أحَقُّ عافٍ بدَمْعِكَ الهِمَمُ | أحدَثُ شيءٍ عَهداً بها القِدَمُ |
وإنّما النّاسُ بالمُلُوكِ ومَا | تُفْلِحُ عُرْبٌ مُلُوكُها عَجَمُ |
لا أدَبٌ عِندَهُمْ ولا حَسَبٌ | ولا عُهُودٌ لهُمْ ولا ذِمَمُ |
بكُلّ أرْضٍ وطِئْتُها أُمَمٌ | تُرْعَى بعَبْدٍ كأنّها غَنَمُ |
يَسْتَخشِنُ الخَزّ حينَ يَلْمُسُهُ | وكانَ يُبْرَى بظُفْرِهِ القَلَمُ |
إنّي وإنْ لُمْتُ حاسدِيّ فَمَا | أُنْكِرُ أنّي عُقُوبَةٌ لَهُمُ |
وكَيفَ لا يُحْسَدُ امْرُؤٌ عَلَمٌ | لَهُ على كلّ هامَةٍ قَدَمُ |
يَهابُهُ أبْسأُ الرّجالِ بِهِ | وتَتّقي حَدّ سَيْفِهِ البُهَمُ |
كَفانيَ الذّمَّ أنّني رَجُلٌ | أكْرَمُ مالٍ مَلَكْتُهُ الكَرَمُ |
يَجْني الغِنى لِلِّئَامِ لَوْ عَقَلُوا | ما لَيس يَجني عَلَيهِمِ العُدُمُ |
هُمُ لأمْوالهِمْ ولَسْنَ لَهُمْ | والعارُ يَبقَى والجُرْحُ يَلْتَئِمُ |
مَن طَلَبَ المجدَ فَليَكُنْ كعَلِـ | ـيّ يَهَبُ الألْفَ وهوَ يَبْتَسِمُ |
ويَطْعَنُ الخَيْلَ كُلَّ نافِذَةٍ | لَيسَ لهَا مِنْ وَحائِهَا ألَمُ |
ويَعْرِفُ الأمْرَ قَبْلَ مَوْقِعِهِ | فَما لَهُ بعدَ فِعْلِهِ نَدَمُ |
والأمْرُ والنّهْيُ والسّلاهبُ والـ | ـبيضُ لَهُ والعَبيدُ والحَشَمُ |
والسّطَواتُ التي سَمِعْتَ بها | تكادُ منها الجِبالُ تَنقَصِمُ |
يُرْعيكَ سَمعاً فيهِ استِماعٌ إلى الـ | ـدّاعي وفيهِ عنِ الخَنى صَمَمُ |
يُريكَ مِنْ خَلْقِهِ غَرائِبَهُ | في مَجْدِهِ كيفَ تُخلَقُ النّسَمُ |
مِلْتُ إلى مَنْ يَكادُ بَيْنَكُما | إنْ كُنتُما السّائِلَينِ يَنْقَسِمُ |
مِنْ بَعدِ ما صِيغَ من مَواهِبِهِ | لمَنْ أُحبُّ الشُّنُوفُ والخَدَمُ |
ما بَذَلَتْ ما بهِ يَجُودُ يَدٌ | ولا تَهَدّى لِمَا يَقُولُ فَمُ |
بَنُو العَفَرْنَى مَحَطّةَ الأسَدِ الـ | أُسْدُ ولكِنْ رِماحُها الأجَمُ |
قَوْمٌ بُلُوغُ الغُلامِ عِنْدَهُمُ | طَعنُ نُحورِ الكُماةِ لا الحُلُمُ |
كأنّما يُولَدُ النّدَى مَعَهُمْ | لا صِغَرٌ عاذِرٌ ولا هَرَمُ |
إذا تَوَلّوا عَداوَةً كَشَفُوا | وإنْ تَوَلوا صَنيعَةً كَتَمُوا |
تَظُنّ من فَقْدِكَ اعْتِدادَهُمُ | أنّهُمُ أنْعَمُوا ومَا عَلِمُوا |
