| أَغيبُ عَنكَ بِوُدٍّ لا يُغَيرُهُ | نَأيُ المَحَلِّ وَلا صَرفٌ مِنَ الزَمَنِ |
| فَإِن أَعِش فَلَعَلَّ الدَهرَ يَجمَعُنا | وَإِن أَمُت فَبِطولِ الشَوقِ وَالحَزَنِ |
| تَعتَلُّ بِالشُغلِ عَنّا ما تُلِمُّ بِنا | الشُغلُ لِلقَلبِ لَيسَ الشُغلُ لِلبَدَنِ |
| قَد حَسَّنَ اللَهُ في عَينَيَّ ما صَنَعَت | حَتّى أَرى حَسَناً مالَيسَ بِالحَسَنِ |
ديوان البحتري
ديوان البحتري قصائد شعر وأشعار مميزة لشاعر العصر العباسي الشاعر الكبير أبو عبادة البحتري.
قطعت أبا ليلى وما كنت قبله
| قَطَعتُ أَبا لَيلى وَما كُنتُ قَبلَهُ | قَطوعاً وَلا مُستَقصِرُ الوُدِّ جافِيا |
| أَغُبُّ السَلامَ حينَ تَكثيرِ مَعشَرٍ | يَعُدّونَ تَكريرَ السَلامِ تَقاضِيا |
| وَحَسبي اِقتِضاءً أَن أُطيفَ بِواقِفٍ | عَلى خَلَّتي أَو عالِمٍ بِمَكانِيا |
| مَتى تَسأَلِ السِجزِيَّ عَن غَيبِ حاجَتي | يُبَيِنّ لَكَ السجزِيُّ ما كانَ خافِيا |
| فِداءٌ لَهُ مُستَبطَأ النُجحِ أَخدَجَت | مَواعيدُهُ حَتّى رَجَعنَ أَمانِيا |
أنافعي عند ليلى فرط حبيها
| أَنافِعي عِندَ لَيلى فَرطُ حُبّيها | وَلَوعَةٌ لِيَ أُبديها وَأُخفيها |
| أَم لا تُقارِبُ لَيلى مَن يُقارِبُها | وَلا تُداني بِوَصلٍ مَن يُدانيها |
| بَيضاءُ أَوقَدَ خَدَّيها الصِبا وَسَقى | أَجفانَها مِن مُدامِ الراحِ ساقيها |
| في حُمرَةِ الوَردِ شَكلٌ مِن تَلَهُّبِها | وَلِلقَضيبِ نَصيبٌ مِن تَثَنّيها |
| قَد أَيقَنَت أَنَّني لَم أُرضِ كاشِحَها | فيها وَلَم أَستَمِع مِن قَولِ واشيها |
| وَيَومَ جَدَّ بِنا عَنها الرَحيلُ عَلى | صَبابَةٍ وَحَدا الأَظعانَ حاديها |
| قامَت تُوَدِّعُني عَجلى وَقَد بَدَرَت | سَوابِقٌ مِن تُؤامِ الدَمعِ تُجريها |
| وَاِستَنكَرَت ظَعَني عَنها فَقُلتُ لَها | إِلى الخَليفَةِ أَمضى العيسَ مُمضيها |
| إِلى إِمامٍ لَهُ ما كانَ مِن شَرَفٍ | يُعَدُّ في سالِفِ الدُنيا وَباقيها |
| خَليفَةَ اللَهِ ما لِلمَجدِ مُنصَرَفٌ | إِلّا إِلى أَنعُمٍ أَصبَحتَ توليها |
| فَلا فَضيلَةَ إِلّا أَنتَ لابِسُها | وَلا رَعِيَّةَ إِلّا أَنتَ راعيها |
| مُلكٌ كَمُلكِ سُلَيمانَ الَّذي خَضَعَت | لَهُ البَرِيَّةُ قاصيها وَدانيها |
| وَزُلفَةٌ لَكَ عِندَ اللَهِ تُظهِرُها | لَنا بِبُرهانِ ما تَأتي وَتُبديها |
| لَمّا تَعَبَّدَ مَحلُ الأَرضِ وَاِحتَبَسَت | عَنّا السَحائِبُ حَتّى ما نُرَجّيها |
| وَقُمتَ مُستَسقِياً لِلمُسلِمينَ جَرَت | غُرُّ الغَمامِ وَحَلَّت مِن عَزاليها |
| فَلا غَمامَةَ إِلّا اِنَهَلَّ وابِلُها | وَلا قَرارَةَ إِلّا سالَ واديها |
| وَطاعَةُ الوَحشِ إِذ جاءَتكَ مِن خَرِقٍ | أَحوى وَأُدمانَةٍ كُحلٍ مَآقيها |
| كَالكاعِبِ الرودِ يَخفى في تَرائِبِها | رَدعُ العَبيرِ وَيَبدو في تَراقيها |
| أَلفانِ جاءَت عَلى قَدرٍ مُسارِعَةٍ | إِلى قَبولِ الَّذي حاوَلتَهُ فيها |
| إِن سِرتَ سارَت وَإِن وَقَّفتَها وَقَفَت | صوراً إِلَيكَ بِأَلحاظٍ تُواليها |
| يَرِعنَ مِنكَ إِلى وَجهٍ يَرَينَ لَهُ | جَلالَةً يُكثِرُ التَسبيحَ رائيها |
