| نَرَى عِظَماً بالبَينِ والصّدُّ أعظَمُ | ونَتّهِمُ الواشِينَ والدّمْعُ مِنْهُمُ |
| ومَنْ لُبُّهُ مَع غَيرِهِ كَيفَ حالُهُ | ومَنْ سِرّهُ في جَفْنِهِ كيفَ يُكتَمُ |
| ولمّا التَقَيْنا والنّوَى ورَقيبُنا | غَفُولانِ عَنّا ظِلْتُ أبكي وتَبسِمُ |
| فلَمْ أرَ بَدراً ضاحِكاً قبلَ وجْهِها | ولم تَرَ قَبْلي مَيّتاً يَتَكَلّمُ |
| ظَلومٌ كمَتنَيْها لِصَبٍّ كَخَصْرِها | ضَعِيفِ القُوَى مِن فِعلِها يَتَظلَّمُ |
| بفَرْعٍ يُعيدُ اللّيْلَ والصّبْحُ نَيّرٌ | ووَجهٍ يُعيدُ الصّبحَ واللّيلُ مُظلِمُ |
| فلَوْ كانَ قَلبي دارَها كانَ خالِياً | ولكنّ جَيشَ الشّوْقِ فيهِ عرَمرَمُ |
| أثَافٍ بها ما بالفُؤادِ مِنَ الصَّلَى | ورَسْمٌ كَجسمي ناحِلٌ مُتَهَدّمُ |
| بَلَلْتُ بها رُدْنَيَّ والغَيمُ مُسْعِدي | وعَبْرَتُهُ صِرْفٌ وفي عَبرَتي دَمُ |
| ولَوْ لم يكُنْ ما انهَلّ في الخدّ من دمي | لمَا كانَ مُحْمَرّاً يَسيلُ فأسْقَمُ |
| بنَفْسِي الخَيَالُ الزّائري بعد هجعَةٍ | وقوْلَتُهُ لي بعدَنا الغُمضَ تَطعَمُ |
| سَلامُ فلَوْلا الخَوْفُ والبُخلُ عندَهُ | لقُلتُ أبو حَفْصٍ عَلَينا المُسَلّمُ |
| مُحِبُّ النّدَى الصّابي إلى بَذْلِ ماله | صُبُوّاً كمَا يَصْبُو المُحبُّ المُتَيَّمُ |
| وأُقْسِمُ لَوْلا أنّ في كلّ شَعْرَةٍ | لَهُ ضَيغَماً قُلنا لهُ أنتَ ضَيغَمُ |
| أنَنْقُصُهُ من حَظّهِ وهْوَ زائِدٌ | ونَبْخَسُهُ والبَخْسُ شيءٌ مُحَرَّمُ |
| يَجِلُّ عنِ التّشبيهِ لا الكَفُّ لُجّةٌ | ولا هوَ ضِرْغامٌ ولا الرّأيُ مِخذَمُ |
| ولا جُرْحُهُ يُؤسَى ولا غَوْرُهُ يُرَى | ولا حَدُّهُ يَنْبُو ولا يَتَثَلّمُ |
| ولا يُبْرَمُ الأمْرُ الذي هوَ حالِلٌ | ولا يُحْلَلُ الأمْرُ الذي هوَ مُبْرِمُ |
| ولا يَرْمَحُ الأذْيالَ مِنْ جَبَرِيّةٍ | ولا يَخْدُمُ الدّنْيَا وإيّاهُ تَخدُمُ |
| ولا يَشْتَهي يَبْقَى وتَفْنى هِبَاتُهُ | ولا تَسْلَمُ الأعداءُ منْهُ ويَسْلَمُ |
| ألَذُّ مِنَ الصّهْبَاءِ بالماءِ ذِكْرُهُ | وأحْسَنُ مِنْ يُسرٍ تَلَقّاهُ مُعدِمُ |
| وأغْرَبُ من عَنقاءَ في الطّيرِ شكلُهُ | وأعْوَزُ مِنْ مُسْتَرْفِدٍ منه يُحرَمُ |
