | دُدُ أنْ تَبْلُغَا إلى الأحْقَادِ |
| وَحُقُوقٌ تُرَقّقُ القَلْبَ للقَلْـ | ـبِ وَلَوْ ضُمّنَتْ قُلُوبَ الجَمادِ |
| فَغَدَا المُلْكُ باهِراً مَنْ رَآهُ | شَاكِراً ما أتَيْتُمَا مِنْ سَدادِ |
| فيهِ أيْديكُمَا عَلى الظّفَرِ الحُلْـ | ـوِ وَأيدي قَوْمٍ عَلى الأكْبَادِ |
| هذِهِ دَوْلَةُ المَكارِمِ وَالرّأ | فَةِ وَالمَجْدِ وَالنّدَى وَالأيَادِي |
| كَسَفَتْ ساعةً كما تكسِفُ الشّمْـ | ـسُ وَعادَتْ وَنُورُها في ازْدِيادِ |
| يَزْحَمُ الدّهرَ رُكنُها عن أذاهَا | بِفَتًى مَارِدٍ على المُرّادِ |
| مُتْلِفٍ مُخْلِفٍ وَفِيٍّ أبِيٍّ | عَالِمٍ حَازِمٍ شُجَاعٍ جَوَادِ |
| أجفَلَ النّاسُ عن طَرِيقِ أبي المِسـ | ـكِ وَذَلّتْ لَهُ رِقَابُ العِبَادِ |
| كَيْفَ لا يُتْرَكُ الطّرِيقُ لسَيْلٍ | ضَيّقٍ عَنْ أتِيّهِ كُلُّ وَادِ |
قصائد العصر العباسي
مجموعة من أروع قصائد العصر العباسي شعراء العصر العباسي وقصائدهم الرائعة هنا.
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
| عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ | بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ |
| أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ | فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ |
| لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا | وَجْنَاءُ حَرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ |
| وَكَانَ أطيَبَ مِنْ سَيفي مُعانَقَةً | أشْبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِيدُ الأمَاليدُ |
| لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي | شَيْئاً تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ |
| يا سَاقِيَيَّ أخَمْرٌ في كُؤوسكُما | أمْ في كُؤوسِكُمَا هَمٌّ وَتَسهيدُ؟ |
| أصَخْرَةٌ أنَا، ما لي لا تُحَرّكُني | هَذِي المُدامُ وَلا هَذي الأغَارِيدُ |
| إذا أرَدْتُ كُمَيْتَ اللّوْنِ صَافِيَةً | وَجَدْتُهَا وَحَبيبُ النّفسِ مَفقُودُ |
| ماذا لَقيتُ منَ الدّنْيَا وَأعْجَبُهُ | أني بمَا أنَا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ |
| أمْسَيْتُ أرْوَحَ مُثْرٍ خَازِناً وَيَداً | أنَا الغَنيّ وَأمْوَالي المَوَاعِيدُ |
| إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ | عَنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ |
| جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ | منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ |
| ما يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ | إلاّ وَفي يَدِهِ مِنْ نَتْنِهَا عُودُ |
| أكُلّمَا اغتَالَ عَبدُ السّوْءِ سَيّدَهُ | أوْ خَانَهُ فَلَهُ في مصرَ تَمْهِيدُ |
| صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا | فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ |
| نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها | فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ |
| العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ | لَوْ أنّهُ في ثِيَابِ الحُرّ مَوْلُودُ |
| لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ | إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ |
| ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ | يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ |
| ولا تَوَهّمْتُ أنّ النّاسَ قَدْ فُقِدوا | وَأنّ مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ |
| وَأنّ ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ | تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرّعاديد |
| جَوْعانُ يأكُلُ مِنْ زادي وَيُمسِكني | لكَيْ يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقْصُودُ |
| وَيْلُمِّهَا خُطّةً وَيْلُمِّ قَابِلِهَا | لِمِثْلِها خُلِقَ المَهْرِيّةُ القُودُ |
| وَعِنْدَها لَذّ طَعْمَ المَوْتِ شَارِبُهُ | إنّ المَنِيّةَ عِنْدَ الذّلّ قِنْديدُ |
| مَنْ عَلّمَ الأسْوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً | أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّيدُ |
| أمْ أُذْنُهُ في يَدِ النّخّاسِ دامِيَةً | أمْ قَدْرُهُ وَهْوَ بالفِلْسَينِ مَرْدودُ |
| أوْلى اللّئَامِ كُوَيْفِيرٌ بمَعْذِرَةٍ | في كلّ لُؤمٍ، وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ |
| وَذاكَ أنّ الفُحُولَ البِيضَ عاجِزَةٌ | عنِ الجَميلِ فكَيفَ الخِصْيةُ السّودُ؟ |
جَاءَ نَيرُوزُنَا وَأنتَ مُرَادُهْ
| جَاءَ نَيرُوزُنَا وَأنتَ مُرَادُهْ | وَوَرَتْ بالذي أرَادَ زِنادُهْ |
| هَذِهِ النّظْرَةُ التي نَالَهَا مِنْـ | ـكَ إلى مِثْلِها من الحَوْلِ زَادُهْ |