| حَتّى قَطَعتَ بِها القاطولَ وَاِفتَرَقَت | بِالحَيرِ في عَرصَةٍ فيحٍ نَواحيها |
| فَنَهرُ نَيزَكَ وِردٌ مِن مَوارِدِها | وَساحَةُ التَلِّ مُغنىً مِن مَغانيها |
| لَولا الَّذي عَرَفَتهُ فيكَ يَومَإِذٍ | لَما أَطاعَكَ وَسطَ البيدِ عاصيها |
| فَضلانِ حُزتَهُما ضونَ المُلوكِ وَلَم | تُظهِر بِنَيلِهِما كِبراً وَلا تيها |
شيد بفضلك مشرف البنيان
| شَيِّد بِفَضلِكَ مُشرِفَ البُنيانِ | لَم يَبقَ إِلّا خاتِمُ الإِحسانِ |
| رُدَّ الصَنيعَةَ في ابنِ شُكرٍ طَبعُهُ | نَشرُ الَّذي توليهِ كُلَّ أَوانِ |
| أَمّا لِساني في الحِسابِ فَواحِدٌ | وَيَقومُ فيكَ مَقامَ أَلفِ لِسانِ |
| لاتُبعِدَنّي مِنكَ نِسبَةُ مَن هُمُ | خُلَفاءُ قَومِكَ مِن بَني شَيبانِ |
| نَسَبي لَعَمري في رَبيعَةَ غُرَّةٌ | فيها وَلي قَلبٌ هَواهُ يَماني |
| ذَهَبَت يَمانٌ بِالمَفاخِرِ كُلِّها | بِكَ دونَ أَهلِ الفَخرِ بِالنُعمانِ |
| مَرَجَ الإِلَهُ بِسَيبِ كَفِّكَ لِلنَدى | بَحرَينِ بِالمَعروفِ يَلتَقِيانِ |
| هَذا يَفيضُ بِفِضَّةٍ وَبِعَسجَدٍ | وَيَفيضُ ذاكَ بِفاخِرِ المَرجانِ |
| وَاللَهُ أَكسَبَكَ المَحامِدَ مُكمِلاً | لَكَ كُلَّ إِنسانِيَّةِ الإِنسانِ |
| رَفَعَ السَماءَ وَمَجدَ فَخرِكَ قَبلَ أَن | يَبدا بِوَضعِ الأَرضِ وَالميزانِ |
| فارَقتُ مُذ زَمَنٍ أَبي فَجَعَلتَ لي | مِن بَعدِ ذاكَ أَباً يَقومُ بِشاني |
| أَتَصونُ لي شِعراً وَأُخلِقُ قَدرَهُ | في الناسِ ماأُمّي إِذاً بِحَصانِ |
| مَهما أَهَنتَ الدُرَّ ما أَكرَمتَهُ | فَاِقطَع نَوالَكَ فَهوَ قَطعُ بَناني |
| ماحِصنُ هَذا الحِصنُ لي بِمُعَوِّلِ | أَلجا إِلَيهِ وَأَنتَ حِصنُ أَماني |
| إِنّي أَتَيتُ مُوَدِّعاً وَأَقولُ لَو | لَم آتِ فَضلَكَ طالِباً لَأَتاني |
| وَإِذا انتَجَعتُكَ بِالرُجوعِ فَغَيرُهُ | أَولى وَأَبعَدُ مِن جَوى الحَدَثانِ |
| فَاشدُد أَبا العَبّاسِ كَفَّكَ بِالعُلا | إِنَّ العُلا مِن أَشرَفِ التيجانِ |
أغفى ذراعيه وأنحى على
| أَغفى ذِراعَيهِ وَأَنحى عَلى | لِحيَتِهِ بِالنَتفِ يُحفيها |
| يَمدَحُهُ القَومُ وَيَهجوهُم | ما شَكَرَ النِعمَةَ هاجيها |
| وَجَدتُ أَشعارَكَ في هَجوِهِم | تَقطَرُ مِن سَلحٍ قَوافيها |
| قائِلُها أَنتَ وَقَد أَفرَطَت | في نَتنِها أَم أَنتَ خاريها |
يا ابن من طاب في المواليد حرا
| يا اِبنَ مَن طابَ في المَواليدِ حُرّاً | مِن بَني جَعفَرٍ إِلى اِبنِ أَبيهِ |
| أَنا بِالقُربِ مِنكَ عِندَ صَديقٍ | قَد أَلَحَّت عَليَةَ شُهبُ سِنيهِ |
| عِندَهُ قيتَةٌ إِذا ما تَغَنَّت | عادَ مِنّا الفَقيهُ غَيرَ فَقيهِ |
| تَزدَهيهِ وَأَينَ مِثلِيَ في الفَهـ | مِ تُغَنّيهِ ثُمَّ لا تَزدَهيهِ |
| مَجلِسٌ كَالرِياضِ حُسناً وَلَكِن | لَيسَ قُطبُ السُرورِ وَاللَهوِ فيهِ |
| فَأَغِثني بِما بِهِ يُشتَرى دُنـ | نُ عَجوزٍ خَمّارُهُ مُشتَريهِ |
| وَبِأَشياخِكَ الكِرامِ أَولي الـ | أَفضالِ موسى اِبنِ جَعفَرٍ وَبَنيهِ |
| أَن تَخَّجمَتُهُ وَإِن كانَ إِلّا | مِثلَ ما يَأنَسُ الفَتى بِأَخيهِ |