| وأكثرُ من بَعدِ الأيادي أيادِياً | من القَطرِ بعد القَطْرِ والوَبلُ مُثجِمُ |
| سَنيُّ العَطايا لوْ رَأى نَوْمَ عَيْنِهِ | منَ اللّؤمِ آلى أنّهُ لا يُهَوِّمُ |
| ولو قالَ هاتُوا دِرْهَماً لم أجُدْ بهِ | على سائِلٍ أعْيا على النّاسِ دِرْهَمُ |
| ولَوْ ضَرّ مَرْأً قَبْلَهُ ما يَسُرّهُ | لأثَّرَ فيهِ بأسُهُ والتّكَرّمُ |
| يُرَوّي بكالفِرْصادِ في كلّ غارَةٍ | يَتامَى منَ الأغمادِ تُنضَى فتُوتِمُ |
| إلى اليَوْمِ ما حَطّ الفِداءُ سُرُوجَهُ | مُذُ الغَزْوِ سارٍ مُسرَجُ الخيل مُلجَمُ |
| يَشُقّ بلادَ الرّومِ والنّقْعُ أبْلَقٌ | بأسْيافِهِ والجَوُّ بالنّقْعِ أدْهَمُ |
| إلى المَلِكِ الطّاغي فكَمْ من كَتيبَةٍ | تُسايِرُ منهُ حَتْفَها وهيَ تَعْلَمُ |
| ومِنْ عاتِقٍ نَصرانَةٍ بَرَزَتْ لَهُ | أسيلَةِ خَدٍّ عَنْ قَليلٍ سيُلْطَمُ |
| صُفُوفاً للَيْثٍ في لُيُوثٍ حُصُونُها | مُتُونُ المَذاكي والوَشيجُ المُقَوَّمُ |
| تَغيبُ المَنَايا عَنْهُمُ وهْوَ غائِبٌ | وتَقْدَمُ في ساحاتِهِمْ حينَ يَقدَمُ |
| أجدَّكَ ما تَنفَكّ عانٍ تَفُكّهُ | عُمَ بنَ سُلَيْمانٍ ومالٌ تُقَسِّمُ |
| مُكافيكَ مَنْ أولَيْتَ دينَ رَسولِهِ | يداً لا تُؤدّي شُكرَها اليَدُ والفَمُ |
| على مَهَلٍ إنْ كنتَ لَستَ براحِمٍ | لنَفْسِكَ مِنْ جُودٍ فإنّكَ تُرْحَمُ |
| مَحَلُّكَ مَقْصُودٌ وشانيكَ مُفحَمٌ | ومِثْلُكَ مَفقودٌ ونَيلُكَ خِضرِمُ |
| وزارَكَ بي دونَ المُلوكِ تَحَرُّجٌ | إذا عَنّ بَحْرٌ لم يَجُزْ لي التّيَمّمُ |
| فعِشْ لوْ فدى المَملوكُ رَبّاً بنفسِهِ | من الموْتِ لم تُفقَدْ وفي الأرض مُسلمُ |
أجارك يا أسد الفراديس مكرم
| أجارُكِ يا أُسْدَ الفَراديسِ مُكْرَمُ | فتَسكُنَ نَفسي أمْ مُهانٌ فمُسلَمُ |
| ورائي وقُدّامي عُداةٌ كَثيرَةٌ | أُحاذِرُ مِنْ لِصٍّ ومنكِ ومِنْهُمُ |
| فهَلْ لكِ في حِلفي على ما أُريدُهُ | فإنّي بأسْبابِ المَعيشَةِ أعْلَمُ |
| إذاً لأتاكِ الرّزْقُ مِنْ كلّ وِجْهَةٍ | وأثْرَيْتِ مِمّا تَغْنَمِينَ وأغْنَمُ |
ما نقلت عند مشية قدما
| ما نَقَلَتْ عِندَ مَشيَةٍ قَدَمَا | ولا اشتَكَتْ مِنْ دُوارِها ألَمَا |