إنْ بَرَقُوا فالحُتُوفُ حاضِرَةٌ | أو نَطَقُوا فالصّوابُ والحِكَمُ |
أو حَلَفُوا بالغَمُوسِ واجتَهَدوا | فَقَوْلُهُمْ خابَ سائِلي القَسَمُ |
أو رَكِبُوا الخَيْلَ غَيرَ مُسرَجَةٍ | فإنّ أفْخاذَهُمْ لهَا حُزُمُ |
أوْ شَهِدوا الحَرْبَ لاقِحاً أخَذوا | من مُهَجِ الدّارِعينَ ما احتكموا |
تُشرِقُ أعْرَاضُهُمْ وأوْجُهُهُمْ | كأنّها في نُفوسِهِمْ شِيَمُ |
لَوْلاكَ لم أترُكِ البُحَيرَةَ والـ | ـغَوْرُ دَفيءٌ وماؤها شَبِمُ |
والمَوْجُ مِثْلُ الفُحولِ مُزْبدَةً | تَهْدِرُ فيها وما بِها قَطَمُ |
والطّيرُ فَوْقَ الحَبابِ تَحسَبُها | فُرْسانَ بُلْقٍ تَخُونُهَا اللُّجُمُ |
كأنّها والرّياحُ تَضْرِبُهَا | جَيْشا وَغًى هازِمٌ ومُنْهَزِمُ |
كأنّها في نَهارِهَا قَمَرٌ | حَفّ بهِ مِنْ جِنانِها ظُلَمُ |
تَغَنّتِ الطّيرُ في جَوانِبِها | وجادَتِ الأرْض حَوْلَها الدّيَمُ |
فَهْيَ كَمَاوِيّةٍ مُطَوَّقَةٍ | جُرّدَ عَنها غِشاؤها الأدَمُ |
يَشينُها جَرْيُها عَلى بَلَدٍ | تَشينُهُ الأدْعِياءُ والقَزَمُ |
أبا الحُسَينِ اسْتَمعْ فمَدْحُكُمُ | بالفِعْلِ قَبلَ الكَلامِ مُنْتَظِمُ |
وقَد تَوالى العِهادُ مِنْهُ لكُم | وجادَتِ المَطْرَةُ التي تَسِمُ |
أُعيذُكمْ من صُرُوفِ دَهْرِكُمُ | فإنّهُ في الكِرامِ مُتّهَمُ |
فؤاد ما تسليه المدام
فُؤادٌ ما تُسَلّيهِ المُدامُ | وعُمْرٌ مثلُ ما تَهَبُ اللِّئامُ |
ودَهْرٌ ناسُهُ ناسٌ صِغارٌ | وإنْ كانتْ لهمْ جُثَثٌ ضِخامُ |
وما أنا مِنْهُمُ بالعَيشِ فيهم | ولكنْ مَعدِنُ الذّهَبِ الرَّغامُ |
أرانِبُ غَيرَ أنّهُمُ مُلُوكٌ | مُفَتَّحَةٌ عُيُونُهُمُ نِيَامُ |
بأجْسامٍ يَحَرّ القَتْلُ فيها | وما أقْرانُها إلاّ الطّعامُ |
وخَيْلٍ ما يَخِرّ لها طَعِينٌ | كأنّ قَنَا فَوارِسِها ثُمَامُ |
خَليلُكَ أنتَ لا مَن قُلتَ خِلّي | وإنْ كَثُرَ التّجَمّلُ والكَلامُ |
ولو حِيزَ الحِفاظُ بغَيرِ عَقْلٍ | تَجَنّبَ عُنقَ صَيقَلِهِ الحُسامُ |
وشِبْهُ الشيءِ مُنجَذِبٌ إلَيْهِ | وأشْبَهُنَا بدُنْيانا الطَّغامُ |
ولَوْ لم يَعْلُ إلاّ ذو مَحَلٍّ | تَعالى الجَيْشُ وانحَطّ القَتَامُ |