| يَنْثَني عَنكَ آخِرَ اليَوْمِ مِنْهُ | نَاظِرٌ أنْتَ طَرْفُهُ وَرُقَادُهْ |
| نحنُ في أرْضِ فارِسٍ في سُرُورٍ | ذا الصّبَاحُ الذي نرَى ميلادُهْ |
| عَظّمَتْهُ مَمَالِكُ الفُرْسِ حتى | كُلُّ أيّامِ عَامِهِ حُسّادُهْ |
| مَا لَبِسْنَا فيهِ الأكاليلَ حتى | لَبِسَتْهَا تِلاعُهُ وَوِهَادُهْ |
| عندَ مَنْ لا يُقاسُ كسرَى أبوسا | سانَ مُلْكاً بهِ وَلا أوْلادُهْ |
| عَرَبيٌّ لِسَانُهُ فَلْسَفيٌّ | رَأيُهُ فَارِسِيّةٌ أعْيَادُهْ |
| كُلّمَا قالَ نائِلٌ أنَا مِنْهُ | سَرَفٌ قالَ آخَرٌ ذا اقْتِصادُهْ |
| كَيفَ يرْتَدّ مَنكِبي عن سَمَاءٍ | والنِّجادُ الذي عَلَيْهِ نِجَادُهْ |
| قَلّدَتْني يَمينُهُ بحُسَامٍ | أعقَبَتْ منهُ وَاحِداً أجْدادُهْ |
| كُلّمَا استُلَّ ضاحَكَتْهُ إيَاةٌ | تَزْعُمُ الشّمسُ أنّهَا أرْآدُهْ |
| مَثَّلُوهُ في جَفْنِهِ خِيفَةَ الفَقْـ | ـدِ فَفي مِثْلِ أثْرِهِ إغْمَادُهْ |
| مُنْعَلٌ لا مِنَ الحَفَا ذَهَباً يَحْـ | ـمِلُ بَحراً فِرِنْدُهُ إزْبَادُهْ |
| يَقْسِمُ الفَارِسَ المُدَجَّجَ لا يَسْـ | ـلَمُ مِنْ شَفْرَتَيْهِ إلاّ بِدادُهْ |
| جَمَعَ الدّهْرُ حَدَّهُ ويَدَيْهِ | وَثَنَائي فاستَجمَعَتْ آحَادُهْ |
| وَتَقَلّدْتُ شامَةً في نَداهُ | جِلْدُها مُنْفِساتُهُ وَعَتَادُهْ |
| فَرّسَتْنَا سَوَابِقٌ كُنَّ فيهِ | فارَقَتْ لِبْدَهُ وَفيها طِرَادُهْ |
| وَرَجَتْ رَاحَةً بِنَا لا تَرَاهَا | وَبلادٌ تَسيرُ فيهَا بِلادُهْ |
| هل لِعُذري عند الهُمامِ أبي الفضْـ | ـلِ قَبُولٌ سَوَادُ عَيني مِدادُهْ |
| أنَا مِنْ شِدّةِ الحَيَاءِ عَليلٌ | مَكْرُماتُ المُعِلِّهِ عُوّادُهْ |
| مَا كَفاني تَقصِيرُ ما قُلتُ فيهِ | عن عُلاهُ حتى ثَنَاهُ انْتِقَادُهْ |
| إنّني أصْيَدُ البُزاةِ وَلَكِنّ | أجَلّ النّجُومِ لا أصْطادُهْ |
| رُبّ ما لا يُعَبِّرُ اللّفْظُ عَنْهُ | وَالذي يُضْمِرُ الفُؤادُ اعتِقادُهْ |
| ما تَعَوّدتُ أن أرَى كأبي الفضْـ | ـلِ وَهَذا الذي أتَاهُ اعتِيادُهْ |
| إنّ في المَوْجِ للغَرِيقِ لعُذْراً | وَاضِحاً أنْ يَفُوتَهُ تَعْدادُهْ |
| للنّدَى الغَلبُ إنّهُ فاضَ وَالشّعْـ | ـرُ عِمادي وَابنُ العميدِ عِمادُهْ |
| نَالَ ظَنّي الأُمُورَ إلاّ كَريماً | لَيْسَ لي نُطْقُهُ وَلا فيّ آدُهْ |
| ظالِمُ الجُودِ كُلّما حَلّ رَكْبٌ | سِيمَ أنْ تحمِلَ البِحارَ مَزَادُهْ |
| غَمَرَتْني فَوَائِدٌ شَاءَ فيها | أنْ يكونَ الكلامُ مِمّا أُفَادُهْ |
