إلهي أعدني

إلهي أعدني إلى وطني عندليب
على جنح غيمة
على ضوء نجمة
أعدني فلّة
ترف على صدري نبع وتلّة
إلهي أعدني إلى وطني عندليب
عندما كنت صغيراً وجميلاً
كانت الوردة داري والينابيع بحاري
صارت الوردة جرحاً والينابيع ضمأ
هل تغيرت كثيراً
ما تغيرت كثيراً
عندما نرجع كالريح الى منزلنا
حدّقي في جبهتي
تجدي الورد نخيلاً والينابيع عرق
تجديني مثلما كنت صغيراً وجميلا
قصيدة للشاعر محمود درويش

المستحيل

أموت اشتياقا
أموت احتراقا
وشنقا أموت
وذبحا أموت
ولكنني لا أقول
مضى حبنا و انقضى
حبنا لا يموت
قصيدة محمود درويش

أغنيات حب إلى إفريقيا

هل يأذن الحُرّاس لي بالانحناءْ
فوق القبور البيض يا إفريقيا؟
ألقتْ بنا ريح الشمال إليك
واختصر المساء
أسماءنا الأولى
وكُنّا عائدين من النهار
بكآبة التنقيب عن تاريخنا الآتي
وكنّا متعبين
ضاع المغنّي والمحاربُ والطريق إلى النهار
من أنت؟
~~~~
عصفور يجفّفُ ريشه الدامي
وكيف دخلت؟
كان الأفق مفتوحاً؟
وكان الأوكسجين
ملء الفضاء
وما تريد الآن؟
ريشةَ كبرياء
وأريد أن أرث الحشائش والغناء
فوق القبور البيض.. يا إفريقيا
~~~~
هل يأذن الحراس لي بالاقتراب
من جُثَّة الأبنوس.. يا إفريقيا؟
ألقتْ بنا ريح الشمال إليك،
واختبأ السحابْ
في صدرك العاري
ولم تُعلن صواعقنا حدود الاغترابْ
~~~~
والشمسُ بالمجّان مثل الرمل والدم
والطريق إلى النهار
يمحو ملامحنا، ويتركنا نعيد لانتظار
صَفّاً من الأشجار والموتى
تحّبكِ
نشتهي الموت المؤقّت
نشتهيه ويشتهينا
نلتف بالمدن البعيدة والبحار
لنفسر الأمل المفاجئ
والرجوعَ إلى المرايا
من أنتَ؟
جنديُّ يعود من التراب
بهمزيمة أُخرى وصورة قائد
ماذا تريد؟
بيتاً لأمعائي وطفلاً من حديد
وأُريد صكَّ براءتي
~~~~
وأريد يا إفريقيا
ماذا تريد؟
أريد أن أرث السحاب
من جُثَّة الأبنوس.. يا إفريقيا
ألقت بنا ريح الشمال إليك
يا إفريقيا
ألقتْ بنا ريح الشمال
لنكون عُشّاقاً وقتلى
وبدون ذاكرةٍ ذكرنا كل شيء عن ملامحنا
ووجُهك فوق خارطة الظلال
مرّ المغني تحت نافذةٍ
وخبّأ صوته في راحتيه
سرّاً يحبّك أو علانيةً يمرّ
وينحني كالقوس، يا إفريقيا
وحشيّتان
عيناك-يا إفريقيا- وحزينتان
~~~~
عيناك كالحبّ المفاجئ
كالبراءة حين تُفترعُ البراءة
مرّ المغني تحت نافذة
وأعلن يأسه
من أنت؟
عاشق
من أين جئت؟
أنا من سلالات الزنابق والمشانق
والريح تحبل.. ثم تُنجبني
وترميني على كل الجهات
ماذا تريد؟
أُريد ميلاداً جديد
وأريد نافذة جديدهْ
لأحبّها سرّاً وتقتلني علانيةً
وأرحل عنك.. يا إفريقيا
قصيدة لشاعر فلسطين محمود درويش

السجين و القمر

في آخر الليل التقينا تحت قنطرة الجبال
منذ اعْتُقِلتُ وأنت أدرى بالسببْ
ألان أغنية تدافع عن عبير البرتقال
وعن التحدي والغضب
دفنوا قرنفلة المغني في الرمال
~~~~
عَلمانِ نحن على تماثيل الغيوم الفستقية
بالحب محكومان باللون المغني
كلُّ الليالي السودُ تسقط في أغانينا ضحية والضوء يشرب ليل أحزاني وسجني
فتعال ما زالت لقصتنا بقيهْ
سأحدث الَّجان حين يراك
عن حب قديمْ
فلربما وصل الحديث بنا إلى ثمن الأغاني