ولَوْ لم يَرْعَ إلاّ مُسْتَحِقٌّ | لرُتْبَتِهِ أسامَهُمُ المُسَامُ |
ومَنْ خَبِرَ الغَواني فالغَواني | ضِياءٌ في بَواطِنِهِ ظَلامُ |
إذا كانَ الشّبابُ السُّكرَ والشّيْـ | ـبُ هَمّاً فالحَياةُ هيَ الحِمامُ |
وما كُلٌّ بمَعذورٍ بِبُخْلٍ | ولا كُلٌّ على بُخْلٍ يُلامُ |
ولم أرَ مِثْلَ جيراني ومِثْلي | لمِثْلي عِندَ مِثْلِهِمُ مُقامُ |
بأرْضٍ ما اشْتَهَيْتَ رأيتَ فيها | فلَيسَ يَفُوتُها إلاّ الكِرامُ |
فهَلاّ كانَ نَقْصُ الأهْلِ فيها | وكانَ لأهْلِها مِنها التّمامُ |
بها الجَبَلانِ مِنْ صَخْرٍ وفَخْرٍ | أنَافَا ذا المُغيثُ وذا اللُّكامُ |
ولَيْسَتْ مِنْ مَواطِنِهِ ولكِنْ | يَمُرّ بها كَما مَرّ الغَمامُ |
سَقَى الله ابنَ مُنْجِيةٍ سَقَاني | بدَرٍّ ما لراضِعِهِ فِطامُ |
ومَنْ إحْدى فَوائِدِهِ العَطَايا | ومَن إحدى عَطاياهُ الذّمامُ |
وقد خَفيَ الزّمانُ بهِ عَلَينَا | كسِلْكِ الدُّرّ يُخْفيهِ النّظامُ |
تَلَذّ لهُ المُروءَةُ وهيَ تُؤذي | ومَنْ يَعشَقْ يَلَذّ لهُ الغَرامُ |
تَعَلّقَها هَوَى قَيسٍ للَيْلى | وواصَلَها فَلَيسَ بهِ سَقَامُ |
يَروعُ رَكانَةً ويَذوبُ ظَرْفاً | فَما يُدرَى أشَيْخٌ أمْ غُلامُ |
وتَمْلِكُهُ المَسائِلُ في نَداهُ | وأمّا في الجِدالِ فلا يُرامُ |
وقَبضُ نَوالِهِ شَرَفٌ وعِزٌّ | وقبضُ نَوالِ بعضِ القومِ ذامُ |
أقامتْ في الرّقابِ لَهُ أيَادٍ | هيَ الأطواقُ والنّاسُ الحَمامُ |
إذا عُدّ الكِرامُ فتِلْكَ عِجْلٌ | كمَا الأنْواءُ حينَ تُعَدّ عامُ |
تَقي جَبَهاتُهُمْ ما في ذَرَاهُمْ | إذا بشِفارِها حَمِيَ اللِّطامُ |
ولو يَمّمْتَهُمْ في الحَشْرِ تجدو | لأعطَوْكَ الذي صَلّوا وصامُوا |
فإنْ حَلُمُوا فإنّ الخَيلَ فيهِمْ | خِفافٌ والرّماحَ بها عُرامُ |
وعِندَهُمُ الجِفانُ مُكَلَّلاتٌ | وشَزْرُ الطّعْنِ والضّرْبُ التُّؤامُ |
نُصَرّعُهُمْ بأعْيُنِنا حَيَاءً | وتَنْبُو عَن وُجوهِهِمُ السّهامُ |
قَبيلٌ يَحْمِلُونَ منَ المَعالي | كما حَمَلَتْ من الجسدالعِظامُ |
قَبيلٌ أنتَ أنتَ وأنتَ منهُمْ | وجَدُّكَ بِشْرٌ المَلِكُ الهُمَامُ |
لِمَنْ مالٌ تُمَزّقُهُ العَطَايا | ويُشْرَكُ في رَغائِبِهِ الأنامُ |