| مَا سَمِعْنَا بمَنْ أحَبّ العَطَايَا | فاشتَهَى أنْ يكونَ فيهَا فُؤادُهْ |
| خَلَقَ الله أفْصَحَ النّاسِ طُرّاً | في مَكانٍ أعْرَابُهُ أكْرَادُهْ |
| وَأحَقُّ الغُيُوثِ نَفْساً بحَمْدٍ | في زَمانٍ كلُّ النّفوسِ جَرَادُهْ |
| مِثلَمَا أحدَثَ النّبُوّةَ في العَا | لَمِ وَالبَعْثَ حِينَ شاعَ فَسَادُهْ |
| زَانَتِ اللّيْلَ غُرّةُ القَمَرِ الطّا | لعِ فيهِ وَلم يَشِنْهَا سَوَادُهْ |
| كَثُرَ الفِكْرُ كيفَ نُهدي كما أهْـ | ـدَتْ إلى رَبّها الرّئيسِ عِبَادُه |
| وَالذي عِندَنَا مِنَ المَالِ وَالخَيْـ | لِ فَمِنْهُ هِبَاتُهُ وَقِيَادُهْ |
| فَبَعَثْنَا بِأرْبَعِينَ مِهَاراً | كلُّ مُهْرٍ مَيْدانُهُ إنْشَادُهْ |
| عَدَدٌ عِشْتَهُ يَرَى الجِسْمُ فيهِ | رَباً لا يَرَاهُ فِيمَا يُزَادُهْ |
| فَارْتَبِطْهَا فإنّ قَلْباً نَمَاهَا | مرْبِطٌ تَسْبِقُ الجِيادَ جيادُهْ |
بِكُتْبِ الأنَامِ كِتابٌ وَرَدْ
| بِكُتْبِ الأنَامِ كِتابٌ وَرَدْ | فدَتْ يَدَ كاتِبِهِ كُلُّ يَدْ |
| يُعَبّرُ عَمّا لَهُ عِنْدَنَا | ويَذْكُرُ من شَوْقِهِ ما نَجِدْ |
| فأخْرَقَ رَائِيَهُ ما رَأى | وأبرَقَ نَاقِدَهُ ما انتَقَدْ |
| إذا سَمِعَ النّاسُ ألْفَاظَهُ | خلَقْنَ لهُ في القُلُوبِ الحَسَدْ |
| فقُلْتُ وَقد فَرَسَ النّاطِقِينَ | كذا يَفعَلُ الأسَدُ ابنُ الأسَدْ |
نَسيتُ وَما أنسَى عِتاباً على الصّدِّ
| نَسيتُ وَما أنسَى عِتاباً على الصّدِّ | ولاخَفَراً زَادَتْ بهِ حُمرَةُ الخدِّ |
| وَلا لَيْلَةً قَصّرْتُهَا بِقَصِيرَةٍ | أطالتْ يدي في جيدِها صُحبةَ العِقدِ |
| وَمَنْ لي بيَوْمٍ مثلِ يَوْمٍ كَرِهتُهُ | قرُبْتُ بهِ عندَ الوَداعِ من البُعْدِ |
| وَألاّ يَخُصَّ الفَقْدُ شَيْئاً لأنّني | فقدْتُ فلم أفقِدْ دموعي وَلا وَجْدي |
| تَمَنٍّ يَلَذُّ المُسْتَهَامُ بذِكْرِهِ | وإنْ كانَ لا يُغْنِي فَتيلاً وَلا يُجدي |
| وَغَيظٌ على الأيّامِ كالنّارِ في الحَشَا | وَلَكِنّهُ غَيظُ الأسيرِ على القِدِّ |
| فإمّا تَرَيْني لا أُقِيمُ بِبَلْدَةٍ | فآفَةُ غِمدي في دُلوقي وَفي حَدّي |
| يَحِلُّ القَنَا يَوْمَ الطّعَانِ بعَقْوَتي | فأحرِمُهُ عِرْضِي وَأُطْعِمُهُ جلدي |
| تُبَدِّلُ أيّامي وَعَيْشِي وَمَنْزِلي | نجائِبُ لا يَفكُرْنَ في النحسِ وَالسّعدِ |
| وَأوْجُهُ فِتْيَانٍ حَيَاءً تَلَثّمُوا | عَلَيْهِنّ لا خَوْفاً منَ الحرّ والبرْدِ |