| لم أرَ شَخْصاً مِنْ قَبلِ رُؤيَتِها | يَفْعَلُ أفْعالَها ومَا عَزَمَا |
| فَلا تَلُمْهَا على تَواقُعِهَا | أطْرَبَها أنْ رأتْكَ مُبْتَسِمَا |
لا افتخار إلا لمن لا يضام
| لا افْتِخارٌ إلاّ لمَنْ لا يُضامُ | مُدْرِكٍ أوْ مُحارِبٍ لا يَنَامُ |
| لَيسَ عَزْماً مَا مَرّضَ المَرْءُ فيهِ | لَيسَ هَمّاً ما عاقَ عنهُ الظّلامُ |
| واحتِمالُ الأذَى ورُؤيَةُ جانِيـ | ـهِ غِذاءٌ تَضْوَى بهِ الأجسامُ |
| ذَلّ مَنْ يَغْبِطُ الذّليل بعَيشٍ | رُبّ عَيشٍ أخَفُّ منْهُ الحِمامُ |
| كُلُّ حِلْمٍ أتَى بغَيرِ اقْتِدارٍ | حُجّةٌ لاجىءٌ إلَيها اللّئَامُ |
| مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ | ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ |
| ضاقَ ذَرْعاً بأنْ أضيقَ بهِ ذَرْ | عاً زَماني واستَكرَمَتْنِي الكِرامُ |
| واقِفاً تحتَ أخمَصَيْ قَدْرِ نَفسي | واقِفاً تحتَ أخْمَصَيّ الأنَامُ |
| أقَراراً ألَذُّ فَوْقَ شَرارٍ | ومَراماً أبْغي وظُلْمي يُرامُ |
| دونَ أنْ يَشرَقَ الحِجازُ ونَجْدٌ | والعِراقانِ بالقَنَا والشّامُ |
| شَرَقَ الجَوِّ بالغُبَارِ إذا سَا | رَ عَليُّ بنُ أحْمَدَ القَمْقامُ |
| الأديبُ المُهَذَّبُ الأصْيَدُ الضّرْ | بُ الذّكيُّ الجَعدُ السّرِيُّ الهُمامُ |
| والذي رَيْبُ دَهْرِهِ مِنْ أسَارَا | هُ ومِنْ حاسدي يَدَيْهِ الغَمامُ |
| يَتَداوَى مِنْ كَثْرَةِ المَالِ بالإقْـ | ـلالِ جُوداً كأنّ مَالاً سَقَامُ |
| حَسَنٌ في عُيُونِ أعْدائِهِ أقْـ | ـبَحُ من ضيْفِهِ رأتْهُ السَّوامُ |
| لوْ حَمَى سَيّداً منَ المَوتِ حامٍ | لَحَماهُ الإجْلالُ والإعْظامُ |
| وعَوارٍ لَوامِعٌ دِينُهَا الحِـ | ـلُّ ولَكِنّ زِيَّها الإحْرامُ |
| كُتبَتْ في صَحائِفِ المَجْدِ: بِسْمٌ | ثمَّ قَيسٌ وبعدَ قَيسَ السّلامُ |
| إنّما مُرّةُ بنُ عَوْفِ بنِ سَعْدٍ | جَمَراتٌ لا تَشْتَهيها النَّعامُ |
| لَيلُها صُبْحُها مِنَ النّارِ والإصْـ | ـبَاحُ لَيْلٌ منَ الدّخانِ تِمامُ |
| هِمَمٌ بَلّغَتْكُمُ رُتَبَاتٍ | قَصُرَتْ عَنْ بُلُوغِها الأوْهامُ |
| ونُفُوسٌ إذا انْبَرَتْ لِقِتَالٍ | نَفِدَتْ قَبْلَ يَنْفَدُ الإقْدامُ |