ولا نَدْعُوكَ صاحبَهُ فترْضَى | لأنّ بصُحبَةٍ يَجِبُ الذّمَامُ |
تُحايدُهُ كأنّكَ سامِرِيٌّ | تُصافِحُهُ يَدٌ فيها جُذامُ |
إذا ما العالِمُونَ عَرَوْكَ قالُوا | أفِدْنا أيّها الحِبْرُ الإمامُ |
إذا ما المُعْلِمُونَ رأوْكَ قالوا | بهَذا يُعْلَمُ الجيشُ اللُّهامُ |
لقد حَسُنتْ بكَ الأوقاتُ حتى | كأنّكَ في فَمِ الزّمَنِ ابتِسامُ |
وأُعطيتَ الذي لم يُعْطَ خَلْقٌ | عَلَيكَ صَلاةُ رَبّكَ والسلامُ |
نرى عظما بالبين والصد أعظم
نَرَى عِظَماً بالبَينِ والصّدُّ أعظَمُ | ونَتّهِمُ الواشِينَ والدّمْعُ مِنْهُمُ |
ومَنْ لُبُّهُ مَع غَيرِهِ كَيفَ حالُهُ | ومَنْ سِرّهُ في جَفْنِهِ كيفَ يُكتَمُ |
ولمّا التَقَيْنا والنّوَى ورَقيبُنا | غَفُولانِ عَنّا ظِلْتُ أبكي وتَبسِمُ |
فلَمْ أرَ بَدراً ضاحِكاً قبلَ وجْهِها | ولم تَرَ قَبْلي مَيّتاً يَتَكَلّمُ |
ظَلومٌ كمَتنَيْها لِصَبٍّ كَخَصْرِها | ضَعِيفِ القُوَى مِن فِعلِها يَتَظلَّمُ |
بفَرْعٍ يُعيدُ اللّيْلَ والصّبْحُ نَيّرٌ | ووَجهٍ يُعيدُ الصّبحَ واللّيلُ مُظلِمُ |
فلَوْ كانَ قَلبي دارَها كانَ خالِياً | ولكنّ جَيشَ الشّوْقِ فيهِ عرَمرَمُ |
أثَافٍ بها ما بالفُؤادِ مِنَ الصَّلَى | ورَسْمٌ كَجسمي ناحِلٌ مُتَهَدّمُ |
بَلَلْتُ بها رُدْنَيَّ والغَيمُ مُسْعِدي | وعَبْرَتُهُ صِرْفٌ وفي عَبرَتي دَمُ |
ولَوْ لم يكُنْ ما انهَلّ في الخدّ من دمي | لمَا كانَ مُحْمَرّاً يَسيلُ فأسْقَمُ |
بنَفْسِي الخَيَالُ الزّائري بعد هجعَةٍ | وقوْلَتُهُ لي بعدَنا الغُمضَ تَطعَمُ |
سَلامُ فلَوْلا الخَوْفُ والبُخلُ عندَهُ | لقُلتُ أبو حَفْصٍ عَلَينا المُسَلّمُ |
مُحِبُّ النّدَى الصّابي إلى بَذْلِ ماله | صُبُوّاً كمَا يَصْبُو المُحبُّ المُتَيَّمُ |
وأُقْسِمُ لَوْلا أنّ في كلّ شَعْرَةٍ | لَهُ ضَيغَماً قُلنا لهُ أنتَ ضَيغَمُ |
أنَنْقُصُهُ من حَظّهِ وهْوَ زائِدٌ | ونَبْخَسُهُ والبَخْسُ شيءٌ مُحَرَّمُ |
يَجِلُّ عنِ التّشبيهِ لا الكَفُّ لُجّةٌ | ولا هوَ ضِرْغامٌ ولا الرّأيُ مِخذَمُ |
ولا جُرْحُهُ يُؤسَى ولا غَوْرُهُ يُرَى | ولا حَدُّهُ يَنْبُو ولا يَتَثَلّمُ |