هذا أنا في القيد أمتشق النجوم
وهو الذي يقتات ، حراً من دخاني
ومن السلاسل والوجوم
~~~~
كانت هويتنا ملاييناً من الأزهار
كنا في الشوارع مهرجان
الريح منزلنا
وصوت حبيبتي قُبَلٌ
وكُنْتَ الموعدا
لكنهم جاؤوا من المدن القديمةِ
من أقاليم الدخان
كي يسحبوها من شراييني
فعانقت المدى
والموت والميلاد في وطني المؤلَّه توأمان
ستموت يوماً حين تعنينا الرسوم عن الشجر
وتباع في الأسواق أجنحة البلابلْ
وأنا سأغرق في الزحام غداً , وأحلم بالمطر
وأحدث المسراء عن طعم السلاسل
وأقول موعدنا القمر
شعر محمود درويش

أبيات غزل

سألتك هزّي بأجمل كف على الارض
غصن الزمان
لتسقط أوراق ماض وحاضر
ويولد في لمحة توأمان
ملاك وشاعر
ونعرف كيف يعود الرماد لهيبا
إذا اعترف العاشقان
أتفاحتي يا أحبّ حرام يباح
إذا فهمت مقلتاك شرودي وصمتي
أنا، عجبا، كيف تشكو الرياح
بقائي لديك و أنت
خلود النبيذ بصوتي
وطعم الأساطير و الأرض أنت
لماذا يسافر نجم على برتقاله
ويشرب يشرب يشرب حتى الثماله
إذا كنت بين يديّ
تفتّت لحن، وصوت ابتهاله
لماذا أحبك
كيف تخر بروقي لديك
وتتعب ريحي على شفتيك
فأعرف في لحظة
بأن الليلي مخدة
وأن القمر
جميل كطلعة وردة
وأني وسيم لأني لديك
أتبقين فوق ذراعي حمامة
تغمّس منقارها في فمي
وكفّك فوق جبيني شامه
تخلّد وعد الهوى في دمي
أتبقين فوق ذراعي حمامه
تجنّحي.. كي أطير
تهدهدني..كي أنام
وتجعل لا سمي نبض العبير
وتجعل بيتي برج حمام
أريدك عندي
خيالا يسير على قدمين
وصخر حقيقة
يطير بغمرة عين
شعر محمود درويش

امرأة جميلة في سدوم

يأخذ الموت على جسمك
شكل المغفرة
وبودي لو أموت
داخل اللذة يا تفاحتي
يا امرأتي المنكسرة
وبودّي لو أموت
خارج العالم.. في زوبعة مندثرة
للتي أعشقها وجهان
وجه خارج الكون
ووجه داخل سدوم العتيقة
وأنا بينهما
أبحث عن وجه الحقيقة
صمت عينيك يناديني
إلى سكّين نشوة
وأنا في أوّل العمر
رأيت الصمت
والموت الذي يشرب قهوة
وعرفت الداء
والميناء
لكنك.. حلوة
و أنا أنتشر الآن على جسمك
كالقمح، كأسباب بقائي ورحيلي
وأنا أعرف أن الأرض أمي
وعلى جسمك تمضي شهوتي بعد قليل
وأنا أعرف أنّ الحب شيء
والذي يجمعنا، الليلة، شيء
وكلانا كافر بالمستحيل
وكلانا يشتهي جسما بعيدا
وكلانا يقتل الآخر خلف النافذة
التي يطلبها جسمي
جميلة
كالتقاء الحلم باليقظة
كالشمس التي تمضي إلى البحر
بزي البرتقالة
والتي يطلبها جسمي
جميلة
كالتقاء اليوم بالأمس
وكالشمس التي يأتي إليها البحر
من تحت الغلاله
لم نقل شيئا عن الحبّ
الذي يزداد موتا
لم نقل شيئا
ولكنا نموت الآن
موسيقى وصمتا
ولماذا
وكلانا ذابل كالذكريات الآن
لا يسأل: من أنت
ومن أين: أتيت
وكلانا كان في حطين
والأيام تعتاد على أن تجد الأحياء
موتى
أين أزهاري
أريد الآن أن يمتليء البيت زنابق
أين أشعاري
أريد الآن موسيقى السكاكين التي تقتل
كي يولد عاشق
وأريد الآن أن أنساك
كي يبتعد الموت قليلا
فاحذري الموت الذي
لا يشبه الموت الذي
فاجأ أمّي
التي يطلبها جسمي
لها وجهان
وجه خارج الكون
ووجه داخل سدوم العتيقة
وأنا بينهما
أبحث عن الحقيقة
من قصائد محمود درويش