| وقُلُوبٌ مُوَطَّناتٌ على الرّوْ | عِ كأنّ اقْتِحامَهَا استِسْلامُ |
| قائِدو كُلّ شَطْبَةٍ وحِصانٍ | قَدْ بَراها الإسْراجُ والإلجامُ |
| يَتَعَثّرْنَ بالرّؤوسِ كَما مَرّ | بتاءاتِ نُطْقِهِ التَّمتَامُ |
| طالَ غشْيانُكَ الكَريهَةَ حتى | قالَ فيكَ الذي أقُولُ الحُسَامُ |
| وكَفَتْكَ الصّفائِحُ النّاسَ حتى | قد كَفَتْكَ الصّفائحَ الأقْلامُ |
| وكَفَتْكَ التّجارِبُ الفِكْرَ حتى | قَدْ كَفاكَ التّجارِبَ الإلْهَامُ |
| فارِسٌ يَشتَري بِرازَكَ للفَخْـ | ـرِ بقَتْلٍ مُعَجَّلٍ لا يُلامُ |
| نائِلٌ منكَ نَظْرَةً ساقَهُ الفَقْـ | ـرُ عَلَيْهِ لفَقْرِهِ إنْعَامُ |
| خَيْرُ أعضائِنا الرّؤوسُ ولَكِنْ | فَضَلَتْها بقَصْدِكَ الأقْدامُ |
| قَد لَعَمري أقْصَرْتُ عَنكَ وللوَفـ | ـدِ ازْدِحامٌ وللعَطايا ازْدِحامُ |
| خِفْتُ إن صرْتُ في يَمينِكَ أن تأ | خُذَني في هِباتِكَ الأقوامُ |
| ومنَ الرُّشْدِ لم أزُرْكَ على القُرْ | بِ، على البُعدِ يُعرَفُ الإلمامُ |
| ومِنَ الخَيرِ بُطْءُ سَيْبِكَ عني | أسرَعُ السُّحْبِ في المَسيرِ الجَهامُ |
| قُلْ فَكَمْ مِنْ جَواهرٍ بنِظامٍ | وُدُّها أنّها بفيكَ كَلامُ |
| هابَكَ اللّيْلُ والنّهارُ فَلَوْ تَنْـ | ـهاهُما لم تَجُزْ بكَ الأيّامُ |
| حَسْبُكَ الله ما تَضِلّ عَنِ الحَـ | ـقّ ولا يَهْتَدي إلَيكَ أثَامُ |
| لِمَ لا تَحْذَرُ العَواقِبَ في غَيْـ | ـرِ الدّنَايا، أمَا عَلَيْكَ حَرامُ |
| كَمْ حَبيبٍ لا عُذْرَ لِلّوْمِ فيهِ | لَكَ فيهِ مِنَ التُّقَى لُوّامُ |
| رَفَعَتْ قَدْرَكَ النّزاهَةُ عَنْهُ | وثَنَتْ قَلْبَكَ المَساعي الجِسامُ |
| إنّ بَعضاً مِنَ القَرِيضِ هُذاءٌ | لَيسَ شَيئاً وبَعضَهُ أحْكامُ |
| مِنْهُ ما يَجْلُبُ البَراعَةُ والفَضْـ | ـلُ ومِنْهُ ما يَجْلُبُ البِرْسامُ |
ألا لا أرى الأحداث مدحا ولا ذما
| ألا لا أُرى الأحداثَ مَدحاً ولا ذَمّا | فَما بَطشُها جَهلاً ولا كفُّها حِلمَا |
| إلى مثلِ ما كانَ الفتى مرْجعُ الفتى | يَعُودُ كمَا أُبْدي ويُكرِي كما أرْمَى |
| لَكِ الله مِنْ مَفْجُوعَةٍ بحَبيبِها | قَتيلَةِ شَوْقٍ غَيرِ مُلحِقِها وَصْمَا |