ولا يُبْرَمُ الأمْرُ الذي هوَ حالِلٌ | ولا يُحْلَلُ الأمْرُ الذي هوَ مُبْرِمُ |
ولا يَرْمَحُ الأذْيالَ مِنْ جَبَرِيّةٍ | ولا يَخْدُمُ الدّنْيَا وإيّاهُ تَخدُمُ |
ولا يَشْتَهي يَبْقَى وتَفْنى هِبَاتُهُ | ولا تَسْلَمُ الأعداءُ منْهُ ويَسْلَمُ |
ألَذُّ مِنَ الصّهْبَاءِ بالماءِ ذِكْرُهُ | وأحْسَنُ مِنْ يُسرٍ تَلَقّاهُ مُعدِمُ |
وأغْرَبُ من عَنقاءَ في الطّيرِ شكلُهُ | وأعْوَزُ مِنْ مُسْتَرْفِدٍ منه يُحرَمُ |
وأكثرُ من بَعدِ الأيادي أيادِياً | من القَطرِ بعد القَطْرِ والوَبلُ مُثجِمُ |
سَنيُّ العَطايا لوْ رَأى نَوْمَ عَيْنِهِ | منَ اللّؤمِ آلى أنّهُ لا يُهَوِّمُ |
ولو قالَ هاتُوا دِرْهَماً لم أجُدْ بهِ | على سائِلٍ أعْيا على النّاسِ دِرْهَمُ |
ولَوْ ضَرّ مَرْأً قَبْلَهُ ما يَسُرّهُ | لأثَّرَ فيهِ بأسُهُ والتّكَرّمُ |
يُرَوّي بكالفِرْصادِ في كلّ غارَةٍ | يَتامَى منَ الأغمادِ تُنضَى فتُوتِمُ |
إلى اليَوْمِ ما حَطّ الفِداءُ سُرُوجَهُ | مُذُ الغَزْوِ سارٍ مُسرَجُ الخيل مُلجَمُ |
يَشُقّ بلادَ الرّومِ والنّقْعُ أبْلَقٌ | بأسْيافِهِ والجَوُّ بالنّقْعِ أدْهَمُ |
إلى المَلِكِ الطّاغي فكَمْ من كَتيبَةٍ | تُسايِرُ منهُ حَتْفَها وهيَ تَعْلَمُ |
ومِنْ عاتِقٍ نَصرانَةٍ بَرَزَتْ لَهُ | أسيلَةِ خَدٍّ عَنْ قَليلٍ سيُلْطَمُ |
صُفُوفاً للَيْثٍ في لُيُوثٍ حُصُونُها | مُتُونُ المَذاكي والوَشيجُ المُقَوَّمُ |
تَغيبُ المَنَايا عَنْهُمُ وهْوَ غائِبٌ | وتَقْدَمُ في ساحاتِهِمْ حينَ يَقدَمُ |
أجدَّكَ ما تَنفَكّ عانٍ تَفُكّهُ | عُمَ بنَ سُلَيْمانٍ ومالٌ تُقَسِّمُ |
مُكافيكَ مَنْ أولَيْتَ دينَ رَسولِهِ | يداً لا تُؤدّي شُكرَها اليَدُ والفَمُ |
على مَهَلٍ إنْ كنتَ لَستَ براحِمٍ | لنَفْسِكَ مِنْ جُودٍ فإنّكَ تُرْحَمُ |
مَحَلُّكَ مَقْصُودٌ وشانيكَ مُفحَمٌ | ومِثْلُكَ مَفقودٌ ونَيلُكَ خِضرِمُ |
وزارَكَ بي دونَ المُلوكِ تَحَرُّجٌ | إذا عَنّ بَحْرٌ لم يَجُزْ لي التّيَمّمُ |
فعِشْ لوْ فدى المَملوكُ رَبّاً بنفسِهِ | من الموْتِ لم تُفقَدْ وفي الأرض مُسلمُ |
أجارك يا أسد الفراديس مكرم
أجارُكِ يا أُسْدَ الفَراديسِ مُكْرَمُ | فتَسكُنَ نَفسي أمْ مُهانٌ فمُسلَمُ |