| وَلَيسَ حَيَاءُ الوَجْهِ في الذّئبِ شيمةً | وَلَكِنّهُ مِنْ شيمَةِ الأسَدِ الوَرْدِ |
| إذا لم تُجِزْهُمْ دارَ قَوْمٍ مَوَدّةٌ | أجازَ القَنَا وَالخَوْفُ خيرٌ من الوُدِّ |
| يَحيدونَ عن هَزْلِ المُلُوكِ إلى الذي | تَوَفّرَ مِن بَينِ المُلُوكِ على الجِدِّ |
| وَمَن يَصْحَبِ اسمَ ابنِ العميدِ محَمّدٍ | يَسِرْ بَينَ أنْيابٍ الأساوِدِ وَالأُسْدِ |
| يَمُرُّ مِنَ السّمِّ الوَحيِّ بِعَاجِزٍ | وَيَعْبُرُ مِنْ أفواهِهِنّ عَلى دُرْدِ |
| كَفَانَا الرّبيعُ العِيسَ من بَرَكاتِهِ | فجاءتْهُ لم تَسمَعْ حُداءً سوَى الرّعدِ |
| إذا ما استَجَبنَ الماءَ يَعرِضُ نَفْسَهُ | كَرِعْنَ بِسِبْتٍ في إنَاءٍ من الوَرْدِ |
| كأنّا أرَادَتْ شُكرَنا الأرْضُ عندَهُ | فَلَمْ يُخْلِنا جَوٌّ هَبَطْناهُ من رِفدِ |
| لَنَا مَذْهَبُ العُبّادِ في تَرْكِ غَيرِهِ | وَإتْيَانِهِ نَبْغي الرّغائِبَ بالزّهْدِ |
| رَجَوْنَا الذي يَرْجُونَ في كلّ جَنّةٍ | بأرْجانَ حتى ما يَئِسنَا من الخُلْدِ |
| تَعَرّضُ للزّوّارِ أعْنَاقُ خَيْلِهِ | تَعَرُّضَ وَحشٍ خائِفاتٍ من الطّرْدِ |
| وَتَلْقَى نَوَاصِيهَا المَنَايا مُشيحَةً | وُرُودَ قَطاً صُمٍّ تَشَايَحنَ في وِرْدِ |
| وَتَنْسُبُ أفعالُ السّيُوفِ نُفُوسَهَا | إلَيْهِ وَيَنْسُبنَ السّيُوفَ إلى الهِنْدِ |
| إذا الشّرَفَاءُ البِيضُ مَتُّوا بقَتْوِهِ | أتَى نَسَبٌ أعْلى من الأبِ وَالجَدِّ |
| فَتًى فاتَتِ العَدْوَى من النّاسِ عَينُه | فَما أرْمدتْ أجفانَهُ كثرَةُ الرُّمْدِ |
| وَخالَفَهُمْ خَلْقاً وَخُلْقاً وَمَوْضِعاً | فقد جَلّ أنْ يُعدَى بشَيْءٍ وَأن يُعدي |
| يُغَيّرُ ألْوَانَ اللّيَالي عَلى العِدَى | بمَنشُورَةِ الرّاياتِ مَنصُورَةِ الجُندِ |
| إذا ارْتَقَبُوا صُبْحاً رَأوْا قَبلَ ضَوْئِهِ | كتائِبَ لا يَرْدي الصّباحُ كما تَرْدي |
| وَمَبْثُوثَةً لا تُتّقَى بطَلِيعَةٍ | وَلا يُحْتَمى مِنْها بِغَوْرٍ وَلا نَجْدِ |
| يَغُصْنَ إذا ما عُدْنَ في مُتَفَاقِدٍ | من الكُثرِ غَانٍ بالعَبيدِ عن الحَشدِ |
| حَثَتْ كلُّ أرْضٍ تُرْبَةً في غُبَارِهِ | فَهُنّ عَلَيْهِ كالطّرَائِقِ في البُرْدِ |
| فإنْ يكُنِ المَهديّ مَن بانَ هَدْيُهُ | فهَذا وَإلاّ فالهُدى ذا فَما المَهدي |
| يُعَلّلُنَا هَذا الزّمانُ بذا الوَعْدِ | وَيَخْدَعُ عَمّا في يَدَيْهِ من النّقدِ |
| هَلِ الخَيرُ شيءٌ لَيسَ بالخَيرِ غائِبٌ | أمِ الرُّشدُ شيءٌ غائبٌ ليس بالرُّشدِ |