| أحِنّ إلى الكأسِ التي شرِبَتْ بها | وأهوى لمَثواها التّرابَ وما ضَمّا |
| بَكَيْتُ عَلَيها خِيفَةً في حَياتِها | وذاقَ كِلانا ثُكْلَ صاحِبِهِ قِدْمَا |
| ولوْ قَتَلَ الهَجْرُ المُحبّينَ كُلَّهُمْ | مضَى بَلَدٌ باقٍ أجَدّتْ لَهُ صَرْمَا |
| عرَفْتُ اللّيالي قَبلَ ما صَنَعَتْ بنا | فلَمَا دَهَتْني لم تَزِدْني بها عِلْمَا |
| مَنافِعُها ما ضَرّ في نَفْعِ غَيرِها | تغذّى وتَرْوَى أن تجوعَ وأن تَظْمَا |
| أتاها كِتابي بَعدَ يأسٍ وتَرْحَةٍ | فَماتَتْ سُرُوراً بي فَمُتُّ بها غَمّا |
| حَرامٌ على قَلبي السّرُورُ فإنّني | أعُدّ الذي ماتَتْ بهِ بَعْدَها سُمّا |
| تَعَجَّبُ مِنْ لَفْظي وخَطّي كأنّما | ترَى بحُرُوفِ السّطرِ أغرِبةً عُصْمَا |
| وتَلْثِمُهُ حتى أصارَ مِدادُهُ | مَحاجِرَ عَيْنَيْها وأنْيابَها سُحْمَا |
| رَقَا دَمْعُها الجاري وجَفّتْ جفونها | وفارَقَ حُبّي قَلبَها بَعدمَا أدمَى |
| ولم يُسْلِها إلاّ المَنَايا وإنّمَا | أشَدُّ منَ السُّقمِ الذي أذهَبَ السُّقْما |
| طَلَبْتُ لها حَظّاً فَفاتَتْ وفاتَني | وقد رَضِيَتْ بي لو رَضيتُ بها قِسْمَا |
| فأصْبَحتُ أسْتَسقي الغَمامَ لقَبرِها | وقد كنْتُ أستَسقي الوَغى والقنا الصُّمّا |
| وكنتُ قُبَيلَ الموْتِ أستَعظِمُ النّوَى | فقد صارَتِ الصّغَرى التي كانتِ العظمى |
| هَبيني أخذتُ الثأرَ فيكِ منَ العِدَى | فكيفَ بأخذِ الثّأرِ فيكِ من الحُمّى |
| وما انسَدّتِ الدّنْيا عليّ لضِيقِهَا | ولكنَّ طَرْفاً لا أراكِ بهِ أعمَى |
| فَوَا أسَفا ألاّ أُكِبَّ مُقَبِّلاً | لرَأسِكِ والصّدْرِ اللّذَيْ مُلِئا حزْمَا |
| وألاّ أُلاقي روحَكِ الطّيّبَ الذي | كأنّ ذكيّ المِسكِ كانَ له جسمَا |
| ولَوْ لمْ تَكُوني بِنْتَ أكْرَمِ والِدٍ | لَكانَ أباكِ الضّخْمَ كونُكِ لي أُمّا |
| لَئِنْ لَذّ يَوْمُ الشّامِتِينَ بيَوْمِهَا | لَقَدْ وَلَدَتْ مني لأنْفِهِمِ رَغْمَا |
| تَغَرّبَ لا مُسْتَعْظِماً غَيرَ نَفْسِهِ | ولا قابِلاً إلاّ لخالِقِهِ حُكْمَا |
| ولا سالِكاً إلاّ فُؤادَ عَجاجَةٍ | ولا واجِداً إلاّ لمَكْرُمَةٍ طَعْمَا |