ورائي وقُدّامي عُداةٌ كَثيرَةٌ | أُحاذِرُ مِنْ لِصٍّ ومنكِ ومِنْهُمُ |
فهَلْ لكِ في حِلفي على ما أُريدُهُ | فإنّي بأسْبابِ المَعيشَةِ أعْلَمُ |
إذاً لأتاكِ الرّزْقُ مِنْ كلّ وِجْهَةٍ | وأثْرَيْتِ مِمّا تَغْنَمِينَ وأغْنَمُ |
ما نقلت عند مشية قدما
ما نَقَلَتْ عِندَ مَشيَةٍ قَدَمَا | ولا اشتَكَتْ مِنْ دُوارِها ألَمَا |
لم أرَ شَخْصاً مِنْ قَبلِ رُؤيَتِها | يَفْعَلُ أفْعالَها ومَا عَزَمَا |
فَلا تَلُمْهَا على تَواقُعِهَا | أطْرَبَها أنْ رأتْكَ مُبْتَسِمَا |
لا افتخار إلا لمن لا يضام
لا افْتِخارٌ إلاّ لمَنْ لا يُضامُ | مُدْرِكٍ أوْ مُحارِبٍ لا يَنَامُ |
لَيسَ عَزْماً مَا مَرّضَ المَرْءُ فيهِ | لَيسَ هَمّاً ما عاقَ عنهُ الظّلامُ |
واحتِمالُ الأذَى ورُؤيَةُ جانِيـ | ـهِ غِذاءٌ تَضْوَى بهِ الأجسامُ |
ذَلّ مَنْ يَغْبِطُ الذّليل بعَيشٍ | رُبّ عَيشٍ أخَفُّ منْهُ الحِمامُ |
كُلُّ حِلْمٍ أتَى بغَيرِ اقْتِدارٍ | حُجّةٌ لاجىءٌ إلَيها اللّئَامُ |
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ | ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ |
ضاقَ ذَرْعاً بأنْ أضيقَ بهِ ذَرْ | عاً زَماني واستَكرَمَتْنِي الكِرامُ |
واقِفاً تحتَ أخمَصَيْ قَدْرِ نَفسي | واقِفاً تحتَ أخْمَصَيّ الأنَامُ |
أقَراراً ألَذُّ فَوْقَ شَرارٍ | ومَراماً أبْغي وظُلْمي يُرامُ |
دونَ أنْ يَشرَقَ الحِجازُ ونَجْدٌ | والعِراقانِ بالقَنَا والشّامُ |
شَرَقَ الجَوِّ بالغُبَارِ إذا سَا | رَ عَليُّ بنُ أحْمَدَ القَمْقامُ |
الأديبُ المُهَذَّبُ الأصْيَدُ الضّرْ | بُ الذّكيُّ الجَعدُ السّرِيُّ الهُمامُ |
والذي رَيْبُ دَهْرِهِ مِنْ أسَارَا | هُ ومِنْ حاسدي يَدَيْهِ الغَمامُ |
يَتَداوَى مِنْ كَثْرَةِ المَالِ بالإقْـ | ـلالِ جُوداً كأنّ مَالاً سَقَامُ |
حَسَنٌ في عُيُونِ أعْدائِهِ أقْـ | ـبَحُ من ضيْفِهِ رأتْهُ السَّوامُ |
لوْ حَمَى سَيّداً منَ المَوتِ حامٍ | لَحَماهُ الإجْلالُ والإعْظامُ |
وعَوارٍ لَوامِعٌ دِينُهَا الحِـ | ـلُّ ولَكِنّ زِيَّها الإحْرامُ |
كُتبَتْ في صَحائِفِ المَجْدِ: بِسْمٌ | ثمَّ قَيسٌ وبعدَ قَيسَ السّلامُ |
