الْيَوْمَ عَهدُكُمُ فأينَ المَوْعِدُ؟ |
هَيهاتِ ليسَ ليَوْمِ عَهدِكُمُ غَدُ |
ألمَوْتُ أقرَبُ مِخْلَباً من بَيْنِكُمْ |
وَالعَيشُ أبعَدُ منكُمُ لا تَبعُدُوا |
إنّ التي سفَكَتْ دَمي بجُفُونِها |
لم تَدْرِ أنّ دَمي الذي تَتَقَلّدُ |
قالَتْ وقَد رَأتِ اصْفِراري من بهِ |
وَتَنَهّدَتْ فأجَبْتُها المُتَنَهِّدُ |
فَمَضَتْ وقد صَبَغَ الحَياءُ بَياضَهَا |
لَوْني كَما صَبَغَ اللُّجَينَ العَسجَدُ |
فرَأيتُ قَرْنَ الشّمسِ في قمرِ الدّجى |
مُتَأوّداً غُصْنٌ بِهِ يَتَأوّدُ |
عَدَوِيّةٌ بَدَوِيّةٌ مِنْ دُونِهَا |
سَلْبُ النّفُوسِ ونارُ حرْبٍ توقَدُ |
وَهَواجِلٌ وصَواهِلٌ ومَنَاصِلٌ |
وذَوابِلٌ وتَوَعّدٌ وتَهَدُّدُ |
أبْلَتْ مَوَدّتَها اللّيالي بَعْدَنَا |
ومَشَى عَلَيها الدّهرُ وهوَ مُقَيَّدُ |
بَرّحْتَ يا مَرَضَ الجُفُونِ بِمُمرَضٍ |
مَرِضَ الطّبيبُ لهُ وَعِيدَ العُوّدُ |
فَلَهُ بَنُو عَبْدِ العَزيزِ بنِ الرّضَى |
ولكُلّ رَكْبٍ عيسُهُمْ والفَدْفَدُ |
مَن في الأنامِ مِنَ الكِرامِ ولا تَقُلْ |
مَن فيكِ شأمُ سوَى شجاعٍ يُقصَدُ |
أعطى فقُلتُ: لجودِه ما يُقْتَنَى، |
وَسَطا فقلتُ: لسَيفِهِ ما يُولَدُ |
وَتَحَيّرَتْ فيهِ الصّفاتُ لأنّهَا |
ألْفَتْ طَرائِقَهُ عَلَيها تَبْعُدُ |
في كلّ مُعْتَرَكٍ كُلًى مَفْرِيّةٌ |
يَذْمُمْنَ منهُ ما الأسِنّةُ تَحمَدُ |
نِقَمٌ عَلى نِقَمِ الزّمانِ يَصُبّها |
نِعَمٌ على النّعَمِ التي لا تُجْحَدُ |
في شَانِهِ ولِسانِهِ وبَنَانِهِ |
وَجَنانِهِ عَجَبٌ لمَنْ يَتَفَقّدُ |
أسَدٌ دَمُ الأسَدِ الهِزَبْرِ خِضابُهُ |
مَوْتٌ فَريصُ المَوْتِ منهُ يُرْعَدُ |
ما مَنْبِجٌ مُذْ غِبْتَ إلاّ مُقْلَةٌ |
سهدتْ وَوَجْهُكَ نوْمُها والإثمِدُ |
فاللّيلُ حينَ قَدِمْتَ فيها أبْيَضٌ |
والصّبْحُ مُنذُ رَحَلْتَ عنها أسوَدُ |
ما زِلْتَ تَدنو وهْيَ تَعْلُو عِزّةً |
حتى تَوَارَى في ثَراها الفَرْقَدُ |
أرْضٌ لها شَرَفٌ سِواها مِثْلُهَا |
لوْ كانَ مثْلُكَ في سِواها يُوجَدُ |
أبْدَى العُداةُ بكَ السّرورَ كأنّهُمْ |
فرِحوا وعِندَهُمُ المُقيمُ المُقْعِدُ |
قَطّعْتَهُمْ حَسَداً أراهُمْ ما بهِمْ |
فَتَقَطّعُوا حَسَداً لمنْ لا يَحسُدُ |
حتى انْثَنَوْا ولَوْ أنّ حرّ قُلوبهمْ |
في قَلْبِ هاجِرَةٍ لَذابَ الجَلْمَدُ |
نَظَرَ العُلُوجُ فلَمْ يَروْا من حَوْلهم |
لمّا رَأوْكَ وقيلَ هذا السّيّدُ |
بَقيَتْ جُمُوعُهُمُ كأنّكَ كُلّها |
وبَقيتَ بَينَهُمُ كأنّكَ مُفْرَدُ |
لهفَانَ يَستوْبي بكَ الغَضَبَ الوَرَى |
لوْ لم يُنَهْنِهْكَ الحِجى والسّؤدُدُ |
كنْ حيثُ شئتَ تَسِرْ إليكَ رِكابُنا |
فالأرْضُ واحِدَةٌ وأنتَ الأوْحَدُ |
وَصُنِ الحُسامَ ولا تُذِلْهُ فإنّهُ |
يَشكُو يَمينَكَ والجَماجمُ تَشهَدُ |
يَبِسَ النّجيعُ عَلَيْهِ وَهْوَ مُجَرَّدٌ |
مِنْ غِمْدِهِ وكأنّما هوَ مُغْمَدُ |
رَيّانُ لَوْ قَذَفَ الذي أسْقَيْتَهُ |
لجَرَى منَ المُهَجاتِ بَحْرٌ مُزْبدُ |
ما شارَكَتْهُ مَنِيّةٌ في مُهْجَةٍ |
إلاّ وشَفْرَتُهُ على يَدِها يَدُ |
إنّ العَطايا والرّزايا والقَنا |
حُلَفاءُ طَيٍّ غَوّرُوا أوْ أنجَدُوا |
صِحْ يا لَجُلْهُمَةٍ تُجِبْكَ وإنّما |
أشفَارُ عَينِكَ ذابِلٌ ومُهَنّدُ |
من كلّ أكبَرَ مِنْ جِبالِ تِهامَةٍ |
قَلْباً ومِنْ جَوْدِ الغَوَادي أجوَدُ |
يَلْقاكَ مُرْتَدِياً بأحْمَرَ مِنْ دَمٍ |
ذَهَبَتْ بخُضرَتِهِ الطُّلَى والأكْبُدُ |
حتى يُشارَ إلَيكَ: ذا مَوْلاهُمُ |
وَهُمُ المَوَالي والخَليقَةُ أعْبُدُ |
أنّى يَكُونُ أبَا البَرِيّةِ آدَمٌ |
وأبوكَ والثّقَلانِ أنْتَ مُحَمّدُ |
يَفنى الكَلامُ ولا يُحيطُ بفَضْلِكُمْ |
أيُحيطُ ما يَفْنى بمَا لا يَنْفَدُ |