| يَقُولونَ لي ما أنتَ في كلّ بَلدَةٍ | وما تَبتَغي؟ ما أبتَغي جَلّ أن يُسْمى |
| كأنّ بَنيهِمْ عالِمُونَ بِأنَّنِي | جَلُوبٌ إلَيهِمْ منْ مَعادِنه اليُتْمَا |
| وما الجَمْعُ بَينَ الماءِ والنّارِ في يدي | بأصعَبَ من أنْ أجمَعَ الجَدّ والفَهمَا |
| ولكِنّني مُسْتَنْصِرٌ بذُبَابِهِ | ومُرْتكِبٌ في كلّ حالٍ به الغَشمَا |
| وجاعِلُهُ يَوْمَ اللّقاءِ تَحِيّتي | وإلاّ فلَسْتُ السيّدَ البَطَلَ القَرْمَا |
| إذا فَلّ عَزْمي عن مدًى خوْفُ بُعده | فأبْعَدُ شيءٍ ممكنٌ لم يَجِدْ عزْمَا |
| وإنّي لَمِنْ قَوْمٍ كأنّ نُفُوسَهُمْ | بها أنَفٌ أن تسكنَ اللّحمَ والعَظمَا |
| كذا أنَا يا دُنْيا إذا شِئْتِ فاذْهَبي | ويا نَفسِ زيدي في كرائهِها قُدْمَا |
| فلا عَبَرَتْ بي ساعَةٌ لا تُعِزّني | ولا صَحِبَتْني مُهجَةٌ تقبلُ الظُّلْمَا |
أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم
| أنا لائمي إنْ كنتُ وقتَ اللّوائِمِ | عَلِمتُ بما بي بَينَ تلكَ المَعالِمِ |
| ولَكِنّني مِمّا شُدِهْتُ مُتَيَّمٌ | كَسالٍ وقَلبي بائحٌ مثلُ كاتِمِ |
| وقَفْنا كأنّا كُلُّ وَجْدِ قُلُوبِنَا | تَمَكّنَ مِن أذْوادنا في القَوائِمِ |
| ودُسْنا بأخْفافِ المَطي تُرابَهَا | فَما زِلْتُ أستَشفي بلَثْمِ المَناسِمِ |
| دِيارُ اللّواتي دارُهُنّ عَزيزَةٌ | بِطُولَى القَنا يُحفَظنَ لا بالتّمائِمِ |
| حِسانُ التّثَنَّي يَنقُشُ الوَشْيُ مثلَهُ | إذا مِسْنَ في أجسامِهِنّ النّواعِمِ |
| ويَبسِمْنَ عَن دُرٍّ تَقَلَّدْنَ مثلَهُ | كأنّ التّراقي وُشّحَتْ بالمَباسِمِ |
| فما لي وللدّنْيا! طِلابي نُجومُها | ومَسعايَ منها في شُدوقِ الأراقِمِ |
| من الحِلمِ أنْ تَستَعمِلَ الجهلَ دونَه | إذا اتّسعتْ في الحِلمِ طُرْقُ المظالِمِ |
| وأنْ تَرِدَ الماءَ الذي شَطْرُهُ دَمٌ | فتُسقَى إذا لم يُسْقَ مَن لم يُزاحِمِ |
| ومَنْ عَرَفَ الأيّامَ مَعرِفتي بها | وبالنّاسِ رَوّى رُمحَهُ غيرَ راحِمِ |
| فَلَيسَ بمَرْحُومٍ إذا ظَفِروا بهِ | ولا في الرّدى الجاري عَلَيهم بآثِمِ |
| إذا صُلْتُ لم أترُكْ مَصالاً لفاتِكٍ | وإنْ قُلتُ لم أترُكْ مَقالاً لعالِمِ |