إنّما مُرّةُ بنُ عَوْفِ بنِ سَعْدٍ | جَمَراتٌ لا تَشْتَهيها النَّعامُ |
لَيلُها صُبْحُها مِنَ النّارِ والإصْـ | ـبَاحُ لَيْلٌ منَ الدّخانِ تِمامُ |
هِمَمٌ بَلّغَتْكُمُ رُتَبَاتٍ | قَصُرَتْ عَنْ بُلُوغِها الأوْهامُ |
ونُفُوسٌ إذا انْبَرَتْ لِقِتَالٍ | نَفِدَتْ قَبْلَ يَنْفَدُ الإقْدامُ |
وقُلُوبٌ مُوَطَّناتٌ على الرّوْ | عِ كأنّ اقْتِحامَهَا استِسْلامُ |
قائِدو كُلّ شَطْبَةٍ وحِصانٍ | قَدْ بَراها الإسْراجُ والإلجامُ |
يَتَعَثّرْنَ بالرّؤوسِ كَما مَرّ | بتاءاتِ نُطْقِهِ التَّمتَامُ |
طالَ غشْيانُكَ الكَريهَةَ حتى | قالَ فيكَ الذي أقُولُ الحُسَامُ |
وكَفَتْكَ الصّفائِحُ النّاسَ حتى | قد كَفَتْكَ الصّفائحَ الأقْلامُ |
وكَفَتْكَ التّجارِبُ الفِكْرَ حتى | قَدْ كَفاكَ التّجارِبَ الإلْهَامُ |
فارِسٌ يَشتَري بِرازَكَ للفَخْـ | ـرِ بقَتْلٍ مُعَجَّلٍ لا يُلامُ |
نائِلٌ منكَ نَظْرَةً ساقَهُ الفَقْـ | ـرُ عَلَيْهِ لفَقْرِهِ إنْعَامُ |
خَيْرُ أعضائِنا الرّؤوسُ ولَكِنْ | فَضَلَتْها بقَصْدِكَ الأقْدامُ |
قَد لَعَمري أقْصَرْتُ عَنكَ وللوَفـ | ـدِ ازْدِحامٌ وللعَطايا ازْدِحامُ |
خِفْتُ إن صرْتُ في يَمينِكَ أن تأ | خُذَني في هِباتِكَ الأقوامُ |
ومنَ الرُّشْدِ لم أزُرْكَ على القُرْ | بِ، على البُعدِ يُعرَفُ الإلمامُ |
ومِنَ الخَيرِ بُطْءُ سَيْبِكَ عني | أسرَعُ السُّحْبِ في المَسيرِ الجَهامُ |
قُلْ فَكَمْ مِنْ جَواهرٍ بنِظامٍ | وُدُّها أنّها بفيكَ كَلامُ |
هابَكَ اللّيْلُ والنّهارُ فَلَوْ تَنْـ | ـهاهُما لم تَجُزْ بكَ الأيّامُ |
حَسْبُكَ الله ما تَضِلّ عَنِ الحَـ | ـقّ ولا يَهْتَدي إلَيكَ أثَامُ |
لِمَ لا تَحْذَرُ العَواقِبَ في غَيْـ | ـرِ الدّنَايا، أمَا عَلَيْكَ حَرامُ |
كَمْ حَبيبٍ لا عُذْرَ لِلّوْمِ فيهِ | لَكَ فيهِ مِنَ التُّقَى لُوّامُ |
رَفَعَتْ قَدْرَكَ النّزاهَةُ عَنْهُ | وثَنَتْ قَلْبَكَ المَساعي الجِسامُ |
إنّ بَعضاً مِنَ القَرِيضِ هُذاءٌ | لَيسَ شَيئاً وبَعضَهُ أحْكامُ |
مِنْهُ ما يَجْلُبُ البَراعَةُ والفَضْـ | ـلُ ومِنْهُ ما يَجْلُبُ البِرْسامُ |