| أأحزَمَ ذي لُبٍّ وَأكْرَمَ ذي يَدٍ | وَأشجَعَ ذي قَلبٍ وَأرْحمَ ذي كِبْدِ |
| وَأحْسَنَ مُعْتَمٍّ جُلُوساً وَرِكْبَةً | على المِنبرِ العالي أوِ الفَرَسِ النّهْدِ |
| تَفَضّلَتِ الأيّامُ بالجَمْعِ بَيْنَنَا | فلَمّا حَمِدْنَا لم تُدِمْنَا على الحَمدِ |
| جَعَلْنَ وَداعي وَاحِداً لثَلاثَةٍ | جَمَالِكَ وَالعِلْمِ المُبرِّحِ وَالمَجْدِ |
| وَقد كنتُ أدرَكْتُ المُنى غَيرَ أنّني | يُعَيّرُني أهْلي بإدراكِهَا وَحْدي |
| وكُلُّ شَرِيكٍ في السّرُورِ بمُصْبَحي | أرَى بعدَهُ مَن لا يرَى مثلَهُ بَعدي |
| فَجُدْ لي بقَلْبٍ إنْ رَحَلْتُ فإنّني | مُخَلِّفُ قَلبي عِندَ من فَضْلُه عندِي |
| وَلَوْ فَارَقَتْ نَفْسِي إلَيكَ حَيَاتَها | لَقُلْتُ أصَابَتْ غَيرَ مَذمومةِ العهدِ |
أزَائرٌ يا خَيَالُ أمْ عَائِدْ
| أزَائرٌ يا خَيَالُ أمْ عَائِدْ | أمْ عِنْدَ مَوْلاكَ أنّني رَاقِدْ |
| لَيسَ كما ظَنّ، غَشيَةٌ عرَضَتْ | فَجِئتَني في خِلالهَا قَاصِدْ |
| عُدْ وَأعِدْهَا فَحَبّذا تَلَفٌ | ألصَقَ ثَدْيي بثَدْيِكَ النّاهِدْ |
| وَجُدْتَ فيهِ بمَا يَشِحّ بِهِ | مِنَ الشّتيتِ المُؤشَّرِ البَارِدْ |
| إذا خَيَالاتُهُ أطَفْنَ بِنَا… | أضْحَكَهُ أنّني لهَا حَامِدْ |
| لا أجْحَدُ الفَضْلَ رُبّمَا فعلَتْ | ما لم يكُنْ فَاعِلاً وَلا وَاعِدْ |
| مَا تَعرِفُ العَينُ فَرْقَ بَيْنِهِمَا | كُلٌّ خَيَالٌ وِصَالُهُ نَافِدْ |
| يا طَفْلَةَ الكَفّ عَبْلَةَ السّاعِدْ | على البَعِيرِ المُقَلَّدِ الوَاخِدْ |
| زِيدي أذى مُهجَتي أزِدكِ هوًى | فأجْهَلُ النّاسِ عَاشِقٌ حَاقِدْ |
| حَكَيْتَ يا لَيلُ فَرْعَها الوَارِدْ | فاحكِ نَوَاهَا لجَفنيَ السّاهِدْ |
| طَالَ بُكائي عَلى تَذَكُّرِهَا | وَطُلْتَ حتى كِلاكُمَا وَاحِدْ |
| مَا بَالُ هَذي النّجُومِ حائِرَةً | كأنّهَا العُمْيُ ما لَها قَائِدْ |
| أوْ عُصْبَةٌ مِنْ مُلُوكِ نَاحِيَةٍ | أبُو شُجاعٍ عَلَيْهِمِ وَاجِدْ |
| إنْ هَرَبُوا أُدْرِكوا وَإنْ وَقَفُوا | خَشُوا ذَهابَ الطّرِيفِ وَالتّالِدْ |
| فَهُمْ يُرَجَّوْنَ عَفْوَ مُقْتَدِرٍ | مُبَارَكِ الوَجْهِ جائِدٍ مَاجِدْ |
| أبْلَجَ لَوْ عاذَتِ الحَمَامُ بِهِ | مَا خَشِيَتْ رَامِياً وَلا صَائِدْ |
| أوْ رَعَتِ الوَحْشُ وَهْيَ تَذكُرُهُ | ما رَاعَها حابِلٌ وَلا طَارِدْ |
| تُهدي لَهُ كُلُّ ساعَةٍ خَبراً | عَن جَحفَلٍ تحتَ سَيفِهِ بائِدْ |