| وإلاّ فخانَتْني القَوافي وعاقَني | عنِ ابنِ عُبيدِالله ضُعْفُ العَزائِمِ |
| عَنِ المُقْتَني بَذْلَ التِّلادِ تِلادَهُ | ومُجْتَنِبِ البُخلِ اجتِنابَ المَحارِمِ |
| تَمَنّى أعاديهِ مَحَلَّ عُفاتِهِ | وتَحْسُدُ كَفّيْهِ ثِقالُ الغَمائِمِ |
| ولا يَتَلَقّى الحرْبَ إلاّ بمُهْجَةٍ | مُعَظَّمَةٍ مَذْخُورَةٍ للعَظائِمِ |
| وذي لجَبٍ لا ذو الجَناحِ أمَامَهُ | بنَاجٍ ولا الوَحشُ المُثارُ بسالِمِ |
| تَمُرّ عَلَيْهِ الشّمسُ وهْيَ ضَعيفَةٌ | تُطالِعُهُ من بَينِ رِيش القَشاعِمِ |
| إذا ضَوْؤُها لاقَى منَ الطّيرِ فُرْجَةً | تَدَوّرَ فَوْقَ البَيضِ مثلَ الدراهِمِ |
| ويَخْفى عَلَيكَ الرّعدُ والبرْقُ فوْقَهُ | منَ اللّمعِ في حافاتِهِ والهَماهِمِ |
| أرَى دونَ ما بَينَ الفُراتِ وبَرْقَةٍ | ضِراباً يُمِشّي الخَيلَ فوْقَ الجماجمِ |
| وطَعنَ غَطارِيفٍ كأنّ أكُفّهُمْ | عَرَفنَ الرُّدَيْنِيّاتِ قبلَ المَعاصِمِ |
| حَمَتْهُ على الأعداءِ من كلّ جانبٍ | سُيوفُ بني طُغجَ بن جُفّ القَماقِمِ |
| هُمُ المُحسنونَ الكرَّ في حومةِ الوَغى | وأحْسَنُ منهُ كَرُّهُمْ في المَكارِمِ |
| وهم يحسنُونَ العَفْوَ عن كلّ مُذنبٍ | ويحتَمِلونَ الغُرْمَ عن كلّ غارِمِ |
| حَيِيّونَ إلاّ أنّهُمْ في نِزالِهِمْ | أقَلُّ حَيَاءً مِنْ شِفارِ الصّوارِمِ |
| ولَوْلا احتِقارُ الأُسدِ شَبّهتُهمْ بها | ولكِنّها مَعدودَةٌ في البَهائِمِ |
| سرَى النّوْمُ عني في سُرايَ إلى الذي | صَنائِعُهُ تَسرِي إلى كلّ نائِمِ |
| إلى مُطلِقِ الأسرَى ومُختَرِمِ العِدى | ومُشكي ذوي الشّكوَى ورَغمِ المُراغمِ |
| كريمٌ لَفَظتُ النّاسَ لمّا بَلَغْتُهُ | كأنّهُمُ ما جَفّ مِنْ زادِ قادِمِ |
| وكادَ سروري لا يَفي بنَدامَتي | على تَرْكِهِ في عُمْرِيَ المُتَقَادِمِ |
| وفارَقْتُ شرّ الأرْضِ أهْلاً وتُرْبَةً | بها عَلَوِيٌّ جَدُّهُ غيرُ هاشِمِ |
| بَلا الله حُسّادَ الأميرِ بحِلْمِهِ | وأجْلَسَهُ مِنهُمْ مكانَ العَمائِمِ |
| فإنّ لهمْ في سُرْعَةِ المَوْتِ راحَةً | وإنّ لهُمْ في العَيشِ حَزَّ الغَلاصِمِ |
| كأنّكَ ما جاوَدْتَ مَن بانَ جودُهُ | عَلَيكَ ولا قاوَمْتَ مَنْ لم تُقاوِمِ |