| وَمُوضِعاً في فِتَانِ نَاجِيَةٍ | يَحمِلُ في التّاجِ هامةَ العاقِدْ |
| يا عَضُداً رَبُّهُ بِهِ العاضِدْ | وَسَارِياً يَبعَثُ القَطَا الهَاجِدْ |
| وَمُمْطِرَ المَوْتِ وَالحَيَاةِ مَعاً | وَأنتَ لا بارِقٌ وَلا رَاعِدْ |
| نِلتَ وَما نِلتَ من مَضَرّةِ وَهْـ | ـشوذانَ ما نالَ رَأيُهُ الفَاسِدْ |
| يَبْدَأُ مِنْ كَيْدِهِ بغَايَتِهِ | وَإنّمَا الحَرْبُ غايَةُ الكَائِدْ |
| ماذا على مَنْ أتَى يُحارِبُكُمْ | فَذَمّ ما اخْتارَ لَوْ أتَى وَافِدْ |
| بِلا سِلاحٍ سِوَى رَجائِكُمُ | فَفَازَ بالنّصرِ وَانثَنى رَاشِدْ |
| يُقارِعُ الدّهرُ مَن يُقارِعُكُمْ | على مَكانِ المَسُودِ وَالسّائِدْ |
| وَلِيتَ يَوْمَيْ فَنَاءِ عَسْكَرِهِ | وَلم تَكُنْ دانِياً وَلا شَاهِدْ |
| وَلم يَغِبْ غَائِبٌ خَليفَتُهُ | جَيشُ أبيهِ وَجَدُّهُ الصّاعِدْ |
| وكُلُّ خَطّيّةٍ مُثَقَّفَةٍ | يَهُزّهَا مَارِدٌ عَلى مَارِدْ |
| سَوَافِكٌ مَا يَدَعْنَ فَاصِلَةً | بَينَ طَرِيءِ الدّمَاءِ وَالجَاسِدْ |
| إذا المَنَايَا بَدَتْ فَدَعْوَتُهَا | أُبْدِلَ نُوناً بِدالِهِ الحَائِدْ |
| إذا دَرَى الحِصْنُ مَنْ رَماهُ بها | خَرّ لهَا في أسَاسِهِ سَاجِدْ |
| ما كانَتِ الطِّرْمُ في عَجاجَتِهَا | إلاّ بَعِيراً أضَلّهُ نَاشِدْ |
| تَسألُ أهْلَ القِلاعِ عَنْ مَلِكٍ | قدْ مَسَخَتْهُ نَعَامَةً شَارِدْ |
| تَستَوْحِشُ الأرْضُ أنْ تُقِرّ بهِ | فكُلّها مُنكِرٌ لَهُ جَاحِدْ |
| فَلا مُشادٌ وَلا مُشيدُ حِمًى | وَلا مَشيدٌ أغنى وَلا شائِدْ |
| فاغْتَظْ بقَوْمٍ وَهشوذَ ما خُلِقوا | إلاّ لِغَيظِ العَدوّ والحاسِدْ |
| رَأوْكَ لمّا بَلَوْكَ نَابِتَةً | يأكُلُهَا قَبْلَ أهْلِهِ الرّائِدْ |
| وَخَلِّ زِيّاً لِمَنْ يُحَقّقُهُ | ما كلُّ دامٍ جَبينُهُ عَابِدْ |
| إنْ كانَ لمْ يَعْمِدِ الأمِيرُ لِمَا | لَقيتَ مِنْهُ فَيُمْنُهُ عَامِدْ |
| يُقْلِقُهُ الصّبْحُ لا يرَى مَعَهُ | بُشرَى بفَتْحٍ كأنّهُ فَاقِدْ |
| وَالأمْرُ لله، رُبّ مُجْتَهِدٍ | مَا خابَ إلاّ لأنّهُ جَاهِدْ |
| وَمُتّقٍ وَالسّهَامُ مُرْسَلَةٌ | يَحيدُ عَن حابِضٍ إلى صَارِدْ |
| فَلا يُبَلْ قاتِلٌ أعَادِيَهُ | أقَائِماً نَالَ ذاكَ أمْ قاعِدْ |
| لَيتَ ثَنَائي الذي أصُوغُ فِدى | مَنْ صِيغَ فيهِ فإنّهُ خَالِدْ |
| لَوَيْتُهُ دُمْلُجاً عَلى عَضُدٍ | لِدَوْلَةٍ رُكْنُهَا لَهُ وَالِدْ |